مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: من أكاذيب وأغاليط «د.محمد العريفي» في خطبته عن أهل مصر

من أكاذيب وأغاليط «د.محمد العريفي» في خطبته عن أهل مصر



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
          
                 
فالكل رأى خطبة العريفي عن أهل مصر الذي أذكى فيها النفس القومي
ومع كونه هو القائل في كتابه «اركب معنا»: "في مصر : أضرحة الأولياء التي تنتشر في مدن مصر وقراها .. ستة آلاف ضريح .. وهي مراكز لإقامة الموالد للمريدين والمحبين .. بل إنه من الصعب أن تجد يوماً على مدار السنة ليس فيه احتفال بمولد ولي في مكان ما بمصر .. بل تعتبر القرية التي تخلو من أضرحة منزوعة البركة عندهم .. وتنقسم الأضرحة إلى كبرى وصغرى..
وكلما فخم البناء واتسع وذاع صيت صاحبه زاد اعتباره .. وكثر زواره ..فمن الأضرحة الكبرى في القاهرة : ضريح الحسين.. وضريح السيدة زينب.. وضريح السيدةعائشة.. والسيدة سكينة.. والسيدة نفيسة.. وضريح الإمام الشافعي.. وضريح الليث ابن سعد .. إضافة إلى ضريح البدوي بطنطا .. والدسوقي بدسوق .. والشاذلي بقرية حميثرة ..وقبر مزعوم للحسين .. يحج له الناس ويتقربون إليه بالنذر والقربات .. وتجاوز ذلك إلى الطواف به والاستشفاء .. وطلب قضاء الحاجات عند الملمات .. وضريح السيد البدوي .. له مواسم في السنة أشبه بالحج الأكبر .. يقصده الناس من خارج البلاد وداخلها .. من السُنة والشيعة .. وجلال الدين الرومي .. الذي كتب على قبره ومزاره : صالح للأديان الثلاثة .. المسلمين واليهود والنصارى .. ويدعى هذا الوثن بالقطب الأعظم .."ا.هـ.

لم يتكلم في خطبته عن شيء من هذه الأضرحة ، وصار يقول مصر ومصر ومنها فلان ومنها فلان وذكرت في القرآن وما نبه على دعوة الأنبياء بشيء وفي خطبته أكاذيب ومغالطات علمية وتاريخية يصعب استقصاؤها غير أنني أكتفي بالتنبيه على بعضها:

التنبيه الأول : قوله ( إنني اتحدث اليوم عن أم الدنيا , دعوني اليوم اتحدث عن مصر)؛ تلقيب مصر بأم الدنيا لا أصل له في الكتاب ولا في السنة ولا في كلام المؤرخين فالله عز وجل سمى مكة ( أم القرى ) ، وكان ياقوت قد أطلق على بغداد لقب (أم الدنيا).

التنبيه الثاني: قوله ( إذا ذكرت المصريين ذكرت الكعبة والبيت الحرام فإن عمر رضي الله تعالى عنه , ارسل إلى عامله في مصر أن يصنع كسوة للكعبة المشرفة , فصنعت الكسوة من عهد عمر رضي الله عنه وضلت كسوة الكعبة تصنع هناك في مصر سنة تلو سنة حتى مرت اكثر من الف سنه وكسوة الكعبة ترسل من مصر إلى مكة ولم يتوقف ذلك إلا قبل قرابة المئة سنة).

قوله بأن الكعبة كانت تكسى من مصر من وقت عمر إلى قبل مائة سنة كذب قبيح فإن المصادر التاريخية تذكر أنه في دولة بني أمية كانت ترسل من الشام
قال المروزي في تعظيم قدر الصلاة 369 - حدثنا أبو جعفر محمد بن عمار الرازي ، ثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أنا إسرائيل ، عن منصور ، عن سالم ، عن عطية العامري ، عن يزيد بن بشير الجرشي ، قال : بعثني عبد الملك بن مروان بكسوة الكعبة ، فأتيت عبد الله بن عمر فكنت عنده ، فأتاه رجل فقال : يا أبا عبد الرحمن ، آثرت الحج والعمرة على الجهاد ؟ ثلاث مرات ، فقال : ويلك ، ((إن الإيمان بني على خمس : أن تعبد الله لا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتحج البيت ، وتصوم رمضان، فقال الرجل : تصوم رمضان ، وتحج البيت ؟ فقال : لا ، بل تحج البيت ، وتصوم رمضان ، هكذا حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم)).

وعبد الملك كان بالشام ، وفي دولة العبيديين الذين يسمون بالفاطميين أفتى العلماء بأن مصر أرض حرب لكفر العبييديين فهؤلاء كيف يكسون الكعبة ؟!

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (35/ 139): "وَلِأَجْلِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ الزَّنْدَقَةِ وَالْبِدْعَةِ بَقِيَتْ الْبِلَادُ الْمِصْرِيَّةُ مُدَّةَ دَوْلَتِهِمْ نَحْوَ مِائَتَيْ سَنَةٍ قَدْ انْطَفَأَ نُورُ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ حَتَّى قَالَتْ فِيهَا الْعُلَمَاءُ: إنَّهَا كَانَتْ دَارَ رِدَّةٍ وَنِفَاقٍ كَدَارِ مُسَيْلِمَةِ الْكَذَّابِ".

التنبيه الثالث: قوله: (إذا ذكرت المصريين ذكرت امنا هاجر , ومارية القبطيه ذكرت اخوال رسولنا ,واصهار نبينا)، وهذا كذب قبيح على نبينا صلى الله عليه وسلم إذ لم يكن المصريون له أصهاراً ومارية القبطية كانت أمة وليست زوجة والرجل إنما يصهر للناس بالزواج.

التنبيه الرابع : قوله ( نعم إنني اتكلم عن مصر وصى النبي صلى الله عيله وسلم الأمة كلها بمصر وبأهلها فقال بأبي هو وامي ((إذا فتتحتوا مصر فاصتوصوا بمصر خيرا فإن لهم ذمة ورحما))، وفي لفظ قال: ((فإن لهم ذمة وصهرا)) (رواه مسلم).

الحديث مبتور والحديث تاماً هكذا.

قال مسلم في صحيحه 6585- [226-2543] حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي حَرْمَلَةُ (ح) وحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ ، وَهُوَ ابْنُ عِمْرَانَ التُّجِيبِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ ، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا ، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ ، فَاخْرُجْ مِنْهَا. قَالَ : فَمَرَّ بِرَبِيعَةَ ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ، ابْنَيْ شُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ ، يَتَنَازَعَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ ، فَخَرَجَ مِنْهَا.

وهم عادةً لا يذكرون الجزء الأخير من الحديث (إِذَا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ ، فَاخْرُجْ مِنْهَا.) لهوى في نفوسهم.

التنبيه الخامس: قوله (هاجر زوجة إبراهيم عليه السلام وهي ام اسماعيل جد نبينا عليه الصلاة والسلام هي مصرية من القبط , ومارية سرية رسول الله عليه الصلاة والسلام ,وام ولده ابراهيم هي مصريه ايضا , ولذلك قال عبدالله ابن عمر ابن العاص رضي الله تعالى عنهما قال قبط مصر هم اخوال قريش مرتين).

وهذا كذب سمج لم يقله عبد الله بن عمرو ولا خصوصية للقبط في ذلك فإن كثيراً من القرشيين نكحوا إماءاً من غير قريش وأنجبوا منهن.

التنبيه السادس : قوله (ولم يكتفِ نبينا صلى الله عليه وسلم بمدح مصر واهلها بل امر بالاحسان حتى إلى اقباطها فقال عليه الصلاة والسلام ((الله الله في قبط مصر فإنكم ستظهرون عليهم ويكونون عليكم عدة وعون في سبيل الله)) رواه الطبراني وصححه الألباني).

أولاً الحديث الصواب فيه الضعف وآخر قولي الألباني فيه التضعيف انظر الضعيفة (4437) وذكره تحت حديث آخر
 وقال الطبراني في الكبير 560 - حدثنا زكريا بن يحيى الساجي ثنا بندار (ح) وحدثنا محمد بن صالح النرسي ثنا محمد بن المثنى قالا ثنا وهب بن جرير ثنا أبي عن يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي سلمة عن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (أخرجوا اليهود من جزيرة العرب).

561 - وبإسناده عنها : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أوصى عند وفاته فقال : (الله الله في قبط مصر فإنكم ستظهرون عليهم يكون لكم عدة وأعوانا في سبيل الله)، ويحيى بن أيوب هذا صدوق يخطيء وخالفه غيره فرواه مرسلاً (انظر فتوح مصر والتعليقات الحسان).

والعجيب أنه حمل الحديث على غير المسلمين فتراه يقول ( بل امر بالاحسان حتى إلى اقباطها)، والأقباط نسب وليسوا ملة فحملهم على غير المسلمين مجاراةً لعرف العامة غلط.

التنبيه السابع : قوله ( وهي مبوء الصدق الذي قال الله تعالى عنه ﴿وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ﴾.

أقول : عامة المفسرين على أنها أرض الشام وفقط الضحاك قال (مصر والشام)
 قال ابن أبي حاتم في تفسيره 11416- حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: " مُبَوَّأَ صِدْقٍ " قَالَ:"بَوَّأَهُمُ اللَّهُ الشَّامَ وَبَيْتَ الْمَقْدِسِ".
11417- حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا سهل بن عثمان، ثنا مَرْوَانُ الفزاري، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَوْلُهُ: " مُبَوَّأَ صِدْقٍ " قَالَ:"مَنَازِلُ صِدْقٍ مِصْرُ وَالشَّامُ".
11418- أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، أَنْبَأَ أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ﴾قَالَ: ((الشَّامُ))، وَقَرَأَ: ﴿الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ﴾.

وكتمه لذكر الشام ما ينبغي.

التنبيه الثامن : قوله ((وفي ارض مصر الربوة التي أوى إليها عيسى عليه السلام وأمه قال جل وعلا ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾[المؤمنون : 50])).

ألا لعنة الله على الكاذبين لا يختلف المفسرون أن الربوة في أرض الشام واختلفوا في تعيينها ، وإنما ورد ذكر أنها مصر في خبر ضعيف منكر عن ابن المسيب.

قال الطبري في تفسيره (19/37) :" واختلف أهل التأويل في المكان الذي وصفه الله بهذه الصفة ، وآوَى إليه مريم وابنها، فقال بعضهم: هو الرَّمْلة من فلسطين.

ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن المثنى، قال: ثنا صفوان بن عيسى، قال: ثنا بشر بن رافع، قال: ثني ابن عمّ لأبي هريرة، يقال له : أبو عبد الله، قال: قال لنا أبو هريرة: الزموا هذه الرملة من فلسطين، فإنها الربوة التي قال الله: ﴿وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾.

حدثني عصام بن رَوّاد بن الجراح، قال: ثنا أبي، قال: ثنا عباد أبو عتبة الخوّاص، قال: ثنا يحيى بن أبي عمرو الشيباني، عن ابن وَعْلة، عن كريب قال: ما أدري ما حدثنا مُرَّة البَهزيّ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر أن الربوة : هي الرملة.

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن بشر بن رافع، عن أبي عبد الله ابن عمّ أبي هريرة، قال: سمعت أبا هريرة يقول في قول الله: ﴿إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾ قال: هي الرملة من فلسطين.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا صفوان، قال: ثنا بشر بن رافع، قال: ثني أبو عبد الله ابن عمّ أبي هريرة، قال: قال لنا أبو هريرة: الزموا هذه الرملة التي بفلسطين، فإنها الربوة التي قال الله: ﴿وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾.
وقال آخرون: هي دمشق.

ذكر من قال ذلك:
حدثنا أحمد بن الوليد القرشي، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب أنه قال في هذه الآية: ﴿وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾، قال: زعموا أنها دمشق.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: بلغني، عن ابن المسيب أنه قال : دمشق.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، مثله.
حدثني يحيى بن عثمان بن صالح السهمي، قال: ثنا ابن بكير، قال: ثنا الليث بن سعد، قال: ثني عبد الله بن لهيعة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب في قوله: ﴿وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾، قال: إلى ربوة من رُبا مصر قال: وليس الرُّبَا إلا في مصر، والماء حين يُرسَل تكون الربا عليها القرى، لولا الربَا لغرقت تلك القرى.
وقال آخرون: هي بيت المقدس.

ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: هو بيت المقدس.
قال ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: كان كعب يقول: بيت المقدس أقرب إلى السماء بثمانية عشر ميلا.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن كعب، مثله.
وأولى هذه الأقوال بتأويل ذلك: أنها مكان مرتفع ذو استواء ، وماء ظاهر، وليس كذلك صفة الرملة؛ لأن الرملة لا ماء بها مَعِين، والله تعالى ذِكْره وصف هذه الربوة بأنها ذات قرار ومَعِين".

فترك العريفي كل هذه الآثار وتشبت بالأثر المنكر الذي رواه ابن لهيعة والسهمي الضعيفان عن سعيد مع أنهما قد خولفا عنه والله المستعان.

وقال ابن كثير في تفسيره: "وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب في قوله تعالى: ﴿وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾، قال: هي دمشق (4).
قال: ورُوي عن عبد الله بن سلام، والحسن، وزيد بن أسلم، وخالد بن مَعْدان نحو ذلك.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا وَكِيع، عن إسرائيل، عن سِمَاك، عن عِكْرِمَة، عن ابن عباس: ﴿ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾، قال: أنهار دمشق".

وقال بعدها: "وكذا قال الضحاك، وقتادة: ﴿إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾: هو بيت المقدس. فهذا والله أعلم هو الأظهر؛ لأنه المذكور في الآية الأخرى. والقرآن يفسر بعضه بعضا. وهو أولى ما يفسر به، ثم الأحاديث الصحيحة، ثم الآثار".

التنبيه التاسع : قوله ( قال عمر بن العاص رحمه الله ورضي عنه قال: [ولاية مصر جامعة تعدل الخلافة ] يعني أن كل بلاد الاسلام في كفة، وإن الذي يلي على مصر يكون اخذ الكفة الاخرى).

وهذا أثر منقطع رواه ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن ابن لهيعة عن عمرو مباشرةً وهذا معضل ضعيف ، وظاهره لا يدل على الفضل بل ربما دل على الذم لكون متاعب الإمارة فيها تعدل متاعب بقية البلدان.

التنبيه العاشر: قوله: (قال ابو الزناد صاحب ابو هريرة رضي الله تعالى عنه قال :[خير سواحلكم رباطا الاسكندرية ]).

أقول : يا للحماقة أبو الزناد لم يكن صاحباً لأبي هريرة ولم يدركه أصلاً وإنما يروي عنه بواسطة الأعرج، والرواية عن الأعرج في فتوح البلدان 559 - وحدثني محمد بن سعد، عن الواقدي أن ابن هرمز الاعرج القارئ كان يقول: خير سواحلكم رباطا الاسكندرية.

والواقدي كذاب.

التنبيه الحادي عشر: قوله (وعند المصريين جامع الأزهر الذي له الفضل لمشهور، العلم المنثور والتقدم الكاسر، والارتفاع القاهر، العلماء فيه متكاثرون، والعباد فيه قائمون والزوار اليه متوافدون).

الجامع الأزهر بناه الزنادقة العبيديون ، وهو مؤسس على البدعة والضلالة من أول يوم إلى يومنا هذا، ثم إن في الجامع الأزهر أربعة أضرحة مشهورة فكيف تثني على جامع هذا شأنه يا دكتور العقيدة وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من اتخذ القبور مساجد ، ونحن نلعن من لعنه النبي ونلعن من أعانه وأثنى عليه.

التنبيه الثاني عشر: قوله (اما أهل مصر فيكفيهم شرف وفخر أن الله تعالى اختار منهم الأنبياء)، لا خصوصية لأهل مصر بهذا هداك الله والله عز وجل يقول ﴿ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً﴾.

التنبيه الثالث عشر: قوله: (وهذا يوشع ابن نون ولد في مصر وعاش فيها , وهذا الخضر , وهذا ايوب واشعيا وارميا -عليهم افضل الصلاة والسلام -كلهم دخل مصرا ومنهم من مات فيها).

لا دليل على شيء من هذا سوى ما بتعلق بيوشع.


التنبيه الرابع عشر: قوله (ولقد سكن مصر بعد فتحها جماعة من صحابة سيدي -رسول الله صل الله عليه وسلم- حتى لما احصي عدد الصحابة الذين دخلوا مصر , أو سكنوا فيها , أو زاروها أو حكموها أو دفنوا في ترابها فتعدوا اكثر من 350صحابي كلهم قد اتوا إلى مصر منهم من جاءها رسولا اليها أو حاكما لها , أو مجاهدا فيها أو معلم لأهلها منهم عمر ابن العاص , عبد الله ابن ابي السرح، عبدالله ابن عمر، وكلهم قد ولي مصر ,منهم جابر بن عبدالله بن حرام ,ومنهم الزبير بن العوام وعبد الله ابن الزبير , منهم سعد ابن ابي وقاص ومنهم عبادة بن الصامت وعبدالله بن عباس وعمار بن ياسر، وابو ايوب الانصاري، وابو ذر الغفاري، وابو الدردراء، وابو هريرة، وعبد الله ابن الحرث اببن جزء الزبيدي وهو آخر صحابي مات بمصر، 350 صحابيا تخيرت ابرزهم لكن كلهم قد سكن مصر أو زارها).


إنما أخذ عامة هذا من كتاب فتوح مصر ولم يذكره بإسناد يعتمد عليه ، بل بعض الصحابة يغلب على الظن أنهم ما شهدوا فتح مصر كأبي ذر فإن الرواية في ذلك منكرة، قال ابن عبد الحكم في فتوح مصر ص107 : حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال وكان أبو ذر ممن شهد الفتح مع عمرو بن العاص وهبيب بن مغفل.

وهذا على انقطاعه فيه عبد الملك منكر الحديث وابن لهيعة كان يلقن فيتلقن ، وهذا لا خصوصية لأهل مصر فيه فالكوفة والبصرة والشام وقبلها مكة والمدينة عاش ومات فيها الكثير من الصحابة.

وأخيراً أقول : أن الطريقة التي سار عليها في الخطبة غير مرضية وهي مبنية على التملق وجعل ما ليس بفضيلة فضيلة فتراه يقول (يكفي أهل مصر فخراً أن منهم فلان) وهذا منهج غير إسلامي فالمرء إنما يحمد ويذم بما يصنع ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه والفخر منهي عنه في الشريعة.

قال مسلم في صحيحه 7312- [64-...] وحَدَّثَنِي أَبُو عَمَّارٍ حُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى ، عَنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ مَطَرٍ ، حَدَّثَنِي قَتَادَةُ ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ ، قَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ خَطِيبًا ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ هِشَامٍ ، عَنْ قَتَادَةَ.
وَزَادَ فِيهِ وَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ ، وَلاَ يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَقَالَ فِي حَدِيثِهِ وَهُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لاَ يَبْغُونَ أَهْلاً وَلاَ مَالاً.

والفضل للتقوى فلا داعي لمثل هذه الأساليب الرخيصة ، نعم جنس العرب أفضل من جنس غيرهم وجنس قريش أفضل من جنس غيرهم غير أن الأعجمي الذي على السنة والاستقامة خيرٌ من ملء الأرض من قرشي مبتدع فضلاً عن كافر، وكان الواجب عليه أن يخاطب أهل مصر بما عندهم من المخالفات بدلاً من هذه الطريقة المرضية، ولو شاء شخص أن يعارضه ويذهب يجمع كل ملحد وزنديق خرج من مصر وأن يأتي ببعض الآثار الواردة في ذمهم دون التحقيق في الصحة أو تنقيح المناط لفعل؛ قال معمر في جامعه 1074 - عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : «موضع قدم إبليس بالبصرة ، وفرخ بمصر».

وإسناده صحيح ، ولا يعني هذا ثلب كل مصري كما أن ما ورد في ذم أهل العراق لا يعني ذم أعيانهم ففيهم الأئمة المعروفون، غير أن المراد هنا أن الدعوة ينبغي أن تكون على منهاج النبوة لا دعوة تملق واستجداء للأضواء.

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي