مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: صحابي له موقف مؤثر ونزلت فيه آية ولا يعرفه أكثر المسلمين اليوم

صحابي له موقف مؤثر ونزلت فيه آية ولا يعرفه أكثر المسلمين اليوم



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فمن المؤسف في حاضر هذه الأمة أن كثيراً من أبنائها على معرفة بأسماء الشعراء ولاعبي الكرة والماجنين أكثر من أسماء الصحابة الكرام الذين جعلهم الله سبباً في بناء هذه الأمة والذين أثنى عليهم رب العالمين ورضي عنهم سبحانه


وأما المنتسبون للعلم فهم أدرى بأسماء الجهمية والقبورية الذين أفسدوا تراث الأمة ويسمونهم علماء وحفاظ منهم بأسماء الصحابة هذه الحال الغالبة للمنتسبين للعلم


وكثير من أبناء المسلمين يختم القرآن في هذا الشهر مرات ولكنهم يحرمون أنفسهم تعلم الكتاب من تفاسير السلف وأن يعلموا السور أين نزلت وفيمن نزلت ووالله لذلك لذة لا يعلمها إلا  الله عز وجل وإنك بعد أن تقرأ التفسير تصير وكأنك تقرأ القرآن لأول مرة في حياتك

واليوم نحن مع صحابي له موقف مؤثر حري أن يدوي ذكره في مجالس الوعاظ فهو بحق يثير البكاء والعجيب أنه سبب نزول آية ومع ذلك لا يكاد القاريء العنيف يسمع به فضلاً عن غيره فإلى الله المشتكى

قال الطبري في تفسيره 10282- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في قوله:"ومن يخرج من بيته مهاجرًا إلى الله ورسوله"، قال: كان رجل من خزاعة يقال له ضمرة بن العيص - أو: العيص بن ضمرة بن زنباع- قال: فلما أمروا بالهجرة كان مريضًا، فأمر أهله أن يفرُشوا له على سريره ويحملوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: ففعلوا، فأتاه الموتُ وهو بالتَّنعيِم، فنزلت هذه الآية.
10283- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير أنه قال: نزلت هذه الآية:"ومن يخرج من بيته مهاجرًا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله، في ضمرة بن العيص بن الزنباع= أو فلان بن ضمرة بن العيص بن الزنباع= حين بلغ التنعيم ماتَ، فنزلت فيه.

هذا إسناد صحيح إلى سعيد بن جبير وهو من أئمة المفسرين وتلميذ عبد الله بن عباس ويغلب على الظن أنه تلقاه من شيخه ابن عباس أو شيخه ابن عمر فهذا خبر في السيرة فمن أين يتلقاه ؟

وقال الطبري في أيضاً 10285- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغَمًا كثيرًا وسعة"، الآية، قال: لما أنزل الله هؤلاء الآيات، ورجل من المؤمنين يقال له:"ضمرة" بمكة، قال:"والله إنّ لي من المال ما يُبَلِّغني المدينة وأبعدَ منها، وإنِّي لأهتدي! أخرجوني"، وهو مريض حينئذ، فلما جاوز الحرَم قبضَه الله فمات، فأنزل الله تبارك وتعالى:"ومن يخرج من بيته مهاجرًا إلى الله"، الآية.

وهذا ثابت عن قتادة وهو كالثابت عن سعيد بن جبير

وقال الطبري في تفسيره 10287- حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار قال: سمعت عكرمة يقول: لما أنزل الله:"إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم" الآيتين، قال رجل من بني ضَمْرة، وكان مريضًا:"أخرجوني إلى الرَّوْح"،  فأخرجوه، حتى إذا كان بالحَصْحاص مات، فنزل فيه:"ومن يخرج من بيته مهاجرًا إلى الله ورسوله"، الآية.

وهذا ثابت عن عكرمة وهو أيضاً تلميذ ابن عباس فهو عاضد لخبر سعيد بن جبير

وقال الطبري في تفسيره 10290- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: لما سمع هذه  = يعني: بقوله:"إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم" إلى قوله:"وكان الله عفوًّا غفورًا" = ضمرةُ بن جندب الضمري، قال لأهله، وكان وجعًا:"أرحلوا راحلتي، فإن الأخشبين قد غَمَّاني! " = يعني: جَبَلىْ مكة="لعلي أن أخرج فيصيبني رَوْح"!  فقعد على راحلته، ثم توجه نحو المدينة، فمات بالطريق، فأنزل الله:"ومن يخرج من بيته مهاجرًا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله". وأما حين توجه إلى المدينة فإنه قال:"اللهم إني مهاجر إليك وإلى رسولك".

وهذا موافق للتفاسير السابقة سوى أنه خالف سعيداً في اسم أبيه فحسب وقد يكون ينسب لأبيه وينسب لجده

فاتفاق هؤلاء العلماء من مفسري التابعين على نزول الآية فيه يجعل المرء يقطع بذلك خصوصاً وأنه خبر في السيرة لا مخرج له إلا الصحابة

وقد روي عن ابن عباس بسند فيه ضعف

قال الطبري في تفسيره 10294- حدثنا أحمد بن منصور الرماديّ قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا شريك، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية:"إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم"، فكان بمكة رجل يقال له"ضمرة"،  من بني بكر، وكان مريضًا، فقال لأهله:"أخرجوني من مكة، فإني أجد الحرّ". فقالوا: أين نخرجك؟ فأشار بيده نحو المدينة، فنزلت هذه الآية:"ومن يخرج من بيته مهاجرًا إلى الله ورسوله" إلى آخر الآية.
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي