الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
قال أحمد في مسنده 21777 : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِيهِ،
قَالَ:
اجْتَمَعَ جَعْفَرٌ وَعَلِيٌّ
وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: أَنَا أَحَبُّكُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَحَبُّكُمْ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَالَ: زَيْدٌ: أَنَا أَحَبُّكُمْ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالُوا: انْطَلِقُوا بِنَا
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَسْأَلَهُ، فَقَالَ
أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ: فَجَاءُوا يَسْتَأْذِنُونَهُ
فَقَالَ: اخْرُجْ فَانْظُرْ مَنْ
هَؤُلَاءِ؟
فَقُلْتُ: هَذَا جَعْفَرٌ وَعَلِيٌّ
وَزَيْدٌ، مَا أَقُولُ: أَبِي، قَالَ: ائْذَنْ
لَهُمْ وَدَخَلُوا فَقَالُوا: مَنْ أَحَبُّ
إِلَيْكَ؟
قَالَ: فَاطِمَةُ قَالُوا: نَسْأَلُكَ عَنِ الرِّجَالِ. قَالَ: «أَمَّا
أَنْتَ يَا جَعْفَرُ فَأَشْبَهَ خَلْقُكَ خَلْقِي، وَأَشْبَهَ خُلُقِي خُلُقُكَ، وَأَنْتَ
مِنِّي وَشَجَرَتِي
وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَلِيُّ فَخَتَنِي
وَأَبُو وَلَدِي، وَأَنَا مِنْكَ وَأَنْتَ مِنِّي، وَأَمَّا أَنْتَ يَا زَيْدُ فَمَوْلَايَ،
وَمِنِّي وَإِلَيَّ، وَأَحَبُّ الْقَوْمِ إِلَيَّ.
هذا الحديث فيه عنعنة ابن إسحاق وفيه نكارة بينة فإن المعروف أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال لهم هذا الكلام في خصومتهم على ابنة حمزة
قال البخاري في صحيحه 4251 : حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى
عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
لَمَّا اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ
يَدْخُلُ مَكَّةَ حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَلَمَّا
كَتَبُوا الْكِتَابَ كَتَبُوا هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ
قَالُوا لَا نُقِرُّ لَكَ بِهَذَا لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا مَنَعْنَاكَ
شَيْئًا وَلَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
فَقَالَ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
ثُمَّ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ امْحُ رَسُولَ اللَّهِ
قَالَ عَلِيٌّ لَا وَاللَّهِ لَا أَمْحُوكَ أَبَدًا فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِتَابَ وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ فَكَتَبَ هَذَا
مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
لَا يُدْخِلُ مَكَّةَ السِّلَاحَ إِلَّا السَّيْفَ فِي الْقِرَابِ وَأَنْ
لَا يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتْبَعَهُ وَأَنْ لَا يَمْنَعَ
مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى
الْأَجَلُ أَتَوْا عَلِيًّا فَقَالُوا قُلْ لِصَاحِبِكَ اخْرُجْ عَنَّا فَقَدْ مَضَى
الْأَجَلُ
فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَبِعَتْهُ ابْنَةُ حَمْزَةَ تُنَادِي يَا عَمِّ يَا عَمِّ فَتَنَاوَلَهَا
عَلِيٌّ فَأَخَذَ بِيَدِهَا وَقَالَ لِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام دُونَكِ ابْنَةَ
عَمِّكِ حَمَلَتْهَا فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَجَعْفَرٌ
قَالَ عَلِيٌّ أَنَا أَخَذْتُهَا
وَهِيَ بِنْتُ عَمِّي وَقَالَ جَعْفَرٌ ابْنَةُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي وَقَالَ
زَيْدٌ ابْنَةُ أَخِي فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِخَالَتِهَا وَقَالَ الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ
وَقَالَ لِعَلِيٍّ أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ وَقَالَ لِجَعْفَرٍ أَشْبَهْتَ
خَلْقِي وَخُلُقِي وَقَالَ لِزَيْدٍ أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا
وَقَالَ عَلِيٌّ أَلَا تَتَزَوَّجُ بِنْتَ حَمْزَةَ قَالَ إِنَّهَا ابْنَةُ
أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ
وليس فيه قوله لزيد ( وأنت أحب القوم إلي ) ولا قوله لجعفر ( أنت من شجرتي
)
قال ابن حجر في المطالب العالية 1733 : وقال ابن أبي عمر : حدثنا عبد العزيز
بن محمد الدراوردي ، عن يزيد بن الهاد ، عن محمد بن نافع بن عجير ، عن أبيه ، عن علي
بن أبي طالب ، قال :
خرج زيد بن حارثة إلى مكة ، فقدم
ببنت حمزة بن عبد المطلب ، فقال جعفر بن أبي طالب : أنا آخذها وأنا أحق بها ، بنت عمي
وعندي خالتها ، وإنما الخالة أم وهي أحق ، وقال علي : بل أنا أحق بها ، هي ابنة عمي
، وعندي بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي أحق بها ، وإني لأرفع صوتي ليسمع رسول
الله صلى الله عليه وسلم حجتي (1) قبل أن يخرج ، وقال زيد : بل أنا أحق بها ، خرجت
بها وسافرت ، وجئت بها
فخرج رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال : ما شأنكم ؟
فقال علي : بنت عمي ، وأنا أحق
بها ، وعندي ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تكون معها أحق بها من غيرها
وقال جعفر : أنا أحق بها يا رسول
الله ، ابنة عمي ، وعندي خالتها والخالة أم ، وهي أحق بها من غيرها
وقال زيد : بل أنا أحق بها يا
رسول الله ، أنا خرجت بها ، وتجشمت السفر وأنفقت ، فأنا أحق بها
فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : أقضي بينكم في هذا وفي غيره
قال علي : فلما قال : في غيره
قلت
: نزل القرآن في رفعنا أصواتنا
فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : أما أنت يا زيد بن حارثة فمولاي ومولاهما قال : قد
رضيت يا رسول الله ، وأما أنت يا جعفر ، فأشبهت
خلقي وخلقي ، وأنت من شجرتي التي خلقت منها
قال : قد رضيت يا رسول الله ،
وأما أنت يا علي فصفيي وأميني .
قال يزيد بن الهاد : فذكرت ذلك لعبد الله بن حسن ، فقال : إنه قال : أنت مني
وأنا منك .
قال : رضيت يا رسول الله ، قال
: وأما الجارية فقد قضيت بها لجعفر ، تكون مع خالتها
، والخالة أم
قالوا : سلمنا يا رسول الله
أقول : نافع بن عجير مجهول الحال ولا تصح صحبته ، وهذا المتن أنكر من الأول
فإن الذي في صحيح البخاري أن ابنة حمزة لحقت بالنبي صلى الله عليه وسلم
بعد الحديبية وفي هذا أن زيداً هو الذي أتى بها ويقول :" بَلْ أَنَا أَحَقُّ بِهَا
، خَرَجْتُ إِلَيْهَا ، وَسَافَرْتُ وَجِئْتُ بِهَا" وهذه نكارة بينة
وقوله لعلي ( فصفيي وأميني ) يخالف الذي الصحيح والذي في الرواية السابقة
وليس في هذا أنه قال لزيد تلك اللفظة المنكرة (أما أنت فمولاي وأحب القوم
إلي )
فلا يطمئن القلب إلا لتصحيح الوارد في صحيح البخاري وأما الروايتان الأخريان
فمنكرتان وفيها زيادات
1_ قوله لزيد (وَأَمَّا أَنْتَ يَا زَيْدُ فَمَوْلَايَ، وَمِنِّي وَإِلَيَّ،
وَأَحَبُّ الْقَوْمِ إِلَيَّ) وهذه انفردت بها إحدى الروايات المنكرة دون الأخرى فلا
مجال لتصحيحها بحال
2_ قوله لعلي (وأما أنت يا علي فصفيي وأميني) وهذه انفردت بها إحدة الروايات
المنكرة دون الأخرى فلا مجال لتصحيحها
3- قوله لعلي (وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَلِيُّ فَخَتَنِي وَأَبُو وَلَدِي)
، وهذه انفردت بها إحدى الروايات المنكرة دون الأخرى فلا مجال لتصحيحها
4- قوله لجعفر ( وأنت من شجرتي ) وهذه اتفقت عليها الروايتان المنكرتان
، ولا تصح عندي لنكارة الروايتين
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم