مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: السنة في صلاة الاستسقاء صلاتها في المصلى لا المسجد

السنة في صلاة الاستسقاء صلاتها في المصلى لا المسجد



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
                       
     
فهذه عدة نقولات جمعتها في بيان أن السنة في صلاة الاستسقاء صلاتها في المصلى وأن صلاتها في المسجد خلاف السنة ، ولنبدأ أولاً بذكر بعض الأحاديث في الباب

قال البخاري 978 - حدثنا أبو نعيم: حدثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عباد بن تميم، عن عمه، قال:
"خرج النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي، فتوجه إلى القبلة يدعو، وحول رداءه، ثم صلى ركعتين، جهر فيهما بالقراءة"

قلت : هذه هي الصفة الواردة في صلاة الاستسقاء ، وهي الخروج إلى الصحراء وصلاتها هناك .


وورد أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى على المنبر بالدعاء بدون صلاة خاصة بالاستسقاء .


قال البخاري 967 - حدثنا محمد قال: أخبرنا أبو ضمرة أنس بن عياض قال:حدثنا شريك بن عبد الله بن أبي نمر: أنه سمع أنس بن مالك يذكر:أن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما، فقال: يا رسول الله، هلكت المواشي، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا. قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال: (اللهم اسقينا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا). قال أنس: لا والله، ما نرى في السماء من سحاب، ولا قزعة، ولا شيئا، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار. قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت. قال: والله ما رأينا الشمس ستا. ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبله قائما، فقال: يا رسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يمسكها. قال: فرفع رسول الله يديه، ثم قال: (اللهم حولينا ولا علينا، اللهم على الآكام والجبال، والآجام والظراب، والأودية ومنابت الشجر). قال: فانقطعت، وخرجنا نمشي في الشمس.

قال شريك: فسألت أنسا: أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري .


قال المرداوي في الإنصاف (2/322) ط دار إحياء التراث العربي :" قال القاضي _ وتبعه في المغني والشرح _ والاستسقاء ثلاثة أضرب

أحدها : الخروج إلى الصلاة

الثاني : استسقاء الإمام يوم الجمعة على المنبر


الثالث : أن يدعو الله عقيب صلواتهم وخلواتهم "

أقول : ولم يذكر صلاتها في المسجد ، وقوله ( أن يدعو الله عقيب صلواتهم ) لعله متفرعٌ عن قولهم باستحباب الدعاء أدبار الصلوات ، وحجتهم في ذلك حديث أبي أمامة الباهلي _ رضي الله عنه _ قال : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الدعاء أسمع ؟ قال :" جوف الليل الآخر ، ودبر الصلوات المكتوبات " رواه الترمذي (3499) والنسائي في عمل اليوم والليلة (108) من طريق : ابن جريج عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة به .


وقد نوزعوا في الاستدلال بهذا الحديث من الرواية ومن جهة الدراية


أما من جهة الرواية فقال ابن معين كما في تاريخ الدوري (365) لم يسمع ابن سابط من أبي أمامة .

وابن جريج مدلس ، وقد ورد هذا الحديث من طرقٍ أخرى عن أبي أمامة بدون ذكر ( دبر الصلوات )

قال أبو داود (1277) : حدثنا الربيع بن نافع ، حدثنا محمد بن المهاجر ، عن العباس بن سالم ، عن أبي سلام عن أبي أمامة عن عمرو بن عبسة أنه قال : قلت : يا رسول الله ، أي الليل أسمع ؟ قال : " جوف الليل الآخر ، فصل ما شئت ، فإن الصلاة مشهودة مكتوبة ... "

ورواه الترمذي (3579) من طريق معاوية بن صالح ، عن ضمرة بن حبيب قال : سمعت أبو أمامة به نحوه دون ذكر دبر الصلوات

وأما من جهة الدراية فقوله ( دبر الصلوات ) حملها بعض أهل العلم على ما بعد التشهد وقبل السلام فدبر الشيء آخره كقولك ( دبر الدابة ) ودبره ما بعده ومن هذا العبد المدبر الذي يعتق بعد موت سيده ودعاء المسألة أشبه بالأدعية بعد التشهد منه بالأدعية بعد الصلاة فإن عامتها أدعية ثناء .

ولهم احتجاج بآثار مروية عن السلف وليس هذا محل بسطه


وعوداً على الموضوع الأصل أقول :

وقال المرداوي أيضاً (2/316) :" قوله ( وصفتها في موضعها وأحكامها صفة صلاة العيد ) "

أقول : تأمل قوله ( في موضعها ) وموضع صلاة العيد والمصلى وليس المسجد حتى إنه قد ورد عن علي بن أبي طالب أنه أمر من صلى العيد في المسجد (لعذر ) أن يصليها أربعاً ركعتان للسنة وركعتان من أجل عدم الخروج للمصلى واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية

فقال البيهقي في السنن الكبرى(3/310) باب الإمام يأمر من يصلي بضعفة الناس العيد في المسجد:"

روي ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه (أخبرناه) عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة أنبأأبو الحسن بن الحسن ابن الحسين بن منصور ثنا محمد بن يحيى بن سليمان ثنا عاصم بنعلي ثنا شعبة عن محمد بن النعمان قال سمعت أبا قيس يحدث عن هزيل أن علياً أمر رجلا أن يصلي بضعفة الناس في المسجد يوم فطر أو يوم أضحى وأمره أن يصلي أربعاً "

قلت : في سنده علي بن عاصم وفيه كلام ولكنه توبع من قبل مسلم بن إبراهيم

قال ابن المنذر في الأوسط 2086 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : ثنا مسلم بن إبراهيم ،قال : ثنا شعبة ، عن محمد بن النعمان ، عن أبي قيس ، عن أبي الهذيل ، أن عليا ، أمررجلا أن يصلي بضعفة الناس في المسجد يوم العيد أربع ركعات .

قلت : وإسناده قوي فإن أبا قيس فيه كلام لا ينزل به عن درجة الإحتجاج وقوله ( أبو الهذيل ) يبدوأنه غلط طباعي والصواب ( هزيل ) وهو ابن شرحبيل

ولهذا الأثر عن علي متابعات

قال ابن أبي شيبة في مصنفه 5814 - قال حدثنا بن إدريس عن ليث عن الحكم عن حنش قال قيل لعلي بن أبي طالب :"ان ضعفة من ضعفة الناس لا يستطيعون الخروج إلى الجبانة فأمر رجلا يصلي بالناس أربع ركعات ركعتين للعيد وركعتين لمكان خروجهم إلى الجبانة "

وقد اختلفوافي معنى هذا الأثر

فذهب البيهقي إلى أنه عنى تحية المسجد وصلاة العيد

وهذا التأويل ضعيف فإن عددا من الروايات فيها ( يصلي بالناس أربعاً ) وتحية المسجد لا تصلى جماعة بإمام

وقال بعضهم أنه صلى بهم أربعاً ركعتين السنة وركعتين لأنهم لم يخرجوا إلى الصحراء وهذا التعليل ورد في بعض روايات الخبر كما في رواية حنش المتقدمة وقد ورد في بعض روايات الأثر أنهم صلوها كصلاة الظهر مما يبطل التأويل الأول

قال ابن أبي شيبة في مصنفه 5816 - حدثناوكيع عن سفيان عن أبي قيس قال أظنه عن هذيل :" أن علياً أمر رجلا يصلي بضعفة الناس يوم العيد أربعا كصلاة الهجير "

أقول : وهذا إسنادٌ قوي

وقد اختار ابن تيمية هذا التفسير للأثر ورجح هذا المذهب

قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى(24/202):"قد ثبت عن علي أنه استخلف من صلى بالناس فى المسجدأربعا ركعتين للسنة وركعتين لكونهم لم يخرجوا إلى الصحراء"

وقال أيضاً كما في الفتاوى (24/ 208_ 209) :" فلما تولى علي بن أبى طالب وصار بالكوفة وكان الخلق بها كثيرا قالوا يا أمير المؤمنين أن بالمدينة شيوخا وضعفاء يشق عليهم الخروج إلى الصحراء فاستخلف علي بن أبي طالب رجلا يصلي بالناس العيد في المسجد وهو يصلى بالناس خارج الصحراء ولم يكن هذا يفعل قبل ذلك وعلي من الخلفاء الراشدين وقد قال النبي عليكم بسنتي وسنة الخلفاءالراشدين من بعدي فمن تمسك بسنة الخلفاء الراشدين فقد أطاع الله ورسوله "

وقال الماوردي في الحاوي (2/513) ط دار الكتب العلمية :" قال الشافعي _ رضي الله عنه _ (( ويستسقي الإمام حيث يصلي العيد ويخرج متنظفاً بالماء وما يقطع تغير الرائحة ... )) "


أقول : تأمل قوله ( حيث يصلي العيد ) والماوردي في الحاوي يشرح مختصر المزني فهذا النص عن الشافعي في مختصره


وقد بوب البخاري في كتاب الاستسقاء ( باب الاستسقاء في المسجد الجامع ) ولم يرد صلاة الاستسقاء وإنما أراد الدعاء ، بدليل أنه أورد تحته حديث أنس بن مالك وليس فيه إلا الدعاء ، ولهذا لم يقل ( صلاة الاستسقاء ) وإنما قال ( الاستسقاء )


قال  ابن حجر في الفتح (2/582) :" ( باب الاستسقاء في المسجد الجامع ) ) أشار بهذه الترجمة إلى أن الخروج إلى المصلى ليس بشرط في الاستسقاء لأن الملحوظ في الخروج المبالغة في اجتماع الناس ، وذلك حاصلٌ في المسجد الأعظم بناءً على المعهود في ذلك الزمان من عدم تعدد الجامع ، بخلاف ما حدث في هذه الأعصار في بلاد مصر والشام والله المستعان "


أقول : والمسجد الجامع هو المسجد الذي تقام فيه صلاة الجمعة ، وتعدد المسجد الجامع الذي تذمر منه الحافظ ابن حجر في عصره ما زال موجوداً في عصرنا حتى أقيمت صلاة الجمعة في بعض المساجد الصغيرة التي لا تتسع لخمسمائة مصلي والله المستعان .

وقد بوب  البخاري ( باب من اكتفى بصلاة الجمعة في الاستسقاء ) وأورد حديث أنس وأراد الاكتفاء بذلك وعدم الخروج إلى المصلى للصلاة إذا حصل المقصود .



وقال ابن رجب الحنبلي في فتح الباري ( 9/210) ط دار الغرباء الأثرية :- " الخروج لصلاة الاستسقاء إلى المصلى مجمعٌ عليه بين العلماء حتى وافق الشافعي عليه مع قوله : إن الأفضل في العيد أن تصلى في الجامع إذا وسعهم ، وذلك لأن الاستسقاء يجمع له الخلق الكثير فهو مظنة ضيق المسجد عنهم ، ويحضره النساء والرجال ، وأهل الذمة والبهائم ، والأطفال فلا يسعهم غير الصحراء "

أقول : ويقال أيضاً أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين صلاتها في المصلى ، واتباعهم هو المتعين عقلنا العلة أو لم نعقلها ، وقول ابن رجب بإخراج أهل الذمة والبهائم والنساء محل خلافٍ طويل بين الفقهاء تجده في كتب الخلاف .


وبناءً على ما تقدم يكون قياس قول من قال أن صلاة العيد في المسجد بدعة ، القول بأن صلاة الاستسقاء في المسجد بدعة .

قال القرافي في الذخيرة (3/433) ط دار الغرب :" قال مالك بن أنس لا بأس بالاستسقاء بعد المغرب والصبح قال : يريد به الدعاء لا البروز إلى المصلى "

أقول : قوله ( لا البروز إلى المصلى ) يدل على أن المتقرر عندهم صلاتها في المصلى وأما مذهب أبي حنيفة فعدم مشروعية صلاة الاستسقاء أصلاً في المسجد والمصلى [ انظر الأصل لمحمد بن الحسن الشيباني (1/398_ 399) ]

قال القرطبي في تفسيره (1/423) ط دار الحديث :" الاستسقاء إنما يكون عند عدم الماء وحبس القطر وإذا كان كذلك فالحكم حينئذ إظهار العبودية والفقر والمسكنة والذلة مع التوبة النصوح. وقد استسقى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فخرج إلى المصلى متواضعاً متذللا متخشعاً مترسلاً متضرعاً وحسبك به فكيف بنا ولا توبة معنا إلا العناد ومخالفة رب العباد فأنى نسقى لكن قد قال صلى في حديث ابن عمر: (ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا) الحديث. وسيأتي بكماله إن شاء الله.
سنة الاستسقاء الخروج إلى المصلى - على الصفة التي ذكرنا –"


وقال ابن جزي الغرناطي في القوانين الفقهية ص110 ط المكتبة العصرية عند كلامه على صلاة الاستسقاء :"
وموضعها المصلى " يعني أنها لا تصلى في البناء

وقال ابن القيم في زاد المعاد (1/456_ 461) :" ثبت عنه صلى الله عليه و سلم انه استسقى على وجوه
أحدها : يوم الجمعة على المنبر في أثناء خطبته وقال : [ اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللقم اسقنا اللهم اسقنا اللهم اسقنا ]
الوجه الثاني : أنه صلى الله عليه و سلم وعد الناس يوما يخرجون فيه إلى المصلى فخرج لما طلعت الشمس متواضعا متبذلاً متخشعا مترسلا متضرعا فلما وافى المصلى صعد المنبر - إن صح وإلا ففي القلب منه شئ - فحمد الله وأثنى عليه وكبره وكان مما حفظ من خطبته ودعائه : [ الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين لا إله إلا الله يفعل ما يريد اللهم أنت الله لا إله إلا أنت تفعل ما تريد اللهم لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلته علينا قوة لنا وبلاغا إلى حين ] ثم رفع يديه وأخذ في التضرع والابتهال والدعاء وبالغ في الرفع حتى بدا بياض إبطيه ثم حول إلى الناس ظهره واستقبل القبلة وحول إذ ذاك رداءه وهو مستقبل القبلة فجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن وظهر الرداء لبطنه وبطنه لظهره وكان الرداء خميصة سوداء وأخذ في الدعاء مستقبل القبلة والناس كذلك ثم نزل فصلى بهم ركعتين كصلاة العيد من غير أذان ولا إقامة ولا نداء البتة جهر فيهما بالقراءة وقرأ في الأولى بعد فاتحة الكتاب : ( سبح اسم ربك الأعلى ) وفي الثانية : ( هل أتاك حديث الغاشية )
الوجه الثالث : أنه صلى الله عليه و سلم استسقى على منبر المدينة استسقاء مجرداً في غير يوم جمعة ولم يحفظ عنه صلى الله عليه و سلم في هذا الاستسقاء صلاة
الوجه الرابع : أنه صلى الله عليه و سلم استسقى وهو جالس في المسجد فرفع يديه ودعا الله عز و جل فحفظ من دعائه حينئد : [ اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريعا طبقا عاجلا غير رائث نافعا غير ضار ]
الوجه الخامس : أنه صلى الله عليه و سلم استسقى عند أحجار الزيت قريبا من الزوراء وهي خارج باب المسجد الذي يدعى اليوم باب السلام نحو قذفة حجر ينعطف عن يمين الخارج من المسجد
الوجه السادس : أنه صلى الله عليه و سلم استسقى في بعض غزواته لما سبقه المشركون إلى الماء فأصاب المسلمين العطش فشكوا الى رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال بعض المنافقين : لو كان نبيا لاستسقى لقومه كما استسقى موسى لقومه فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و سلم فقال : [ أوقد قالوها ؟ عسى ربكم أن يسقيكم ثم بسط يديه ودعا فما رد يديه من دعائه حتى أظلهم السحاب وأمطروا فأفعم السيل الوادي فشرب الناس فارتووا ] وحفظ من دعائه في الاستسقاء : [ اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت ] [ اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا نافعا غير ضار عاجلا غير آجل ] وأغيث صلى الله عليه و سلم في كل مرة استسقى فيها
واستسقى مرة فقام إليه أبو لبابة فقال : يا رسول الله ! ان التمر في المرابد فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ اللهم اسقنا حتى يقوم أبو لبابة عريانا فيسد ثعلب مربده بإزاره ] فأمطرت فاجتمعو إلى أبي لبابة فقالوا : إنها لن تقلع حتى تقوم عريانا فتسد ثعلب مربدك بإزارك كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ففعل فاستهلت السماء
ولما كثر المطر سألوه الاستصحاء فاستصحى لهم وقال : [ اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والجبال والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر ]
وكان صلى الله عليه و سلم إذا رأى مطرا قال : [ اللهم صيبا نافعا ]
وكان يحسر ثوبه حتى يصيبه من المطر فسئل عن ذلك فقال : [ لأنه حديث عهد بربه ]"

أقول : ما ذكره ابن القيم في الوجه الثالث يشير به إلى ما روى ابن ماجه 1270 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أبي القاسم، أبو الأحوص. حَدَّثَنَا الحسن بْن الربيع. حَدَّثَنَا عَبْد اللّه ابن إدريس. حَدَّثَنَا حصين، عَن حبيب بْن أبي ثابت، عَن ابن عباس؛ قَالَ: جاء أعرابي إلى النَّبِي صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمْ فقال: يا رسول اللَّه! لقد جئتك من عند قوم ما يتزود لهم راع، ولا يخطر لهم فحل. فصعد المنبر، فحمد اللَّه، ثم قال (اللّهم! اسقنا غيثاً مغيثاً طبقاً مريعاً غدقاً عاجلاً غير رائث) ثم نزل. فما يأتيه أحد من وجه من الوجوه إلا قالوا: قد أحيينا .

وقد صححه البوصيري في مصباح الزجاجة ( كما في حاشية طبعة دار المعرفة ) وضعفهالألباني في ضعيف سنن ابن ماجه ولعل ذلك من أجل الإنقطاع بين حبيب بن أبي ثابت وابن عباس فإن عادته أن يروي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وقلما يروي عن ابن عباس مباشرة ( انظر صحيح البخاري حديث رقم 4685 و 4719 وصحيح مسلم 705) وقد روى عن ابن عباس بواسطتين كما في صحيح مسلم حديث رقم 763

ثم وجدت نصاً لابن المديني في جامع التحصيل يثبت سماعه من ابن عباس والله أعلم




وقد بوب  الوادعي في الجامع الصحيح (2/193) ط مكتبة صنعاء الأثرية :" الاستسقاء خارج المسجد "

ثم أورد حديث أبي داود قال 1168- حدثنا محمد بن سلمة المرادي، أخبرنا ابن وهب، عن حيوة، وعمر بن مالك، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن عمير مولى بني آبي اللحم:أنه رأى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يستسقي عند أحجار الزيت قريباً من الزوراء قائماً يدعو يستسقي رافعاً يديه قبل وجهه لا يجاوز بهما رأسه .


أقول : يبدو أن الشيخ يشير إلى رد ما أحدث في هذه الأزمان المتأخرة من أداء هذه الصلاة في المسجد .



وقال الفوزان في شرحه على بلوغ المرام المسمى تسهيل الإلمام (2/612) :" المسألة الأولى : أن صلاة الاستسقاء يخرج لها إلى الصحراء لأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج لها ، وأنها لا تصلى في البنيان وهذه السنة إن أمكن ذلك "


والخلاصة :


أنني لم أجد بعد البحث الطويل أثراً عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه أو التابعين بصلاة الاستسقاء في المساجد ، وأنه ينبغي على طلبة العلم أن ينبهوا الناس على هذه السنة ، فإن تطبيق السنة مما يستجلب به الرحمات .


قال الله تعالى :" وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ " ، واتباع السنة هو عين التقوى

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي