مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: بحث في أثر يستدل به على وجوب التجويد

بحث في أثر يستدل به على وجوب التجويد



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


قال سعيد بن منصور في سننه 1023: حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ يَزِيدَ الْكِنْدِيِّ ، قَالَ : كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُقْرِئُ رَجُلاً ، فَقَرَأَ . إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَا وَالْمَسَاكِينِ مُرْسَلَةً ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : مَا هَكَذَا أَقْرَأَنِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : وَكَيْفَ أَقْرَأَكَهَا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ قَالَ : أَقْرَأَنِيهَا {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} فَمَدَّهَا.

هذا الأثر أورده صاحب كتاب ( بغية عباد الرحمن في تجويد القرآن ) ص23 مستدلاً به على وجوب التجويد ، وذكر أن ابن الجزري صححه و أن الألباني قد صححه وعزى إلى كتاب ( دفاع عن القرآن ) لمحمد موسى آل نصر

والحق أن الأثر معلولٌ بعلتين

الأولى : جهالة موسى بن يزيد الكندي إذ لم أجد له ترجمة بعد البحث الطويل وكذا قال محقق سنن سعيد بن منصور :" سنده ضعيف لجهالة أو جهالة حال موسى بن يزيد "

الثانية : الانقطاع لأن شهاب بن خراش لا يوجد في شيوخه من أدرك ابن مسعود

وقد بحثت له عن شواهد فلم أجد.

وأما تصحيح  الألباني له :
فقد افترض أن موسى بن يزيد تصحف من مسعود بن يزيد
وهذا فيه نظر فإن مسمى موسى بن يزيد في مصدرين من مصادر التخريج
وهما
1- سنن سعيد بن منصور
2- معجم الطبراني الكبير

ثم لو فرضنا أنه مسعود بن يزيد الذي ترجم له ابن حبان في الثقات فهل ترتفع عنه الجهالة بتوثيق ابن حبان

وماذا عن مبحث الاتصال والانقطاع ؟


وقال السيوطي في الإتقان :" أَفْرَدَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ بِالتَّصْنِيفِ وَالْأَصْلُ فِي الْمَدِّ مَا أخرجه سعيد ابن مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ حَدَّثَنِي مَسْعُودُ بْنُ يَزِيدٍ الْكِنْدِيُّ قَالَ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُقْرِئُ رَجُلًا فَقَرَأَ الرَّجُلُ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} مُرْسَلَةً فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا هَكَذَا أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: كَيْفَ أَقْرَأَكَهَا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَقَالَ: أَقْرَأَنِيهَا: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} فَمَدَّ. وَهَذَا حديث حسن جَلِيلٌ حُجَّةٌ وَنَصٌّ فِي الْبَابِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ"

والسيوطي في هذا تابع ابن الجزري ، وسبب إيرادي لكلامه بيان أن الذي في السند هو ( موسى بن يزيد ) وليس ( مسعود بن يزيد )

وما وقع في كتاب ( النشر ) خطأ والله أعلم
ومن المستحيل أن يصل سعيد بن منصور إلى ابن مسعود بواسطتين فقط

فلو روى عن أكبر شيوخه سفيان بن عيينة وابن عيينة روى عن الزهري لاحتاج الزهري إلى واحد ليصل إلى ابن مسعود فيكون الناتج ثلاثة

ولو فرضنا أن سعيد بن منصور قفز به الزمن وأدرك سفيان الثوري فروى سفيان عن الأعمش لاحتاج الأعمش إلى واحد أيضاً ليصل إلى ابن مسعود
وكذا الحال لو روى عن أبي إسحاق فسفيان لم يدرك أحداً من تلاميذ ابن مسعود المباشرين فكيف يدرك شهاب بن خراش وهو أصغر من سفيان الثوري .
بل إن شهاباً من تلاميذ سفيان الثوري

فالسند متيقن الانقطاع ولا شك

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي