الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
قال الخلال في السنة 980- أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى , وَمُحَمَّدُ
بْنُ عَلِيٍّ , أَنَّ حَمْدَانَ بْنَ عَلِيٍّ الْوَرَّاقَ حَدَّثَهُمْ قَالَ : سَأَلْتُ
أَحْمَدَ , وَذُكِرَ عِنْدَهُ الْمُرْجِئَةُ
فَقُلْتُ لَهْ : إِنَّهُمْ يَقُولُونَ
: إِذَا عَرَفَ الرَّجُلُ رَبَّهُ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ , فَقَالَ : الْمُرْجِئَةُ
لاَ تَقُولُ هَذَا , بَلِ الْجَهْمِيَّةُ تَقُولُ بِهَذَا , الْمُرْجِئَةُ تَقُولُ
: حَتَّى يَتَكَلَّمَ بِلِسَانِهِ , وَتَعْمَلَ جَوَارِحُهُ , وَالْجَهْمِيَّةُ تَقُولُ
: إِذَا عَرَفَ رَبَّهُ بِقَلْبِهِ , وَإِنْ لَمْ تَعْمَلْ جَوَارِحُهُ , وَهَذَا كُفْرُ
إِبْلِيسَ , قَدْ عَرَفَ رَبَّهُ , فَقَالَ : {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} .
قُلْتُ : فَالْمُرْجِئَةُ لِمِ
كَانُوا يَجْتَهِدُونَ وَهَذَا قَوْلُهُمْ ؟
قَالَ : الْبَلاَءُ.
فحمدان الوراق يتعجب قائلاً : ( فَالْمُرْجِئَةُ لِمِ كَانُوا يَجْتَهِدُونَ
وَهَذَا قَوْلُهُمْ ؟)
فهل كانوا يجتهدون حقاً ؟
الجواب : نعم وهذا من عجائب الأمور
فمنهم ذر الهمداني قال ابن حبان :" كان من عباد الكوفة "
ومع ذلك هجروه لإرجائه
ومنهم طلق بن حبيب وقد اشتهر بالعبادة ومن بليغ قوله
ما روى ابن أبي شيبة في المصنف 36308- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ،
عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، قَالَ : قلْنَا لِطَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ : صِفْ لَنَا
التَّقْوَى ، قَالَ : التَّقْوَى عَمَلٌ بِطَاعَةِ اللهِ رَجَاءَ رَحْمَةِ اللهِ عَلَى
نُورٍ مِنَ اللهِ ، وَالتَّقْوَى تَرْكُ مَعْصِيَةِ اللهِ مَخَافَةَ اللهِ عَلَى نُورٍ
مِنَ اللهِ.
ومنهم إبراهيم التيمي
و قال الأعمش : كان إبراهيم إذا سجد تجىء العصافير فتنقر ظهره .
ومن بليغ قوله : ( ما عرضت قولي على فعلي إلا خشيت أن أكون مكذباً )
يقول هذا وهو مرجيء !
ومنهم عمرو بن مرة وقد قيل فيه إذا رأيته في صلاة ظننت أنه لا ينفتل إلا
وقد استجيب له
ووقوع هذا هؤلاء في هذه البدعة السوء مع مناقضتها لأحوالهم التي كانوا
عليها ، يدلك على أنه لا غنى للمرء عن الأثر وعن اقتفاء سبيل الأولين
وعلى حالهم هذه كان النخعي يقول هم أبغض إلي من اليهود والنصارى ، وكان
شريك يقول فيهم أشر أهل البدع ، وما رفعوا رأساً بعبادتهم واجتهادهم فليعتبر من هذا
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم