مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: تعقيب على الدكتورة إيمان البغا في شأن صفة الخوارج ...

تعقيب على الدكتورة إيمان البغا في شأن صفة الخوارج ...



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

كتبت الدكتورة إيمان مصطفى البغا _ وفقها الله _ في صفحتها في الفيس بوك :" كل الحكام في التاريخ كانوا يسمون من يجابه ظلمهم بالخوارج , مع أن صفات الخوارج لم تنطبق إلا على الذين خرجوا على علي رضي الله عنه ومن معه ... وبعض الحوادث في التاريخ التي كان فيها نظر واجتهاد .. "

أقول : بغض النظر عن سياق الكلام والبحث فيه قولها بأن صفات الخوارج لا تنطبق إلا على الذين خرجوا على علي قول باطل وخرق لإجماع المسلمين

وكونك تدافع عن شخص ترى أنه مظلوم لا يسوغ لك هذا الإحداث في الدين

وهذه المصيبة تلقتها هذه الدكتورة من محمد الحسن ولد الددو

ويكفي لنقض هذا اتفاق المصنفين في الفرق على ذكر فرق الخوارج وذكر الإباضية والصفرية وغيرهم فيهم 

وقد كان من النبي بيان زائد في حق الخوارج الذين خرجوا على علي فذكر التحليق وذي الثدية وهذا لا ينفي انطباق الأحاديث الأخرى على من وافقهم في عقيدتهم أو بعض أصولها

قال عبد الله بن أحمد في السنة 1422 - حدثني أبي قال ، : نا هاشم بن القاسم ، نا حشرج بن نباتة العبسي ، حدثني سعيد بن جمهان ، قال : لقيت عبد الله بن أبي أوفى وهو محجوب البصر فسلمت عليه فقال « لي من أنت ؟ » قال : قلت أنا سعيد بن جهمان قال : « فما فعل والدك ؟ » قال : قلت : قتلته الأزارقة . قال : لعن الله الأزارقة لعن الله الأزارقة لعن الله الأزارقة ، حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنهم كلاب النار » قال : قلت : الأزارقة وحدهم أم الخوارج كلها قال : لا ، بل الخوارج كلها «

والأزارقة ظهروا بعد علي ومثلهم النجدات ولم يختلف الصحابة في أنهم خوارج

وقال عبد الله في السنة 1413 - حدثني أبو خيثمة ، نا سفيان بن عيينة ، عن أبي غالب ، سمع أبا أمامة ، قال : خرجت معه فرأى رءوسا من رءوس الخوارج على درج دمشق فقال : « كلاب النار كلاب النار شر قتلى وخير قتلى من قتلوه » قلت : يا أبا أمامة ، سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، غير مرة
1414 - حدثني أبو خيثمة زهير بن حرب ، نا عمر بن يونس الحنفي ، نا عكرمة بن عمار ، نا شداد بن عبد الله ، قال : وقف أبو أمامة وأنا معه على رءوس الحرورية بالشام عند باب مسجد حمص أو دمشق فقال لهم : « كلاب النار » مرتين أو ثلاثا « شر قتلى تظل السماء وخير قتلى من قتلوهم » ودمعت عينا أبي أمامة قال رجل : أرأيت قولك لهؤلاء القوم شر قتلى تظل السماء وخير قتلى من قتلوهم أشيء من قبل رأيك أم شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : من قبل رأيي ؟ إني إذا لجريء ، لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة أو مرتين حتى عد سبع مرات ما حدثتكم . فقال له رجل : رأيتك دمعت عيناك فقال : رحمة رحمتهم كانوا مؤمنين فكفروا بعد إيمانهم ثم قرأ هذه الآية ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم)

فهذا بعد علي بدليل ذكر دمشق _ وعلي لم يكن في دمشق_ فهذا الصحابي نزل الحديث على قوم غير الذين قاتلهم علي مما يبطل مقالة الددو الخبيثة التي تابعته عليها الأخت إيمان

وقال ابن سعد في الطبقات 9230- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، قَالَ : ذُكِرَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيَّ بَعَثَ إِلَى الْخَوَارِجِ يَدْعُوهُمْ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ : إِلَى مَنْ تَدْعُوهُمْ ؟ إِلَى الْحَجَّاجِ ؟.

وهذان تابعيان لم يدركا علياً يذكران تسمية الخوارج

وقال الأثرم في ناسخ الحديث ومنسوخه :" ثم تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فكثرت عنه، وعن الصحابة والأئمة بعدهم- رضي الله عنهم- يأمرون بالكف، ويكرهون الخروج، وينسبون من خالفهم في ذلك إلى فراق الجماعة، ومذهب الحرورية وترك السنة"

وقال البربهاري في شرح السنة :" ومن قال: الصلاة خلف كل بر وفاجر، والجهاد مع كل خليفة، ولم ير الخروج على السلطان بالسيف، ودعا لهم بالصلاح، فقد خرج من قول الخوارج أوله وآخره"

ومعلوم أن هذا الكلام كله إنما يكون لولي الأمر المسلم


وقال البخاري في صحيحه 6930 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا خَيْثَمَةُ، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا، فَوَاللَّهِ لَأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، فَإِنَّ الحَرْبَ خِدْعَةٌ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، أَحْدَاثُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ، لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ، كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ»

فذكر علي آخر الزمان فلا شك أن الوصف لا يدخل الذين قاتلهم ، على أن هذا الحديث وأضرابه تنزيلها على شخص معين أو فئة معينة يحتاج إلى أدلة وبينات ولسنا هنا بصدد المحاكمة خصوصاً وقد رأينا من يصف من يكفر عباد القبور والجهمية بالخوارج والتكفيريين !

كما ألصق بعض الجهلة بالإمام أحمد وابن تيمية من بعده وأئمة الدعوة في نجد من بعدهم والله المستعان

ثم يأتون إلى رجل يرى السيف ويجعلونه إماماً من أئمة المسلمين ومحنة يستحل بها أعراض الموحدين ( أعني أبا حنيفة )

والمراد أن هذه الأخت غلطت غلطاً بيناً فيما قالت ولا أدري حقيقة هل أتيت من اجتهادها أم أنها تأثرت بهنبثة الددو

تنبيه : الحديث المروي عند ابن ماجه

قال ابن ماجه في سننه 174 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَنْشَأُ نَشْءٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ» قَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ، أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً، حَتَّى يَخْرُجَ فِي عِرَاضِهِمُ الدَّجَّالُ»

هشام بن عمار كان يلقن فيتلقن وهو شامي وانفراده بسنة مدنية من طريق نافع عن ابن عمر محل استنكار والأوزاعي تكلموا في روايته عن نافع

وللخبر شاهد

قال الطيالسي في مسنده 2407 - حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ: أَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو نَوْفًا فَقَالَ: حَدِّثْ، فَإِنَّا، قَدْ نُهِينَا عَنِ الْحَدِيثِ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأُحَدِّثَ وَعِنْدِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ، يَخْرُجُ خِيَارُ الْأَرْضِ إِلَى مُهَاجَرِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَيَبْقَى فِي الْأَرْضِ شِرَارُ أَهْلِهَا، تَلْفِظُهُمْ أَرْضُوهُمْ وَتَقْذَرُهُمْ نَفْسُ اللَّهِ، وَتَحْشُرُهُمُ النَّارُ مَعَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ»

وهذا في سنده شهر بن حوشب الراجح ضعفه والناس مختلفون في قصته ولست مطمئناً لتقوية الخبر بهذه الطرق فالأول إلى النكارة أقرب والجرح بالتلقن شديد
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي