مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: هل كل هؤلاء كرامية يا أشاعرة ؟

هل كل هؤلاء كرامية يا أشاعرة ؟



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

قال عبد القاهر البغدادي الأشعري في كتابه الفرق بين الفرق ص206 :" وأعجب من هَذَا كُله أَن ابْن كرام وصف معبوده بالثقل وَذَلِكَ انه قَالَ فى كتاب عَذَاب الْقَبْر فى تَفْسِير قَول الله عز وَجل {إِذا السَّمَاء انفطرت} انها انفطرت من ثقل الرَّحْمَن عَلَيْهَا"

ذكرت هذا ليظهر لك جهل الأشعرية الجهمية فإن هذا القول الذي قاله ابن كرام وارد عن السلف

قال الطبري في تفسيره وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ) قال: يعني من ثقل الرحمن وعظمته تبارك وتعالى.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ) : أي من عظمة الله وجلاله.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.

وهذه سلسلة العوفيين ضعيفة ولكن رواية الطبري له وإقراره يدل على عدم وجود نكارة في المتن عنده ، بل إن الطبري لم يرَ فرقاً بين قول ابن عباس في الثقل وقول غيره في العظمة وهذا هو الظاهر وكلا القولين فيه إثبات العلو الذي ينكره الجهمية

قال ابن أبي الدنيا في الأهوال [  9 ]:
 دثنا فضيل بن عبد الوهاب ، دثنا يزيد بن زريع ، عن أبي رجاء ، عن الحسن :
 في قوله : { السماء منفطر به } قال : مثقلة

وهذا إسناد قوي للحسن البصري

وقال ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية (3/266) :" وأصحاب هذا القول فيستشهدون بما روي عن طائفة في تفسير قوله تعالى تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ [الشورى 5] قال عثمان بن سعيد في رده على الجهمية ثنا عبد الله ابن صالح المصري حدثني الليث وهو ابن سعد حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال أن زيد بن أسلم حدثه عن عطاء بن يسار قال أتى رجل كعبًا وهو في نفر فقال يا أبا إسحاق حدثني عن الجبار فأعظم القوم قوله فقال كعب دعوا الرجل فإن كان جاهلاً تعلم وإن كان عالمًا ازداد علمًا ثم قال كعب أخبرك أن الله خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن ثم جعل ما بين كل سماءين كما بين السماء الدنيا والأرض وكثفهن مثل ذلك وجعل بين كل أرضين كما بين السماء الدنيا والأرض وكثفهن مثل ذلك ثم رفع العرش فاستوى عليه فما في السموات سماء إلا لها أطيط كأطيط الرّحل العُلا في أول ما يرتحل من ثُقل الجبار فوقهن وهذا الأثر وإن كان في رواية كعب فيحتمل أن يكون من علوم أهل الكتاب ويحتمل أن يكون مما تلقاه عن الصحابة ورواية أهل الكتاب التي ليس عندنا شاهد هو لا دافعها لا يصدقها ولا يكذبها فهؤلاء الأئمة المذكورة في إسناده هم من أجل الأئمة وقد حدثوا به هم وغيرهم ولم ينكروا ما فيه من قوله من ثقل الجبار فوقهن فلو كان هذا القول منكرًا في دين الإسلام عندهم لم يحدثوا به على هذا الوجه وقد ذكر ذلك القاضي أبو يعلى الأزجي فيما خرجه من أحاديث الصفات وقد ذكره عن طريق السنة عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا أبو المغيرة حدثتنا عبدة بنت خالد بن معدان عن أبيها خالد بن معدان أنه كان يقول إن الرحمن سبحانه ليثقل على حملة العرش من أول النهار إذا قام المشركون حتى إذا قام المسبحون خفف عن حملة العرش قال القاضي وذكر أبو بكر بن أبي خيثمة فيتاريخه بإسناده حدثنا عن ابن مسعود وذكر فيه فإن مقدار كل يوم من أيامكم عنده اثنتا عشرة ساعة فتعرض عليه أعمالكم بالأمس أول النهار اليوم فينظر فيه ثلاث ساعات فيطلع منها على ما يكره فيغضبه ذلك فأول من يعلم بغضبه الذين يحملون العرش يجدونه يثقل عليهم فيسبحه الذين  يحملون العرش"

ثم ذكر كلام أبي يعلى الذي أثبت فيه هذا الخبر ولكن على طريقة الكلابية

وقال أبو الشيخ الأصبهاني في العظمة حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ لَيْثٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي النَّضْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي شَرِيكٌ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ: {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ} قَالَ: مِمَّنْ فَوْقَهُنَّ، يَعْنِي: «الرَّبَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى»

وقال أيضاً حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ} قَالَ: «مِنَ الثِّقَلِ»

وخصيف ضعيف ولكن هذا الخبر لو كان منكراً أو مستبشعاً لأنكر الناس روايته عليه ، وقد يحتمل في الموقوف والمعطلة يحتجون بما هو أقل من هذا إن احتاجوا

على أن خصيفاً قد اختلفوا فيه من الأئمة من يوثقه

وقد قال ابن حبان :" تركه جماعة من أئمتنا ، و احتج به آخرون ، و كان شيخا صالحا فقيها عابدا إلا أنه كان يخطىء كثيرا فيما يروى ، و ينفرد عن المشاهير بما لا يتابع عليه ، و هو صدوق فى روايته إلا أن الإنصاف فيه قبول ما وافق الثقات فى الروايات و ترك ما لم يتابع عليه ، و هو ممن استخير الله تعالى فيه ، و قد حدث عبد العزيز عنه عن أنس بحديث منكر ، و لا يعرف له سماع من أنس"

وأكثر النكير عليه في رواية عتاب وهنا هو يروي عن مجاهد في خبر موقوف قد اعتضد فلعله يحتمل هنا

بل إن الذهبي قال في السير :" حَدِيْثُه يَرتَقِي إِلَى الحَسَنِ" وهذا تسامح في الحقيقة ولكنه يجعلنا نطمئن لاعتماده في الموقوف ، ولخصيف رواية كثيرة عن مجاهد في التفسير عامتها مستقيمة

فابن كرام في هذا مسبوق وله سلف بل لا يعلم أحد في القرون الفاضلة ينفي الثقل كما تفعله الجهمية بل رووا حديث الأطيط وما اعترض أحد على متنه

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي