مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: التنبيه على أن أبا المعالي الجويني لم يرجع إلى السلفية

التنبيه على أن أبا المعالي الجويني لم يرجع إلى السلفية



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

                          
فمن المشهور عند طلبة العلم أن أبا المعالي الجويني الملقب بإمام الحرمين قد رجع عن تأويل الصفات، وقد ظن كثيرون أنه رجع إلى المعتقد السلفي وليس الأمر كذلك بل إنه رجع إلى التفويض

 قال شيخ الإسلام في درء التعارض (5/249) :" وأبو المعالي وأتباعه نفوا هذه الصفات موافقة للمعتزلة والجهمية ثم لهم قولان أحدهما تأويل نصوصها وهو أول قولي أبي المعالي كما ذكره في الإرشاد والثاني تفويض معانيها إلى الرب وهو آخر قولي أبي المعالي كما ذكره في الرسالة النظامية وذكر ما يدل على أن السلف كانوا مجمعين على أن التأويل ليس بسائغ ولا واجب، ثم هؤلاء منهم من ينفيها ويقول إن العقل الصريح نفى هذه الصفات ومنهم من يقف ويقول ليس لنا دليل سمعي ولا عقلي لا على إثباتها ولا على نفيها وهي طريقة الرازي والآمدي".

فنص على أن طريقته التفويض في الرسالة النظامية التي هي رسالة توبته من التأويل.

وقال شيخ الإسلام في جامع المسائل (5/79) :" وأما أصحاب الأشعري فهم ثلاثة أصناف:
صنف يُحرم تأويل الصفات السمعية المذكورة في القرآن كالوجه واليد والعين، ويُبطِل ذلك. وهذا هو الذي ذكره الأشعري في "الإبانة"، حكاه عن أهل السنة جميعهم، وهو الذي ذكره أبو بكر ابن الباقلاني أفضلُ أصحابه، وأبو علي ابن شاذان، وذكره أبو بكر ابن فورك في اليد وغيرها، وعليه الأشعرية المتمسكون بالقول الثاني.
وصنف يُحرِّم التأويل، ولا يتكلم في صحته ولا فسادِه. وهذا الذي ذكره أبو المعالي الجويني في رسالته "النظامية"  ، وهو قولُ أكثرِ المفوِّضة من المتكلمين.
وصنف يُبيحه للعلماء عند الحاجة، ومنهم من يُبيحه مطلقًا".

وقول الجويني في رسالته النظامية يقتضي تبديع متأخري الأشاعرة الذين يؤلون وأنه مخالفون لإجماع السلف، وهذا لازم كل المفوضة فإنهم إذا اعتبروا نصوص الصفات من المتشابه فالمؤولة هم الذين يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، بل إنه في الرسالة النظامية أنكر أن يلتذ العبد بالنظر إلى ربه وذلك في الرسالة النظامية ص39.

وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (10/695): "والمقصود هنا أن مثبتة الرؤية منهم من أنكر أن يكون المؤمن ينعم بنفس رؤيته ربه قالوا لأنه لا مناسبة بين المحدث والقديم كما ذكر ذلك الأستاذ أبوالمعالى الجوينى فى الرسالة النظامية وكما ذكره أبوالوفاء بن عقيل فى بعض كتبه ونقلوا عن إبن عقيل أنه سمع رجلا يقول اسألك لذة النظر إلى وجهك فقال يا هذا هب أن له وجها اله وجه يتلذذ بالنظر إليه".

وهذا القول يخالف الحديث الواضح (أسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك)، وقد وقع في الرسالة النظامية نفي صفة المحبة ونفي الصفات الاختيارية وغيرها من المصائب.

وقال الجويني في الرسالة النظامية:
"اختلف مسالك العلماء في هذه الظواهر، فرأى بعضهم تأويلها، والتزم ذلك في [آي] الكتاب وما يصح من السنن، وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل، وإجراء الظواهر على مواردها، وتفويض معانيها إلى الرب عز وجل.
والذي نرتضيه رأياً، وندين الله به عقيدةً، اتباع سلف الأمة، والدليل القاطع السمعي في ذلك أن إجماع الأمة حجة متبعة، فلو كان تأويل هذه الظواهر مسوغاً أو محتوماً، لأوشك أن يكون اهتمامهم بها فوق اهتمامهم بفروع الشرع، وإذا انصرم عصر الصحابة والتابعين على الإضراب عن التأويل، كان ذلك هو الوجه المتبع".

فهنا الجويني يشهد على إخوانه الأشاعرة المؤولة بأنهم مخالفون لإجماع الصحابة القطعي ، ومن خالف إجماع الصحابة لا يكون إلا مبتدعاً، والأشاعرة دائماً يتكثرون ويقولون ( منا فلان ومنا فلان ) ولكنك لو تأملت وجدت أن هؤلاء ليسوا على عقيدة واحدة فعقيدة الباقلاني والبيهقي في الصفات الذاتية غير عقيدة الجويني ومن بعده.


يقول الجويني في الإرشاد: "ذهب بعض أئمتنا إلى أن اليدين والعينين والوجه صفات ثابتة للرب تعالى، والسبيل إلى إثباتها السمع دون قضية العقل، والذي يصح عندنا حمل اليدين على القدرة، وحمل العينين على البصر، وحمل الوجه على الوجود".

فمن يتبع الأشاعرة ؟

ومن الإمام لهم حقاً ؟

تنبيه : قال سعود بن عبد العزيز الخلف في رسالته أصول مسائل العقيدة (2/31) :" ثانيا: التفويض:
يقصد به: اعتقاد عدم صحة دلالة ظاهر النص على الصفة وتفويض علم معنى النص إلى الله عز وجل. مثال ذلك:اليد والوجه والقدم ونحوها من الصفات فهي ألفاظ ليس لها معنى معلوم عندهم، وإنما الله تبارك وتعالى هو الذي يعلم مراده منها، مع الحذر من اعتقاد أنها تتضمن إثبات صفة اليد أو الوجه أو القدم، ويضيفون أيضاً أن هذا هو مذهب السلف.
وهذا الذي رجع إليه الجويني في كتابه "العقيدة النظامية" وأوجبه, مع أنه في كتابه "الإرشاد إلى قواطع الأدلة" يوجب تأويل الصفات حذراً من اللبس ووقوع الشبهات في الدين"


فتوصل إلى النتيجة نفسها التي توصلت إليها
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي