الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
قال عبد الله المطلق كما في جريدة سبق بتاريخ 2ربيع الثاني 1434
:" إن المحتفلين بالمولد النبوي ليسوا كلهم على خطأ، مشيراً إلى أن هناك منهم
من يستغل هذه الفرصة للتعريف بالرسول -صلى الله عليه وسلم- ونقل الصحيح من أخباره وسيرته
ومنهجه، بحكم أن الناس يستمعون فيها إلى سيرته أكثر من غيرها، واعتبر المطلق هذا من
"أفضل الأعمال، ومن انتهاز الفرص لإسماع الناس الخير"
بل كلهم مخطئون وقراءة سيرته عبادة لا يجوز تخصيص وقت معين لها وما فعل
ذلك السلف وكل خير في اتباع من سلف
قال ابن أبي شيبة في المصنف : حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن
سعيد الجريري عن أبي عثمان قال : كتب عامل لعمر بن الخطاب إليه ان ههنا قوما يجتمعون
فيدعون للمسلمين وللامير ، فكتب إليه عمر : أقبل وأقبل بهم معك ، فاقبل ، وقال عمر
للبواب : أعدلي سوطا ، فلما دخلوا على عمر أقبل على أميرهم ضربا بالسوط ، فقال : يا
عمر ! إنا لسنا أولئك الذين - يعني أولئك قوم ياتوم من قبل المشرق
فهؤلاء كانوا يستغلون مجلسهم للدعاء لأمير المؤمنين وللناس وهذا خيرٌ في
أصله ومع ذلك نهاهم عمر بن الخطاب لم فعلوه على صفة لم يفعلها السلف بل ضربهم على ذلك
قال الدارمي في مسنده 204 - أخبرنا الحكم بن المبارك انا عمر بن يحيى قال
سمعت أبي يحدث عن أبيه قال :" كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة
فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد فجاءنا أبو موسى الأشعري فقال أخرج إليكم أبو عبد الرحمن
بعد قلنا لا فجلس معنا حتى خرج فلما خرج قمنا إليه جميعا فقال له أبو موسى يا أبا عبد
الرحمن اني رأيت في المسجد أنفا أمرا أنكرته ولم أر والحمد لله الا خيرا قال فما هو
فقال ان عشت فستراه قال رأيت في المسجد قوما حلقا جلوسا ينتظرون الصلاة في كل حلقة
رجل وفي أيديهم حصا فيقول كبروا مائة فيكبرون مائة فيقول هللوا مائة فيهللون مائة ويقول
سبحوا مائة فيسبحون مائة قال فماذا قلت لهم قال ما قلت لهم شيئا انتظار رأيك أو انتظار
أمرك قال أفلا أمرتهم ان يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم ان لا يضيع من حسناتهم ثم مضى ومضينا
معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم فقال ما هذا الذي أراكم تصنعون قالوا يا
أبا عبد الله حصا نعد به التكبير والتهليل والتسبيح قال فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن ان
لا يضيع من حسناتكم شيء ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله
عليه و سلم متوافرون وهذه ثيابه لم تبل وأنيته لم تكسر والذي نفسي بيده انكم لعلي ملة
هي أهدي من ملة محمد أو مفتتحوا باب ضلالة قالوا والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا
الا الخير قال وكم من مريد للخير لن يصيبه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم حدثنا
أن قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم وأيم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم ثم تولى
عنهم فقال عمرو بن سلمة رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج".
قلت : ولهذا الأثر شاهد عند عبد الرزاق في المصنف؛ قال عبد الرزاق
5408عن ابن عيينة عن بيان عن قيس بن أبي حازم قال ذكر لابن مسعود قاص يجلس بالليل ويقول
للناس قولوا كذا قولوا كذا فقال : إذا رأيتموه فأخبروني فأخبروه قال فجاء عبد الله
متقنعا فقال من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا عبد الله بن مسعود تعلمون انكم
لأهدى من محمد وأصحابه وإنكم لمتعلقين بذنب ضلالة.
وهؤلاء إنما كانوا يسبحون ويذكرون الله وهذا خيرٌ في أصله ولكن لما فعلوه
على صفة غير الصفة التي فعلها السلف أنكر عليهم ابن مسعود
والمسلم السني يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله ويصلي عليه
في جميع صلواته ويقضي عمره كله يعلم الناس سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأحواله لا
يخصص لذلك يوماً على طريقة أهل البدع والضلال
وحب النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون بالقاء القصائد في حقه صلى الله
عليه وسلم ونحن نستدرك على شريعته ونتهمه بالقصور
ق الشيخ الإسلام في الرد على الأخنائي (ص227) : "وحينئذ فأعظم أحوال
الناس مع الأنبياء وأفضلها وأكملها هو حال الصحابة مع الرسول صلى الله عليه وسلم لا
سيما أبو بكر وعمر وهو تصديقه في كل ما يخبر به من الغيب وطاعته وامتثال أمره في كل
ما يوجبه ويأمر به وأن يكون أحب إلى المؤمن من نفسه وأهله وماله وأن يكون الله ورسوله
صلى الله عليه وسلم أحب اليه مما سواهما وأن يتحرى متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم
فيعبد الله بما شرعه وسنه من واجب ومستحب لا يعبده بعبادة نهى عنها وببدعة ما أنزل
الله بها من سلطان وإن ظن أن في ذلك تعظيما للرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيما لقدره
كما ظنه النصارى في المسيح وكما ظنوه في اتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله
وكماظن الذين اتخذوا الملائكة والنبيين أربابا فان الأمر بالعكس بل كل عبد صالح من
الملائمة والأنبياء فانما يحب ما أحبه الله من عبادته وحده وإخلاص الدين له ويوالي
من كان كذلك ويعادي من أشرك ولو كان المشرك معظما له غاليا فيه فان هذا يضره ولا ينفعه
لا عند الله ولا عند الذي غلا فيه أشرك فيه واتخذه ندا لله يحبه كحب الله واتخذه شفيعا
يظن أنه إذا استشفع به يشفع له بغير إذن أو اتخذه قربانا يظن أنه إذا عبده قربه إلى
الله فهذه كلها ظنون المشركين قال تعالى: {ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم
ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض}،
وقال تعالى: {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}،
وقال تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا
أشد حبا لله}، وقال تعالى: {ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى}، إلى قوله: {يفترون}، وقد
ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال قام رسول الله صلى الله
عليه وسلم حين أنزل الله عليه {وأنذر عشيرتك الأقربين} فقال يا معشر قريش اشتروا أنفسكم
من الله لا أغني عنكم من الله شيئا يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا يا صفية
عمة رسول الله لا أغني عنكم من الله شيئا يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا
سليني من مالي ما شئت وفي الصحيحين أنه قال ألا لا ألفين أحدكم يأتي يوم القيامة على
رقبته بعير له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تبعر أو رقاع تخفق يقول يا رسول الله أغثني
أغثني فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك وهذا باب واسع".
وقال الشاطبي في الاعتصام (1/65) :" قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: سَمِعْتُ
مَالِكًا يَقُولُ: " مَنِ ابْتَدَعَ فِي الْإِسْلَامِ بِدْعَةً يَرَاهَا حَسَنَةً،
زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَانَ الرِّسَالَةَ، لِأَنَّ
اللَّهَ يَقُولُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]، فَمَا لَمْ
يَكُنْ يَوْمَئِذٍ دِينًا، فَلَا يَكُونُ الْيَوْمَ دِينًا"
وقد كتب في المولد شيء كثيرٌ جداً يغنينا عن الإطالة هنا والمراد هنا تنبيه
العامة الذين ربما اغتروا بفتيا الشيخ المطلق ، لمكانته العلمية وكونه عضواً في هيئة
كبار العلماء وتنبيهاً لطلبة العلم السلفيين إلى مبلغ هذا الرجل من الاتباع
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم