مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: تناقض دعاة تحرير المرأة من المنتسبين للإسلام ...

تناقض دعاة تحرير المرأة من المنتسبين للإسلام ...



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فقد كتب في مسألة كشف المرأة عن وجهها وكفيها كلام كثير ، وقد بين كثيرون الاتفاق على منعها من ذلك عند خوف الفتنة ، غير أنني أريد بيان مسألة قد تخفى على كثيرين

وهو وصف صاحب كتاب ( تحرير المرأة في عصر الرسالة ) كشف المرأة لوجهها وكفيها ب( التحرير ) وجعل ذلك من ضمن فصول كتابه وقد أقره القرضاوي على هذا

وهذه زندقة محضة وتناقض ظاهر

أما كونها زندقة فلا يختلف المسلمون في أفضلية تغطية المرأة لوجهها فحتى من يجيز يفضل أن تغطي وجهها ، والتحرير عند هؤلاء صفة مدح فإذا كان تركها للواجب أو المستحب تحريراً ففعلها له رق مذموم وهذه زندقة ظاهرة

وأما كونه تناقضاً فهم يدعون أدب الخلاف ومع ذلك يلزمون الذي يوجب على المرأة تغطية وجهها بالتشديد ويلمزونه أيضاً بأنه يسترقها ، والمسألة معكوسة فعورة الحرة أغلظ من عورة الأمة باتفاق

ثم إن هؤلاء من أجهل الخلق بمقضيات الفتيا فنحن في زمن فشى فيه التبرج الذي لا ينازع أحد بحرمته ولا تكاد تجد امرأة كاشفة وجهها إلا وقد وضعت من الزينة عليه ما يجعل حتى القرمطي يفتي بحرمة ما تفعل ، ففي هذه الحال هل من المصلحة نشر مثل هذه الأبحاث المختزلة والهشة ، والمتتبع للتاريخ يجد أن كل حركات التبرج التي يضج بها العالم بدأت بكشف الوجه

وما يضر المرأة إن فعلت المستحب _ في قولك _ معتقدة وجوبه في قول آخرين تعبداً لله وطلباً للأجر

وتراهم دائماً يتحدثون عن وحدة الأمة ويزهدون في البحث العقدي لهذا الاعتبار ثم يشغلون بمثل هذه الأبحاث المختزلة والضعيفة

ومن عجائب صاحب تحرير المرأة والتي دعتني إلى وصف أبحاثه بالهشة والضعيفة دعواه وجوب كشف المرأة وجهها في الإحرام

قال ابن رشد في بداية المجتهد :" وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ إِحْرَامَ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا، وَأَنَّ لَهَا أَنْ تُغَطِّيَ رَأْسَهَا وَتَسْتُرَ شَعْرَهَا، وَأَنَّ لَهَا أَنْ تَسْدِلَ ثَوْبَهَا عَلَى وَجْهِهَا مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا سَدْلًا خَفِيفًا تُسْتَرُ بِهِ عَنْ نَظَرِ الرِّجَالِ إِلَيْهَا، كَنَحْوِ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ فَإِذَا مَرَّ بِنَا رَكِبٌ سَدَلْنَا عَلَى وُجُوهِنَا الثَّوْبَ مِنْ قِبَلِ رُءُوسِنَا، وَإِذَا جَاوَزَ الرَّكْبُ رَفَعْنَاهُ» . وَلَمْ يَأْتِ تَغْطِيَةُ وُجُوهِهِنَّ إِلَّا مَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ أَنَّهَا قَالَتْ: " كُنَّا نُخَمِّرُ وُجُوهَنَا وَنَحْنُ مُحْرِمَاتٌ مَعَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ "

فالإجماع على عكس ما ادعى بل لها تغطية وجهها باتفاق بغير ملاصق كالبرقع والنقاب وإنما تسدل على وجهها شيئاً

ومن تناقضهم أنهم إذا رأوا من يشدد في أمر كشف الوجه والكفين قالوا ( هذا قول الجمهور ) وهم غالطون في هذه الدعوى غير أنهم يظهرون الاحترام للفقهاء والاعتداد بأقوالهم

ثم بعد ذلك يصفون ما اتفق هؤلاء الفقهاء على مشروعيته واستحبابه بأنه مناقض لتحرير المرأة

وما أهين نساء المسلمين ولا ذل المسلمون في عصر مع كثرة كهذا العصر فماذا جنينا من تحريركم ؟

والذي نراه أنه بداية التحرير من العفة والعبودية لله عز وجل 
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي