الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فمن القواعد المعروفة عند المتكلمين ( أن ما حلت فيه الحوادث لم يخل منها
وما لم يخل من الحوادث فهو حادث ) ولهذه القاعدة أنكر عامة المعطلة الصفات الفعلية
لأنها حوادث
فإثباتها يستلزم حدوث الرب
وبهذه القاعدة أولوا عشرات النصوص الدالة على ثبوت الصفات الفعلية كقوله
تعالى : ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ) ، وقوله تعالى : ( الرحمن على العرش
استوى ) وقوله تعالى ( وجاء ربك والملك صفا صفا ) وأحاديث النزول المتواترة
وغيرها من البراهين الجلية
فمن أين جاءت هذه القاعدة التي حكمت على الكتاب والسنة أن ظاهرهما يقتضي
حدوث الرب
قال الإيجي الأشعري في المواقف (2/609) :" مذهب جالينوس في حدوث الأجسام
مسالك، المسلك الأول وهو المشهور: الأجسام لا تخلو عن الحوادث وكل ما لا يخلو عن الحوادث
فهو حادث"
جالينوس هذا فيلسوف يوناني كافر !
فانظر كيف تركوا الكتاب والسنة
وأخذوا بزبالة عقل رجل كافر .
والعجيب أن هذه القاعدة لم يتخلف
عنها أحد من المتكلمين حتى الكلابية ينكرون الصفات الفعلية لهذه القاعدة
فوالله قد أحسن الشافعي في حكمه عليهم أن يضربوا بالجريد والنعال
قال ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل (1/203) :" ولهذا كان ابن
النفيس المتطبب الفاضل يقول ليس إلا مذهبان مذهب أهل الحديث أو مذهب الفلاسفة فأما
هؤلاء المتكلمون فقولهم ظاهر التناقض والإختلاف يعني أن أهل الحديث أثبتوا كل ما جاء
به الرسول وأولئك جعلوا الجميع تخييلا وتوهيما ومعلوم بالأدلة الكثيرة السمعية والعقلية
فساد مذهب هؤلاء الملاحدة فتعين أن يكون الحق مذهب السلف أهل الحديث والسنة والجماعة
"
ثم إن المتكلمين عالة على الفلاسفة فهذا وجه آخر في عدم اعتبار مذهبهم
وقال ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة (1/61) :" وكان ابن عقيل رحمه
الله من أفاضل العالم، وأذكياء بني آدم، مفرط الذكاء، متسع الدائرة في العلوم. وكان
خبيرًا بالكلام، مطلعًا على مذاهب المتكلمين. وله بعد ذلك في ذم الكلام وأهله شيء كثير،
كما ذكر ابن الجوزي وغيره عنه أنه قال: أنا أقطع أن الصحابة ماتوا، ما عرفوا الجوهر
والعَرض. فإن رضيتَ أن تكون مثلهم فكن، وإنْ رأيتَ أنَّ طريقة المتكلمين أولى من طريقة
أبي بكر وعمر، فبئس ما رأيتَ"
أما وقد رأوا أن طريقة جالينوس أولى من طريقة المهاجرين والأنصار بل والصحابة
كلهم بل وأهل القرون الفاضلة كلهم !
فخابوا وخسروا
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
