الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
قال البخاري في صحيحه 2008 : حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ
أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِرَمَضَانَ مَنْ قَامَهُ
إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ
هذا الفضل في قيام شهر رمضان جعل كثيراً من الناس يحرصون على صلاة القيام
( التراويح ) في شهر رمضان وهذا أمرٌ طيب ولا شك
غير أن كثيراً منهم يتساهل في أداء الفريضة في جماعة أو في وقتها مع حرصه
على صلاة القيام وهذا غلط عظيم
فإن صلاة الفريضة أفضل وأعظم أجراً بإجماع العلماء وهذا ما دلت عليه النصوص
فإن حرصت على النافلة لفضل سمعته فيها ، فليكن حرصك على الفريضة أعظم
قال الإمام مسلم في صحيحه 1435- [260-656] حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
، أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ
، وَهُوَ ابْنُ زِيَادٍ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ أَبِي عَمْرَةَ ، قَالَ : دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ الْمَسْجِدَ بَعْدَ
صَلاَةِ الْمَغْرِبِ ، فَقَعَدَ وَحْدَهُ ، فَقَعَدْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ ، يَا ابْنَ
أَخِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : مَنْ
صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ ، وَمَنْ صَلَّى
الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ.
وهذا دليل في مسألتنا فالنبي صلى الله عليه وسلم جعل شهود جماعة العشاء
وجماعة الفجر كقيام الليل كله ومن فينا يقول الليل كله ؟!
وقال الإمام البخاري في صحيحه 6502 : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ
بْنِ كَرَامَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ
حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ
قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ
عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي
يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ
سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي
يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ
وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ
تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ
وموطن الشاهد قوله : ( وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ
إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ)
ولا شك أن هذه الفرائض مع عظم يزداد أجرها في مواسم الخير كشهر رمضان ،
والعاقل يحرص على الفريضة ويحرص على النافلة ويكون حرصه على الفريضة أعظم ومن قلة الفقه
أن نفرط بالفاضل ونتشبث بالمفضول
ومن هذا الباب ما ورد في فضل صيام النافلة وأن من صام يوماً سبيل الله
باعد الله بينه وبين جهنم سبعين خريفاً فهذا أجر النافلة فكيف بأجر الفريضة وهي صيام
رمضان
وقد جاءنا رمضان في الصيف والحر وهذا مدعاة لئن يحتسب المرء الأجر أكثر
فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة ( أجرك على قدر نصبك )
وأما بلدان المسلمين التي ابتليت بالفتن والقلاقل فلا يملك المرء إلا أن
يذكرهم بالحديث الذي رواه مسلم
قال الإمام مسلم 7510- [130-2948] حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ
، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(ح) وَحَدَّثَنَاهُ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، عَنِ الْمُعَلَّى
بْنِ زِيَادٍ ، رَدَّهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ ، رَدَّهُ إِلَى مَعْقِلِ بْنِ
يَسَارٍ ، رَدَّهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الْعِبَادَةُ
فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ.
والهرج هو القتل
اللهم احقن دماء المسلمين في كل مكان
وبقي التنبيه على أن كثيراً من المسلمين يحرصون على شهود دعاء القنوت مع
الإمام ويغفلون عن الدعاء في السجود وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، وعن الدعاء
بين الأذان والإقامة وهو من مواطن الاستجابة ، وعن الدعاء في ثلث الليل الآخر وهو وقت
النزول الإلهي
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم