مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: أما إنكم ستسألون عنها وإن لم تكن ناطقة ...

أما إنكم ستسألون عنها وإن لم تكن ناطقة ...



أما بعد :
 
فإن من كمال الشريعة الإسلامية شمولها لكل شيء في الحياة ، وإن ذلك لمن دلائل النبوة أن يبصر الله رجلاً بعد الأربعين من عمره ما قرأ ولا كتب بشريعة كاملة تشمل كل شيء ، ثم إن فيها رحمة لمن هذا الرجل ليس بحاجة أن يحابيهم

من الضعفاء من الرقيق والنساء والخدم وغيرهم بل بلغ الأمر للبهائم

قال البخاري في الأدب المفرد بَابُ رَحْمَةِ الْبَهَائِمِ
378- حَدثنا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلم قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ بِهِ الْعَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا، فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَنِي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّاهُ، ثُمَّ أَمْسَكَهَا بِفِيهِ، فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا؟ قَالَ: فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ.
379- حَدثنا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلم قَالَ: عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، فَدَخَلَتِ فِيهَا النَّارَ، يُقَالُ، وَاللهُ أَعْلَمُ: لاَ أَنْتِ أَطْعَمْتِيهَا، وَلاَ سَقِيتِيهَا حِينَ حَبَسْتِيهَا، وَلاَ أَنْتِ أَرْسَلْتِيهَا، فَأَكَلَتْ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ.

وقال البيهقي في الآداب بَابُ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ النَّمْلَةِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا قَدْ مَضَى حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ النَّمْلَةِ وَالنَّحْلَةِ وَالْهُدْهُدِ وَالصُّرَدِ. وَحَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي «النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الضِّفْدِعِ» .
366 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ نَمْلَةً قَرَصَتْ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى النَّمْلِ فَأُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَيْ إِنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَهْلَكْتَ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ تُسَبِّحُ»

367 - أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ، حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا فَدَخَلَتِ النَّارَ» قَالَ: فَقَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: «لَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَسْقِهَا حِينَ حَبَسَتْهَا، وَلَمْ تُرْسِلْهَا فَتَأْكُلَ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ» . وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَنْبَأَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا وَهْبٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ فَذَكَرَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: [ص:154] " وَيُقَالُ لَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ: لَا أَنْتِ أَطْعَمْتِيهَا وَسَقَيْتِيهَا حِينَ حَبَسْتِيهَا، وَلَا أَنْتِ أَرْسَلْتِيهَا فَتَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا " وَرُوِّينَا عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ عَمِّهِ قُطْبَةَ، وَعَنْ زِيَادِ بْنِ فَيَّاضٍ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ أَنَّهُمَا قَالَا: كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَقْتُلَ الرَّجُلُ مَا لَا يَضُرَّهُ

قال الذهبي في الكبائر :" تجويع المملوك أو الحيوان وتعذيبهما
ومن ذلك أن يجوع المملوك والجارية والدابة، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته " ومن ذلك أن يضرب الدابة ضرباً وجيعاً أو يحبسها ولا يقوم بكفايتها أو يحملها فوق طاقتها فقد روي في تفسير قول الله تعالى " وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم " الآية قيل: يؤتى بهم والناس وقوف يوم القيامة فيقضي بينهم حتى أنه ليؤخذ للشاة الجلحاء من الشاة القرناء حتى يقاد للذرة من الذرة ثم يقال لهم كونوا تراباً. فهنالك يقول الكافر: يا ليتني كنت تراباً. وهذا من الدليل على القضاء بين البهائم وبينها وبين بني آدم حتى إن الإنسان لو ضرب دابة بغير حق أو جوعها أو عطشها أو كلفها فوق طاقتها فإنها تقتص منه يوم القيامة بقدر ما ظلمها أو جوعها والدليل على ذلك ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عذبت امرأة في هرة ربطتها حتى ماتت جوعا لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض " . أي من حشراتها.
وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم رأى امرأة معلقة في النار والهرة تخدشها في وجهها وصدرها وهي تعذبها كما عذبتها في الدنيا بالحبس والجوع وهذا عام في سائر الحيوان وكذلك إذا حملها فوق طاقتها تقتص منه يوم القيامة لما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بينما رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها فقالت: إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث. فهذه بقرة أنطقها الله في الدنيا تدافع عن نفسها بأنها لا تؤذى ولا تستعمل في غير ما خلقت له فمن كلفها غير طاقتها أو ضربها بغير حق فيوم القيامة تقتص منه بقدر ضربه وتعذيبه. قال أبو سليمان الداراني: ركبت مرة حماراً فضربته مرتين أو ثلاثاً فرفع رأسه ونظر إلي وقال يا أبا سليمان هو القصاص يوم القيامة فإن شئت فأقلل وإن شئت فأكثر: قال: فقلت لا أضرب شيئاً بعده أبداً. ومر ابن عمر بصبيان من قريش قد نصبوا طيراً وهم يرمونه وقد جعلوا لصاحبه كل خاطئة من نبلهم فلما رأوا ابن عمر تفرقوا فقال: من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئاً فيه الروح غرضاً. والغرض كالهدف وما يرمى إليه. ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصبر البهائم يعني أن تحبس للقتل وإن كان مما أذن الشرع بقتله كالحية والعقرب والفأرة والكلب العقور قتله بأول دفعة ولا يعذبه لقوله عليه الصلاة والسلام " إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته "

وقال الدميري في حياة الحيوان الكبرى :" فرع: يجب على مالك الدابة علفها ورعيها وسقيها لحرمة الروح كما في الصحيح عذبت امرأة في هرة لأنها ذات روح فأشبهت العبد. فإن لم تكن ترعى لزمه أن يعلفها ويسقيها إلى أول شبعها وريها دون غايتهما، وإن كانت ترعى لزمه إرسالها لذلك حتى تشبع وتروى بشرط فقد السباع العادية ووجود الماء، فإن اكتفت بكل من الرعي أو العلف خير بينهما فإن لم تكتف إلا بهما الزماه، وإن احتاجت البهيمة إلى السقي ومعه ماء يحتاج إليه لطهارته سقاها وتيمم، فإن من امتنع من العلف أجبر في مأكولة على بيع أو علف أو ذبح، وفي غيرها على بيع أو علف صيانة لها عن الهلاك فإن لم يفعل فعل الحاكم ما تقتضيه المصلحة، فإن كان له مال ظاهر بيع في النفقة، فإن تعذر جميع ذلك فمن بيت المال"

وهنا تنبيه أنه ذكر أن الجارية والعبد يجب على السيد أن ينفق عليهم ما يقومون به إن عجزوا عن الاكتساب ، وهذا ما يجهله كثيرون في موضوع أحكام الرق وهو أن الرق فرع عن المحاربة _ يعني تسبى المرأة والرجل من أسرى الحرب _وهو مع ذلك لا يجوز إلا بعد الاستبراء لكي لا يكون كالزنا والحامل لا يجوز وطئها وعامة فقهاء الأمصار على منع ذلك في غير الذميات حتى نقله غير واحد إجماعاً ولا يجوز وطء الحامل والرجل إذا تسرى بأمة فإنه يحرزها من الرجال ولا يجوز أن يمسها رجل غيره إلا أن يبيعها فتكون كالمطلقة ولا بد من الاستبراء ولا يجوز ضربها على وجهها ولا تكليفها ما لا تطيق _ ذكرت هذا كله لأن الناس يفهمون السبي أنه كالاغتصاب الذي يفعله من لا دين له في الحروب الحالية _ والسبي ليس حتماً فقد يفادي الإمام ويختار الأرفق بأهل الإسلام وجوباً ، والكفار قديماً وحديثاً يعتدون على نساء المسلمين إذا تمكنوا ولا يراعون شيئاً من هذا ونساؤهم معهم مقرات فإذا تمكن المسلمون منهم أو منهن خافوا الله فيهم وطبقوا حكمه وفي مذهب أحمد أن الرجل الكافر المحارب إذا استرق هو وزوجته معاً  أن عقد زواجهما لا ينفسخ ولا يمسها رجل غيره والحال هذه ، والمسلمون في حال قوتهم ليسوا ملزمين بشيء من هذا لأنهم الطرف الأقوى ولأن عدوهم لا يفعل هذا ولكنها شريعة من الله في العدل والحكمة والرحمة وعوداً على موضوعنا

وقال أحمد في مسنده 1745 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، وحَدَّثَنَا بَهْزٌ، وَعَفَّانُ، قَالا: حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُخْبِرُ بِهِ أَحَدًا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ فِي حَاجَتِهِ هَدَفٌ، أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ، فَدَخَلَ يَوْمًا حَائِطًا مِنْ حِيطَانِ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا جَمَلٌ قَدِ أتَاهُ فَجَرْجَرَ، وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ - قَالَ بَهْزٌ، وَعَفَّانُ: فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ - فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرَاتَهُ وَذِفْرَاهُ، فَسَكَنَ، فَقَالَ: «مَنْ صَاحِبُ الْجَمَلِ؟» فَجَاءَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: هُوَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «أَمَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَهَا اللَّهُ، إِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ»

وقال الحسين المروزي في زوائد الزهد 1160 - أخبرنا الهيثم بن جميل قال : حدثنا عون بن موسى ، عن معاوية بن قرة قال : كان لأبي الدرداء جمل يقال له دمون ، فكان إذا أعاره قال : هو يحمل كذا وكذا ، فلا تحملوا عليه إلا كذا وكذا ، فلما كان عند انقضاء هلاكه ، قال : دمون ، لا تخاصمني عند ربي ، فإني كنت لا أحملك إلا طاقتك.

معاوية لم يدرك أبا الدرداء وهذا يحتمل في الموقوف إن شاء الله

قال ابن سعد في الطبقات 10983 - أَخبَرنا سُلَيمانُ أَبو داوُدَ الطَّيالِسيُّ، قالَ: أَخبَرنا أَبو خَلدَةَ, قالَ: حَدَّثَنا المُسَيَّبُ بن دارِم, قالَ: رَأَيتُ عُمَر بنَ الخَطّاب ضَرَبَ جَمّالاً، وقالَ: لِمَ تَحمِلُ عَلَى بَعيرِكَ ما لاَ يُطيقُ؟.

المسيب شبه مجهول وقد يحتمل

وقال البيهقي في الكبرى 19143 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أنبأ أَبُو عَمْرِو بْنُ نُجَيْدٍ، أنبأ أَبُو مُسْلِمٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمَّادٍ، ثنا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَأَى رَجُلًا يَجُرُّ شَاةً لِيَذْبَحَهَا , فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ , وَقَالَ: سُقْهَا لَا أُمَّ لَكَ إِلَى الْمَوْتِ سَوْقًا جَمِيلًا

ابن سيرين لم يسمع عمر ولكنه قوي المراسيل

وقال أحمد في مسنده 5869 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، - وَكَانَ وَهْبٌ أَدْرَكَ ابْنَ عُمَرَ لَيْسَ فِي كِتَابِ ابْنِ مَالِكٍ - أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَأَى رَاعِيَ غَنَمٍ فِي مَكَانٍ قَبِيحٍ، وَقَدْ رَأَى ابْنُ عُمَرَ مَكَانًا أَمْثَلَ مِنْهُ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَيْحَكَ يَا رَاعِي حَوِّلْهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّ رَاعٍ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»

( هذه الأخبار الأربعة الأخيرة بترتيبها هذا استفدته من الصحيحة غير أنني أعدت النظر في الأسانيد ومصادر التخريج)

قال ابن قدامة في المغني :" (6579) فَصْلٌ وَمَنْ مَلَكَ بَهِيمَةً، لَزِمَهُ الْقِيَامُ بِهَا، وَالْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ، مِنْ عَلْفِهَا، أَوْ إقَامَةِ مَنْ يَرْعَاهَا؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، أُجْبِرَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ أَبَى أَوْ عَجَزَ، أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهَا، أَوْ ذَبْحِهَا إنْ كَانَتْ مِمَّا يُذْبَحُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُجْبِرُهُ السُّلْطَانُ، بَلْ يَأْمُرُهُ، كَمَا يَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَاهُ عَنْ الْمُنْكَرِ؛ لِأَنَّ الْبَهِيمَةَ لَا يَثْبُتُ لَهَا حَقٌّ مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ مِنْهَا الْخُصُومَةُ، وَلَا يُنْصَبُ عَنْهَا خَصْمٌ، فَصَارَتْ كَالزَّرْعِ وَالشَّجَرِ. وَلَنَا، أَنَّهَا نَفَقَةُ حَيَوَانٍ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، فَكَانَ لِلسُّلْطَانِ إجْبَارُهُ عَلَيْهَا، كَنَفَقَةِ الْعَبِيدِ، وَيُفَارِقُ نَفَقَةَ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ، فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ. فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْإِنْفَاقِ، وَامْتَنَعَ مِنْ الْبَيْعِ، بِيعَتْ عَلَيْهِ"

قال البغوي في التهذيب :" فَصْلُ فِي نَفَقَةِ الدَّوَابِّ
رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "عُذِّبَتِ امْرَأةُ فِي هِرَّةٍ؛ أَمْسَكَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ مِنَ الجُوعِ؛ فَلَمْ تَكُنْ تُطْعِمُهَا، وَلاَ تُرْسِلُهَا فَتَاكُلَ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ".
من ملك دابة-: يجب عليه علفها وسقيها، فإن لم يفعل أجبره السلطان على علفها أو بيعها أو ذبحها، إن كان مأكول اللحم، فإن لم يفعل-: أنفق عليها السلطان من ماله، فإن لم يكن له مال-: باعها عليه أو جزءاً منها، أو أكراهاً، إن أمكن إكراؤها، وأنفق عليها من الكراء حتى لو زمن أو عمي حماره، فلم يشتر-: عليه أن يعلفه، فإن لم يفعل-: باع عليه السلطان ماله في علفه، فإن لم يكن له مال-: أنفق عليه من بيت المال"

وجاء في المجموع من كتب الشافعية :" ومن ملك بهيمة لزمه القيام بعلفها لما روى ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال " عذبت امرأة في هرة، حبستها حتى ماتت جوعا فدخلت فيها النار - فقيل لها والله أعلم - لا أنت أطعمتها وسقيتها حين حبستها، ولا أنت أرسلتها حتى تأكل من خشاش الارض حتى ماتت جوعا " ولايجوز له أن يحمل عليها ما لا تطيق، لان النبي صلى الله عليه وسلم منع أن يكلف العبد ما لا يطيق فوجب أن تكون البهيمة مثله، ولا يجلب من لبنها إلا ما يفضل عن ولدها لانه غذاء للولد فلا يجوز منعه"

فتأمل ما قالوه من إلزام الحاكم بهذا فالخلاصة

1_ أنه لا يجوز أن يمنع دابته علفها أو يطعمها ما يزيد عن حاجتها

2_ ولا يجوز أن يأخذ من لبنها ما يحتاجه ولدها

3_ ألا يحملها ما لا تطيق

4_ ألا يقتلها بلا حاجة

وغيرها من الأحكام التي تنضح رحمة وأنه ينبغي على ولي الأمر أن يتابع هذا ويجبره على رعايتها ولا شك أن هذا إنما يكون عن طريق أناس يقيمهم ولي الأمر على هذا ، والذي نستفيده هنا أنه إذا كان القدر المأمور به من الرحمة مع البهائم المعجمة فكيف بأخيك المسلم ومن تليه وخادمك ولو كان كافراً

وعلينا ألا نغفل عن هذا الأمر وقد كثرت تربية الدواب في عدد من بلاد الإسلام وإن كان ذلك على جهة التشبه أحياناً مع الأسف ولكن بعضه تسلية للأطفال ولا شيء في هذا إن كان على الوجه المشروع في غير الدواب التي تروع كالكلاب والتي لا تقتنى إلا لحاجة مذكورة في النصوص ، وأيضاً الإحسان إلى بهائم الشوارع كالقطط وأمثالها

وأحسن الإحسان أن تحسن إلى من لا ترجو شكره كضعيف منقطع أو بهيمة عجماء
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي