مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: ليست هذه الأقوال من مفاريد الظاهرية

ليست هذه الأقوال من مفاريد الظاهرية



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
 
                  
فمن المعلوم الخلاف المعروف بين علماء الأصول في مسألة الاعتداد بخلاف داود الظاهري حتى صنفت فيها المصنفات المفردة ، وحتى قال من قال :" لا يعتد بالظاهرية في النقليات كما لا يعتد بالسوفسطائية بالعقليات " ولكن قبل الخوض في التفريع على هذا الخلاف ينبغي ملاحظة أمرين

الأول : أن داود الظاهري غير ابن حزم ، وذلك أن القول الذي أحدثه ابن حزم بعد انقراض عصر السلف لا يعتد به ، لأنه إنما قال به بعد انقراض عصرهم ، وأما داود الظاهري فكان معاصراً لهم لهذا بحثوا في أمره

الثاني : ينبغي البحث جيداً قبل ادعاء أهل القول من مفاريد الظاهرية ، وهنا سأذكر مثالين يحتذي بهما الباحث أحدهما في الفقه والآخر في العقيدة اشتهر عند طلبة العلم ، أنها من مفاريد الظاهرية أو ابن حزم والواقع أن له سلفاً فيما قال

المسألة الأولى : تفطير الصائم بالغيبة والكذب

هذا القول الشديد ينسب للظاهرية ، وقد قالوا به فعلاً غير أن لهم سلفاً من التابعين ( على ضعف القول )

قال ابن أبي شيبة في المصنف 8981- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : كَانُوا يَقُولُونَ : الْكَذِبُ يُفْطِرُ الصَّائِمَ.

والكذب إذا لم يتعلق بالحقوق كانت الغيبة أشد منه لتعلقه بحقوق الناس

المسألة الثانية : عد ( الدهر ) في أسماء الله الحسنى

وهذا اشتهر بأنه من أقوال ابن حزم ، وقد سبقه إلى هذا نعيم بن حماد شيخ البخاري

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (2/494) :" وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَوْلُ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ وَطَائِفَةٍ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالصُّوفِيَّةِ: إنَّ الدَّهْرَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَعْنَاهُ الْقَدِيمُ الْأَزَلِيُّ "

وقال في الصارم المسلول (3/924) :" وسواء قلنا انه الدهر اسم من اسماء الله تعالى كما قال نعيم بن حماد او قلنا إنه ليس باسم وانما قوله انا الدهر اي انا الذي افعل ما ينسبونه الى الدهر ويوقعون السب عليه كما قاله ابو عبيدة والاكثرون "

فهنا نقل أن الأكثر ليسوا على تسميته بالدهر وهذا الصواب ، وهذان مثالان أردت منهما ألا يتسرع المرء في دعوى أن هذا القول من شذوذات الظاهرية ، وإن كان في العبرة في الحكم على الأقوال قوةً وضعفاً الدليل قبل النظر في وجود الخلاف أو عدمه
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي