مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: تفصيل الإمام أحمد في مسألة زكاة المال المستفاد

تفصيل الإمام أحمد في مسألة زكاة المال المستفاد



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

                   
فمن المعلوم عند عامة المسلمين من كان عنده مال زكوي وبلغ النصاب وحال عليه الحول فإن الزكاة تجب فيه

غير أن السؤال هنا : إذا استفاد مالاً زائداً على النصاب أثناء الحول

فما حكم هذا المال المستفاد

هل يضمه إلى أصل المال ( البالغ للنصاب ) ويزكيه عند حلول الحول ؟

أم يعزله عن المال الأصل فإذا كان هذا المال المستفاد يبلغ نصاباً زكوياً استأنف فيه حولاً جديداً غير حول المال القديم

ومن باب التمثيل أقول رجل عنده مائة دينار وهذا نصاب زكاة ، وبعد مرور ستة أشهر على وجود المائة دينار عنده استفاد مائة أخرى

فعلى القول بضم المالين أحدهما للآخر يضم صاحب المال هذه المائة إلى المائة الأخرى وبعد ستة أشهر ( تمام الحول ) يزكي مائتين

وعلى القول بعدم الضم ينتظر ستة أشهر ( تمام الحول ) ليزكي المائة الأولى ، وأما المائة الثانية فلا يزكيها حتى يمر عليها حول عنده

بعد أن اتضحت عندك المسألة نظرياً إليك دليل من قال بعدم الضم

قال الترمذي في جامعه 632 : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
مَنْ اسْتَفَادَ مَالًا فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ عِنْدَ رَبِّهِ  . وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. وَرَوَاهُ أَيُّوبُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، مَوْقُوفًا.
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ضَعِيفٌ فِي الحَدِيثِ، ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَعَلِيُّ بْنُ المَدِينِيِّ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ الحَدِيثِ وَهُوَ كَثِيرُ الغَلَطِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ لَا زَكَاةَ فِي المَالِ المُسْتَفَادِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ وَبِهِ يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ. وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ: إِذَا كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَفِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ سِوَى الْمَالِ الْمُسْتَفَادِ - مَالٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ - لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِي المَالِ المُسْتَفَادِ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ، فَإِنْ اسْتَفَادَ مَالًا قَبْلَ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ، فَإِنَّهُ يُزَكِّي المَالَ المُسْتَفَادَ مَعَ مَالِهِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَهْلُ الكُوفَةِ

أثر ابن عمر صحيح وقد قال الشيخ الألباني في صحيح الترمذي :" صحيح الإسناد موقوف وهو في حكم المرفوع"
ولا يظهر في الحقيقة كونه في حكم المرفوع فإن في المسألة مجالاً للرأي ، وعلى العموم هذا دليل الجمهور في أن المال المستفاد لا بد له من حول جديد ولا يكون حوله حول المال الآخر من جنسه

وقد كنت على ذلك برهة من الزمن حتى وجدت تفصيلاً للإمام أحمد في مسائل ابنه صالح يجلي المسألة أكثر

قال صالح في مسائله عن أبيه 948 :
 قلت الْفَائِدَة من المَال يضم بَعْضهَا إِلَى بعض ؟
 قَالَ لَا يضم بَعْضهَا إِلَى بعض مَا كَانَ من مِيرَاث أَو صَدَقَة أَو هبة أَو عَطاء فَلَا يُزكي حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول إِلَّا أَن يكون تَاجر قد زكى مَاله ثمَّ ربح فَإِنَّهُ يُزكي الرِّبْح مَعَ مَاله وَذَلِكَ .
 لقَوْل عمر إِذْ مر على صَاحب الجعاب والأدم فَقَالَ قوم وزك وَذَلِكَ لِأَن نماءها مِنْهَا وَكَذَلِكَ فِي الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم إِذا توالدت فَإِنَّهُ يزكيها صغارها وكبارها

بيان قول الإمام أحمد أن المال المستفاد إذا كان هبة أو صدقة أو ميراثاً فلا يضم إلى المال الأصل

أما إذا كان المال المستفاد من عروض التجارة ، فهذا زكاته زكاة أصله

بمعنى رجل عنده مائة دينار يتاجر بها فما حال عليه الحول إلا وقد ربح حتى صارت المائة ثلاثمائة فإنه يزكي ثلاثمائة ، والفرق بين هذا وما قبله واضح فإن المال المستفاد هنا إنما استفيد بسبب المال الأصل فكان تابعاً له ، وهنا احتج أحمد بأثر عمر

ومثل المال المستفاد في عروض التجارة ، الإبل والغنم والبقر إذا توالدت

فعلى سبيل المثال رجل عنده خمسة من الإبل ( سائمة) ، فما حال عليه الحول إلا وهي عشرة من التوالد فيزكي عشرة

وتخصيص أحمد للتوالد بالذكر يشعر بأن من استفاد إبلاً أو غنماً أو بقراً عن طريق الهبة أو الميراث فإنه لا يضمها إلى المال الأصل وهذا أقيس
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي