مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: درء اعتراضات الغلاة ...

درء اعتراضات الغلاة ...



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فلما كتبت مقالي ( لماذا احتمل السلف هؤلاء )؟ شرق أقوام وانتهض أكثرهم سفهاً للرد ، وأما البقية فهذا يتصل بالهاتف يسأل عن مصادر بعض المعلومات ، وآخر يراسل على البريد يسأل عن مصادر بعض المعلومات التي ذكرت

وهؤلاء الذين كل واحد منهم يرفع نفسه فوق ابن تيمية وابن عبد الوهاب وكثير من السلف ويصححون لأحمد وغيره مساراتهم لا يعرفون الكثير من المعلومات التي ذكرتها

فأما أسفه القوم فكتب مقالات عدة


فقد كتب رداً وكأنني أنكر تبديع من يستحق التبديع وكأنني أطلق أن الرجل إذا كان عبادة وزهد وفقه لا يجوز تبديعه أياً كانت بدعته وهذا عجب

ففي مقالي القول بعد عمرو بن مرة ومسعر والحسن بن صالح وإبراهيم التيمي في أهل البدع

وفي مقالي التصريح بأن دعاة البدعة لا يروى عنهم

وأن صاحب البدعة المكفرة لا يروى عنه

وفي مقالي التصريح بتكفير الأشعرية وأن أهل الرأي لا يروى عنهم

واعتبرت ما خالف ذلك زلات من قبيل الزلات المحتملة بشروط وقيود

مقالي مبني على مراعاة القرائن بحسبها وحسب الشخص فاستخراج قاعدة باجتزاء فاجر من رجل فاجر لا يقدح فيه

ووقع في مقالاته عدة أمور

الأول : إنكار أن الحسن البصري شنع على من قال إبليس من الملائكة

فلينظر في تفسير ابن أبي حاتم :" 12843 - عَنِ الحَسَنِ قَالَ: قاتل الله أقواما يزعمون إِنَّ إبليس كَانَ مِنْ ملائكة الله، والله تَعَالَى يَقُولُ: كَانَ مِنَ الجِنّ"

وشأن الحسن مع أنس في العرنيين معروف وقد ذكرت توجيه الكلام في المقال الأصل

الثاني : إنكاره أن يكون عمران بن حصين عمل عند غير ابن عامر

قال أبو داود في سننه  1625 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَطَاءٍ، مَوْلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ زِيَادًا - أَوْ بَعْضَ الْأُمَرَاءِ - بَعَثَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ لِعِمْرَانَ: أَيْنَ الْمَالُ؟ قَالَ: «وَلِلْمَالِ أَرْسَلْتَنِي، أَخَذْنَاهَا  مِنْ حَيْثُ كُنَّا نَأْخُذُهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَضَعْنَاهَا حَيْثُ كُنَّا نَضَعُهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»


وزياد هذا ابن أبيه الذي كان أخوه أبو بكرة يأبى الولاية عنده لما ذكر عنه من السوء وعمران كان يكبح جماحه كما ترى ولم يتفهم هذا بعض الناس ولا يقدم أحد على الإنكار وهو لا يعلم فإن هذا سفه في العقل

وعمران رضي الله عنه كان قاضياً عند زياد ثم استعفى

قال ابن أبي الدنيا في الإشراف  148 - حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ سُفْيَانَ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: وَاللَّهِ لَقَدْ قَضَيْتَ عَلَيَّ بِغَيْرِ الْحَقِّ. قَالَ: اللَّهِ؟ قَالَ: اللَّهِ. فَأَتَى ابْنَ زِيَادٍ فَاسْتَعْفَاهُ

وقد وقع ناس في سمرة للداعي نفسه

قال ابن أبي الدنيا في منازل الإشراف  149 - حَدَّثَنِي وَلِيدُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ: قِيلَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: إِنَّ سَمُرَةَ يَفْعَلُ وَيَفْعَلُ قَالَ: «مَا يَذُبُّ بِهِ عَنِ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ»


وقال عبد الله بن أحمد في العلل 5071 - حَدثنِي أَحْمد قَالَ حَدثنَا أَبُو دَاوُد قَالَ أَنبأَنَا شُعْبَة عَن قَتَادَة قَالَ سَمِعت مطرفًا يَقُول قيل لعمران بن حُصَيْن هلك سَمُرَة فَقَالَ مَا يذب الله بِهِ عَن الْإِسْلَام أعظم.


وابن سيرين مع عتبه عليه كان يذكر هذا أيضاً وكان من حذق الأئمة أنهم يذكرون كلمة ابن سيرين في أولها ويتركون آخرها لما فيه من إساءة أدب مع الصحابي

الثالث : أنكر مسألة توسع الشافعي في الرد على أهل الرأي

فأهل الرأي من أهل البدع بل من شر أهل البدع حتى أن السلف احتلموا بعض المرجئة والقدرية والشيعة وخرجوا لهم ولم يخرجوا لأهل الرأي في غالبهم

وللشافعي مناظرات كثيرة مع الشيباني يمكن أن تفرد في جزء والمناظرة تقتضي المجالسة وللشافعي قصد حسن وقد أظهر الله السنة به ولكن كثرة هذا الأمر مما ينتقده بعض الأئمة 


قال الإمام الشافعي في اختلاف الحديث

وصنع ذلك الذين بعد التابعين المتقدمين مثل بن شهاب ويحيى بن سعيد وعمرو بن دينار وغيرهم والذين لقيناهم كلهم يثبت خبر واحد عن واحد عن النبي ويجعله سنة حمد من تبعها وعاب من خالفها فحكيت عامة معاني ما كتبت في صدر كتابي هذا العدد من المتقدمين في العلم بالكتاب والسنة واختلاف الناس والقياس والمعقول فما خالف منهم واحد واحدا وقالوا هذا مذهب أهل العلم من أصحاب رسول الله والتابعين وتابعي التابعين ومذهبنا فمن فارق هذا المذهب كان عندنا مفارقا سبيل أصحاب رسول الله وأهل العلم بعدهم إلى اليوم وكان من أهل الجهالة وقالوا معا لا نرى إلا إجماع أهل العلم في البلدان على تجهيل من خالف هذا السبيل وجاوزوا أو أكثرهم فيمن يخالف هذا السبيل إلى ما لا أبالي أن لا أحكيه
وقال في نفس الكتاب

وقلت له قد شهد عليك أصحابنا الحجازيون وعلى من ذهب مذهبك في رد هذين الحديثين وفيما رددت مما أخذوا به من الحديث أنكم تركتم السنن وابتدعتم خلافها ولعلهم قالوا فيكم ما أحب الكف عن ذكره لإفراطه

فانظر كيف يصف كلام أهل الحديث في أهل الرأي أنه في كثير منه إفراط والأمر على غير ما قال بل الأئمة الذين ذموا اهل الرأي الشافعي معترف لهم بتمام الورع والتمحيص، والشافعي نفسه وصف أبا حنيفة بأنه جاهل بالقرآن جاهل بالسنة

ولو اتبعنا طريقة الفجرة لأخذنا هذه النصوص للشافعي وصورنا الشافعي على أنه مميع وأهملنا كل جهاده وردوده على أهل الرأي حتى سمي ناصر الحديث

الرابع : أنكر أن تكون مقالة ابن مهدي في الشهادة بدعة


ويا ليت شعري إن لم تكن المسألة سنة وبدعة فلماذا يذكرها الخلال في السنة !

ولماذا يغضب أحمد حتى يطلق في ابن مهدي كلمة لا يطلقها في ظرف عادي

قال الخلال في السنة  485 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَنَحْنُ عَلَى بَابِ عَفَّانَ، فَذَكَرُوا الشَّهَادَةَ لِلَّذِينَ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: نَعَمْ نَشْهَدُ، وَغَلَّظَ الْقَوْلَ عَلَى مَنْ لَمْ يَشْهَدْ، وَاحْتَجَّ بِأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ، وَاحْتُجَّ عَلَيْهِ بِأَشْيَاءَ فَغَضِبَ حَتَّى قَالَ: صِبْيَانٌ نَحْنُ لَيْسَ نَعْرِفُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ، وَاحْتُجَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، فَقَالَ , عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ مَنْ هُوَ؟ أَيْ مَعَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ "


فإذا كان أحمد يرى قول ابن مهدي في هذا مخالفاً للأحاديث والآثار فكيف لا يكون بدعة


وأزيدك أن يحيى القطان قرين ابن مهدي كان يتوقف في التفضيل بين علي وعثمان وهذه مسألة فيها خفاء في ذلك الزمن ، وليست كمسألة الخلافة ولا كمسألة التفضيل بين الصديق وعلي

وأزيده أيضاً قال العقيلي في الضعفاء حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ: أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِنَا , هُمْ يَكْرَهُونَ الْحَدِيثَ عَنْهُ , قَالَ: مَنْ هُوَ؟ قُلْتُ: مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ الدِّمَشْقِيُّ , قَالَ: وَلِمَ، قُلْتَ كَانَ قَدَرِيًّا؟ فَغَضِبَ , وَقَالَ: فَمَا يَضُرُّهُ أَنْ يَكُونَ قَدَرِيًّا؟

وهذا الأثر إذا اقتطع من سيرة ابن مهدي في محاربة البدعة واقتطع من سياقه كما هي طريقة الفجرة مع الذين لا يحبونهم

ولكتب الفاجر ( عقيدة ابن مهدي ) ، وابن مهدي كان شديداً على أهل البدع وكلامه معروف مبثوث في كتب العقيدة ولكنه هنا قال هذه الكلمة ويعني فيها أنه ( ما يضره أن يكون قدرياً ) يعني في روايته وهو صدوق

وليعلم أن القدرية على أصناف منهم من احتمل في الرواية  إذا كان صدوقاً ومنهم لم يحتمل مطلقاً فالصنف الذي احتمل هو الصنف الذي قال بالقدر من جهة تعظيم الأمر والنهي بمعنى أنه يحتج عليهم المنحلون بالقدر فيغضب ويضيق به الجواب فيتكلم ببعض كلام القدرية ومن هذا الوجه دخل في القدر الحسن البصري وقد خرج منه بعد مناصحة أيوب ، ومن هذا الوجه دخل في القدر مكحول حين قال أن الله لا يرزق بالحرام 

 قال الجوزجاني: كان قوم يتكلمون في القدر، احتمل الناس حديثهم لما عرفوا من اجتهادهم في الدين والصدق والأمانة، ولم يتوهم عليهم الكذب، وإن بلوا بسوء رأيهم، منهم معبد الجهني، وقتادة، ومعبد رأسهم.

أقول : معبد اجتنبه الستة إلا ابن ماجه 

الخامس : قلت في مقالي الأصل ما يلي :" المثال السادس : سفيان بن عيينة هذا الإمام الجليل الذي تتلمذ عليه أحمد والشافعي وابن المديني وابن معين وغيرهم كثير واتفقوا على جلالته

ومع ذلك قال أبو نعيم في الحلية (7/211) : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ دُرَيْجٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ التَّمِيمِيُّ، ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: " لَمَّا مَاتَ مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ رَأَيْتُ كَأَنَّ الْمَصَابِيحَ، وَالسُّرُجَ قَدْ طُفِئَتْ , قَالَ سُفْيَانُ: وَهُوَ مَوْتُ الْعُلَمَاءِ "

مسعر هذا ترك سفيان الثوري الصلاة عليه وكذا الحسن بن صالح من أجل أنه دخلت عليه شبهة المرجئة في الاستثناء مع قوله أن الإيمان قول وعمل فاعتبروه مرجئاً

فلم يمدحه ابن عيينة هذا المدح مع علمه بإرجائه ؟

إنما احتمل هذا المدح من ابن عيينة لأن مسعراً ما كان داعية وكان فعلاً من العلماء فقهاً وحديثاً وزهداً فتأمل هذه الحال وما فيها من الرد على الغلاة والجفاة في آن واحد

فمع كون الناس لا يقرون ابن عيينة على هذا المديح العظيم إلا أنهم احتملوه منه لشبهة عرضت ، وابن عيينة ما كان مرجئاً"

فجاء الجهول وضعف الأثر بتلميذ ابن عيينة وهذا سخف فالآثار لا تعامل هكذا

وقد ورد عن ابن عيينة مدح لمسعر من طرق كثيرة

قال أبو نعيم في الحلية  حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ أَبَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، ثنا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: «رَأَيْتُ كَأَنَّ قَنَادِيلَ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ - يَعْنِي مَسْجِدَ الْكُوفَةِ - قَدْ طُفِئَتْ , فَمَاتَ مِسْعَرٌ رَحِمَهُ اللهُ»


وقال أيضاً حَدَّثَنَا أَبِي، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، قَالَا: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ، قَالَ سُفْيَانُ: «وَكَانَ مِسْعَرٌ مِنْ مَعَادِنِ الصِّدْقِ»


وقال أيضاً حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاجِيَةَ، ثنا أَبُو مَعْمَرٍ الْقَطِيعِيُّ، قَالَ: قِيلَ لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ: " مَنْ أَفْضَلُ مَنْ رَأَيْتَ؟ قَالَ: مِسْعَرٌ , وَقِيلَ لِمِسْعَرٍ: مَنْ أَفْضَلُ مَنْ رَأَيْتَ؟ قَالَ: عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ "


وهذا إسناد صحيح ليضعفه السفيه، والعجيب أنه يدعي على ابن معين تضعيف الشافعي وهو لا يثبت ثم يكذب بهذا الثابت

قال الخلال في السنة  985 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، قَالَ: قَالَ لِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: " أَلَا تَقُولُ لِمِسْعَرٍ: أَيْ بِالْهِلَالِيَّةِ، يَعْنِي فِي الْإِرْجَاءِ ". فَقَالَ أَبِي وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: قَالَ مِسْعَرٌ: «أَشُكُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ، إِلَّا فِي إِيمَانِي»

وهذا إسناد صحيح

السادس : هون الجهول من شأن مسألة تفضيل علي على عثمان وادعى أنها ليست بدعة إلا فيما بعد الإجماع !

والإجماع على ماذا استند ؟

إنما استند على أدلة فمن بلغته هذه الأدلة وخالفها صار مبتدعاً ، فالقول في أساسه بدعة لمخالفته اتفاق الصحابة على تقديم عثمان لذا اعتبر الدارقطني تفضيل علي إزراء على المهاجرين والأنصار ، غير أن هذه المسألة كان فيها خفاء في بعض الأمكنة والأزمنة فكان يتخلف الحكم على بعض الأعيان لما يعلم من أحوالهم

وأما قول بعض السفهاء أنه لا يترتب عليها حتى الوصف بالتشيع فهذا سفه ومخالفة لاتفاق أئمة الجرح والتعديل

قال الخلال في السنة 530 - وَأَخْبَرَنِي زُهَيْرُ بْنُ صَالِحِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سُئِلَ أَبِي وَأَنَا أَسْمَعُ، عَنْ مَنْ يُقَدِّمُ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ مُبْتَدِعٌ؟ قَالَ: «هَذَا أَهْلٌ أَنْ يُبَدَّعَ، أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِّمُوا عُثْمَانَ»

وقال الخلال أيضاً 531 - وَأَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ عِيسَى، أَنَّ حَنْبَلًا حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَسُئِلَ عَنْ مَنْ يُقَدِّمُ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ هُوَ عِنْدَكَ مُبْتَدِعٌ؟ قَالَ: «هَذَا أَهْلٌ أَنْ يُبَدَّعَ، أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِّمُوا عُثْمَانَ بِالتَّفْضِيلِ» ، وَقَالَ حَنْبَلٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: مَنْ قَالَ: عَلِيٌّ، وَعُثْمَانُ، قَالَ: هَؤُلَاءِ أَحْسَنُ حَالًا مِنْ غَيْرِهِمْ، ثُمَّ ذَكَرَ عِدَّةً مِنْ شُيُوخِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَقَالَ: هَؤُلَاءِ أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الرَّوَافِضِ ، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ أُولَئِكَ، يَعْنِي الَّذِينَ قَدَّمُوا عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ، قَدْ خَالَفُوا مَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مَنْ قَالَ: عَلِيٌّ ثُمَّ عُثْمَانُ، وَأَنَا أَذْهَبُ إِلَى أَنَّ عُثْمَانَ، ثُمَّ عَلِيٌّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ "

وقال الخلال أيضاً قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا صَالِحٌ، أَنَّ أَبَاهُ قَالَ: «أَهْلٌ أَنْ يُبَدَّعَ، أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِّمُوا عُثْمَانَ»

فتأمل أنه جعل علة التبديع مخالفة اتفاق الصحابة لا اتفاق ما استقر عليه هو وأصحابه لاحقاً واتفاق الصحابة موجود منذ كانوا على وجه الأرض فتعطيل التبديع بهذه المسألة حتى القرن الثالث قول عجاب 

وقال الخلال في السنة 563 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: ذَكَرْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَعْضِ الْكُوفِيِّينَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي التَّفْضِيلِ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ، فَعَجِبَ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، قُلْتُ: إِنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ يَذْهَبُونَ إِلَى هَذَا، فَقَالَ: " لَيْسَ يَقُولُ هَذَا أَحَدٌ إِلَّا مَزْكُومٌ، وَاحْتَجَّ بِمَنْ فَضَّلَ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ فَذَكَرَ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَقَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: 3 «أَمَّرْنَا خَيْرَ مَنْ بَقِيَ، وَلَمْ نَأْلُ» وَذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ، وَقَوْلَ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ فِي قِصَّةِ عُثْمَانَ: «أَنَّهَا فَضَّلْتُهُ عَلَى عَلِيٍّ»

وقال الخلال في السنة 562 - ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي الْحَارِثِ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ الدَّوْرَقِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْبَيْتُونِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ، رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ: قُلْتُ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ: إِنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعَلِيٌّ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى مَنْ قَالَ ذَا»

أبو بكر بن عياش من أقران سفيان الثوري ويشنع في هذه المسألة مع أنه كوفي

وقد جمع الخلال بين روايات التبديع والروايات الأخرى بقوله :" 535 - قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ: لَا نَرَى فِي هَذَا الْبَابِ مَعَ تَوَقُّفِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ: مُبْتَدِعٌ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرَ بَأْسًا لَوْ قَالَ لَهُ: مُبْتَدِعٌ"

وهذا ما أخفاه الفجرة الذين يقولون بأن هذه المسألة لا تبديع فيها ولا وصف بالتشيع فأحمد نفسه لا يقول هذا ولكنه لا ينكر على من قاله 

وقال أبو زرعة الدمشقي في تاريخه  وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ قال: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: كُنْتُ أُفَضِّلُ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَقَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ رَجُلٌ أَسْرَعَ فِي كَذَا، أَوْ رَجُلٌ أَسْرَعَ فِي الْمَالِ؟ قَالَ: فَرَجَعْتُ، وَقُلْتُ: لا أعود.

فهذا عمر يناصح في هذه المسألة ويستتيب ويقيم الأدلة 

وأصل الاشكال عند المعترض أنه في هذا لا يفرق بين الفعل والفاعل فالفعل لا يخلو من أن يكون سنة أو بدعة أو مشكلاً ، فلا يكون القول نفسه سنة في زمن وبدعة في آخر بل هو بدعة في كل زمن  خصوصاً إذا انعقد إجماع الصحابة على شيء غير أن الشأن في القائل نفسه هل ثبت عنده إجماع الصحابة أم لم يثبت ؟ فإن خالفه على جهة التأول أو الغموض مع خفائه عليه احتمل له إن كان على الحال التي نصف ، ولا سبيل إلى معرفة أنه لم يبلغه إلا إذا وردت روايات أنه بلغه ودفعه كما علم عن أبي حنيفة وأما العكس فمعرفته متعذرة لذا يستدل لذلك بأحوال الرجل العامة ولهذا نقول هذا الكلام في هذه المسألة ولا نقوله في مسألة التفضيل بين أبي بكر وعلي فهذه واضحة بينة لم يتأول فيها أحد ممن يعتد به

السابع : هون الجهول من شأن مسألة النبيذ

والواقع من أشد المسائل التي أخذت على أهل الكوفة وذلك أن النبيذ الشديد مفتاح المسكر ولهذا صنف أحمد كتاب الأشربة وكان يخرج به إلى الصلاة ولما فضل أحمد عبد الرحمن بن مهدي على وكيع ذكر بعده عن النبيذ

وسفيان كان يرى أن النبيذ علامة على السنة لما رأى الروافض يخالفون في هذا

قال أبو نعيم في الحلية حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ عُبَيْدٍ، يَقُولُ: قَالَ سُفْيَانُ: «إِنِّي لَآتِي الدَّعْوَةَ وَمَا أَشْتَهِي النَّبِيذَ , فَأَشْرَبُهُ لِكَيْ يَرَانِي النَّاسُ»

وقال أيضاً حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُنْعِمِ، ثنا أَحْمَدُ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَاصِمٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ، يَقُولُ: قَالَ سُفْيَانُ: «مَنْ لَمْ يَشْرَبِ النَّبِيذَ وَلَمْ يَأْكُلِ الْجَدْيَ , وَلَمْ يَمْسَحْ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَاتَّهِمُوهُ عَلَى دِينِكُمْ»

ولكي لا يتحاذق علينا دارقطني عصره الذي يحتج بالضعيف إذا شاء ويضعف الآثار إذا 

أقول : قال الدوري في تاريخه  2369 -  حَدثنَا الْفضل بن دُكَيْن حَدثنِي بعض أَصْحَابنَا عَن سُفْيَان قَالَ من لم يَأْكُل الجري وَيمْسَح على الْخُفَّيْنِ وَيشْرب النَّبِيذ فاتهموه

غير أن الذي اقتضته ديانة الثوري أنه رجع عن الأمر بعد لقائه بمالك وذكر ذلك الإمام أحمد في المسند

ومن شدة مسألة النبيذ كانوا يقرنونها بالمتعة والسماع

قال الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى الْقَطَّانَ، يَقُولُ: " لَوْ أَنَّ رَجُلًا، عَمِلَ بِكُلِّ رُخْصَةٍ: بِقَوْلِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي النَّبِيذِ، وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي السَّمَاعِ - يَعْنِي الْغِنَاءَ - وَأَهْلِ مَكَّةَ فِي الْمُتْعَةِ، أَوْ كَمَا قَالَ: لَكَانَ بِهِ فَاسِقًا "

الثامن : أنكر علاقة الشافعي بحفص الفرد قبل قوله بخلق القرآن وأنكر أيضاً كون الرواية عن الأسلمي مما أخذ على الشافعي واحتمل له

وأما أمر إبراهيم الأسلمي فمعلوم أن الشافعي كان يعلم قدريته


غير أن الأصل في أهل الأهواء الإخزاء والهجر إلا لضرورة ، والأسلمي كان جهمياً شيعياً قدرياً



و قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه : كان قدريا معتزليا جهميا ، كل بلاء فيه


وقد كذبه مالك وابن مهدي والقطان وجميعهم أحذق من الشافعي


وقد قدمت أن السلف اجتنبوا الجهمية في كتبهم فكيف بجهمي كذاب


ولو كانت الرواية عن أهل الأهواء مطلقاً هينة وتحت أي ظرف بشرط أن تعلم بدعة الرجل ، لما عتب مالك على معمر في روايته عن قتادة ( ذكره يعقوب في التاريخ ) ولما عتب ابن مهدي على ابن المبارك في روايته عن أبي حنيفة ( ذكره المروذي في أخبار الشيوخ )

والشافعي نفسه يقول ( الرواية عن حرام حرام )

وقال ابن معين فيمن يروي عن ابن أبي أويس كلمة غليظة

وقد كان يزيد بن زريع يتعجب ممن يكتب عن الأسلمي ويقول ( لو خرج إليهم الشيطان لكتبوا عنه )

وقال البزار :"   كان يضع الحديث ، و كان يوضع له مسائل فيضع لها إسنادا و كان قدريا ، و هو من أستاذى الشافعى و عز علينا"


يعني يعز علينا احتجاج الشافعي به !


و قال إسحاق بن راهويه : ما رايت أحدا يحتج بإبراهيم بن أبى يحيى مثل الشافعى قلت للشافعى : وفى الدنيا أحد يحتج بإبراهيم بن أبى يحيى .


بل فضله الشافعي على الدراوردي


وهذه زلة احتملت للشافعي رحمه الله تعالى وهذا المراد


وأما أمر حفص الفرد

وقال الهروي في ذم الكلام 1161 - أخبرنا الجارودي، أبنا إبراهيم بن محمد، ثنا أبو يحيى الساجي، حدثني أبو محمد الخراساني؛ قال: سمعت يونس ابن عبد الأعلى؛ قال:

((قالت [لي] أم الشافعي: انه ابني أن يجالسه حفص  الفرد)).

قال الساجي: (([وكانت معه يحملها] إلى كل موضع)).


فقال الهروي في ذم الكلام 1161 - أخبرنا الجارودي، أبنا إبراهيم بن محمد، ثنا أبو يحيى الساجي، حدثني أبو محمد الخراساني؛ قال: سمعت يونس ابن عبد الأعلى؛ قال:

((قالت [لي] أم الشافعي: انه ابني أن يجالسه حفص  الفرد)).

قال الساجي: (([وكانت معه يحملها] إلى كل موضع)).

وقال الآبري في مناقب الشافعي  59- وقال أبو عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي: روى حرملة عن الشافعي:
((أنه صنف في الفرق بين السحر والنبوة، فروجع في ذلك فقال: هذا صنفه حفص الفرد، ولكنه عرضه على الشافعي فرضيه)) .


ومعلوم تكفير الشافعي لحفص بعد إظهاره للقول بخلق القرآن فلهذا قلت ما قلت آنفاً


فلا تجعل جهلك حاكماً على ما علمت به


وإنني لأعجب من رجل لا يحسن مسألة المسح على الجوربين مع كونها من مباديء مسائل العلم وفي الطهارة ويحتاج إليها كل مسلم ثم هو همه تبديع أئمة الموحدين وتكفير بعضهم والهذر في النوازل

ولو كان السلف على مذهب هؤلاء الفجرة لقال بعضهم ( كيف يكون الشافعي ناصراً للحديث وهو يروي عن الأسلمي الكذاب )!

ولتركوا كل جهاد الشافعي في نصرة الحديث وأهله واتباعه لأقوال المحدثين وركزوا على هذه

التاسع : ادعى أنه لا إجماع على ترك أبي يوسف وحاول التحسين من صورة أبي يوسف ليهون من شأن رواية ابن معين

والواقع أنني قصدت إجماع الأئمة المصنفين فمعلوم أن كل كتب السنن والصحاح والمسانيد لا يوجد فيها أحاديث لأبي يوسف وهذا ما استقر عليه العمل

قال العقيلي في الضعفاء :" 2071 - يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ سُئِلَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ [ص:439] الْقَاضِي، فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ الْحَدِيثَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: مَا سَمِعْتُ  عَبْدَ الرَّحْمَنِ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، شَيْئًا قَطُّ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ الطَّالْقَانِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: أَيُّ الرَّجُلَيْنِ أَفْقَهُ أَبُو يُوسُفَ أَوْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ؟ فَقَالَ: لَا تَقُلْ كَانَ أَيُّهُمَا. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ: قُلْتُ لِيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ: مَا تَقُولُ فِي أَبِي يُوسُفَ؟ قَالَ: لَا يَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ , إِنَّهُ كَانَ يُعْطَى أَمْوَالَ الْيَتَامَى مُضَارَبَةً وَيَجْعَلُ الرِّبْحَ لِنَفْسِهِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يَقُولُ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ , وَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ , فَقَالَ: يَا يَعْقُوبُ تُدْخِلُ فِي كُتُبِي مَا لَمْ أَقُلْ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا حُسْبَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: إِنِّي لَأَسْتَثْقِلُ مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرُ أَبِي يُوسُفَ. حَدَّثَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَبُّوَيْهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ قَالَ: قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ بِالرَّيِّ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ , قَالَ: لَا , وَلَا كَرَامَةَ، قُلْ يَعْقُوبُ. حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ السِّنْدِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ إِدْرِيسَ، يَقُولُ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ ضَالًّا مُضِلًّا , وَأَبُو يُوسُفَ فَاسِقًا مِنَ الْفَاسِقِينَ . حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ آدَمَ يَقُولُ: شَهِدَ أَبُو يُوسُفَ عِنْدَ شَرِيكٍ فَرَدَّ شَهَادَتَهُ , فَقُلْتُ لَهُ: رَدَدْتَ شَهَادَةَ أَبِي يُوسُفَ؟ , قَالَ: لَا، أَرُدُّ شَهَادَةَ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَتْ مِنَ الْإِيمَانِ؟ . حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبُّوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: جَلَسْنَا إِلَى الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ يَوْمًا , فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَلِيٍّ , مَا تَقُولُ فِي عِلْمِ أَبِي يُوسُفَ؟ قَالَ: أَوَعِلْمٌ هُوَ؟ انْظُرْ إِلَيْهِ مَاذَا يَصْنَعُ بِهِ عِلْمُهُ. حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ بْنَ عُمَرَ الرَّبَعِيَّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ , فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ , فَأَجَابَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ , فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: قَدْ سَأَلْتُ أَبَا يُوسُفَ , فَخَالَفَكَ فِيهَا , فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ: إِنْ كُنْتَ صَلَّيْتَ خَلْفَ أَبِي يُوسُفَ فَانْظُرْ صَلَاتَكَ. حَدَّثَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَبُّوَيْهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ قُتَيْبَةَ بْنَ سَعِيدٍ يَذْكُرُ عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسَى قَالَ: دَخَلَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَارُونَ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ وَمَعَهُ أَبُو يُوسُفَ , قَالَ: فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَذَا أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي , قَالَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ , فَقُلْتُ نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , وَلَمْ أَلْتَفِتْ إِلَيْهِ , قَالَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً , قَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي مَسْأَلَةِ كَذَا وَكَذَا , قَالَ: فَقُلْتُ: يَا هَذَا , إِذَا رَأَيْتَنِي جَلَسْتُ مَجْلِسَ أَهْلِ الْبَاطِلِ , فَتَعَالَ فَاسْأَلْنِي. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بَلْجِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ سَلْمَانَ يَذْكُرُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَشِيرِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ إِمَامِ مَسْجِدِهِمْ , قَالَ: قَالَ لِي يَعْقُوبُ: قُلْ لِسُفْيَانَ: تَلْقَانِي وَحْدِي , قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسُفْيَانَ , فَقَالَ سُفْيَانُ , أَمَا سَمِعْتَ مَا قَالَ الثَّعْلَبُ: لَا يَرَانِي الْكَلْبُ وَلَا أُرَاهُ [ص:442]. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ , حَدَّثَنَا أَبُو الْمُعَلَّى، قَالَ لَهُمَا قَدْرُ الدِّينِ , يَعْنِي أَبَا يُوسُفَ , وَجَعَلَ يُفْتِي فِي الصَّرْفِ , أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِينَارٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ , قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا يُوسُفَ , لَيْسَ فِي قَلْبِكَ مِنْ ذَا شَيْءٌ , قَالَ: نَعَمْ , مِثْلُ هَذَا الْجَبَلِ , وَأَشَارَ إِلَى جَبَلِ قُعَيْرَانَ , قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَذُكِرَ هَذَا الْكَلَامُ لِابْنِ الْمُبَارَكِ , فَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: بَاطِلٌ لَوْ كَانَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ لَمَا فَعَلَ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ: كُنَّا يَوْمًا عِنْدَ شَرِيكٍ , فَقَالَ: مَنْ ذُكِرَ هَا هُنَا مِنْ أَصْحَابِ يَعْقُوبَ فَأَخْرِجُوهُ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَابِقٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيسَ، يَقُولُ: رَأَيْتُ أَبَا يُوسُفَ , وَالَّذِي ذَهَبَ بِنَفْسِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي الْمَنَامِ يُصَلِّي عَلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ , وَسَمِعْتُ وَكِيعًا , وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ , فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّ أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا , فَحَرَّكَ رَأْسَهُ , وَقَالَ: أَمَا تَتَّقِي اللَّهَ , بِأَبِي يُوسُفَ تَحْتَجُ عِنْدَ اللَّهِ"

فكفيك هذا من مخازيه وقد كان صاحب حيل خبيثة يحل بها الفروج المحرمة لهارون الرشيد 

قال العقيلي في الضعفاء   حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: مَا سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ ذَكَرَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ قَطُّ إِلَّا مَزَّقَهُ , وَذَكَرَهُ يَوْمًا فَقَالَ: إِنَّ بَعْضَ هَؤُلَاءِ هَوَى جَارِيَةً كَانَ وَطِئَهَا أَبُوهُ , فَاسْتَشَارَ أَبَا يُوسُفَ , فَقَالَ: لَا تُصْدِقُهَا , فَجَعَلَ يُقَطِّعُهُ

وهذا إسناد صحيح

 وتأمل قول يزيد بن هارون ( لا تحل الرواية عنه ) وتعجب وكيع من الاحتجاج به وإفتاء ابن المبارك بإعادة الصلاة خلفه

غير أن الفاجر ذهب يذكر أحسن ما عند أبي يوسف ليؤيد مذهبه

وقد ادعى على ابن معين كان حنفياً في الفروع ثم بعد ذلك يطالبني بذكر دفاعاته عنهم وهو أثبت عليه ما هو أشد من هذا وثبت حجتي من حيث يريد النقض

والواقع أن ابن معين لم يكن منهم فلم يكن يرد خبر الواحد إذا خالف القياس ولا يزري على أبي هريرة ولا يقول بالحيل ووافقهم في بعض الأمور التي تابعوا فيها أصحاب ابن مسعود كترك القراءة خلف الإمام

قال الدوري في تاريخه عن ابن معين 5353 - سَمِعت يحيى يَقُول كَانَ أَبُو يُوسُف القَاضِي يمِيل إِلَى أَصْحَاب الحَدِيث وكتبت عَنهُ وَقد حَدثنَا يحيى عَنهُ

فابن معين يقر بأن لأبي حنيفة وأصحابه طريقة غير طريقة أهل الحديث ويثني على أبي يوسف بميله لأهل الحديث فكيف يكون من أهل الرأي ؟

وقد ذكر ابن عبد البر قول ابن معين ( أصحابنا يفرطون في أبي حنيفة وأصحابه ) ففرق بين أصحابه وأصحاب أبي حنيفة فكيف يكون منهم 

العاشر : أنكر أن يكون ابن سيرين غضب من سمرة لولايته عند بعض الناس

وأخذ ينكر بصفاقة وحماقة علماً بأنني أشرت إليه في المقال لمصدر الأمر وهنا يضطرني السفيه أن أذكر الأثر

قال البلاذري في أنساب الأشراف 541- حَدَّثَنَا عفان حَدَّثَنَا أَبُو هلال عَنْ ابْنِ سيرين قَالَ: كَانَ سمرة صدوق الحديث عظيم الأمانة يحب الإسلام وأهله حتى أحدث ما أحدث

وفي بعض نسخ الطبقات لابن سعد تعليق لعفان على هذا الخبر يذكر ولاية سمرة عند زياد

وقد بينت في بداية المقال دفاع عمران عن سمرة رضوان الله عليهما وأن ذلك كان لمصلحة شرعية راجحة وابن سيرين نفسه كان يقول بأن سمرة لا يتهم في الحديث

وقد دافع البيهقي في دلائل النبوة دفاعاً جيداً عن سمرة وكذا العلائي في منيف الرتبة

ولولا أن بعضهم يذكر في برنامجه العلمي كتاب الطبقات لابن سعد مع إهماله لكتب ابن تيمية وابن عبد الوهاب

وآخر يشرح الطبقات لابن سعد لما كلفنا ببيان بعض ما في هذا الكتاب والمراد في شأن ابن سيرين تم شرحه في المقال الأصل

والمقال الأصل لا يصل إلى ستين ورقة وما استطاع السفيه فهمه فأنى له أن يفهم تراثاً عظيماً بإنصاف كتراث ابن تيمية وأئمة الدعوة

وهذه الأمور العشرة عينات ذكرتها لبيان المجادلة بالباطل ودفع الأمر الثابت بالصدر والعجب من الجهلة من تكثر بهذه الخربشات

والعجيب أن السفيه يتعجب من إقراري لرواية أحمد عن أبي معاوية الذي وصفه بأنه رئيس المرجئة في الكوفة

بناء على ما في سؤالات الآجري عن أبي دواد وهذه السؤالات فيها مواطن مستنكرة عديدة منها تضعيف حديث سفينة وإعلاله بسفينة نفسه، وإذا كان رئيس المرجئة في الكوفة فما كان يصنع بو حنيفة وأصحابه

ثم مدحي لترك أهل الحديث الرواية عن أهل الرأي

ولأنه جاهل أحمق لا يدرك تصرفات أهل الحديث فكلهم روى عن أبي معاوية وعامتهم هجروا أهل الرأي فلا بد من وجود فارق مؤثر منه يفهم منهج القوم ويتبع ولا يتحاذق عليه كما يفعل السفهاء اليوم

وطريقتهم دائماً وضيعة وفيها اختزال فأحمد هجر شبابة وهجر علي بن الجعد فلم يكتب عنه مع كونه من تلاميذ سفيان وشعبة ومالك والحسن بن صالح وكان ثبتاً واسع الرواية ، وأحمد أفنى ذكر أهل الرأي من الكتب ثم يأتي هؤلاء على طريقتهم الفاجرة ويتشبثون بأمور لو عقلوها لعلموا أنهم لا يدركون فقه السلف 

وليعلم أن ما يذكر من مدح أبي معاوية لأبي حنيفة لا يثبت 

وعندي أمثلة عديدة من جنس ما ذكرت في المقال الأصل إنما أجتنبها عمداً وهل يريد أن أبرهن له أن ما تركت أكثر مما ذكرت ؟
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي