مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: فائدة : عبادة غير الله أقبح من نسبة الصاحبة والولد له سبحانه

فائدة : عبادة غير الله أقبح من نسبة الصاحبة والولد له سبحانه



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


قال الله تعالى : ( ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ )

قال الطبري في تفسيره :" يقول تعالى ذكره: مثل لكم أيها القوم ربكم مثلا من أنفسكم،(هَلْ لَكُمْ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم) يقول: من مماليككم من شركاء، فيما رزقناكم من مال، فأنتم فيه سواء وهم. يقول: فإذا لم ترضوا بذلك لأنفسكم فكيف رضيتم أن تكون آلهتكم التي تعبدونها لي شركاء في عبادتكم إياي، وأنتم وهم عبيدي ومماليكي، وأنا مالك جميعكم"

وقال ابن كثير في تفسيره :" ثم قال: { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ } أي: يتنازعون في ذلك العبد المشترك بينهم، { وَرَجُلا سَلَمًا لِرَجُلٍ } أي: خالصا لرجل، لا يملكه أحد غيره، { هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا } أي: لا يستوي هذا وهذا. كذلك لا يستوي المشرك الذي يعبد آلهة مع الله، والمؤمن المخلص الذي لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له. فأين هذا من هذا؟
قال ابن عباس، ومجاهد، وغير واحد: هذه الآية ضربت مثلا للمشرك والمخلص، ولما كان هذا المثلُ ظاهرا بَيِّنا جليا، قال: { الْحَمْدُ لِلَّهِ } أي: على إقامة الحجة عليهم، { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ } أي: فلهذا يشركون بالله"

أقول : ونسبة الصاحبة والولد لله عز وجل كفر أكبر بإجماع المسلمين غير أن المخلوق يرضى بأن يكون له صاحبة وولد بل يعتبر ذلك كمالاً فيه ومن ليس له صاحبة وولد يطلب ذلك ويسعى

وأما أن يكون له شريك في ملكه دون استحقاق فهذا أمرٌ لا يرضاه أحد من العباد ولله المثل الأعلى

ومن هذا الوجه كانت عبادة غير الله مع الله أشد وأقبح في الكفر من نسبة الصاحبة والولد له سبحانه وتعالى

وهذا التقرير رأيته لبعض أئمة الدعوة ولا يحضرني مكانه الآن

قال شيخ الإسلام في قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص216 :" وإذا تبين ما أمر الله به ورسوله، وما نهى الله عنه ورسوله، في حق أشرف الخلق وأكرمهم على الله عز وجل، وسيد ولد آدم وخاتم الرسل والنبيين، وأفضل الأولين والآخرين، وارفع الشفعاء منزلة وأعظمهم جاهاً عند الله تبارك وتعالى، تبين أن من دونه من الأنبياء والصالحين أولى بأن لا يشرك به، ولا يُتخذ قبره وثناً يعبد، ولا يُدعى من دون الله لا في حياته ولا في مماته ولا يجوز لأحد أن يستغيث بأحد من المشايخ الغائبين ولا الميتين، مثل أن يقول: ياسيدي فلاناً أغثني وانصرني وادفع عني، أو أنا في حسبك. ونحو ذلك.
بل كل هذا من الشرك الذي حرم الله ورسوله، وتحريمه مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام، وهؤلاء المستغيثون بالغائبين والميتين عند قبورهم وغير قبورهم - لما كانوا من جنس عباد الأوثان - صار الشيطان يضلهم ويغويهم، كما يضل عباد الأصنام ويغويهم فتتصور الشياطين في صورة ذلك المستغاثُ به، وتخاطبهم بأشياء على سبيل المكاشفة، كما تخاطب الشياطين الكهان، وبعض ذلك صدق، لكن لابد أن يكون في ذلك ماهو كذب، بل الكذب أغلب عليه/ من الصدق"
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي