الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
فقد أنكر بعض المعاصرين العدول عن غسل
الميت إلى التيمم عند فقد الماء وعلل ذلك بأن التيمم طهارة مشروطة بنية
والواقع أن هذا الاعتراض لا ينتهض لأنه لم
يسبق إليه وقد اتفق الناس على أنه عند فقد الماء يلجأ للتيمم وقد وافق على ذلك ابن
حزم على كثرة شغبه وذلك في المحلى
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية (15/138)
:" 6 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمَيِّتَ
الْمَجْرُوحَ، وَالْمَجْدُورَ، وَذَا الْقُرُوحِ، وَمَنْ تَهَشَّمَ تَحْتَ
الْهَدْمِ وَشِبْهَهُمْ، إِنْ أَمْكَنَ تَغْسِيلُهُ غُسِّل، وَإِلاَّ صُبَّ
عَلَيْهِ الْمَاءُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ. فَإِنْ زَادَ أَمْرُهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ
خُشِيَ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ تَزَلُّعُهُ أَوْ تَقَطُّعُهُ فَإِنَّهُ يُيَمَّمُ .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ
يُنْتَقَل إِلَى التَّيَمُّمِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْغُسْل لِخَوْفِ تَهَرِّيهِ؛
لأَِنَّ التَّطْهِيرَ لاَ يَتَعَلَّقُ بِإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ فَوَجَبَ
الاِنْتِقَال فِيهِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْمَاءِ إِلَى التَّيَمُّمِ كَغُسْل
الْجَنَابَةِ.
أَمَّا لَوْ كَانَ بِهِ قُرُوحٌ وَخِيفَ
مِنْ غَسْلِهِ إِسْرَاعُ الْبِلَى إِلَيْهِ بَعْدَ الدَّفْنِ وَجَبَ غُسْلُهُ
لأَِنَّ الْجَمِيعَ صَائِرُونَ إِلَى الْبِلَى"
وقال ابن تيمية في شرح العمدة ص453
:" وإن يمم الميت ثم وجد الماء في أثناء الصلاة عليه فقيل يقطع قولا واحدا
وقيل هي كالأولى وحيث جاز له المضي فهو واجب عليه في أحد الوجهين لأن إبطال الصلاة
لا يجوز إلا لواجب وقال الشريف أبو جعفر القطع أولى"
هنا يختلف الحنابلة فيمن كان يصلي على ميت
يمم لعدم الماء ثم وجد الماء أثناء الصلاة هل يقطع أم لا يقطع ولم يعترضوا على
الأصل وابن تيمية يتكلم عن روايات في المذهب
ونصوص المالكية والشافعيى في هذا الباب
كثيرة ، وأما أهل الرأي فإن كنا لا نعتد بهم إلا أنهم لم يخالفوا هنا
وجاء في المجموع من كتب الشافعية (5/178)
:" وحكى ابن المنذر فيمن يخاف من غسله تهرى لحمه ولم يقدروا على غسله عن
الثوري ومالك يصب عليه الماء وعند أحمد واسحق ييمم"
وقال ابن حزم في المحلى (2/158) :" 251
- مسألة - وان عدم الميت الماء يمم كما يتيمم الحى، لان غسله فرض، وقد ذكرنا عن
النبي صلى الله عليه وسلم أن التراب طهور إذا لم نجد الماء، فهذا عموم لكل طهور
واجب، ولا خلاف في أن كل غسل طهور"
والخلاصة أن فاقد الماء ييمم وجوباً قولاً
واحداً ومن خالف في ذلك من المعاصرين مسبوق بالإتفاق القديم
وأن من كان به حروق يخشى من تهري لحمه عند
الغسل فذهب مالك وسفيان إلى أنه يصب عليه الماء صباً ( يعني أنه لا يدلك ) بحيث أن
اللحم لا يتهرى مع مرور الماء
وأما أحمد وإسحاق فذهبا إلا أنه يمم كفاقد
الماء والله أعلم وإليه يجنح كثير من الشافعية
فإن خشي تقطع جلده من مجرد صب الماء فيمم
قولاً واحداً
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية (2/118)
:" 12 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ مَنِ احْتَرَقَ بِالنَّارِ يُغَسَّل
كَغَيْرِهِ مِنَ الْمَوْتَى إِنْ أَمْكَنَ تَغْسِيلُهُ؛ لأَِنَّ الَّذِي لاَ
يُغَسَّل إِنَّمَا هُوَ شَهِيدُ الْمَعْرَكَةِ وَلَوْ كَانَ مُحْتَرِقًا بِفِعْلٍ
مِنْ أَفْعَالِهَا. أَمَّا الْمُحْتَرِقُ خَارِجَ الْمَعْرَكَةِ فَهُوَ مِنْ
شُهَدَاءِ الآْخِرَةِ. وَلاَ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ شُهَدَاءِ الْمَعْرَكَةِ (3)
.
فَإِنْ خِيفَ تَقَطُّعُهُ بِالْغُسْل
يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ صَبًّا وَلاَ يُمَسُّ. فَإِنْ خِيفَ تَقَطُّعُهُ
بِصَبِّ الْمَاءِ لَمْ يُغَسَّل وَيُيَمَّمُ إِنْ أَمْكَنَ، كَالْحَيِّ الَّذِي
يُؤْذِيهِ الْمَاءُ. وَإِنْ تَعَذَّرَ غُسْل بَعْضِهِ دُونَ بَعْضٍ غُسِّل مَا
أَمْكَنَ غُسْلُهُ وَيُيَمَّمُ الْبَاقِي كَالْحَيِّ سَوَاءً"
وهذا الذي ذكروه كلام ابن قدامة في المغني
ولم ينقل في المسألة خلافاً
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم