مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الكلام على أحاديث ( تربة الحسين )

الكلام على أحاديث ( تربة الحسين )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
 
                  
قال الحاكم 4818 : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الجوهري ببغداد ثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي ثنا محمد بن مصعب ثنا الأوزاعي عن أبي عمار شداد بن عبد الله عن أم الفضل بنت الحارث : أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : يا رسول الله إني رأيت حلما منكرا الليلة قال : ما هو قالت : إنه شديد قال : ما هو قالت : رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت في حجري فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : رأيت خيرا تلد فاطمة إن شاء الله غلاما فيكون في حجرك فولدت فاطمة الحسين فكان في حجري كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فدخلت يوما إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فوضعته في حجره ثم حانت مني التفاتة فإذا عينا رسول الله صلى الله عليه و سلم تهريقان من الدموع قالت : فقلت يا نبي الله بأبي أنت و أمي مالك ؟ قال : أتاني جبريل عليه الصلاة و السلام فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا فقلت : هذا ! فقال : نعم و أتاني بتربة من تربته حمراء
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه
تعليق الذهبي قي التلخيص : بل منقطع ضعيف
      
أقول : أما الضعف فمن محمد بن مصعب بل ضعفه بل الأئمة جداً ، وقد نص صالح جزرة على شدة ضعف رواياته عن الأوازعي حيث قال كما في تهذيب التهذيب :" عامة أحاديثه عن الأوزاعى مقلوبة ، و قد روى عن الأوزاعى غير حديث كلها مناكير ، و ليس لها أصول "

وقال أبو أحمد الحاكم :" روى عن الأوزاعى أحاديث منكرة ، و ليس بالقوى عندهم " ، فأخشى أن يكون هذا من مناكيره
وأما الانقطاع فبين شداد وأم الفضل

وقال أحمد في المسند 26567 : ثنا وكيع قال حدثني عبد الله بن سعيد عن أبيه عن عائشة أو أم سلمة قال وكيع شك هو يعنى عبد الله بن سعيد ان النبي صلى الله عليه و سلم قال لإحداهما لقد دخل على البيت ملك لم يدخل على قبلها فقال لي ان ابنك هذا حسين مقتول وان شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها قال فاخرج تربة حمراء

أقول : وهذا منقطع فسعيد طعنوا في سماعه من أبي موسى وأبي هريرة فالطعن في سماعه من عائشة متجه لأنها أقدم وفاةً من أبي هريرة على قول وتوفيت معه في عام واحد على قول آخر

قال ابن أبي حاتم في المراسيل :" 264 سمعت أبي يقول لم يلق سعيد بن أبي هند أبا موسى الأشعري
265_ سئل أبو زرعة عن سعيد بن أبي هند عن علي فقال مرسل
266 _سمعت أبي يقول سعيد بن أبي هند لم يلق أبا هُرَيرة"

وإذا قلنا بتقوية هذا الطريق بسابقه فينبغي التنبه لما انفردت به كل رواية من ألفاظ لا شاهد لها في الرواية الأخرى فتحسين إحدى الروايتين بالأخرى لوجود تقاطع بينهما دون التنبه لما بينهما من الفروق غلطٌ فاحش

بل إن بين الروايتين تناقضاً بيناً

ففي رواية أم الفضل أن جبريل هو الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر

وفي حديث عائشة وأم سلمة أن الذي أخبره ملكٌ لم يدخل عليه قبل هذه المرة

فكيف يجعل هذا شاهداً لذاك والله المستعان

وأما ما انفردت به كل رواية عن الأخرى

فقد انفردت رواية أم الفضل بأمور
الأول : حكاية الرؤية
الثاني : بكاء النبي صلى الله عليه وسلم
الثالث : قوله عن القتلة ( أمتي )

وأما رواية عائشة وأم سلمة فانفردت بصفة الملك

وقال ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 429 : حدثنا فضل بن سهل الأعرج نا محمد بن خالد بن عثمان نا موسى بن يعقوب عن هاشم بن هاشم عن عبد الله بن وهب أن أم سلمة رضي الله عنها حدثته أن رسول الله صلى الله عليه و سلم اضطجع ذات يوم للنوم فاستيقظ وهو خائر النفس ثم اضطجع ثم استيقظ وفي يده تربة حمراء يقلبها في يده فقالت أم سلمة رضي الله عنها يا نبي الله ما هذه التربة قال أخبرني جبريل عليه السلام أن هذا يقتل بأرض العراق للحسين فقلت يا جبريل أرني تربة الأرض التي يقتل فيها وهي هذه.

أقول : موسى بن يعقوب فيه ضعف وسياقه يختلف عن بقية الروايات ، وفيه أن الملك الذي أخبره هو جبريل وليس ملكاً لم يدخل عليه قبل هذه المرة


وقال الطبراني في الكبير  2814 : حدثنا أحمد بن رشدين المصري ثنا عمرو بن خالد الحراني حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت :
 دخل الحسين بن علي رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يوحى إليه فنزا على رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو منكب ولعب على ظهره فقال جبريل لرسول الله صلى الله عليه و سلم : أتحبه يا محمد ؟ قال : يا جبريل وما لي لا أحب ابني قال : فإن أمتك ستقتله من بعدك فمد جبريل عليه السلام يده فأتاه بتربة بيضاء فقال في هذه الأرض يقتل ابنك هذا يا محمد واسمها الطف فلما ذهب جبريل عليه السلام من عند رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم والتربة في يده تبكي فقال : يا عائشة إن جبريل عليه السلام أخبرني أن الحسين ابني مقتول في أرض الطف وإن أمتي ستفتتن بعدي ثم خرج إلى أصحابه فيهم علي و أبو بكر و عمر و حذيفة و عمار و أبو ذر رضي الله عنهم وهو يبكي فقالوا : ما يبكيك يا رسول الله ؟ فقال : أخبرني جبريل أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف وجاءني بهذه التربة وأخبرني أنا فيها مضجعه

أقول : أحمد بن رشدين متهم بالكذب وابن لهيعة اختلط وكان يلقن بعد اختلاطه وفي هذه الرواية أن التربة بيضاء ! ، خلافا لبقية الروايات ، وليس فيها شاهد لقصة الملك الذي لم يدخل على النبي من قبل بل فيها ما يخالف ذلك

وقال الطبراني في الكبير 2819 : حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ثنا سليمان بن بلال عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أم سلمة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم جالسا ذات يوم في بيتي فقال :
 لا يدخل علي أحد فانتظرت فدخل الحسين رضي الله عنه فسمعت نشيج رسول الله صلى الله عليه و سلم يبكي فاطلعت فإذا حسين في حجره والنبي صلى الله عليه و سلم يمسح جبينه وهو يبكي فقلت : والله ما علمت حين دخل فقال : إن جبريل عليه السلام كان معنا في البيت فقال : تحبه ؟ قلت : أما من الدنيا فنعم قال : إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء فتناول جبريل عليه السلام من تربتها فأراها النبي صلى الله عليه و سلم فلما أحيط بحبسين حين قتل قال : ما اسم هذه الأرض ؟ قالوا : كربلاء قال : صدق الله ورسوله أرض كرب وبلاء

الحماني يسرق الحديث ومتهم بالكذب

وقال الطبراني في الكبير 2817 - حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني عباد بن زياد الأسدي ثنا عمرو بن ثابت عن الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن أم سلمة قالت : كان الحسن و الحسين رضي الله عنهما يلعبان بين يدي النبي صلى الله عليه و سلم في بيتي فنزل جبريل عليه السلام فقال : يا محمد إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك فأومأ بيده إلى الحسين فبكى رسول الله صلى الله عليه و سلم وضمه إلى صدره ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : وديعة عندك هذه التربة فشمها رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال : ويح كرب وبلاء قالت : وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دما فاعلمي أن ابني قد قتل قال : فجعلتها أم سلمة في قارورة ثم جعلت تنظر إليها كل يوم وتقول : إن يوما تحولين دما ليوم عظيم.

أقول : عمرو بن ثابت متروك نص عليه الهيثمي ، وقد انفرد بذكر القارورة

وقال في الكبير 8021 : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن سَعِيدٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن إِبْرَاهِيمَ بن الْمُغِيرَةِ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْحَسَنِ بن شَقِيقٍ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بن وَاقِدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِنِسَائِهِ:"لا تُبْكُوا هَذَا الصَّبِيَّ"يَعْنِي حُسَيْنًا، قَالَ: وَكَانَ يَوْمَ أُمِّ سَلَمَةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّاخِلَ، وَقَالَ لأُمِّ سَلَمَةَ:"لا تَدَعِي أَحَدًا يَدْخُلُ عَلَيَّ"فَجَاءَ الْحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبَيْتِ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ، فَأَخَذَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ، فَاحْتَضَنَتْهُ وَجَعَلَتْ تُنَاغِيهِ وَتُسْكِنُهُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ فِي الْبُكَاءِ خَلَّتْ عَنْهُ، فَدَخَلَ حَتَّى جَلَسَ فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُ ابْنَكَ هَذَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"يَقْتُلُونَهُ وَهُمْ مُؤْمِنُونَ بِي؟"قَالَ: نَعَمْ، يَقْتُلُونَهُ، فَتَنَاوَلَ جِبْرِيلُ تُرْبَةً، فَقَالَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ احْتَضَنَ حُسَيْنًا كَاسِفَ الْبَالِ، مَهْمُومًا، فَظَنَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّهُ غَضِبَ مِنْ دُخُولِ الصَّبِيِّ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، جُعِلْتُ لَكَ الْفِدَاءَ، إِنَّكَ قُلْتَ لَنَا لا تُبْكُوا هَذَا الصَّبِيَّ، وَأَمَرْتَنِي أَنْ لا أَدَعَ يَدْخُلُ عَلَيْكَ، فَجَاءَ فَخَلَّيْتُ عَنْهُ، فلم يرد عليها فخرج إلى أصحابه وهم جلوس فقال لهم : إن أمتي يقتلون هذا وفي القوم أبو بكر و عمر رضي الله عنهما وكانا أجرأ القوم عليه فقالا : يا نبي الله يقتلونه وهم مؤمنون ؟ قال : نعم وهذه تربته وأراهم إياها

أقول : إِسْمَاعِيلُ بن إِبْرَاهِيمَ بن الْمُغِيرَةِ الْمَرْوَزِيُّ قال الهيثمي :" لم أجد من ذكره " وأنا كذلك لم أجد من ذكره فيبدو أنه مجهول ، وقد انفردت روايته بذكر أبي بكر وعمر والتنصيص على إيمان قتلة الحسين

وجاء في العلل للدارقطني  :" 3694 - وسُئِل عَن حَدِيثِ محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عَن عَائِشَة : في قتل الحسين.
فقال : يرويه زيد بن الحباب ، واختُلِفَ عنه : فرواه أحمد بن عمر الوكيعي عنه ، وقال : عن سعيد بن عمارة بن غزية الأنصاري ، عن أبيه ، عن محمد بن إبراهيم ، عَن عَائِشَة.
وخالفه أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد ، فرواه عن زيد ، عن سعيد بن عمارة الأنصاري . ولا ينسبه ، ولا يقول فيه : عن أبيه ، وهُو الصَّحيح . ) حَدَّثنا جَعفَرُ بن مُحَمدِ بنِ أَحمد الواسِطِيُّ ، قال : حَدَّثنا إِبراهِيمُ بن أَحمد بنِ عُمَر الوَكِيعِيُّ ، قال : حَدَّثنا أَبِي ، قال : حَدَّثنا أَبُو الحُسَينِ العُكلِيُّ ، قال : حَدَّثنا سعيد بن عُمارَة بنِ غَزِيَّة الأَنصارِيُّ ، عَن أَبِيهِ ، عَن مُحَمدِ بنِ إِبراهِيم بنِ الحارِثِ التَّيمِيِّ ، عَن عائِشَة ، أَنَّ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلم ، قال لَها وهُو مَع جِبرِيل صَلَّى الله عَلَيه وسَلم فِي البَيتِ ، فَقال : عَلَيكِ الباب فَفَعَلَت ، فَدَخَل حُسَينُ بن عَلِيٍّ فَضَمَّهُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلم إِلَيهِ فَقال : ابنُك ؟ قال : نَعَم قال : أَما إِنّ أُمَّتَك سَتَقتُلُهُ قالت : فَدَمَعَت عَينا النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلم فَقال أَتُحِب أَن أُرِيَك التُّربَة الَّتِي يُقتَلُ فِيها ، فَتَناوَل الطف فَإِذا تُربَةٌ حَمراءُ حَدَّثناهُ الحُسَينُ بن إِسماعِيل ، قال : حَدَّثنا أَحمَد بن مُحَمدِ بنِ يَحيَى بنِ سَعِيدٍ ، قال : حَدَّثنا زَيد بن الحُبابِ أَبُو الحُسَينِ ، قال : حَدَّثنا سعيد بن عُمارَة الأَنصارِيُّ ، عَن مُحَمدِ بنِ إِبراهِيم بنِ الحارِثِ ، عَن عائِشَة.
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلم ، نَحوَهُ ، ولَم يَقُل : عَن أَبِيهِ "

سعيد بن عمارة مجهول عين ، ومحمد بن إبراهيم التيمي لم يسمع عائشة والخبر متنه قريب من رواية أم سلمة

وقال أحمد في المسند  648 : ثنا محمد بن عبيد ثنا شرحبيل بن مدرك عن عبد الله بن نجى عن أبيه انه سار مع علي رضي الله عنه وكان صاحب مطهرته فلما حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفين فنادى علي رضي الله عنه اصبر أبا عبد الله اصبر أبا عبد الله بشط الفرات قلت وماذا قال دخلت على النبي صلى الله عليه و سلم ذات يوم وعيناه تفيضان قلت يا نبي الله أغضبك أحد ما شأن عينيك تفيضان قال بل قام من عندي جبريل قبل فحدثني ان الحسين يقتل بشط الفرات قال فقال هل لك إلى ان أشمك من تربته قال قلت نعم فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا.

أقول : نجي الحضرمي ذكره ابن حبان فى كتاب " الثقات " ، و قال : لا يعجبنى الإحتجاج بخبره إذا انفرد .

وليس في هذه الرواية التنصيص على لون التربة وانفردت بذكر علي بن أبي طالب

وقال الطبراني في الكبير 141 - حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا عبد السلام بن حرب عن ليث عن أبي القاسم مولى زينب
 : عن زينب بنت جحش أن النبي صلى الله عليه و سلم كان نائما عندها وحسين يحبو في البيت فغفلت عنه فحبا حتى بلغ النبي صلى الله عليه و سلم فصعد على بطنه ثم وضع ذكره في سرته قالت : واستيقظ النبي صلى الله عليه و سلم فقمت إليه فحططته عن بطنه فقال النبي صلى الله عليه و سلم : دعي ابني فلما قضى بوله أخذ كوزا من ماء فصبه عليه ثم قال : إنه يصب من الغلام ويغسل من الجارية قالت : توضأ ثم قام يصلي واحتضنه فكان إذا ركع وسجد وضعه وإذا قام حمله فلما جلس جعل يدعو ويرفع يديه ويقول فلما قضى الصلاة قلت يارسول الله لقد رأيتك تصنع اليوم شيئا ما رأيتك تصنعه قال : إن جبريل أتاني وأخبرني أن ابني يقتل قلت : فأرني إذا فأتاني تربة حمراء

ليث ضعيف وروايته هذه تخالف الروايات التي فيها أن ذلك أن كان في بيت أم سلمة

وقال الهيثمي :" 15121- وعن أبي الطفيل قال: استأذن ملك القطر أن يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أم سلمة فقال: "لا يدخل علينا أحد". فجاء الحسين بن علي رضي الله عنهما فدخل فقالت أم سلمة: هو الحسين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعيه". فجعل يعلو رقبة النبي صلى الله عليه وسلم ويعبث به والملك ينظر، فقال الملك: أتحبه يا محمد؟ قال: "إي والله إني لأحبه". قال: أما إن أمتك ستقتله، وإن شئت أريتك المكان. فقال بيده فتناول كفاً من تراب، فأخذت أم سلمة التراب فصرته في خمارها، فكانوا يرون أن ذلك التراب من كربلاء.
رواه الطبراني وإسناده حسن."

أقول : لا يعتمد على تحسين الهيثمي ، وهذا الخبر يخالف جميع الروايات التي فيها أن مخبر النبي صلى الله عليه وسلم هو جبريل ، ففي هذا الخبر أنه ملك القطر

وقال أبو يعلى في مسنده 3402 - حدثنا شيبان حدثنا عمارة بن زاذان حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك قال : استأذن ملك القطر ربه أن يزور النبي صلى الله عليه و سلم فأذن له وكان في يوم أم سلمة فقال النبي صلى الله عليه و سلم : ( يا أم سلمه احفظي علينا الباب لا يدخل علينا أحد ) قال : فبينما هي على الباب إذ جاء الحسين بن علي فاقتحم ففتح الباب فدخل فجعل النبي صلى الله عليه و سلم يلتزمه ويقبله فقال الملك : أتحبه ؟ قال ( نعم ) قال : إن أمتك ستقتله إن شئت أريتك المكان الذي تقتله فيه قال : ( نعم ) قال : فقبض قبضة من المكان الذي قتل به فأراه فجاء سهلة أو تراب أحمر فأخذته أم سلمة فجعلته في ثوبها
 قال ثابت : فكنا نقول : إنها كربلاء.

أقول : عمارة ضعيف وهذا يقال فيه ما قيل في سابقه ، من انفراده بذكر ملك القطر ، وقد نص أحمد أن أحاديثه عن أنس مناكير ، وهذا منها ولا شك فالخبر منكر

والخلاصة في أخبار تربة الحسين على نقاط

الأولى : أن خبر رؤيا أم الفضل بنت الحارث لا يثبت

الثانية : أن خبر دخول ملك لم يدخل النبي صلى الله عليه وسلم قبلها لا يصح

الثالثة :أن خبر دخول ملك القطر يخالف عامة الروايات المذكورة في الباب فلو صح كان شاهداً عليها بالنكارة ، فإما أن يكون جبريل أو ملك القطر أو ذاك الملك الذي يدخل قبلها وأما تصحيح هذه جميعاً فغلطٌ بين

الرابعة: أن خبر التربة البيضاء يخالف عامة الروايات الواردة في الباب

الخامسة : أن خبر القارورة لا يصح

السادسة: أن الخبر الذي ورد فيه التنصيص على إيمان قتلة الحسين لم يصح

السابعة : أن الوارد في أن أم سلمة صرت تلك التربة في ثوبها ، أكثر الروايات عنها والأصح ليس فيها ذلك

وليعلم أن الرافضة يستدلون بهذه الأخبار على استحباب الصلاة على تربة كربلاء ، وهذا باطل إذ ليس في هذه الأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على تلك التربة ، أو أمر بالصلاة عليها

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي