مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الكلام على حديث : ( كان إِذَا اسْتَرَاثَ الْخَبَرَ تَمَثَّلَ فِيهِ بِبَيْتِ طَرَفَةَ )

الكلام على حديث : ( كان إِذَا اسْتَرَاثَ الْخَبَرَ تَمَثَّلَ فِيهِ بِبَيْتِ طَرَفَةَ )


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
 
                   
قال الوادعي في أحاديث معلة ظاهرها الصحة :" 497- قال الإمام أحمد رحمه الله (ج6ص31): حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَنْبَأَنَا مُغِيرَةُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَرَاثَ الْخَبَرَ تَمَثَّلَ فِيهِ بِبَيْتِ طَرَفَةَ وَيَأْتِيكَ بِالْأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ ).

ثم أعاده الإمام أحمد رحمه الله ص(146)
الحديث رجاله رجال الصحيح،ولكن في"جامع التحصيل"في ترجمة الشعبي : وأرسل عن عمر وطلحة بن عبيدالله وابن مسعود وعائشة-وفيه-:قال ابن المديني :ما روى الشعبي عن عائشة مرسل "انتهى

وأثبت الحاكم سماعه منها والحجة مع نفاة السماع لأنه لم يصرح بالسماع منها في أي حديث ، ويروي عنها بواسطة مسروق في عدة أحاديث

وللخبر شواهد ليس في شيء منها قيد (إِذَا اسْتَرَاثَ الْخَبَرَ) بل كلها مطلقة

قال أحمد في مسنده 25071 : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ: قُلْتُ لَهَا: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْوِي شَيْئًا مِنَ الشِّعْرِ ؟ قَالَتْ: " نَعَمْ، شِعْرَ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ، كَانَ يَرْوِي هَذَا الْبَيْتَ
وَيَأْتِيكَ بِالْأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ "

وهذا إسناد ضعيف لضعف شريك وليس فيه قيد ( إذا استراث الخبر )

وقال البخاري في الأدب المفرد 792: حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدثنا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: هَلْ سَمِعْتِ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلم يَتَمَثَّلُ شِعْرًا قَطُّ؟ فَقَالَتْ: أَحْيَانًا، إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ يَقُولُ: وَيَأْتِيكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ.

والوليد ضعيف بل ضعيف جداً وقد خولف الوليد في سنده ومتنه

قال ابن أبي شيبة في المصنف 26537: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَن زَائِدَةَ ، عَن سِمَاكٍ ، عَن عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَمَثَّلُ مِنَ الأَشْعَارِ :
وَيَأْتِيك بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدْ.

ورواية سماك عن عكرمة ضعيفة

وقال أبو الشيخ في أمثال الحديث 13 : حدثنا محمد بن يحيى ، ثنا ابن حميد ، ثنا إبراهيم بن المختار ، عن عنبسة بن الأزهر ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمثل : ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود

ابن حميد متهم بالكذب وإكمال البيت منكر بل الروايات كلها في استشهاد النبي بعجز البيت فقط

وقال عبد الرزاق في تفسيره 2496 : عَنْ مَعْمَرٍ , عَنْ قَتَادَةَ , فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عَائِشَةَ سُئِلَتْ: أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَمَثَّلُ بِشَيْءٍ مِنَ الشِّعْرِ؟ قَالَتْ: كَانَ الشِّعْرُ أَبْغَضَ الْحَدِيثِ إِلَيْهِ , قَالَتْ: " وَلَمْ يَتَمَثَّلْ بِشَيْءٍ مِنَ الشَّعْرِ إِلَّا بِبَيْتِ أَخِي بَنِي قَيْسٍ - تَعْنِي - طَرَفَةَ:

سُتُبْدِي لَكَ الْأَيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِلًا ... وَيَأْتِيكَ بِالْأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ
فَجَعَلَ يَقُولُ: «يَأْتِيكَ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ بِالْأَخْبَارِ» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ كَذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَقَالَ: «إِنِّي لَسْتُ شَاعِرًا وَلَا يَنْبَغِي لِي»

وهذا معضل ومراسيل قتادة من أوهى المراسيل وسياقه مختلف عن بقية الأخبار

وهذه الطرق قد يتقوى منها خبر شريك بموطن الشاهد من خبر الشعبي غير أن لفظة ( إذا استراث الخبر ) منكرة لا تصح لأنها لم ترد إلا من رواية الشعبي المنقطعة ولا وجود لها في جميع الشواهد

وله طريق استنكرها أبو زرعة نذكرها للفائدة :

قال ابن أبي حاتم في العلل [ 2538]:
وَسَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ ، وَذَكَرَ حَدِيثًا حَدَّثَنَا بِهِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيِّ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ رَبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :
إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنَ النُّبُوَةِ : إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ
وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : وَيَأْتِيكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تَزَوَّدِ.

قَالَ أَبُو زُرْعَةَ : الصَّحِيحُ عَنْ رَبْعِيٍّ ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَلامُ الأَوَّلِ
وَالثَّانِي لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ -  يَعْنِي : وَيَأْتِيكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تَزَوَّدِ- .اهـ 
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي