مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الكلام على حديث : ( ما أهل مهل قط إلا بشر ، ولا كبر مكبر قط إلا بشر )

الكلام على حديث : ( ما أهل مهل قط إلا بشر ، ولا كبر مكبر قط إلا بشر )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

                   
قال الطبراني في الأوسط 8003 : حدثنا محمد بن جعفر بن سام ، ثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي ، نا معتمر بن سليمان ، نا زيد بن عمر بن عاصم ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
 ما أهل مهل  قط إلا بشر ، ولا كبر مكبر قط إلا بشر  قيل : يا رسول الله ، بالجنة ؟
 قال : نعم   لم يرو هذا الحديث عن زيد بن عمر بن عاصم إلا معتمر .
      
زيد بن عمر بن عاصم لم يوثقه معتبر وقد استنكر عليه الذهبي هذا الخبر في الميزان

ثم وجدت الدارقطني شرح علته بدلالة الأخ مأمون السوري 

جاء في العلل :"  1979- وَسُئِلَ عَنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: مَا أَهَلَّ مُهِلٌّ وَلَا كَبَّرَ مُكَبِّرٌ إِلَّا بُشِّرَ قِيلَ: بِالْجَنَّةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قال: نعم.
فقال: هذا حَدِيثٌ يَرْوِيهِ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ؛
فَرَوَاهُ زَيْدُ بْنُ عُمَرَ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَخَالَفَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، رَوَاهُ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مِرْدَاسٍ، عَنْ كَعْبٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ"

 وقال الطبراني في الأوسط 5613 : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال : ثنا الحسن بن علي الحلواني قال : نا سليمان بن حرب قال : ثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن عبيد الله بن عمر ، عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
 ما سبح الحاج من تسبيحة ولا كبر من تكبيرة إلا بشر بها بشرى .

وهذا الخبر يختلف عن سابقه فإن هذا ليس فيه ذكر التهليل ، ولا فيه تعيين البشرى بأنها الجنة وفيه زيادة ذكر التسبيح ، وفي هذا الخبر تقييد المكبر بالحاج واللفظ الأول فيه إطلاق

وعليه فإن اللفظ الأول لا يصح ، وأما اللفظ الثاني ففيه بحث دقيق

قال البيهقي في شعب الإيمان 4093 : أخبرنا أبو محمد بن يوسف أنا أبو مروان عبد الملك بن محمد القاضي بمدينة الرسول نا عبد الله بن زيدان البجلي نا الحسن بن علي نا سليمان بن حرب نا حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن عبيد الله بن عمر قال : ثم لقيت عبيد الله بن عمر فحدثني عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
 العمرتان تكفران ما بينهما و الحج المبرور ليس له ثواب أو قال : جزاء إلا الجنة
 قال و زاد أيوب في حديثه و ما سبح الحاج من تسبيحة و لا هلل من تهليلة و لا كبر من تكبيرة إلا بشر بها تبشيرة

فتبين أن زيادة (و ما سبح الحاج من تسبيحة و لا هلل من تهليلة و لا كبر من تكبيرة إلا بشر بها تبشيرة) تفرد بها أيوب السختياني من دون حماد بن زيد

وكذلك روى الإمام مالك هذا  هذا الحديث عن سمي بدون هذه الزيادة

قال البخاري في صحيحه 1773 : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ

وكذلك رواه كل من سفيان بن عيينة وسفيان الثوري وسهيل بن أبي صالح  عن سمي بدون هذه الزيادة

قال الإمام مسلم في صحيحه 3269- [...] وَحَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ (ح) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الأُمَوِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ ، عَنْ سُهَيْلٍ (ح) وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ (ح) وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ (ح) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ ، كُلُّ هَؤُلاَءِ عَنْ سُمَيٍّ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ.

وهنا تجد أن عبد الله بن نمير تابع حماد بن زيد عن عبيد الله بدون تلك الزيادة

فاتفاق هؤلاء الجبال على عدم ذكرها يدل على شذوذها ، وإن زادها مثل أيوب فالأكثر أولى بالحفظ وقد يكون الحمل على من هو دون أيوب ، ولهذا اجتنب أصحاب الصحيح هذه الزيادة بل اجتنبها عامة مصنفي الكتب المشهورة لوضوح أمرها عندهم ، وخرجها الطبراني في معجمه الأوسط الذي يذكر فيه غرائب شيوخه

وعليه فإن اللفظ الثاني وهو (و ما سبح الحاج من تسبيحة و لا هلل من تهليلة و لا كبر من تكبيرة إلا بشر بها تبشيرة) أيضاً لا يصح
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي