الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
قال أسامة بن عطايا في رسالته ( الأحاديث
الموضوعة المتضمنة للغلو المنافي للعبادة ) (1/254) :" عن جابر : أن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَنَازَةِ رَجُلٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ
فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَيْنَاكَ تَرَكْتَ
الصَّلَاةَ عَلَى أَحَدٍ قَبْلَ هَذَا؟ قَالَ: «إِنَّهُ كَانَ يَبْغَضُ عُثْمَانَ
أَبْغَضَهُ اللَّهُ»
تخريجه : أخرجه الترمذي (6/ 76رقم 3709)
وابن أبي حاتم في العلل (1/376رقم 1087) وابن أبي عاصم في السنة (2/880 رقم 1347)
والآجري في الشريعة (3/ 182 رقم 1532 ، 1533) وابن عدي (6/132) ومحمد بن عبد
الواحد الأصبهاني في (( مجلس إملاء في رؤية الله تبارك وتعالى )) (1/264) وابن
الجوزي (2/82_83رقم 619 ،620) وغيرهم من طريق
محمد بن زياد الطحان ، عن محمد بن عجلان ، عن أبي الزبير ، عن جابر به .
الحكم عليه :
حديث موضوع وآفته محمد بن زياد الطحان :
كذاب وضاع
قال الترمذي : حديث غريب لَا نَعْرِفُهُ
إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ» ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ هَذَا هُوَ صَاحِبُ
مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ ضَعِيفٌ فِي الحَدِيثِ جِدًّا.
وقال أبو حاتم : هذا حديث منكر .
وقال ابن الجوزي : ((الطريقان على محمد بن
زياد.
قال أحمد بن حنبل: هو كذاب خبيث يضع
الحديث.
وقال يحيى: كذاب خبيث.
وقال السعدى والدارقطني: كذاب.
وقال البخاري والنسائي والفلاس وأبو حاتم
الرازي: متروك الحديث.
وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقاة
لا يحل ذكره في الكتب إلا على وجه القدح فيه))
وقول الفلاس بتمامه : متروك الحديث كذاب ،
منكر الحديث .
وحكم بوضعه الذهبي والشوكاني والألباني
وغيرهم ."
أقول : الحكم على الحديث بالوضع لا إشكال
فيه ، ولكن ما علاقة هذا الحديث بمنافاة توحيد العبادة !
1_ الحديث لا يدل لا من قريب ولا من بعيد
على جواز الاستغاثة بعثمان أو التوسل به أو التبرك به أو شد الرحال إلى قبره .
2_ إن قيل منافاته جاءت من جهة اشتماله
على اعتقاد فاسد ، فكل الأحاديث الموضوعة تنسب للنبي صلى الله عليه وسلم شيئاً لم
يقله ولم يفعله وإن كان صحيحاً في الشريعة منافية بهذا الاعتبار ! ، والأخ جعل
مناط إدخاله له في الرسالة تضمنه للغلو في الأشخاص
وليس في الخبر ما ينافي أصل التوحيد أو
كماله الواجب
ويرى ابن رجب في جامع العلوم والحكم أن
عامة الكبائر تنافي كمال التوحيد الواجب ( 2/347) :" فَإِنَّ مَعْنَى لَا
إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ: لَا يُؤَلِّهُ غَيْرَهُ حُبًّا وَرَجَاءً، وَخَوْفًا،
وَطَاعَةً، فَإِذَا تَحَقَّقَ الْقَلْبُ بِالتَّوْحِيدِ التَّامِّ، لَمْ يَبْقَ
فِيهِ مَحَبَّةٌ لِغَيْرِ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ، وَلَا كَرَاهَةٌ لِغَيْرِ مَا
يَكْرَهُهُ اللَّهُ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ، لَمْ تَنْبَعِثْ جَوَارِحُهُ إِلَّا
بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَإِنَّمَا تَنْشَأُ الذُّنُوبُ مِنْ مَحَبَّةِ مَا يَكْرَهُهُ
اللَّهُ، أَوْ كَرَاهَةِ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ، وَذَلِكَ يَنْشَأُ مِنْ تَقْدِيمِ
هَوَى النَّفْسِ عَلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ وَخَشْيَتِهِ، وَذَلِكَ يَقْدَحُ فِي
كَمَالِ التَّوْحِيدِ الْوَاجِبِ، فَيَقَعُ الْعَبْدُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فِي
التَّفْرِيطِ فِي بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ، وَارْتِكَابِ بَعْضِ الْمَحْظُورَاتِ،
فَإِنَّ مَنْ تَحَقَّقَ قَلْبُهُ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ، فَلَا يَبْقَى لَهُ هَمٌّ
إِلَّا فِي اللَّهِ وَفِيمَا يُرْضِيهِ بِهِ"
وعامة أهل العلم يجعلون الشرك الأصغر هو
المنافي لكمال التوحيد الواجب ، وإن قلنا أن البدع كلها تنافي كمال التوحيد للزم
الأخ أن يذكر كل خبر يبيح كبيرة أو يسوغ بدعة
قال صالح آل الشيخ في التمهيد شرح كتاب
التوحيد (2/269) :" ومن نفى الحكمة
في أفعال الله فهو مبتدع ، توحيده قد انتفى عنه كماله ؛ لأن بدعته شنيعة ، وكل
البدع تنفي كمال التوحيد ، ومنها ما ينفي أصل التوحيد "
وقال عبد المحسن العباد في منهج شيخ
الإسلام محمد بن عبد الوهاب في التأليف
ص19 :" ومن الأبواب فيما يُنافي كمال التوحيد وهو البدع والشرك الأصغر: باب
ما جاء أنَّ سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين، وباب ما جاء من
التغليظ فيمَن عبَد اللهَ عند قبر رجل صالح، فكيف إذا عَبَدَه؟! وباب ما جاء أنَّ
الغلوَّ في قبور الصالحين يصيِّرها أوثاناً تُعبد من دون الله، وباب ما جاء في
حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جَناب التوحيد وسدّه كل طريق يوصل إلى الشرك،
وباب قول: ما شاء الله وشئت"
وقال صالح الفوزان في الشرح الملخص على
كتاب التوحيد :" موضوع هذا الكتاب: بيان التوحيد الذي أوجبه الله على عباده،
وخلَقهم لأجله وبيان ما ينافيه من الشرك الأكبر، أو ينافي كماله الواجب أو المستحب
من الشرك الأصغر والبدع"
وقال عبد العزيز ابن باز كما في مجموع
فتاويه (7/ 59) :" أما الأقوال والأعمال والاعتقادات التي تضعف التوحيد
والإيمان وتنافي كماله الواجب فهي كثيرة ومنها: الشرك الأصغر كالرياء والحلف بغير
الله، وقول ما شاء الله وشاء فلان، أو هذا من الله ومن فلان ونحو ذلك، وهكذا جميع
المعاصي كلها تضعف التوحيد والإيمان وتنافي كماله الواجب"
وبهذا يعلم ما في دعوى الأخ من أنه جمع
الأحاديث الموضوعة التي تنافي كمال التوحيد الواجب ، فإنه على قول الشيخ يلزمه أن يجمع الأحاديث
التي يستدل بها جميع أهل البدع في العقائد
والعبادات ، بل وجميع الأحاديث التي يستدل بها على إباحة بعض المعاصي ( وهذا استطراد )
3_ غاية ما يدل عليه هذا الحديث أن عثمان
بن عفان ولي لله عز وجل يحبه الله ورسوله ، ومن أبغضه يبغضه الله عز وجل وهذا معنى
صحيح ليس فيه رائحة الغلو ، وإن كان الحديث موضوعاً
4_ ترك الصلاة على من يبغض عثمان حكمٌ
شرعي سليم لا إشكال فيه ، ولا علاقة لذلك بالغلو في الأشخاص ، فإن النبي صلى الله
عليه وسلم ترك الصلاة على الغال ومن عليه دين ، ومن يبغض عثمان بن عفان شر من
هؤلاء
ولهذا اتفق أهل السنة على مشروعية ترك
الصلاة على أهل البدع القادحين في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولهذا
أورد الآجري هذا الحديث في الشريعة وأورده ابن أبي عاصم في السنة للاتفاق على
معناه من جهة التطبيق العملي
فإيراد هذا الحديث في الأحاديث المتضمنة
للغلو المنافي لتوحيد العبادة ، كأن صاحبه يقول أن ترك الصلاة على من يبغض عثمان
ينافي توحيد العبادة أو كماله الواجب
وأنا أعلم جيداً أن أسامة لا يعتقد هذا ،
ولكن إيراده لهذا الحديث في تلك الرسالة التي عنون لها بذلك العنوان يفيد هذا
ولا يسلم أن في الحديث غلواً فضلاً عن
الغلو المنافي لتوحيد العبادة
ويا ليت شعري أيفيد حديث ( لا يحبك إلا
مؤمن ولا يبغضك إلا منافق ) الدعوة للغلو
في علي بن أبي طالب ؟!
بل العجيب إيراد الأخ لحديث (سَأَلَ
رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَفِي الْجَنَّةِ بَرْقٌ ؟
قَالَ: " نَعَمْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ عُثْمَانَ لَيَتَحَوَّلُ مِنْ مَنْزِلٍ
إِلَى مَنْزِلٍ فَتَبْرُقُ لَهُ الْجَنَّةُ ) في الأحاديث الموضوعة المتضمنة للغلو
المنافي لتوحيد العبادة !!
وهذا الحديث لو صح فليس فيه أدنى خطر على
عقيدة المسلم في توحيد العبادة
فما علاقة اعتقاد المسلم أن عثمان سيدخل
الجنة ، وأن له ثواباً عظيماً بالغلو المنافي لتوحيد العبادة ؟!
قال البخاري في صحيحه 2615 - حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا
شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أُهْدِيَ
لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُبَّةُ سُنْدُسٍ وَكَانَ يَنْهَى
عَنْ الْحَرِيرِ فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ
بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا
لو قلنا في الحديث الموضوع السابق أنه
ينافي توحيد العبادة لقلنا هذا في هذا الحديث الصحيح ، فكلا الحديثين ذكر أن
صحابياً معيناً سيدخل الجنة ، وعين بعض النعيم الذي سيتنعم به
وكذلك أورد حديث ( إن لكل نبي خليلاً من
أمته ، وإن خليلي من عثمان بن عفان )
وهذا حديث موضوع ، ولكن ما علاقته بمنافاة
توحيد العبادة ، لو قلنا أنه يتضمن غلوا ينافي توحيد العبادة لقلنا أن حديث
(وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ)
يتضمن الغلو المنافي لتوحيد العبادة !
ولم يفهم أحدٌ من هذا الحديث جواز الاستغاثة
بأبي بكر أو التوسل بذاته أو التبرك بقبره أو ذاته أو جواز شد الرحل إلى قبره !
وأيهما أعظم خلة الله عز وجل أم خلة رسوله
؟
أليس من المعلوم عندنا بالضرورة أن النبي
صلى الله عليه وسلم خليل الله عز وجل ، ونبي الله إبراهيم خليل الله عز وجل ، فهل
فهم أحدٌ من هذا جواز إعطائهم شيء من خصائص الله عز وجل ؟! ، وهل صار ذلك ذريعة
إلى الشرك بهم ؟
وكذا ما فعله الأخ في فضائل علي فإنه عجيب ، فإنه أورد عدداً من
الفضائل التي غاية ما تدل عليه فضل علي على بقية الصحابة ، ومن اعتقد فضل علي بن
أبي طالب _ رضي الله عنه _ على بقية الصحابة فهو مبتدع ، ولا يكون مشركاً بمجرد
هذا الاعتقاد
فإن قيل : البدع بريد الشرك
قلت : كل البدع ينبطق عليها هذا الوصف
فيلزم الأخ كاتب الرسالة أن يذكر كل حديث موضوع يستدل به مبتدع !، وما قال أحد أن
مجرد فضل الصحابي على غيره أو انفراده بخصائص عن غيره من الصحابة ذريعة للشرك به !
وهذا المسلك في عد كل حديث موضوع في فضل
صحابي ، داعياً إلى الغلو في هذا الصحابي وعبادته من دون الله أو التوسل به إلى
الله أو التبرك به أو شد الرحال إلى قبره ، مسلك غريب ما رأيت أحداً من أهل العلم
سلكه
وقد قال العلامة عبد الرحمن بن حسن آل
الشيخ في فتح المجيد (1/505) :" ما ينبغي أن يقول مَنْ قيل له: أنت سيدنا.
المادح للممدوح بمدحه- ولو بما هو فيه- من
عمل الشيطان؛ لما تفضي محبة المدح إليه من تعاظم الممدوح في نفسه، وذلك ينافي كمال
التوحيد"
فهذا الكلام لا مدخل فيه للأخ ، فإن هذا
في مدح الرجل في وجهه ، وليس في الإخبار عن فضائله ، والإخبار عن الفضائل كثيرٌ
جداً في السنة ، والشيخ عبد الرحمن يقول ( ولو بما فيه ) فهذا يشمل الصحيح والكذب
، ومدح الرجل في وجهه عند أمن الفتنة عليه ، أو لتثبيته جائز ولا يريده الشيخ في
كلامه
وقد قرأت عدداً من رسائل القبورية في
تجويز الاستغاثة بغير الله والتوسل وشد الرحال إلى القبور ، ولم أرَ أحداً منهم
استدل بهذه الأخبار على مراده ، ولو فعل ذلك لصار ضحكة للعقلاء
ثم إنني لو كتبت رسالةً في ( الأحاديث
الضعيفة التي تنافي توحيد العبادة ) فهل لي أن أذكر كل حديث ضعيف فيه فضيلة لصحابي
بحجة أن اعتقاد الفضائل التي لا تثبت من الغلو الذي ينافي التوحيد ؟!
فليس كل غلو في الأشخاص يكون شركاً
منافياً لتوحيد العبادة ، بل قد يكون بدعة كغلو المتعصبين مذهبياً مثلاً
وأورد الأخ حديث الحسن البصري : (ولد بنى
أمي ليلة الاربعاء فحملوني إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا لى رسول الله صلى
الله عليه وسلم ومسح يده على رأسي وقال: " اللهم نزهه في العلم ")
وهذا الحديث مع كونه من أسمج ما قد تقف
عليه من الكذب ، إلى أنه لا علاقة له بالغلو فغاية ما فيه أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان يحمل له أبناء المسلمين ، يدعو له ويحنكهم وهذا ثابت في أحاديث معروفة
وأما الدعاء للحسن البصري بالعلم ، فقد
ثبت نظيره عن ابن عباس فقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء المعروف ، ولم
يفهم أحدٌ من هذا ما يدعو للشرك في توحيد الألوهية أو حتى ما يتذرع به لهذا الشرك
وما أنبه له الأخ يشبه ما إذا رأيت أحداً
جمع في الأحاديث التي فيها تشبيه وتجسيم ثم يأتي إلى أحاديث لو صحت لم تفد تشبيهاً
، فيوافق على التضعيف ويخالف في الفهم ، فإنه يفتح باباً لأهل البدع
وأورد الأخ حديث (أربع مدائن من مدائن
الجنة في الدنيا : مكة ، والمدينة ، وبيت المقدس، ودمشق ، وأربع مدائن من مدائن
النار في الدنيا : القسطنطينية ، والطبرانية ، وأنطاكية المحترقة ، وصنعاء ، وقال
: إن من المياه العذبة والرياح اللواقح من تحت صخرة بيت المقدس)
وهذا الحديث مكذوب ولو صح لما زادت إفادته
على ما يفيد حديث (النيل والفرات وسيحان وجيحان من أنهار الجنة ) وهذا لم يفهم منه
أحد أمراً يخالف التوحيد
والأدلة في فضل مكة والمدينة والشام كثيرة
جداً
والشطر الأخير من الخبر ثبت موقوفاً على
أبي بن كعب دون ذكر الرياح
قال ابن جرير في تفسيره (16/ 311) :
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ الْمَرْوَزِيُّ أَبُو عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا
الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ
أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: {وَنَجَّيْنَاهُ
وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} قَالَ: الشَّاْمُ، وَمَا مِنْ مَاءٍ عَذْبٍ
إِلَّا خَرَجَ مِنْ تِلْكِ الصَّخْرَةِ الَّتِي بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ.
فهل هذا يدعو للغلو المنافي لتوحيد
الألوهية ؟!
وقد قال الأخ في (1/323) : " فتراهم
يعظمون ضخرة بيت المقدس ولم يرد في فضلها حديث صحيح ولا ضعيف ولا موضوع "
أقول : قد ورد ذلك الموقوف الصحيح ، وله
حكم الرفع فإن أبياً لم يعرف عنه الأخذ عن أهل الكتاب
5_ باب توحيد الألوهية هو باب حق الله على
العباد ، ولا يجوز صرف شيء من حق الله عز وجل ، لأحد من العباد سواءً كان نبياً أو
ولياً
وقد ثبت للأنبياء من الفضائل ما هو أعظم
مما تنسبه تلك الأحاديث الموضوعة للصحابة أو التابعين ، فلو سلمنا دلالة تلك
الأحاديث على الغلو المتضمن لمنافاة توحيد العبادة ، فتحنا لأهل البدع الباب
ليستدلوا بالفضائل الثابتة للأنبياء على ممارساتهم الآثمة
فلو سلمنا أن ترك الصلاة على من يبغض
عثمان يتضمن الغلو
فسيأتي من يستدل بإجماع الأمة على كفر من
يبغض واحداً من الأنبياء ، بل وكفر من يشك في كفره على الغلو في توحيد العبادة
فكان يجب التنبيه على عدم دلالة هذه
الأحاديث على الآثار السيئة المترتبة على الغلو بالأشخاص التي ذكرها الأخ ، بدلاً
من هذا الطرح المفيد للإقرار على دلالة الأحاديث على تلك المعاني الباطلة
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم