الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
فمن العادات الدارجة عند كثير من العامة
اتخاذ سجادة خاصة للصلاة واتقاء أن يفضي المرء إلى الأرض أثناء صلاته
والحق أن هذا الفعل محدث وقد كرهه السلف
وقد وجدت فتيا صحيحة لخير رجل بعد الأنبياء يكره هذا وهو أبو بكر الصديق
قال ابن أبي شيبة في المصنف 3422- حَدَّثَنَا
ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ مَوْلاَتِهِ ،
قَالَتْ : كُنْتُ فِي أَصْحَابِ الصُّفَّةِ ، كَانَ لَنَا حِبَالٌ نَتَعَلَّقُ
بِهَا إذَا فَتَرْنَا وَنَعَسْنَا فِي الصَّلاَةِ ، وَبُسُطٌ نَقُومُ عَلَيْهِمَا
مِنْ غِلَظِ الأَرْضِ ، قَالَتْ : فَأَتَى أَبُو بَكْرٍ ، فَقَالَ : اقْطَعُوا
هَذِهِ الْحِبَالَ وَأَفْضُوا إلَى الأَرْضِ.
وهذا إسناد قوي
وقال أيضاً 182- من كره الصَّلاَةَ عَلَى الطَّنَافِسِ ،
وَعَلَى شَيْءٍ دُونَ الأَرْضِ.
4079- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ عَوْنٍ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، قَالَ : الصَّلاَةُ عَلَى الطُّنْفُسَةِ
مُحْدَثٌ.
4080- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ، عَنْ سَعِيدٍ
، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، قَالَ : الصَّلاَةُ عَلَى
الطُّنْفُسَةِ مُحْدَثٌ.
4081- حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ
، عَنْ صَالِحٍ الدَّهَان ؛ أَنَّ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ كَانَ يَكْرَهُ الصَّلاَةَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ ، وَيَسْتَحِبُّ الصَّلاَةَ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ مِنْ نَبَاتِ الأَرْضِ.
4082- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، قَالَ : كَانَ
عَبْدُ اللهِ لاَ يُصَلِّي ، وَلاَ يَسْجُدُ إِلاَّ عَلَى الأَرْضِ.
4083- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ مَعْقِلِ
بْنِ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ،
قَالَ : لاَ بَأْسَ بِالصَّلاَةِ عَلَى الأَرْضِ وَعَلَى مَا أَنْبَتَتْ.
4084- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ
سُفْيَانَ ، عَنْ مَنْصُورٍ وَحُصَيْنٍ ، قَالَ سُفْيَانُ : أَوْ أَحَدُهُمَا ،
عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ ، عَنْ مَوْلاَتِهِ عَزَّةَ ، قَالَتْ : سَمِعْت
أَبَا بَكْرٍ يَنْهَى عَنِ الصَّلاَةِ عَلَى الْبَرَادِعِ.
أقول : الأثر عن عبد الله بن مسعود ثابت
أيضاً
وأما حديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
على خمرة فهذه حادثة عين بمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك مرةً ولم
يجعله فعلاً راتباً له ، والخمرة شيء يسير لا يتسع لكل الجسد كالسجادات الموجودة
الآن ، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك اتقاءً لنجاسة الأرض أو
اعتقاداً أن ذلك أتقى وأطهر للصلاة كما يعتقد كثير من العامة
قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (22/175)
:" قيل الجواب عن ذلك من وجوه أحدها ان النبى لم يكن يصلى على الخمرة
دائما بل أحيانا كأنه كان إذا إشتد الحر
يتقى بها الحر ونحو ذلك بدليل ما قد تقدم من حديث أبى سعيد أنه رأى أثر الماء
والطين فى جبهته وأنفه فلم يكن فى هذا حجة لمن يتخذ السجادة يصلى عليها دائما
والثانى قد ذكروا أنها كانت لموضع سجوده لم تكن
بمنزلة السجادة التى تسع جميع بدنه كأنه كان يتقى بها الحر هكذا قال أهل الغريب
قالوا الخمرة كالحصير الصغير تعمل من سعف النخل وتنسج بالسيور والخيوط وهى قدر ما
يوضع عليه الوجه والأنف فإذا كبرت عن ذلك فهى حصير سميت بذلك لسترها الوجه
والكعبين من حر الأرض وبردها وقيل لأنها تخمر وجه المصلى أى تستره وقيل لأن خيوطها
مستورة بسعفها وقد قال بعضهم فى حديث إبن عباس جاءت فأرة فأخذت تجر الفتيلة بين
يدى رسول الله صلى الله عليه و سلم على الخمرة التى كان قاعدا عليها فإحترقت منها
مثل موضع درهم قال وهذا ظاهر فى إطلاق الخمرة على الكبير من نوعها لكن هذا الحديث
لا تعلم صحته والقعود عليها لا يدل على أنها طويلة بقدر ما يصلى عليها فلا يعارض
ذلك ما ذكروه
الثالث أن الخمرة لم تكن لأجل إتقاء النجاسة أو
الإحتراز منها كما يعلل بذلك من يصلى على
السجادة ويقول انه إنما يفعل ذلك للإحتراز من نجاسة المسجد أو نجاسة حصر المسجد
وفرشه لكثرة دوس العامة عليه فإنه قد ثبت أنه كان يصلى فى نعليه وأنه صلى بأصحابه
فى نعليه وهم فى نعالهم وأنه امر بالصلاة فى النعال لمخالفة اليهود وأنه أمر إذا كان
بها أذى أن تدلك بالتراب ويصلى بها ومعلوم أن النعال تصيب الأرض وقد صرح فى الحديث
بأنه يصلى فيها بعد ذلك الدلك وإن اصابها أذى
فمن تكون هذه شريعته وسنته كيف يستحب أن يجعل
بينه وبين الأرض حائلا لأجل النجاسة فإن المراتب أربع
أما الغلاة من الموسوسين فإنهم لا يصلون على
الأرض ولا على ما يفرش للعامة على الأرض لكن على سجادة ونحوها وهؤلاء كيف يصلون فى
نعالهم وذلك أبعد من الصلاة على الأرض فإن النعال قد لاقت الطريق التى مشوا فيها
وإحتمل أن تلقى النجاسة بل قد يقوى ذلك فى بعض المواضع فإذا كانوا لا يصلون على
ألارض مباشرين لها بأقدامهم مع ان ذلك الموقف الأصل فيه الطهارة ولا يلاقونه إلا
وقت الصلاة فكيف بالنعال التى تكررت ملاقاتها للطرقات التى تمشى فيها البهائم
والآدميون وهى مظنة النجاسة ولهذا هؤلاء إذا صلوا على جنازة وضعوا أقدامهم
على ظاهر النعال لئلا يكونوا حاملين النجاسة
ولا مباشرين لها ومنهم من يتورع عن ذلك فإن فى الصلاة على ما فى أسفله نجاسة خلافا
معروفا فيفرش لأحدهم مفروش على الأرض وهذه المرتبة أبعد المراتب عن السنة
الثانية أن يصلى على الحصير ونحوها دون ألأرض
وما يلاقيها
الثالثة أن يصلى على الأرض ولا يصلى فى النعل
الذى تكرر ملاقاتها للطرقات فإن طهارة ما يتحرى ألأرض قد يكون ظاهرا وإحتمال
تنجيسه بعيد بخلاف أسفل النعل الرابعة
أن يصلى فى النعلين وإذا وجد فيهما أذى دلكهما
بالتراب كما أمر بذلك النبى فهذه المرتبة هى التى جاءت بها السنة فعلم أن من كانت
سنته هى هذه المرتبة الرابعة إمتنع أن يستحب أن يجعل بينه وبين ألأرض حائلا من
سجادة وغيرها لأجل الإحتراز من النجاسة فلا يجوز حمل حديث الخمرة على أنه وضعها
لإتقاء النجاسة فبطل إستدلالهم بها على ذلك وأما إذا كانت لإتقاء الحر فهذا يستعمل
إذا إحتيج إليه لذلك وإذا إستغنى عنه لم يفعل
الرابع أن الخمرة لم يأمر النبى بها
الصحابه ولم يكن كل منهم يتخذ له خمرة بل
كانوا يسجدون على التراب والحصى كما تقدم ولو كان ذلك مستحبا أو سنة لفعلوه
ولأمرهم به فعلم أنه كان رخصة لأجل الحاجة إلى ما يدفع الأذى عن المصلى وهم كانوا
يدفعون الأذى بثيابهم ونحوها من المعلوم أن الصحابة فى عهده وبعده أفضل منا وإتبع
للسنة وأطوع لأمره فلو كان المقصود بذلك ما يقصده متخذوا السجادات لكان الصحابة
يفعلون ذلك
الوجه الخامس أن المسجد لم يكن مفروشا بل كان
ترابا وحصى وقد صلى النبى صلى الله عليه و سلم على الحصير وفراش امرأته ونحو ذلك
ولم يصل هناك لا على خمرة ولا سجادة ولا غيرها
فإن قيل ففى حديث ميمونة وعائشة ما يقتضى أنه
كان يصلى على الخمرة فى بيته فإنه قال ناولينى الخمرة من المسجد وأيضا ففى حديث
ميمونة المتقدم ما يشعر بذلك
قيل من إتخذ السجادة ليفرشها على حصر المسجد لم
يكن له فى هذا الفعل حجة فى السنة بل كانت البدعة فى ذلك منكرة من وجوه
أحدها أن هؤلاء يتقى أحدهم أن يصلى على ألأرض
حذرا أن تكون نجسة مع أن الصلاة على ألأرض
سنة ثابتة بالنقل المتواتر فقد قال جعلت لى ألأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتى
أدركته الصلاة فعنده مسجده وطهوره ولا يشرع إتقاء الصلاة عليها لأجل هذا بل قد ثبت
فى صحيح البخارى عن إبن عمر قال كانت الكلاب تقبل وتدبر فى مسجد رسول الله ولم
يكونوا يرشون شيئا من ذلك أو كما قال وفى سنن ابى داود تبول وتقبل وتدبر ولم
يكونوا يرشون شيئا من ذلك وهذا الحديث إحتج به من رأى أن النجاسة إذا اصابت الأرض
فإنها تطهر بالشمس والريح ونحو ذلك كما هو أحد القولين فى مذهب الشافعى وأحمد
وغيرهما وهو مذهب ابى حنيفة"
إلى آخر كلام ابن تيمية
وليعلم أن أكثر الناس اتقاء للصلاة على
الأرض دون شيء يحول بين الجبهة والأرض الرافضة الأخباث
وأما ما ورد في مسائل الكوسج من إباحة الإمام أحمد الصلاة على الطنفسة والخمرة فهذا لا يمنع منه أحد بعد فعل النبي صلى الله عليه وسلم له غير أن المقصود تحري ذلك لعقيدة باطنة فهذا الذي يمنع منه
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان :" وكذلك ترى أحدهم لا يصلى إلا على سجادة، ولم يصل رسول الله عليه السلام على سجادة قط ولا كانت السجادة تفرش بين يديه، بل كان يصلى على الأرض، وربما سجد فى الطين، وكان يصلى على الحصير، فيصلى على ما اتفق بسطه، فإن لم يكن ثمة شىء صلى على الأرض"
وأما ما ورد في مسائل الكوسج من إباحة الإمام أحمد الصلاة على الطنفسة والخمرة فهذا لا يمنع منه أحد بعد فعل النبي صلى الله عليه وسلم له غير أن المقصود تحري ذلك لعقيدة باطنة فهذا الذي يمنع منه
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان :" وكذلك ترى أحدهم لا يصلى إلا على سجادة، ولم يصل رسول الله عليه السلام على سجادة قط ولا كانت السجادة تفرش بين يديه، بل كان يصلى على الأرض، وربما سجد فى الطين، وكان يصلى على الحصير، فيصلى على ما اتفق بسطه، فإن لم يكن ثمة شىء صلى على الأرض"
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم