الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
فقد وقفت على فتوى لحمود الشعيبي في عدم
جواز الصلاة خلف منكر العلو هذا نصها
:" الحمد لله رب العالمين، والصلاة
والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإن أهل السنة والجماعة رحمة الله عليهم
مجمعون على اعتقاد أن الله سبحانه وتعالى مستوي على عرشه عالٍ على جميع خلقه علوا
بذاته، ولم يخالف في ذلك إلا من طمس الله بصيرته من جهمية ومعتزلة وغيرهم من فرق
الضلال الذين أعرضوا عن كتاب الله وسنة نبيه وحكموا عقولهم آراء شيوخهم.
وعلو الله سبحانه ثابت في الكتاب والسنة
والعقل والفطرة:
أما كتاب الله:
فهو مملوء بالنصوص الدالة على علوه سبحانه
وتعالى بذاته فوق جميع مخلوقاته بأساليب مختلفة وصيغ متعددة.
أولا: التصريح باستوائه على عرشه؛ جاء ذلك
في سبعة مواضع في القران العزيز.
ثانيا: التصريح بلفظ العلي والأعلى؛ قال
تعالى: {وهو العلي العظيم}، وقال تعالى: {له ما في السموات وما في الأرض وهو العلي
العظيم}، وقال تعالى: {سبح اسم ربك الأعلى}، وقال تعالى: {إلا ابتغاء وجه ربه
الأعلى}.
ثالثا: التصريح بلفظ الفوقية في عدة
مواضع؛ قال تعالى: {وهو القاهر فوق عباده) الأنعام. وقال تعالى يخافون ربهم من
فوقهم ويفعلون ما يؤمرون}.
رابعا: التصريح بصعود الأشياء إليه
سبحانه؛ قال سبحانه وتعالى: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}. وقال
تعالى: {وإذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي}. وقال تعالى: {بل رفعه الله
إليه}. وقال تعالى: {تعرج الملائكة والروح إليه}.
خامسا: التصريح بنزول الأشياء من عنده؛
قال تعالى: {حم تنـزيل الكتاب من الله العزيز العليم) غافر. وقال تعالى: {حم
تنـزيل من الرحمن الرحيم}، ووجه الاستدلال بهذين والنوعين الرابع والخامس أنه لا
يعقل الصعود والرفع إلا من أسفل إلى أعلى، ولا يعقل النزول والتنـزيل إلا من أعلى
إلى أسفل..
سادسا: التصريح بأنه سبحانه وتعالى في
السماء؛ قال تعالى: {ءأمنتم من في السماء...}، إلى قوله سبحانه: {أم أمنتم من في
السماء}.
أما السنة:
فهي طافحة بالأحاديث الدالة على علو الله
على خلقه.. منها:
أولا: إخباره صلى الله عليه وسلم أن الله
في السماء؛ قال عليه والصلاة والسلام: ((ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء؟!)).
وقال عليه والصلاة والسلام للجارية: ((أين
الله؟))، قالت: في السماء، قال: ((من أنا؟))، قالت: أنت رسول الله، قال: ((اعتقها
فإنها مؤمنة)). وجه الاستدلال من هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد
لها بالإيمان لما قالت الله في السماء.
ثانيا: قال عليه الصلاة والسلام في رقية
المريض: ((ربنا الله الذي في السماء)).
ثالثا: لما خطب صلى الله عليه وسلم في
المجمع العظيم في الحج قال: ((هل بلغت؟))، قالوا: نعم، فرفع إصبعه إلى السماء فقال:
((اللهم اشهد)).
أما العقل:
فإنه يدل على أن الله سبحانه وتعالى في
العلو وذلك عن طريق السبر والتقسيم، بأن يقال لمنكر علو الله: إما أن يكون الله
سبحانه موجودا وإما أن يكون غير موجود - تعالى الله عن ذلك - وعلى كلى التقديرين
يُلزم منكر العلو ببطلان قوله، لأنه لا يخلو إما أن يكون الله في العلو أو في
السُفل، وكونه في السُفل باطل لأنه يلزم منه أن يكون الله حالا في مخلوقاته وهذا
كفر بإجماع السلف، فلم يبقى إلا القسم الثاني وهو كونه سبحانه وتعالى في العلو،
فيتعين اعتقاد العلو.
ثانيا: عن طريق السبر والتقسيم أيضا؛ بأن
يقال لا يخلو الحال من أن يكون الله فوق أو تحت أو يمين أو يسار أو أمام أو خلف،
فينظر عند السبر أي الجهات أشرف، فنجد أن العلو هو الأشرف، والله سبحانه وتعالى
مستحق للأشرف، فيتعين كونه في جهة العلو.
أما الفطرة:
فإن العقلاء جميعهم مفطورون على التوجه
إلى العلو عند الدعاء واللّجاء والاضطرار، مما يدل قطعا على أن الله في العلو.
يشهد لذلك ما جرى بين الهمذاني والجويني
حيث جاء الهمذاني إلى مجلس الجويني وهو يدرس تلامذته ويقرر مسألة نفي علو الله على
خلقه، فقال الهمذاني للجويني: (يا أستاذ أخبرنا عن هذه الضرورة التي نجدها في
نفوسنا فإنه ما توجه إنسان إلى الله قط إلا ويجد ضرورة في نفسه أن الله في جهة
العلو؟!)، فنـزل الجويني عن كرسيه وضرب على رأسه وقال: (حيرني الهمذاني، حيرني
الهمذاني).
أما الحكم على من أنكر علو الله:
فإنه يكفر بذلك إذا لم يكن جاهلا بالنصوص
الشرعية الدالة على صفة العلو، وقد حكم بكفر منكر العلو كثير من العلماء:
فمنهم الإمام أبو حنيفة حينما سأله أبو
مطيِع البلْخي عمن ينفي استواء الله على عرشه وعلوه على خلقه؟ فقال: (هو كافر)،
قال أبو مطيع، قلت له: (فإن كان يقول الله مستوي على العرش ولا أدري عرشه في
السماء أم في الأرض؟)، قال: (هو كافر).
وقال إمام الأئمة محمد ابن خزيمة عمن ينفي
علو الله على خلقه، فقال: (هو كافر يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه وألقيت جثته في
المزابل مع جيف الميتات).
أما حكم إمامة من ينكر علو الله:
فهي باطلة ولا يصح الائتمام به ولا تنصيبه
إماما في الصلاة لما تقدم من أقوال العلماء في تكفيره.
هذا ما تيسر ذكره في هذه المسالة الخطيرة
ولو استقصينا الكلام على بطلان مذهب هؤلاء الجهمية الذين ينفون علو الله على خلقه
وعرضنا لتـزييف شبههم لطال بنا الكلام، وفيما ذكرناه كفاية لمن أراد الهداية"
ومع التحفظ على بعض ما ورد في الفتوى يوجه
سؤال لهذا المفتي ولكل من كان على طريقته
أترتضيه إماماً في الدين ولا ترتضيه
إماماً في الصلاة ؟
بمعنى أن ابن حزم والقرطبي وسيد قطب
والنووي وابن حجر كلهم ينكرون العلو وهناك غيرهم كثير فإذا ذكرتموهم أسبغتم عليهم
وصف الإمامة
ثم تحكمون على من يعتقد بعض عقائدهم بأنه
لا تصح الصلاة خلفه
وأنتم في هذا متبعون للسلف سائرون على
طريقتهم ، وأما في تعظيمكم لهم فقد خالفتم الطريق فمن وقر صاحب بدعة فقد أعان على
هدم الإسلام فكيف بصاحب بدعة مكفرة وليت الأمر فيمن ذكرنا وقف عند إنكار العلو بل
هو أوسع من ذلك ومخالفات ظاهرة في كل باب من أبواب العقيدة
وعامة فتاوى المعاصرين لا تخرج عن هذا
يحرمون الصلاة مطلقاً خلف من ينكر العلو وهذه فتيا صحيحة ثم بعد ذلك ترى كثيراً
منهم يحكم بإمامة أو سنية منكر العلو !
قال العقيلي في الضعفاء حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ
يَعْقُوبَ الطَّالْقَانِيُّ ، قَالَ , حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، عَنْ عُمَرَ بْنِ
إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يَقُولُ: مَا وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ
مَوْلُودٌ أَشْأَمَ مِنْ أَبَى حَنِيفَةَ , وَكَيْفَ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ عَنْ
رَجُلٍ قَدْ خُذِلَ فِي عَظْمِ دِينِهِ
وللفائدة لا يوجد في رجال الكتب الستة
رجلاً واحداً ينكر العلو
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم