مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: من تناقضات عدنان إبراهيم في استدلاله بحديث ( أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين )

من تناقضات عدنان إبراهيم في استدلاله بحديث ( أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فلا يكاد المرء يستمع لعدنان إبراهيم حتى يفجع بكم هائل من التناقضات والتدليسات العلمية فمن ذلك احتجاجه بحديث ( أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ) ثم نزله تنزيلاً فاجراً على طلحة والزبير

وقد ادعى تصحيح ابن حجر للحديث في التلخيص الحبير ومن تأمل احتجاجه بهذا الخبر علم جهله وفجوره وذلك من وجوه

أولها : أن عامة المنتسبين للعلم قد أنكروا هذا الحديث وضعفوه فليس من الأمانة أن تكتم كلامهم

وسأكتفي بنقل تخريج المعلقين على المطالب العالية مع ما فيه مما لا أرتضيه من تعظيم الجهمية ولكنه تخريج من الناحية الحديثية جيد طبعة دار العاصمة

قال المعلقون على المطالب :" أخرجه أبو يعلى في مسنده (1/ 397: 519)، والبزار في البحر الزخار (3/ 26: 774)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 51)، والطبراني في الأوسط كما في المجمع (7/ 238) كلهم من طريق الربيع بن سهل، به، بنحوه.
وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في تاريخه، طرقًا أخرى متعددة لحديث علي رضي الله عنه ومنها:
الطريق الأولى: أخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 367) من طريق أبي عوانة، عن أبي الجارود، عن زيد بن علي بن الحسين، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
قلت: هو موضوع بهذا الإِسناد، فيه أبو الجارود زياد بن المنذر الأعمى، رافضي، كذّبه يحيى بن معين وأبو داود، وقال ابن حبّان: كان رافضيًا يضع الحديث في مناقب أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. (انظر: التهذيب 3/ 386، التقريب ص 221).
الطريق الثانية: أخرجه ابن عساكر في المصدر المذكور من طريق هارون بن إسحاق، عن أبي غسان، عن جعفر، أحسبه الأحمر، عن عبد الجبار الهمداني، عن أنس بن عمرو، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه بنحوه.
قلت: فيه أنس بن عمرو، قال الحافظ عبد الرحمن بن خراش: مجهول، وذكره ابن حبّان دي الثقات. (انظر: الميزان 1/ 77، اللسان 1/ 469).
وفيه جعفر بن زياد الأحمر، وهو صدوق، يتشيع. (انظر: التقريب ص 145: الطريق الثالثة: أخرجه ابن عساكر (12/ 368) من طريق عبد الله بن عدي، عن أحمد بن جعفر البغدادي، عن سليمان بن سيف، عن عبيد الله بن موسى، عن مطر، عن حكيم بن جبير، عن إبراهيم بن علقة، عن علي رضي الله عنه بنحوه.
قلت: هذا إسناد ضعيف، فيه حكيم بن جبير الأسدي، قال أحمد: ضعيف، منكر الحديث.
قال البخاري: كان شعبة يتكلم فيه، وقال الدارقطني: متروك، ولهذا قال الحافظ ابن حجر: ضعيف ورمي بالتشيع. (انظر: الميزان 1/ 583، التهذيب 2/ 445، التقريب (ص 176: 1468).
= الطريق الرابعة: أخرجه ابن عساكر (12/ 368) من طريق أبي بكر الخطيب البغدادي، عن الأزهري، عن محمَّد بن المظفر، عن محمَّد بن أحمد بن ثابت، قال: وجدت في كتاب جدي محمَّد بن ثابت، عن أشعث بن الحسن السلمي، عن جعفر الأحمر، عن يونس بن أرقم، عن أبان عن خليد القصري، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ يوم النهروان، فذكره، بنحوه.
وجملة القول: إن الحديث روى من طرق متعددة عن علي رضي الله عنه بعضها ضعيفة وبعضها موضوعة.
وللحديث شواهد من حديث عمار بن ياسر، وأبي أيوب الأنصاري، وعبد الله بن مسعود، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم.
1 - حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه، أخرجه أبو يعلى في مسنده (1/ 194: 1623) عن الصلت بن مسعود الجحدري، عن جعفر بن سليمان، عن الْخَلِيلُ بْنُ مُرَّةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَقُولُ: أُمِرْتُ بِقَتْلِ النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ، والمارقين.
قلت: هذا إسناد ضعيف، فيه الخليل بن مرة، وهو ضعيف، وفيه الْقَاسِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قال العقيلي: لا يصح حديثه، وفيه جعفر بن سليمان الضبعي، وهو صدوق، لكنه كان يتشيع، والحديث يؤيد بدعته. وذكره الحافظ في المطالب العالية. (انظر التفصيل في الحكم عليه في الحديث القادم).
2 - حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أخرجه الطبراني في الكبير (10/ 112) عن الهيثم بن خالد الدوري، عن محمَّد بن عبيد المحاربي، عن الوليد بن حماد، عن أبي عبد الرحمن الحارثي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال: أمر علي بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين.
قلت: فيه أبو عبد الرحمن الحارثي ولم أقف له على ترجمة، والوليد بن حماد، لم أجد فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبّان في الثقات، وأورده الحافظ في = اللسان. (انظر: الثقات 9/ 226، اللسان 6/ 221).
وقال الهيثمي في المجمع (6/ 235): "رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه".
وأخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 368)، والبغوي في شرح السنَّة (10/ 234) من طريق الحاكم عن الإِمام أبي بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، عن الحسن بن علي، عن زكريا بن يحيى الحرار المقرئ، عن إسماعيل بن عباد المقرئي، عن شريك، عن منصور، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-: فأتى منزل أم سلمة فجاء علي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يا أم سلمة هذا والله قاتل القاسطين والناكثين والمارقين بعدي".
قلت: إسناده ضعيف فيه شريك بن عبد الله النخعي، وهو صدوق يخطئ كثيرًا
وتغير حفظه في آخر عمره. (انظر: التهذيب 4/ 194، التقريب ص 266: 2787).
3 - حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه: وله عن أبي أيوب طرق متعددة:
الأولى: أخرجه الطبراني في الكبير (4/ 206: 4049)، حدَّثنا الحسين بن إسحاق السدي، ثنا محمد بن الصباح الجرجراني، ثنا محمد بن كثير، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن محنف بن سليم، عن أبي أيوب الأنصاري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أمرني بقتال ثلاثة: "الناكثين، والقاسطين، والمارقين". وزاد قصة في آخره.
قال الهيثمي في المجمع (6/ 235): "رواه الطبراني وفيه محمَّد بن كثير الكوفي وهو ضعيف".
قلت: وفيه أيضًا الحارث بن حصيرة، وهو ضعيف، غال في التشيع، وقال ابن عدي: هو أحد من المحترقين بالكوفة في التشيع، وعلى ضعفه يكتب حديثه. اهـ.
(انظر: الكامل 2/ 606، التهذيب 2/ 140، التقريب ص 145: 1018).
الثانية: أخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 139) عن أبي سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، ثنا الحسن بن علي بن شبيب المعمري، ثنا محمد بن حميد، ثنا سلمة بن الفضل، حدَّثني أبو زيد الأحول، عن عتاب بن ثعلبة، حدَّثني أبو أيوب الأنصاري، به، بنحوه.
قلت: في إسناده عتاب بن ثعلبة، وسلمة بن الفضل، ومحمد بن حميد الرازي، أما عتاب بن ثعلبة: فذكره الذهبي في الميزان (3/ 27)، وقال: "عداده من التابعين روى عنه أبو زيد الأحول حديث قتال الناكثين، والإِسناد مظلم، والمتن منكر، وأقرّه الحافظ ابن حجر في اللسان (4/ 127).
وأما سلمة بن الفضل الأبرش: فإنه صدوق إلَّا أنه كثير الخطأ، فقد وثقه ابن معين، وابن سعد، وأبو داود، وقال أبو حاتم: صالح، محله الصدق، في حديثه إنكار، ليس بالقوي، لا يمكن أن أطلق لساني فيه بأكثر من هذا، يكتب حديثه ولا يحتج به.
وقال البخاري: عنده مناكير، وهّنه علي، وضعّفه إسحاق والنسائي.
وقال ابن عدي: عنده غرائب وأفراد، ولم أجد في حديثه حديثًا قد جاوز الحد في الإِنكار وأحاديثه متقاربة محتملة. (انظر: الجرح والتعديل 4/ 168، التهذيب 4/ 153، التقريب ص 248: 2505).
وأما محمَّد بن حميد الرازي: فقد رماه غير واحد بالكذب، منهم أبو زرعة، وأبو حاتم والنسائي، وابن خراش، وصالح بن محمَّد الأسدي، وأثنى عليه الإِمام أحمد، ووثقه ابن معين، وقال الحافظ ابن حجر: حافظ، ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه. (انظر: الجرح والتعديل 7/ 232، التهذيب 9/ 127، التقريب ص 485: 5834).
الثالثة: أخرجه الحاكم (3/ 139) من طريق محمَّد بن يونس القرشي، عن عبد العزيز بن الخطاب، عن علي بن غراب بن أبي فاطمة، عن الأصبغ بن نباتة، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، به قلت: في إسناده أصبغ بن نباته، متروك، رمي بالرفض. (التقريب ص 113: 537).
وفي إسناده أيضًا محمَّد بن يونس بن موسى بن سليمان الكديمي، وهو متهم بوضع الحديث، فقد كذّبه أبو داود، والقاسم بن مطرز، وقال ابن حبّان: كان يضع الحديث. ولعله قد وضع على الثقات أكثر من ألف حديث، وقال ابن عدي: قد اتهم بالوضع، وادعى الرواية عمن لم يرهم، ترك عامة مشايخنا الرواية عنه، ومن حدَّث عنه نسبه إلى جده لئلا يعرف. (انظر: الكامل لابن عدي 6/ 2294، الميزان 4/ 74، التهذيب 9/ 539، التقريب ص 515: 6419).
ولهذا قال الذهبي في تلخيص المستدرك عقب هذين الطريقين: لم يصح، وساقه الحاكم بإسنادين مختلفين إلى أبي أيوب ضعيفين".
الرابعة: أخرجه الخطيب في تاريخه (13/ 186 - 187)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (1/ 369) من طريق أحمد بن عبد الله المؤدب، عن المعلي بن عبد الرحمن، عن شريك عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، والأسود قالا: أتينا أبا أيوب الأنصاري عند منصرفه من صفين: فقلنا له: يا أبا أيوب، إن الله أكرمك بنزول محمَّد -صلى الله عليه وسلم- وبمجيء ناقته تفضلًا من الله، وإكرامًا لك حتى أناخت ببابك دون الناس، ثم جئت بسيفك على عاتقك، تضرب به أهل لا إله إلَّا الله؟! فقال: يا هذا، إن الرائد لا يكذب أهله، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمرنا بقتال ثلاثة مع علي: بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين، فأما الناكثون فقد قابلناهم: أهل الجمل، طلحة والزبير، وأما القاسطون، فهذا منصرفنا من عندهم يعني معاوية وعمروًا، وأما المارقون فهم أهل الطرقات وأهل السعيفات، وأهل النخيلات، وأهل النهروانات، والله ما أدري أين هم، ولكن لا بد من قتالهم، إن شاء الله.
قلت: في إسناده المعلي بن عبد الرحمن الواسطي، وهو متهم بالوضع، ورمي بالرفض، سئل عنه ابن معين فقال: أحسن أحواله عندي أنه قيل له عند موته: ألا  تستغفر الله تعالى؟ فقال: ألا أرجو أن يغفر لي، وقد وضعتُ في فضل علي سبعين حديثًا؟ وذهب ابن المديني إلى أنه كان يكذب، ويضع الحديث، وقال الدارقطني، ضعيف كذاب، وقال أبو حاتم: متروك الحديث. (انظر: الجرح والعديل 8/ 334، التهذيب 10/ 238، التقريب ص 541: 6805).
والراوي عن معلى هذا هو أحمد بن عبد الله المؤدب، نسب إلى وضع الحديث. قال ابن عدي: كان يضع الحديث، وقال ابن حبّان: يروى عن عبد الرزاق والثقات الأوابد والطامات، وقال الدارقطني: يحدَّث عن عبد الرزاق وغيره بالمناكير، يترك حديثه، وقال الخطيب: في بعض أحاديثه نكرة. (انظر: المجروحين 1/ 152، الكامل 1/ 195، تاريخ بغداد 4/ 218، الميزان 1/ 109، اللسان 1/ 197 - 198).
وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات 2/ 12، وقال: "هذا حديث موضوع بلا شك".
الخامسة: أخرجه ابن حبّان في المجروحين (1/ 174) ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (2/ 12)، ثنا محمَّد بن المسيب، ثنا علي بن المثني الطهوي، ثنا يعقوب بن خليفة، عن صالح بن أبي الأسود، عن علي بن الحزور، عن الأصبغ بن نباتة، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه بنحو لفظ الباب.
قال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح، قال يحيى: الأصبغ، لا يساوي فلسًا، وقال ابن حبّان: متروك، وأما علي بن الحزور فذاهب، وقال البخاري: عنده عجائب".
وقال ابن عراق في تنزيه الشريعة (1/ 387) بعد ذكر الحديث: "وتعقب بأن له طرقًا أخرى غير هذه، أخرجه الحاكم في الأربعين من طريقين، وأخرجه من حديث علي بلفظ: أمرت بقتال ثلاثة، فذكره، وأخرجه من حديث أبي سعيد الخدري بسند ضعيف، ومن حديث ابن مسعود، وكذا الطبراني من طريقين، أخرجه أبو يعلى، والخطيب، والحافظ عبد الغني في إيضاح الإِشكال من حديث علي". اهـ.
قلت: سبق الكلام على معظم هذه الطرق وتبين أنها ضعيفة، وأما حديث أبي سعيد الخدري فهو كالآتي:
4 - حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أخرجه الحاكم في الأربعين، كما في تنزيه الشريعة (1/ 387)، ومن طريقه ابن عساكر (12/ 368) عن أبي جعفر محمَّد بن دحيم الشيباني، عن الحسن بن الحكم الحيري، عن إسماعيل بن أبان عن إسحاق بن إبراهِم الأزدي، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، فقلنا: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أمرتنا بقتال هؤلاء فمع من؟ قال: "مع علي بن أبي طالب، معه يقتل عمار بن ياسر".
قلت: في إسناده أبو هارون العبدي: وهو عمارة بن جُوَيْن البصري، ضعّفه أبو زرعة، وأبو حاتم، وشعبة، وابن سعد، وتركه يحيى القطان، وقال أحمد والنسائي: متروك الحديث، وكذّبه ابن معين، وعثمان بن أبي شيبة، وعليه فهو متروك الحديث، ورمي بالتشيع. (انظر: الجرح والتعديل 6/ 363، المجروحين 2/ 177، الميزان 3/ 173، التهذيب 7/ 412، التقريب ص 408: 4840).
وجملة القول: إن الحديث روي من حديث جملة مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وله طرق متعددة من حديث علي رضي الله عنه، وأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، ولكن لا يخلو طريق منها عن ضعف، بل أكثرها ضعيفة جدًا، وسبب ضعفه في الغالب أن أحد رواة الإِسناد شيعي والحديث في فضل علي رضي الله عنه، لذا لا يقبل حديثه في بدعته عند علماء هذا الشأن، وقد أطلق بعض العلماء القول بوضعه مثل شيخ الإِسلام ابن تيمية كما سيأتي قريبًا، ولكن يستثنى من ذلك الجزء الأخير وهو قوله: (المارقين) لأنه ورد من طرق أخرى قتال علي رضي الله عنه الخوارج كما سيأتي بعد قليل.
أقوال العلماء في الحديث:
أطلق مجموعة من العلماء القول بعدم صحته، ومنهم من حكم عليه بالضعف
وآخرون قالوا بأنه موضوع.
1 - أبو جعفر العقيلي رحمه الله:
أخرج الحديث في الضعفاء (2/ 51)، من طريق الربيع بن سهل، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ الوالبي، عن علي رضي الله عنه، به، ثم قال: "الأسانيد في هذا الحديث عن علي ليّنة الطرق، والرواية عنه في الحرورية صحيحة".
وأخرجه أيضًا (3/ 480) من طريق الْقَاسِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قال: سمعت عمار بن ياسر يقول، فذكره بنحوه، ثم قال: "ولا يثبت في هذا الباب شيء".
2 - ابن حبّان رحمه الله:
ذكر الحديث في كتابه المجروحين (1/ 174)، وقد تقدم الكلام عليه آنفًا.
3 - ابن الجوزي رحمه الله:
أما ابن الجوزي رحمه الله فقد حكم عليه بالوضع، وذكره في الموضوعات (2/ 12 - 13)، وقال: هذا حديث موضوع بلا شك ... وقال أيضًا: هذا حديث لا يصح.
4 - الذهبي رحمه الله:
قال في تلخيص المستدرك (3/ 140) عن هذا الحديث كما سبق: "لم يصح، وساقه الحاكم بإسنادين مختلفين إلى أبي أيوب ضعيفين".
5 - الحافظ ابن كثير رحمه الله:
قال في البداية والنهاية (7/ 316) بعد أن أورد الحديث: فإنه حديث غريب ومنكر، على أنه قد روي من طرق عن علي، وعن غيره، ولا تخلو واحدة منها عن ضعف".
6 - أبو العباس أحمد بن تيمية رحمه الله:
أما شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله فقال في منهاج السنَّة (6/ 111 - 112): لم يرو علي رضي الله عنه في قتال الجمل وصفين شيئًا، كما رواه في قتال الخوارج، بل روى الأحاديث الصحيحة، هو وغيره من الصحابة في قتال الخوارج المارقين، وأما قتال الجمل وصفين، فلم يرو أحد منهم إلَّا القاعدون، فإنهم رووا الأحاديث في ترك القتال في الفتنة، وأما الحديث الذي يروي أنه أمر بقتل الناكثين والقاسطين، والمارقين، فهو حديث موضوع على النبي -صلى الله عليه وسلم-".
وقال أيضًا في المنهاج (5/ 50) ردًا على حديث عامر بن واثلة وفيه: قال علي: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-: تقاتل الناكثين والفاسقين والمارقين، على لسان النبي -صلى الله عليه وسلم- غيري؟ قالوا: لا ... الحديث.
قال شيخ الإِسلام: "هذا كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث".

أقول : أضف إلى هؤلاء الجوزقاني الذي جعل هذا الحديث معارضاً لأحاديث فضل طلحة والزبير

قال الجوزقاني في الأباطيل والمناكير :" بَابٌ: فِي فَضَائِلِ طَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرِ، وَمُعَاوِيَةَ، وَعَمْرٍو
174 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَلِيٍّ الْعِجْلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْبَغْدَادِيُّ، فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَطِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُؤَدِّبُ، بِسُرَّ مَنْ رَأَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، بِبَغْدَادَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ الْأَعْمَشِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، قَالَا: أَتَيْنَا أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ صِفَّيْنَ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا أَيُّوبَ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَكْرَمَكَ بِنُزُولِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِمَجِيءِ نَاقَتِهِ تَفَضُّلًا مِنَ اللَّهِ، وَإِكْرَامًا لَكَ، حَتَّى أَنَاخَتْ بِبَابِكَ دُونَ النَّاسِ، ثُمَّ جِئْتَ بِسَيْفِكَ عَلَى عَاتِقِكَ، تَضْرِبُ بِهِ أَهْلَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ! فَقَالَ: يَا هَذَا، إِنَّ الرَّائِدَ لَا يَكْذِبُ أَهْلَهُ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا بِقِتَالِ ثَالِثَةٍ مَعَ عَلِيٍّ: بِقِتَالِ النَّاكِثِينَ، وَالْقَاسِطِينَ، وَالْمَارِقِينَ، فَأَمَّا النَّاكِثُونَ فَقَدْ قَاتَلْنَاهُمْ: أَهْلُ الْجَمَلِ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ.
وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ: فَهَذَا مُنْصَرَفُنَا مِنْ عِنْدَهُمْ، يَعْنِي مُعَاوِيَةَ وَعَمْرًا.
وَأَمَّا الْمَارِقُونَ: فَهُمْ أَهْلُ الطَّرْفَاوَاتِ، وَأَهْلُ السُّعَيْفَاتِ، وَأَهْلُ النُّخَيْلَاتِ، وَأَهْلُ النَّهْرَوَانَاتِ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَيْنَ هُمْ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ قِتَالِهِمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، قَالَ: وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ لِعَمَّارٍ: «يَا عَمَّارُ، تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، وَأَنْتَ إِذْ ذَاكَ مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَكَ، يَا عَمَّارُ بْنَ يَاسِرٍ، إِنْ رَأَيْتَ عَلِيًّا قَدْ سَلَكَ وَادِيًا، وَسَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا غَيْرَهُ، فَاسْلُكْ مَعَ عَلِيٍّ، فَإِنَّهُ لَنْ يَدُلَّكَ فِي رَدِيٍّ، وَلَنْ يُخْرِجَكَ مِنْ هُدًى، يَا عَمَّارُ، مَنْ تَقَلَّدَ سَيْفًا أَعَانَ بِهِ عَلِيًّا عَلَى عَدُوِّهِ قَلَّدَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وُشَاحَيْنِ مِنْ دُرٍّ، وَمَنْ تَقَلَّدَ سَيْفًا أَعَانَ بِهِ عَدُوَّ عَلِيٍّ عَلَيْهِ، قَلَّدَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وُشَاحَيْنِ مِنْ نَارٍ» ، قُلْنَا: يَا هَذَا، حَسْبُكَ رَحِمَكَ اللَّهُ، حَسْبُكَ رَحِمَكَ اللَّهُ.
هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ لَا شَكَّ فِيهِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: مُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، وَذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثِ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو: قُلْتُ لِأَبِي زُرْعَةَ: مُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ ، فَقَالَ ذَاهِبُ الْحَدِيثِ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْمَالِينِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيٍّ الْحَافِظَ، يَقُولُ: أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُؤَدِّبُ، كَانَ بِسُرَّ مَنْ رَأَى، يَضَعُ الْحَدِيثَ.
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُؤَدِّبُ يُعْرَفُ بِالْهُشَيْمِيُّ، يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَغَيْرِهِ بِالْمَنَاكِيرِ، يُتْرَكُ حَدِيثُهُ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ هَذَا، تَكَلَّمَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ فِي رِوَايَتِهِ، عَنِ
 الْمَطِيرِيِّ، فَطَعَنَ عَلَيْهِ، وَقَالَ شُعْبَةُ: قُلْتُ لِلْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ: شَهِدَ أَبُو أَيُّوبَ مَعَ عَلِيٍّ صِفِّينَ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ شَهِدَ مَعَهُ قِتَالَ أَهْلِ النَّهْرِ
فِي خِلَافِ ذَلِكَ
175 - أَخْبَرَنَا سَعْدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ جَمَّانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَيْدٍ النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الزَّاهِدُ الخَفَّافُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ السَّرَّاجُ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَلَى صَخْرَةٍ بِحِرَاءَ، هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اهْدَئِي، فَمَا عَلَيْكِ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْشَهِيدٌ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ قُتْيَبَةَ
176 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ أَبُو بَكْرٍ السِّجِسْتَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ أَبُو مُوسَى زُغْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ: «مَنْ رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ بَنِي قُرْيَظَةَ؟» , قَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، فَذَهَبَ عَلَى فَرَسِهِ، فَجَاءَ بِخَبَرِهِمْ، ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: فَذَهَبَ، ثُمَّ قَالَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، فَذَهَبَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ
177 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْمَقْدِسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ مَنْدَهْ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي يَوْمَ الْأَحْزَابِ: قَدْ رَأَيْتُكَ يَا أَبَهْ، وَأَنْتَ تَحْمِلُ عَلَى فَرَسٍ لَكَ أَشْقَرَ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ وَرَأَيْتَنِي؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ، فَجَمَعَ لِي أَبَوَيَّ، يَقُولُ: «فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْخَلِيلِ، وَسُوَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، وَعَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامٍ
178 - أَخْبَرَنَا سَعْدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ جَمَّانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيْدَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الزَّاهِدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " عَشْرَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْجَنَّةِ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ فِي الْجَنَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ ".
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، رَوَاهُ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ
179 - أَخْبَرَنَا سَعْدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ جِمَّانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْخَفَّافُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، قَالَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، اذْهَبْ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ، فَقُلْ: يُقْرِأُ عَلَيْكِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ السَّلَامَ، ثُمَّ سَلْهَا أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيَّ؟ قَالَتْ: كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي، وَلَأُوثِرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي، فَلَمَّا أَقْبَلَ، قَالَ لَهُ: مَا لَدَيْكَ؟ قَالَ: أَذِنَتْ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: " مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ هَذَا الْمَضْجَعِ، فَإِذَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِي ثُمَّ سَلِّمُوا، ثُمَّ قُلْ: يَسْتأَذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَإِنْ أَذِنَتْ لِي، فَادْفِنُونِي، وَإِلَّا فَرُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، إِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَقَّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَمَنِ اسْتَخْلَفُوا بَعْدِي، فَهُوَ الْخَلِيفَةُ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا، فَسَمَّى: عُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ.
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ قُتَيْبَةَ"

ثم ذكر أحاديث فضل معاوية وعمرو

ومن تناقض عدنان إبراهيم تكذيبه بالأحاديث التي اتفق أهل العلم على تصحيحها في فضل طلحة والزبير ثم تصديقه بهذا الخبر الواهي الذي اتفقوا على تضعيفه وإنما صححه الحاكم المعروف بالتساهل ولو تابعه ابن حجر فهذا ذم في ابن حجر إذ قلد الحاكم على سقطته وقد خرج الحاكم حديث الطير وهو أشد نكارة منه وفي المستدرك بواطيل

فالأمر عند عدنا محض تشهي

ومما يدل على كذب هذا الحديث ما صح عن علي رضوان الله عليه بأنه لم ليس عنده شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قتال أهل صفين

قال عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند [1271]:
حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، قَالَ:
قُلْتُ لِعَلِيٍّ: أَرَأَيْتَ مَسِيرَكَ هَذَا عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ رَأْيٌ رَأَيْتَهُ؟
قَالَ: مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا؟ قُلْتُ: دِينَنَا دِينَنَا.
قَالَ: مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ شَيْئًا وَلَكِنْ رَأْيٌ رَأَيْتُهُ.
أقول: هذا قاله علي في حربه مع معاوية، أما حربه مع الخوارج مع تقدم اغتباطه بذلك وذكره للأحاديث في فضل قتالهم، وخبر ذي الثدية معروف مشهور.

وكان قد ندم في قتال أهل الجمل

قال ابن أبي شيبة في المصنف [38990]:
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ أبي عَوْنٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ الْخُزَاعِيُّ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ:
أَعْذِرْنِي عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّمَا مَنَعَنِي مِنْ يَوْمِ الْجَمَلِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَقَالَ الْحَسَنُ: لَقَدْ رَأَيْته حِينَ اشْتَدَّ الْقِتَالُ يَلُوذُ بِي وَيَقُولُ: يَا حَسَنُ، لَوَدِدْت أَنِّي مِتُّ قَبْلَ هَذَا بِعِشْرِينَ حِجَّةً.
أبو الضحى أدرك سليمان فإن كان حمل الخبر , فالخبر متصل.
* وكذا جاء في مسند الحارث كما في بغية الباحث [757]:
حَدَّثَنَا قُرَادٌ أَبُو نُوحٍ , ثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيِّ , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: جِئْتُ إِلَى الْحَسَنِ فَقُلْتُ:

اعْذُرْنِي عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حِينَ لَمْ أَحْضُرِ الْوَقْعَةَ , فَقَالَ الْحَسَنُ: مَا تَصْنَعُ بِهَذَا لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَهُوَ يَلُوذُ بِي وَيَقُولُ: يَا حَسَنُ لَيْتَنِي مُتُّ قَبْلَ هَذَا بِعِشْرِينَ سَنَةً.
* وقال عبد الله بن أحمد في السنة [1212]:
حدثني محمد بن أبي بكر المقدمي، نا حماد بن زيد، نا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عباد، قال: قال علي رضي الله عنه يوم الجمل: وددت أني مت قبل هذا بعشرين سنة.
* وقال أيضاً [1181]:
حدثني إسماعيل أبو معمر، نا ابن نمير، عن شريك، عن العلاء بن عبد الكريم، عن تميم بن سلمة، قال: قال الحسن بن علي رضي الله عنه يوم الجمل أو يوم صفين شيئا فقال له علي رضي الله عنه:
وددت أني مت قبل هذا بعشرين سنة.
تميم لا أدري إن كان سمع الحسن، ولكنه سمع ابن صرد

قال ابن أبي شيبة في المصنف [39035]:
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ الْمَوْصِلِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ، قَالَ: سُئِلَ عَلِيٌّ عَنْ قَتْلَى يَوْمِ صِفِّينَ، فَقَالَ: قَتْلاَنَا وَقَتْلاَهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَيَصِيرُ الأَمْرُ إلَيَّ وَإِلَى مُعَاوِيَةَ.
أقول: نص الذهبي على إدراك يزيد لعلي، ولكن قال روايته عن علي وردت من وجهٍ ضعيف، ولعله يعني المرفوع، فإن السند هنا قوي إلى يزيد.
وجعفر بن برقان نص الإمام أحمد على أنه ثبت في حديث الأصم.

فهذه الآثار مع ما ذكره الجوزقاني يقضي بنكارة هذا الخبر

الوجه الثاني : عدنان إبراهيم ينكر أحاديث الرجم وهي أصح من الأحاديث السابقة وأكثر طرقاً ، وينكر أحاديث الدجال والمسيح وعذاب القبر وكلها أصح من هذا

بل اتفق أهل السنة والزيدية والرافضة على رواية الرجم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه الله

الوجه الثالث : إذا كان عدنان سعيداً بالاقتتال الذي حصل بين الصحابة ويرى أن علياً أمره النبي بذلك فعلى ماذا يدعو للتقريب فقد تكون إحدى الجماعات المختلفة هي الجماعة الحقة كما كان علي بن أبي طالب ، ولها أن تقاتل أن تضلل الفرق الأخرى

والذين قاتلهم علي في الجمل وصفين يشاركونه في العقيدة بكل تفاصيلها بخلاف الحاصل بين الفرق اليوم

بل الخوارج الذين قاتلهم علي كانوا يوافقونه في مسائل الصفات والقدر وتوحيد الألوهية

وهذا ينقض دعاوى عدنا إبراهيم وحسن المالكي والسقاف وغيرهم للتقريب فدعواهم للتقريب تقتضي تغليط علي في صنيعه في قتال المنتسبين للملة

بل كلهم ينكرون على محمد بن عبد الوهاب قتاله لأناس كانوا يتركون الصلاة والزكاة وعامة الشرائع مع أن هذا هو إجماع المذاهب الفقهية المتبوعة

جاء في الرسائل الشخصية للشيخ محمد بن عبد الوهاب ص98 :" نقاتل عبّاد الأوثان كما قاتلهم صلى الله عليه وسلم، ونقاتلهم على ترك الصلاة، وعلى منع الزكاة، كما قاتل مانعها صديق هذه الأمة أبو بكر الصديق رضي الله عنه؛ ولكن ما هو إلا كما قال ورقة بن نوفل: ما أتى أحد بمثل ما أتيت به إلا عودي وأوذي وأُخرج. وما قل وكفى خير مما كثر وألهى"

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي