مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الكلام على أحاديث ( التسمية عند دخول الخلاء )

الكلام على أحاديث ( التسمية عند دخول الخلاء )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فعن علي بن أبى طالب رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : [ ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول بسم الله ] .

رواه الترمذي [ 606 ] والبزار [ 484 ] جميعهم من طريق الحكم بن عبد الله النصري عن أبي إسحاق عن أبي جحيفة عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
وقال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وإسناده ليس بذاك [ القوي ] . اهـ

قلت : الحكم بن عبد الله النصري ذكره ابن في الثقات وروى عنه جمعٌ من الثقات
وقال يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ [ 3/106]  :لا بأس به. اهـ   
ولم يقف الشيخ الألباني على هذا النص فوصفه بجهالة الحال .
غير أن البحث هنا في سماعه من أبي إسحاق هل هو قبل الاختلاط أو بعده ؟
غير أننا نحتاج أولاً إلى إثبات اختلاط أبي إسحاق إذ أنه محل خلاف .
وقد أثبت اختلاطه جمع من الأئمة :
1- أحمد ابن حنبل
قال صالح بن أحمد عن أبيه : إسرائيل عن أبي إسحاق فيه لين سمع منه بآخره . اهـ [ انظر ترجمة إسرائيل في التهذيب ]
2- أبو زرعة الرازي
وقال في زهير بن معاوية : ثقة إلا أنه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط . اهـ [ انظر ترجمة زهير في التهذيب ]
3- أبو حاتم الرازي
قال كما في العلل لابنه :يقال : إن زهيراً سمع من أبي إسحاق بآخرة ، وإسرائيل سماعه من أبي إسحاق قديم ، وأبو إسحاق بآخرة اختلط ، فكل من سمع منه بآخرة فليس سماعه بأجود ما يكون . اهـ

4- العجلي :
قال في ترجمة زكريا بن أبي زائدة من ثقاته : زكريا بن أبي زائدة كوفي ثقة من أصحاب الشعبي إلا أن سماعه من أبي إسحاق السبيعي بآخرة بعدما كبر أبو إسحاق وروايته ورواية زهير بن معاوية وإسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق قريب من السواء ويقال إن شريكا أقدم سماعا من أبي إسحاق من هؤلاء . اهـ
5- الترمذي :
قال في العلل له [ تحت حديث رقم 11 ] : وزهير في أبي إسحاق ليس بذاك لأن سماعه من أبي إسحاق بآخرة وأبو إسحاق في آخر زمانه كان قد ساء حفظه. اهـ
ولا يعرف للنصري سماعٌ من أبي إسحاق قبل الإختلاط فإنه بالكاد يعرف .
وله شاهد من حديث أنس عند الطبراني في الأوسط برقم [ 7266 ] .  
قال الطبراني :
حدثنا محمد بن يحيى ، ثنا سهل بن عثمان ، ثنا سعيد بن مسلمة الأموي ، عن الأعمش ، عن زيد العمي ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [  ستر ما بين عورات بني آدم والجن ، إذا وضع أحدهم ثوبه أن يقول : بسم الله ]
قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن الأعمش إلا سعيد بن مسلمة ، وسعيد بن الصلت . اهـ

قلت : سعيد بن مسلمة متفقٌ على ضعفه غير أننا نريد أن نعرف في أي درجات الضعف هو  ؟ والأرجح أنه ضعيفٌ جداً
فقد قال فيه البخاري :[ منكر الحديث ] وكذا قال ابن حبان وقال فيه ابن معين :[  ليس بشيء ] وقال فيه الساجي :[ صدوقٌ منكر الحديث ]  واختار الدارقطني أنه يعتبر به وقال ابن عدي :[ أرجو أنه ممن لا يترك حديثه ] غير أن ابن عدي قد استنكر هذا الحديث بعينه غير أنه جعله من مناكير زيد العمي والحق أنه لا تعصب به الجناية حتى يصح السند إليه .
وأفاد الشيخ  الألباني أنه روي عن زيد العمي عن أبي سعيد الخدري

قال الشيخ الألباني في إرواء الغليل [ حديث رقم 50 ] :
وأما حديث أبي سعيد فرواه البغوي في " نسخة عبد الله الخراز " ( ق 328 / 1 ) وتمام أيضا والثقفي في " الفوائد الثقفيات " ( رقم 8 - منسوختي ) وأبو بكر ابن النقور في " الفوائد الحسان " ( ج 1 / 132 / 2 ) وقال : تفرد به زيد العمي رواه عنه محمد بن الفضل بن عطية وهو ضعيف ) .اهـ

قلت : محمد بن الفضل بن عطية أجمعوا على أنه متروك كما قال الذهبي في الميزان فلا يفرح بروايته .

وروي الحديث عن أنس من طريق أخرى عند الطبراني في الأوسط أيضاً برقم [ 2604] قال:
حدثنا أبو مسلم قال : نا حجاج بن المنهال قال : نا إبراهيم بن نجيح المكي قال : نا أبو سنان ، وليس ، بضرار ، عن عمران بن وهب ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ستر ما بين أعين الجن ، وعورات بني آدم إذا وضعوا ثيابهم أن يقولوا : بسم الله ] لم يرو هذا الحديث عن إبراهيم إلا حجاج.
قلت : عمران بن وهب الطائي ضعف أبو حاتم الرازي أحاديثه عن أنس جداً
قال في ترجمة عمران من الجرح والتعديل :
وحدث محمد بن خالد حمويه صاحب الفرائض عن عمران بن وهب عن أنس أحاديث معضلة تشبه أحاديث أبان بن أبى عياش ولا احسبه سمع من انس شيئا . اهـ
قلت : وأبان متروك .
وأفاد الشيخ الألباني أنه له عن أنس طريقاً ثالثاً  : عن بشر بن معاذ العقدي ثنا محمد بن خلف الكرماني ثنا عاصم الأحول عنه . أخرجه تمام في " الفوائد " ( ق 270 / 1 ) وقال : " لم يروه إلا بشر بن معاذ " قال الألباني : وهو ثقة ولكن شيخه الكرماني لم أعرفه . اهـ
قلت : هذا الطريق قد وقفت له على علة
فقد قال ابن أبي شيبة[ 29735]  :
حدثنا محمد بن فضيل عن عاصم عن بكر قال : كان يقال : إن ستر ما بين عورات بني آدم وبين أعين الجن والشياطين أن يقول أحدكم إذا وضع ثيابه : بسم الله.
قلت : وهذا أشبه فابن فضيل ثبتٌ في الحديث ومن تركه إنما تركه للتشيع وبكر هنا هو ابن عبد الله المزني تابعي ثقةٌ جليل .
والحديث مرويٌ عن ابن مسعود كما أفاد الشيخ الألباني
قال في الإرواء :
وأما حديث ابن مسعود فرواه . أبو بكر بن النقور في " الفوائد " ( ج 1 / 155 - 156 ) عنه محمد بن حفص بن عمر الضرير ثنا محمد بن معاذ ثنا يحيى بن سعيد ثنا الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة عنه . قلت : ومحمد بن معاذ , لعله ابن عباد بن معاذ العنبري أخرجه مسلم وهو صدوق يهم كما في " التقريب " وأما محمد بن حفص بن عمر الضرير فلم أعرفه الآن . اهـ
قلت : هو محمد بن حفص بن عمر المقريء يروي عنه أحمد بن زهير التستري كما عند الطبراني في الكبير [10362] وعبد الله بن محمد بن أحمد بن سليمان الهروي كما عند أبي نعيم في الحلية [3/313] ولم أرَ فيه جرحاً ولا تعديلاً .
وسلسلة الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود سلسلةٌ ذهبية يتطلبها أهل الحديث فانفراد مجهولٍ بحديثٍ من هذه السلسلة وبهذا النزول لا يخلو من نكارة .
ولم يبق إلا حديث معاوية بن حيدة .
قال الألباني في الإرواء : وأما حديث معاوية بن حيدة فرواه مكي بن إبراهيم عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده . ذكره ابن النقور معلقا وقال : " وهو غريب " . قلت : وهذا سند حسن إن كان من دون مكي ثقات . اهـ
قلت : استغراب ابن النقور له يدل على عدم ثبوته عنده ولا نعرف حال هذا الساقط من السند ومكي بن إبراهيم صاحب علوٍ في الإسناد فعدد من ثلاثيات البخاري عنه والمحدثون يتطلبون حديثه ، إذا علمنا عرفنا سبب استغراب ابن النقور .

* الخلاصة أن الحديث ليس له إسنادٌ قائم وبعض المحققين يضعفونه وربما كان قابلاً للتحسين زحفاً ، وأما التصحيح فبعيد .
قال ابن حجر في نتائج الأفكار [1/155] عند الكلام على حديث التسمية عند دخول الخلاء : فالحاصل أنه لم يثبت في الباب شيء .اهـ
أفادني بذلك أحد الإخوة الأفاضل - ولا يرغب بذكر اسمه -
والحمد لله على التوفيق .

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم





. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي