مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الكلام على زيادة ( وما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم على أوالي الصعدات تجارون )

الكلام على زيادة ( وما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم على أوالي الصعدات تجارون )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


قال أحمد في المسند 21555 :  ثنا أسود هو بن عامر ثنا إسرائيل عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن مورق عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :" إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا عليه ملك ساجد لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ولا تلذذتم بالنساء على الفرشات ولخرجتم على أوالي الصعدات تجارون إلى الله قال فقال أبو ذر والله لوددت أني شجرة تعضد" . ورواه غير الإمام أحمد

وهذا إسناد ظاهره السلامة إلا ما قيل في حال إبراهيم بن مهاجر وبعض النقاد يحسن حديثه إلى أن السند له علةٌ أخرى

قال ابن أبي حاتم في المراسيل ص34:" قيل لأبي زرعة مورق العجلي عن أبي ذر قال مرسل لم يسمع مورق من أبي ذر شيئاً "

وقد روي موقوفاً على أبي ذر من وجه فيه كلام

قال ابن أبي شيبة
35827: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ : وَاللهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً ، وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ مَا انْبَسَطْتُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ ، وَلاَ تَقَارَرْتُمْ عَلَى فُرُشِكُمْ وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ وَتَبْكُونَ ، وَاللهِ لَوْ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَنِي يَوْمَ خَلَقَنِي شَجَرَةً تُعْضَدُ وَتُؤْكَلُ .

وكذا رواه أبو داود في الزهد 194
وفيه علة فإن رواية الأعمش عن مجاهد فيها كلام

قال أبو حاتم الرازي كما في العلل 2119:" الأعمش قليل السماع من مجاهد وعامة ما يروي عن مجاهد مدلس"

وفي علل الدارقطني (ق49 /2) : " وقيل إن الأعمش لم يسمع من مجاهد"


استفدت هذا النص من كتاب نثل النبال

وقال يعقوب بن شيبة في مسنده: "ليس يصح للأعمش عن مجاهد إلا أحاديث يسيرة، خمسة أو نحوها، قلت لعلي بن المديني: كم سمع الأعمش من مجاهد؟ قال: لا يثبت منها إلا ما قال: "سمعت"، هي نحو من عشرة، وإنما أحاديث مجاهد عنده عن أبي يحيى القتات، وحكيم بن جبير، وهؤلاء"
نقل ذلك ابن حجر في تهذيب التهذيب (2/111) .

ومما يؤكد أن الأعمش مع كونه سمع من مجاهد إلا أنه يدلس عنه ما لم يسمعه منه: ما رواه البخاري في تاريخه الكبير (1/74) قال: "وقال لي يحيى بن معين: قال أبو معاوية: أنا حدثت الأعمش، عن هشام، عن سعيد العلاف، عن مجاهد: في إطعام المسلم السغبان، فدلَّسه عني"


وقال يحيى بن سعيد : "كتبت عن الأعمش أحاديث عن مجاهد كلها ملزقة لم يسمعها "

رواه ابن أبي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل (1/241)

وقال ابن معين في تاريخ الدوري (2/234) :" إنما سمع الأعمش من مجاهد أربعة أحاديث أو خمسة "

وقريبٌ منه قول وكيع كما في الجرح والتعديل (1/244)

قال عبدالله بن أحمد لأبيه :" أحاديث الأعمش عن مجاهد عمن هي فقال أحمد : قال أبو بكر بن عياش قال رجلٌ للأعمش : ممن سمعته في شيء رواه عن مجاهد فقال الأعمش : مر كزار مر ( بالفارسية ) يعني حدثنييه ليث عن مجاهد"

هذا في العلل (364)

* أحاديث الأعمش عن مجاهد في الصحيحين

والسؤال هنا هل احتج أصحاب الصحيحين بحديثٍ انفرد به الأعمش عن مجاهد بالعنعنة ؟

الجواب : لا

وإليك تفصيل ذلك

أحاديث الأعمش عن مجاهد في الصحيحين كالتالي

1- حديث ( لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا )
رواه البخاري من حديث شعبة عنه
ورواية شعبة عن الأعمش حكمها الاتصال لأنه لم يكن يروي عن شيوخه الأحاديث المدلسة

2-حديث ( من الشجر شجرة بركتها كالمسلم ) رواه البخاري وقد صرح الأعمش بالتحديث عنده في كتاب الأطعمة وتابعه جماعة عند البخاري ومسلم

3- ( الرحم معلقة بالعرش ) رواه البخاري وقد توبع الأعمش عليه من قبل فطر والحسن بن عمرو في نفس الرواية
4- ( كن في الدنيا كأنك غريب ) الحديث رواه البخاري بتصريح الأعمش بالتحديث
قال ابن حبان في روضة العقلاء (ص148و149)
( قد مكثت مدة أظن أن الأعمش دلسه عن مجاهد حتى رأيت علي بن المديني رواه عن الطفاوي فصرح بالتحديث )

قلت : وأما العقيلي فاعتبر رواية التصريح بالتحديث معلولة
نقل ذلك ابن حجر  في النكت الظراف ولا يحضرني مصدر توثيقه

5- ( ائذنوا للنساء إلى المساجد بالليل )
رواه مسلم وقد توبع الأعمش عنده من قبل عمرو بن دينار ومجاهد من قبل بلال بن عبدالله

6- ( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ) رواه البخاري وقد صرح الأعمش بالتحديث عنده (6052)

7- حديث انشقاق القمر رواه مسلم من حديث شعبة عنه
وبهذا يعلم أن ما رواه الأعمش عن مجاهد بالعنعنة لا يقبل
وإتماماً للفائدة أورد هنا الأحاديث التي ثبت فيها تصريح الأعمش بالتحديث من مجاهد أو كانت من رواية شعبة عنه

الحديث الأول :حديث ( لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا )
رواه البخاري من حديث شعبة عنه

الحديث الثاني : حديث ( من الشجر شجرة بركتها كالمسلم ) رواه البخاري وقد صرح الأعمش بالتحديث عنده في كتاب الأطعمة
الحديث الثالث: ( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ) رواه البخاري وقد صرح الأعمش بالتحديث عنده (6052)

الحديث الرابع : حديث انشقاق القمر رواه مسلم من حديث شعبة عنه
الحديث الخامس ( لو أن قطرةً من الزقوم ) رواه الطيالسي (2643) وابن ماجة (4325) من حديث شعبة عنه

الحديث السادس ( أنذرتكم الدجال ) رواه أحمد (23685) وهو من حديث شعبة عنه

الحديث السابع :حديث ( كم في الدنيا كأنك غريب ) رواه البخاري وعند صرح الأعمش بالتحديث

الحديث الثامن : رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ ( 3/147) حدثني عمر بن حفص قال حدثني أبي قال ثنا الأعمش قال حدثني مجاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بجمل قد اشتراه

الحديث التاسع :رواه يعقوب بن سفيان أيضاً في المعرفة والتاريخ (3/147) حدثنا ابن نمير عن أبيه عن الأعمش حدثنا مجاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن أعتى الناس على الله من قتل غير قاتله

وقد ثبت في صحيح البخاري من غير وجه :" وْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا"

قال البخاري 4621 : حَدَّثَنَا مُنْذِرُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَارُودِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ قَالَ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا قَالَ فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ فَقَالَ رَجُلٌ مَنْ أَبِي قَالَ فُلَانٌ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ { لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ }
وقال أيضاً
1044 : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الْأُولَى ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ انْجَلَتْ الشَّمْسُ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا ثُمَّ قَالَ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلبَكَيْتُمْ كَثِيرًا.
وهذا رواه مسلم( 901 )
وقال أيضاً 6485 : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا

وقال الحاكم 7905 : أخبرني أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه أنبأ علي بن عبد العزيز ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا شعبة عن يزيد بن خمير عن سليمان بن مرثد عن أبي الدرداء رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا و لضحكمتم قليلا و لخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز و جل لا تدرون تنجون أو لا تنجون .

وهذا الخبر رواه أبو داود في الزهد موقوفاً على أبي الدرداء بزيادة في إسناده

قال أبو داود في الزهد 204 :  أنا حفص بن عمر ، قال : نا شعبة ، عن يزيد بن خمير ، عن سليمان ، عن ابن بنت أبي الدرداء ، عن أبي الدرداء ، قال :
 لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ، ولبكيتم كثيرا ، ولخرجتم إللا تالصعدات تجأرون وتبكون ، ولا تدرون تنجون أو لا تنجون .

فزاد في إسناده ( ابن بنت أبي الدرداء ) وهو مجهول ووقفه ، وحفص بن عمر هو الحوضي ثقة ثبت لم يؤخذ عليه حرف كما قال الإمام أحمد فزيادته في السند مقبولة ووقفه أرجح .

وقد رجح أبو حاتم الوقف كما في العلل لابنه

قال ابن أبي حاتم في العلل (2/74) :
"سألت أبي عن حديث رواه مسلم بن ابراهيم عن شعبة عن يزيد بن خمير عن سليمان بن مرثد عن أبي الدرداء عن النبي قال لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا قال أبي كذا حدثنا مسلم وحدثنا أبو عمر الحوضي عن شعبة عن يزيد بن خمير عن سليمان عن ابن بنت أبي الدرداء عن أبي الدرداء قال لو تعلمون موقوف قال أبي وهذا أشبه وموقوف أصح وأصحاب شعبة لا يرفعون هذا الحديث "

وليس في حديث أبي الدرداء لفظة ( وما تلذذتم بالنساء على الفرش )

وقد وجدت شاهداً عند ابن أبي الدنيا في الزهد
506 : حدثنا محمد بن جعفر الوركاني ، نا معمر بن سليمان ، عن سعيد بن عوسجة ، أن أبا الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
 لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ، ولضحكتم قليلا ، ولهانت عليكم الدنيا ، ولآثرتم الآخرة .
 ثم قال أبو الدرداء من قبل نفسه : لو تعلمون ما أعلم لخرجتم إلى الصعدات تبكون على أنفسكم ، ولتركتم أموالكم لا حارس لها ، ولا راجع إليها ، إلا ما لا بد لكم منه ، ولكن يغيب عن قلوبكم ذكر الآخرة ، وحضرها الأمل فصارت الدنيا أملك بأعمالكم ، وصرتم كالذين لا يعلمون ، فبعضكم شر من البهائم التي لا تدع هواها مخافة مما في عاقبته ، ما لكم لا تحابون ، ولا تناصحون ، وأنتم إخوان على دين ، ما فرق بين أهوائكم إلا خبث سرائركم ، ولو اجتمعتم على البر لتحاببتم ، ما لكم تناصحون في أمر الدنيا ، ولا تناصحون في أمر الآخرة ، لا يملك أحدكم النصيحة لمن يحبه ويعينه على أمر آخرته ، ما هذا إلا من قلة الإيمان في قلوبكم ، لو كنتم توقنون بخير الآخرة وشرها ، كما توقنون بالدنيا ، لآثرتم طلب الآخرة ، لأنها أملك لأموركم ، فإن قلتم : حب العاجلة غالب ، فإنا نراكم تدعون العاجل من الدنيا للآجل منها ، تكدون أنفسكم بالمشقة والاحتراق في أمر لعلكم لا تدركونه ، فبئس القوم أنتم ، ما حققتم إيمانكم بما يعرف به الإيمان البالغ فيكم ، فإن كنتم في شك مما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فأتونا فلنبين لكم ولنريكم من النور ما تطمئن إليه قلوبكم ، والله ما أنتم بالمنقوصة عقولكم فنعذركم ، إنكم لتبينون صواب الرأي في دنياكم ، وتأخذون بالحزم في أمركم ، ما لكم تفرحون باليسير من الدنيا تصيبونه ؟ وتحزنون على اليسير منها يفوتكم ؟ حتى يتبين ذلك في وجوهكم ، ويظهر على ألسنتكم ، وتسمونها المصائب ، وتقيمون فيها المآتم ، وعامتكم قد تركوا كثيرا من دينهم بما لا يتبين ذلك في وجوهكم ، ولا يتغير حالكم ، إني لأرى الله قد تبرأ منكم ، يلقى بعضكم بعضا بالسرور ، وكلكم يكره أن يستقبل صاحبه بما يكره مخافة أن يستقبله صاحبه بمثله ، فأصبحتم على الغل ، ونبتت مراعيكم على الدمن ، وتصافيتم على رفض الأجل ، لوددت أن الله أراحني منكم ، وألحقني بمن أحب رؤيته ، ولو كان حيا لم يصابركم ، فإن كان فيكم خير أسمعتكم ، وإن تطلبوا ما عند الله تجدوه يسيرا ، وبالله أستعين على نفسي وعليكم .

وفيه سعيد بن عوسجة لم أعرفه ولا أدري إن كان سمع من أبي الدرداء وقد روى تمامه موقوفاً وليس فيه شاهد ( وما تلذذتم بالنساء على الفرش )

ولعل سعيد هو سويد بن غفلة بن عوسجة ، غير أنني لم أجد معمر بن سليمان في تلاميذ سويد ، ومعمر رقي وسويد كوفي ، وأبو الدرداء شامي فاحتمال الإنقطاع وارد إن قلنا أنه سويد بن غفلة ، وقد طعنوا في سماع أبي وائل ( وهو مخضرم ) من أبي الدرداء بأن أبا وائل كوفي وأبو الدرداء شامي والله أعلم والخبر على كل حال موقوف لا يصلح أن يشهد للمرفوع

والخلاصة على نقاط
الأولى : أن لفظة ( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ) ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، من طريق ثلاثة من الصحابة وهم عائشة وأنس وأبي هريرة وكل ذلك في صحيح البخاري .

الثانية : أن لفظة (ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون ) وردت من حديث أبي ذر وفي سندها انقطاع ولها شاهد من حديث أبي الدرداء ولا يصلح للاعتبار لأنه معلول بالوقف .

الثالثة : أن لفظة ( وما تلذذتم بالنساء على الفرش ) وردت من حديث أبي ذر وفي سنده انقطاع وروي عنه موقوفاً نحوه ولا يصح .
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي