مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الكلام على زيادة : ( إذا توضأت فمضمض )

الكلام على زيادة : ( إذا توضأت فمضمض )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

                   
فقال أبو داود 142: حدثنا قتيبة بن سعيد في آخرين قالوا: ثنا يحيى بن سليم، عن إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه لقيط بن صبرة.
قال: كنت وافد بني المنتفق، أو في وفد بني المنتفق إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: فلما قدمنا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم نصادفه في منزله، وصادفنا عائشة أم المؤمنين قال: فأمرت لنا بخزيرة فصنعت لنا.
قال: وأُتينا بقناع، ولم يقل قتيبة القناع، والقناع: الطبق فيه تمر، ثم جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:
"هل أصبتم شيئاً؟ أو أمر لكم بشيءٍ؟".
قال: قلنا: نعم يا رسول اللّه، قال: فبينا نحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جلوس إذ دفع الراعي غنمه إلى المراح ومعه سخلةٌ تيعر، فقال: ما ولّدت يا فلان.
قال: بهمة، قال: فاذبح لنا مكانها شاة، ثم قال: لا تحسِبنّ، ولم يقل لا تحسَبنّ، أنّا من أجلك ذبحناها، لنا غنم مائة لا نريد أن تزيد، فإِذا ولّد الراعي بهمةً ذبحنا مكانها شاة.
قال: قلت: يا رسول اللّه، إن لي امرأةً وإن في لسانها شيئاً -يعني: البذاء- قال: فطلقها إذاً.
قال: قلت: يا رسول اللّه، إن لها صحبة ولي منها ولد، قال: فمرها، يقول: عظها فإِن يك فيها خير فستفعل، ولا تضرب ظعينتك كضربك أميّتك، فقلت: يا رسول الله أخبرني عن الوضوء.
قال: "أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائماً".

143: حدثنا عقبة بن مكرم، ثنا يحيى بن سعيد، ثنا ابن جريج، حدثني إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه وافد بني المنتفق أنه أتى عائشة فذكر معناه.
قال: فلم ننشب أن جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتقلع: يتكفّأ، وقال: "عصيدة" مكان "خزيرة".
144: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، ثنا أبو عاصم، ثنا ابن جريج بهذا الحديث، قال فيه:"إذا توضأت فمضمض".

أقول : هذا الحديث رواه جماعة عن إسماعيل بن كثير
1- يحيى بن سليم وروايته المتقدمة عند أبي داود أعلاه وهي عند الترمذي (788) وهي عند أبي داود في أماكن أخرى من سننه
ولم يذكر يحيى زيادة ( إذا توضأت فمضمض ).
2- داود بن عبد الرحمن وروايته عند البخاري في الأدب المفرد ، وليس في روايته تلك الزيادة .
3- سفيان بن سعيد الثوري وروايته عند النسائي في الكبرى (99) والبيهقي في الكبرى (228) ط دار الكتب العلمية ولم يذكر الزيادة أيضاً

4- عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج
ورواه عنه جماعة
أ- يحيى بن سعيد القطان وحديثه عند أبي داود وغيره (143) ،
ب- عبد الرزاق وخبره في مصنفه (80) ومن طريقه أحمد (16384)
ج- حجاج بن محمد المصيصي وحديثه عند الحاكم (538) ط دار المعرفة
وجميعهم لم يذكروا تلك الزيادة

د- أبو عاصم النبيل وقد تقدم ذكر روايته في بداية المقالة وقد ذكر هذه الزيادة وقد انفرد بها من دون أصحاب ابن جريج
وانفرد بها ابن جريج ( إن حفظت عنه ) من دون أصحاب إسماعيل بن كثير

وأبو عاصم نفسه قد روى هذا الحديث من دون هذه الزيادة
إذ روى الدارمي في مسنده (706) ط الدكتور البغا ، عن أبي عاصم فذكر الخبر بدون هذه الزيادة

ولا شك أن الدارمي أحفظ من محمد بن يحيى الذهلي، وعليه فإن الزيادة شاذة
وهي أقوى ما استدل به القائلون بوجوب المضمضة والإستنشاق ، وقد أورد البيهقي في السنن الكبرى بقية الأحاديث التي في الباب وبين عللها فراجعه فإنه مهم .

وأقوى ما استدل به القائلون باستحباب المضمضة والإستنشاق

ما روى أبو داود 135- حدثنا مسدد، ثنا أبو عوانة، عن موسى بن أبي عائشة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده:
أن رجلاً أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول اللّه، كيف الطهور؟
فدعا بماءٍ في إناء فغسل كفَّيه ثلاثاً، ثم غسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل ذراعيه ثلاثاً، ثم مسح برأسه وأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه ومسح بإِبهاميه على ظاهر أذنيه وبالسبّاحتين باطن أذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: "هكذا الوضوء؛ فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم" أو "ظلم وأساء".

فقالوا : لم يذكر المضمضة والاستنشاق ، مع كونه ذكر الوضوء تفصيلياً بذكر العدد ، وذكر مسح الأذنين مع كونها من الرأس ، فدل على أنه لم يكتف بذكر غسل الوجه عن المضمضة والاستنشاق .

ولكن هذا الخبر مما استنكر على عمرة بن شعيب عن أبيه عن جده ، وقد جمع الإمام مسلم صاحب الصحيح جزءً فيما استنكر عليه .

ووجه النكارة في المتن قوله في المتن ( أو نقص ) وهذا مخالفٌ لعامة الأحاديث الصحيحة الدالة على جواز الوضوء مرةً مرةً ، ومرتين ومرتين .

وقد صرح بذلك ابن حجر في ( فتح الباري : 1/233 ) : «بل ورد عنه صلى الله عليه وسلم ذم من زاد عليها ، وذلك فيما رواه أبو داود وغيره من طريق عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثًا ثلاثًا ، ثم قال : "من زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم" ، إسناده جيد ، لكن عدَّهُ مسلم في جملة ما أُنكر على عمرو بن شعيب ، لأن ظاهره ذم النقص من الثلاث ...» ا.هـ .
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي