مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: أين أنتم من فقه أم المؤمنين أيها المتسرعون في الفتيا ؟

أين أنتم من فقه أم المؤمنين أيها المتسرعون في الفتيا ؟



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

قال البخاري في صحيحه 869 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ» قُلْتُ لِعَمْرَةَ: أَوَمُنِعْنَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ

هذه هي نظرة أفقه امرأة على الإطلاق ، والتي يتعلم من فقهها الرجال رضي عنها وأبيها وصلى على حبها صلى الله عليه وسلم

هذه النظرة الدقيقة من أم المؤمنين تبين منهجية ينبغي أن يراعيها الفقيه عند الكلام في الأمور التي تتعلق بالذرائع ، وهي مراعاة قابلية المجتمع لانتشار الفاحشة من عدمه

فاليوم عند الكلام على الاختلاط أو قيادة المرأة للسيارة ينبغي أن تكون نظرة الفقيه أوسع من تلك النظرة السطحية التي يذكرها بعض المنهزمين وقد أعجبني كثيراً ما كتبه رجل اسمه محمد بن أحمد الفراج في رده على حاتم العوني حيث أعمل هذه الآلية العلمية الدقيقة في استخراج الفقهي ولا أعرف منهجه

قال محمد أحمد الفراج معلقاً على فتيا حاتم العوني في ذهاب النساء إلى الملاعب الرياضية بالضوابط الشرعية !! :" بق إلا الملاعب بلباس الرياضة، فما هو ياترى حجم الكارثة؟! وماذا سيبقى من حدود الشريعة المطهرة؟!
   ياحاتم.. كأنك لا تدري جنون شباب الأمة الرياضي وهوسهم الكروي حتى تركوا الصلاة وسافروا لدول الكفر ووالوا في الكرة وعادوا وشهروا السلاح وقتلوا وضربوا وأفسدوا في الأرض فسادا عريضا وعلى مدرجات الملاعب تركت الصلوات وحصلت المشاجرات ووقعت الفتن بين الغلمان والشباب وغيبت عقول شباب الأمة حتى صار واقعها:
                                     دورة إثر دورة---- موسم بعدُ بالأثر
                                في زمان شعاره---- أشغلوا الناس بالكور
                                    ودعوا الجيل شيعا--- همُّه فاز وانتصر
                                  في اتحاد ووحدة---- وهلال وفي نصر
     هؤلاء كاملوالعقول والأديان فما ظنك ياحاتم بناقصة العقل والدين ما ظنك بالمراهقة عليها شعار النادي تواعد بنات صفها وزميلاتها على المدرج وربما صديقها... آه ياطلبة العلم مالكم  لاتعدلون كأنكم لا تعلمون..
    ياحاتم الفتاة ماسلمت في جوف بيتها ومدرستها وبين أهلهامن الذئاب العادية مع توفر أجهزة الاتصال في يدها فكيف بها في الملاعب خارج المدن أو داخلها أية ضوابط تعنون.
    ثم ما معنى السؤال والفتوى في هذا الوقت حيث القلوب وجعة بالأخبار التي تتردد بمشاركة وفد نسائي سعودي في أولمبياد لندن هذا العام بل ومن آخر المخزيات المبكيات اختيار الفيفا الدولي لامرأة سعودية  لتحمل شعلة الدورة وتنطلق أمام مئات الآلاف وعلى مرأى المليارات من البشر تحت الكميرات.. فكيف تضفي الشرعية على هذه الأفعال، أهذه ضوابط الشريعة؟ هذا قبل السماح فكيف بعده!!
  حق والله أن نبكي دما على حالنا وواقعنا وكان الأجدر بك أن تصهر قلبك الغيرة فتجيب إجابة مسددة مشحونة ألفاظها بالغيرة ممتزجة عباراتها بالأسى مع هذه الأخبار.
عجبا لك يا حاتم كأنك تتحدث وأنت تتناول هذه القضية  عن زمن النبوة أو الخلافة الراشدة تتحدث بلغة فقهية بحتة غاضا نظرك عن ظروف العصر ومخطط الصهيونية العالمية التي تعتبر الإمبراطورية الرياضية واحدة من أدواتها.
    وأعجب العجب ياحاتم قياسك شهودها للمباراة في الملعب، على مشاهدتها للمباراة في بيتها، وكأن الأمر مفروغ منه عندك،حتى صيرته أصلا يقاس عليه، من سلّم لك بجواز الأصل حتى تقيس عليه ؟! أتجيز للفتاة المراهقة مشاهدة اللاعب مكشوف الفخذ مصقول العوارض، يسبي عقلها بحركاته،وولياقته وتتعلق بصورته حتى تهيم في حبه وعشقه،؟! ولئن سلمنا بالجواز وأنى؟! فما أبعد الفرع عن الأصل وما أعظم الفارق.
     فاتق الله ياحاتم وتب إلى الله، وتراجع عن هذه الفتاوى،وأصلح ما أفسدت ، وإياك والإعجاب برأيك فإني لك ناصح، وفقني الله وإياك لما يحب ويرضى وجميع المسلمين"

أقول : كلام علمي رصين اللهم بارك ، وأود أعقب بنقطة تتعلق بحاتم العوني قبل إكمالي الكلام في الموضوع الأصلي

وهو أن حاتماً العوني سمعته مرةً يقول أن المتخصص يفقه ما لا يفقه غيره ، وأبلغت عنه مرةً أنه سئل عن العدد الذي تنعقد به الجمعة فأجاب بأنه غير متخصص في هذا الباب وأجاب بجواب تقليدي

ثم إننا نراه يتجاوز تخصصه الحديثي ويخرج بفتاوى فقهية شاذة تخالف ما عليه عام المفتين في بلده ، بل ونراه يتكلم في العقيدة يخطل عجيب

ولنرجع لموضوع المقال الأصل ، قد أم المؤمنين ما قالت في نساء عصرها ، وبالنظرة إلى الشباب في عصرنا نجد أن الأمر ازداد سوءاً ، وأن نظرة الشاب للفتاة والفتاة للشاب لم تعد نظرة سوية !

فإن قلت : كيف هذا ؟

قلت لك : أن الإعلام يثخن الشباب المسلم بقصص العشق والغرام في الأفلام والمسلسلات وألعاب الفيديو فلا يبلغ الشاب العشرين من عمره إلا وفي رأسه عشرات قصص الغرام التي يرغب بمحاكاة بعضها أو كلها حتى !خصوصاً وأن أبطالها في العادة رجال وسيمون ونساء وضيئات ولهذا أمر عظيم على هذا نفس الشاب أو الشابة 

وينبغي أن يفهم أن أشبه شيء بهذه العلاقات التي في وسائل الإعلام العلاقات المحرمة وأما الزواج فإنه يقترن به من المسئولية ما يعكر الصفو عند كثير من الحالمين ولهذا يلجأ كثير منهم حتى بعد الزواج لتحصيل هذه العلاقات 

وهذا التهييج الغرائزي المستمر رافقه انتشار الغناء على صورة لم تعهد في العصور السابقة وعامة كلمات الأغاني تتمركز على العلاقة بين الذكر والأنثى وتغني النساء بكامل التغنج والزينة كلمات تلهب مشاعر الشباب وكذا يفعل المغنون مع الفتيات

هذا مع ضعف الوازع الديني ووجود النموذج الغربي المخزي والذي يحاول بعض الناس محاكاته ، أضف إلى ذلك كله الحرب على الزواج المبكر وتسميته زواج قصر والحرب على تعدد الزوجات وجعله أمراً مساوياً للخيانة الزوجية أو زائداً عليها

فهذا الجيل نظرته للجنس الآخر متشبعة بكل هذا لهذا وصفتها بأنها ( نظرة غير سوية )

بعد هذا كله لا ينبغي إهمال الانجذاب الطبعي بين الذكر والأنثى وهناك ما يسمونه في علم النفس ب( لحظة الضعف ) وهذه اللحظة التي يتصرف فيها الإنسان تحت ضغط بما ينافي قيمه الأصلية ، وهذه اللحظة هي التي يخطط لها من قبل الليبرالية عن طريق الدعوة للاختلاط بعد كل الخطوات السابقة وستتوج هذه الخطوة بالفاحشة ، والتي ما تكاثرها سيضطر المجتمع لقبولها _ بقيود_ كما حصل في المجتمع الغربي ، وهم يزعمون أن الغربيين أرقى منا بكثير ومع ذلك لم ينجحوا في اختبار الاختلاط وحصلت بلايا أفترى معاشر المتخلفين ( المكبوتين ) سينجحون

ثم بعد لحظة الضعف تود الزانية لو أن كل النساء كن زواني وتدعو لذلك إما صراحة وإما تحت ستار ( حرب التطرف الديني ) أو الدعوة لليبرالية أو الإلحاد وتقول ( مذهبنا الإنسانية ) ، وأمارة ذلك الحرب المستمرة على العفة بحجة ( حقوق المرأة ) وليس في أذهانهن سوى حق واحد هو الهدف الرئيسي وما سواه نافلة  

( ومنهن من تتوب ومنهن من تستتر ببليتها ، غير أن العهر يصير فكراً في النساء أكثر لأنهن يعتقدن أنهن خسرن كل شيء مع ذلك الشيء الذي ذهب خصوصاً في أعراف المجتمع العامة ، وقد يصير هذا مع الرجل إذا ابتلي بأهله وعير بذلك ) 

وما من يحدثك عن وجود خلوة بدون زنا كذاك الذي يحدثك عن مدخن لم يمت بالتدخين أو عن رجل تجاوز الإشارة الحمراء ولم يحصل له حادث في سياق لتبرير هذه السلوكيات 
 

وإذا كانت التجربة معياراً معتبراً فالكثير بل لعل الأكثر من جداتنا تزوجن تحت سن الثامنة عشر أو حتى الخامسة عشر ونجحن في حياتهن الزوجية ولم يعانين من أي أمراض في الرحم 

فالكلام على الابتعاث وقيادة المرأة للسيارة والاختلاط لا ينبغي أن يكون بمعزل عن كل الظروف المحيطة التي أعدت لها القوى الليبرالية الآثمة

وليعلم أن المرأة هي الضحية الأكبر من فشو الفاحشة في المجتمعات الأوروبية فالرجل ليس عنده غشاء بكارة ولا يحمل ولا يتحمل إشكالية الإجهاض ، وكثير من النساء يتحملن تربية الأبناء لوحدهن وهؤلاء الأبناء كانوا نتاج ( نزوات ) أو ( علاقات عابرة ) أو حتى ( لحظة ضعف ) أو اغتصاب ، وكثير من هؤلاء النسوة امتهن البغاء والله المستعان وهذه الظاهرة المعدومة في بعض البلدان الإسلامية ، والتي يراد استيرادها بقوة عن طريق جلب خطواتها

واعتبار الفاحشة مسيئة للمرأة أكثر من الرجل هي نظرة سائدة في كل العالم فتجدهم يقولون ( يا ابن الزانية ) وقل من يقول ( يا ابن الزاني ) والزنا يبقى أثره على جسد المرأة ما عاشت ولا يظهر في القدر نفسه في الرجل ، غير أن الأمر في الحكم الشرعي الرجل والمرأة عقوبتهما في الدنيا والآخرة واحدة في هذه المسألة ، ولكنني أتكلم عن النظرة المادية البحتة والتي هي بدروها ترفض المساواة وأما المساواة في الطريقة الليبرالية فهي نظرة ترفضها المادية نسفها

ومعدلات الاغتصاب في تلك الدول هائلة ، والمجتمعات التي تنتسب للإسلام تتميز على تلك المجتمعات بالترابط الأسري وقلة الأمراض الجنسية وعدم وجود معدلات كارثية للاغتصاب ، وقلة الجريمة المنظمة في المافيات وما شاكلها

وسبب هذا كله في الغرب بعد الكفر وانتشار الخمور وهو انتشار الفاحشة في تلك المجتمعات

وتأخر سن الزواج مع وجود التهييج الجنسي المستمر أدى مشكلات كبيرة في إمكانية الإنجاب ولهذا يوجد في هذا الجيل من مشاكل الإنجاب ما لا يوجد في الجيل السابق غير أن كثيراً من الأطباء الخونة يخفون هذه الحقيقة ، في الوقت الذي نجد الغربيين يعترفون بذلك، وإلا فنحن محتاجون لدراسة تبين الأثر السلبي من وجود امرأة متزوجة مع عميل لها في العمل لمدة ثمان ساعات ( أي أكثر من المدة التي تقضيها مع زوجة ) والرجل مثل ذلك ، والزميل والزميلة يكونون في العادة بكامل الأناقة وعلى مستوى عال من المجاملة مما لا يعرف من الأزواج في العادة ، الذي يراد معرفته دراسة أثر مثل هذا على الحياة الزوجية وعلى استمراريتها مع أن الأثر واضح تماماً ولكن نتنزل معهم

فبعض الفتاوى المتسرعة المستجيبة لضغوط الليبرالية قد تؤدي إلى ضرب المجتمع في أساسه ( الأسرة )

وفي مصر بدأ الأمر بدعوى ( تحرير المرأة ) والكلام على أن الذيل في ثوب المرأة ليس واجباً ثم انتهى الأمر إلى ما يعرفه الجميع والله المستعان
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي