مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: بحث في أثر أبي الدرداء ( إني لأدعو وأنا ساجد ، لسبعين أخا من إخواني)

بحث في أثر أبي الدرداء ( إني لأدعو وأنا ساجد ، لسبعين أخا من إخواني)



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


قال ابن الجعد كما في مسنده 908 : أنا شعبة ، عن معاوية بن قرة قال : قال أبو الدرداء :
 ثلاث أحبهن ، ويكرههن الناس : الفقر ، والمرض ، والموت
 حدثنا أحمد بن إبراهيم ، نا بهز ، نا شعبة قال : أبو إياس معاوية بن قرة أخبرنا قال : قال أبو الدرداء . فذكر مثله
 وزاد : قال أبو الدرداء :   إني لأدعو وأنا ساجد ، لسبعين أخا من إخواني ، أسميهم بأسمائهم ، وأسماء آبائهم .

أقول : هذا السند رجاله ثقات إلى أن فيه انقطاعاً ظاهراً بين معاوية بن قرة وأبي الدرداء

فإن معاوية بن قرة جاء في ترجمته أنه ولد عام 36 يوم الجمل وأبو الدرداء توفي عام 32 أي أن معاوية ولد بعد وفاة أبي الدرداء بأربع سنين

وقد طعن العلماء في سماع معاوية من علي وعثمان وأبو الدرداء أقدم وفاةً منهما

ثم إن هناك تباعداً قطرياً بين الرجلين فأبو الدرداء شامي ومعاوية بصري

وقد طعنوا في سماع أبي وائل وهو تابعي مخضرم أكبر من معاوية بقرابة أربعين عاماً أو أكثر ، طعنوا في سماعه من أبي الدرداء بسبب التباعد القطري

قال ابن أبي حاتم في المراسيل :" 319 _ قلت لأبي أبو وائل سمع من أبي الدرداء شيئا قال أدركه ولا يحكي سماع شيء أبو الدرداء كان بالشام وأبا وائل كان بالكوفة قلت كان يدلس قال لا هو كما يقول أحمد بن حنبل"

فكيف بمعاوية بن قرة ؟! ، فمثله لو روى عن أبي الدرداء بواسطتين لم يكن مستبعداً

إذا علمت هذا علمت خطأ زكريا غلام قادر حين أورد هذا الأثر في كتابه القيم عظيم النفع ( ما صح من آثار الصحابة في الفقه )

ومن باب إتمام الفائدة أردت أن أورد بعض آثار معاوية بن قرة عن أبي الدرداء ليعلم أمرها ، ولعلي استقصيتها

1_ قال ابن أبي شيبة في الإيمان 102 - أخبرنا أبو أسامة ، عن مهدي بن ميمون ، عن عمران القصير ، عن معاوية بن قرة ، قال : كان أبو الدرداء يقول :
 اللهم إني أسألك إيمانا دائما ، وعلما نافعا ، وهديا قيما .
 قال معاوية : فنرى أن من الإيمان إيمانا ليس بدائم ، ومن العلم علما لا ينفع ، ومن الهدي هديا ليس بقيم .

2_ وقال ابن أبي شيبة في المصنف 35727: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ ، قَالَ : قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ :
 لَيْسَ الْخَيْرُ أَنْ يَكثر مَالُك وَوَلَدُك ، وَلَكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ يَعْظُمَ حِلْمُك ، وَأَنْ يَكْثُرَ عَمَلُك ، وَأَنْ تُبَارِيَ النَّاسَ فِي عِبَادَةِ اللهِ ، فَإِنْ أَحْسَنْت حَمِدْت اللَّهَ , وَإِنْ أَسَأْت اسْتَغْفَرْت اللَّهَ.

3_ وقال عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد 720: حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو هِلاَلٍ ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ ، يَعْنِي ابْنَ قُرَّةَ ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ ، اشْتَكَى فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا : مَا تَشْتَكِي يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ ؟
 قَالَ : أَشْتَكِي ذُنُوبِي ، قَالُوا : فَمَا تَشْتَهِي ؟
 قَالَ : أَشْتَهِي الْجَنَّةَ ، قَالُوا : أَلاَ نَدْعُو لَكَ طَبِيبًا ؟ قَالَ : هُوَ الَّذِي أَضْجَعَنِي.

وقد حسن مشهور حسن هذا الإسناد في تعليقه على المجالسة (50) فلم يحسن

4_ وقال ابن المبارك في الزهد 249 - قَالَ: أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ:
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: " أَضْحَكَنِي ثَلَاثٌ، وَأَبْكَانِي ثَلَاثٌ: أَضْحَكَنِي مُؤَمِّلُ دُنْيَا وَالْمَوْتُ يَطْلُبُهُ، وَغَافِلٌ وَلَيْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ، وَضَاحِكٌ بِمِلْءِ فِيهِ، وَلَا يَدْرِي، أَرْضَى اللَّهَ أُمْ أَسْخَطَهُ؟
 وَأَبْكَانِي فِرَاقُ الْأَحِبَّةِ، مُحَمَّدٍ وَحِزْبِهِ، وَهَوْلُ الْمَطْلَعِ عِنْدَ غَمَرَاتِ الْمَوْتِ، وَالْوُقُوفُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ تَبْدُوَ السَّرِيرَةُ عَلَانِيَةً، ثُمَّ لَا أَدْرِي إِلَى الْجَنَّةِ أَمْ إِلَى النَّارِ؟ "

5_ وقال الحسين المروزي في في زوائده على الزهد لابن المبارك 1173 - أَخْبَرَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ:
 كَانَ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ جَمَلٌ يُقَالُ لَهُ دَمُّونٌ، فَكَانَ إِذَا أَعَارَهُ قَالَ: هُوَ يَحْمِلُ كَذَا وَكَذَا، فَلَا تَحْمِلُوا عَلَيْهِ إِلَّا كَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ انْقِضَاءِ هَلَاكِهِ، قَالَ: " دَمُّونُ، لَا تُخَاصِمْنِي عِنْدَ رَبِّي، فَإِنِّي كُنْتُ لَا أُحَمِّلُكَ إِلَّا طَاقَتَكَ

6_ وقال أحمد في الزهد 738- وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ ، حَدَّثَنَا شُجَاعٌ يَعْنِي صَاحِبَ السَّابِرِيِّ ، قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ قُرَّةَ ، يَقُولُ : قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ :
 اطْلُبُوا الْعِلْمَ فَإِنْ لَمْ تَطْلُبُوهُ فحِبُّوا أَهْلَهُ ، فَإِنْ لَمْ تُحِبُّوهُمْ فَلاَ تُبْغِضُوهُمْ.

7_ وقال أبو نعيم في الحلية (1/213) : حدثنا علي بن أحمد بن محمد ثنا اسحاق بن إبراهيم ثنا سلم بن جنادة ثنا عبدالله بن نمير عن الحجاج بن دينار عن معاوية بن قرة عن أبيه عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال تعلموا قبل أن يرفع العلم إن رفع العلم ذهاب العلماء إن العالم والمتعلم في الأجر سواء وإنما الناس رجلان عالم ومتعلم ولا خير فيما بين ذلك 
وهذا إسناد قوي
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي