مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الكلام على حديث ( إن الله رضي لهذه الأمة اليسر و كره لهم العسر قالها ثلاث مرات )

الكلام على حديث ( إن الله رضي لهذه الأمة اليسر و كره لهم العسر قالها ثلاث مرات )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


قال أحمد في مسنده 20347 : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، وَيَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا كَهْمَسٌ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَقِيقٍ، قَالَ: قَالَ مِحْجَنُ بْنُ الْأَدْرَعِ: بَعَثَنِي نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ، ثُمَّ عَرَضَ لِي وَأَنَا خَارِجٌ مِنْ طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمَدِينَةِ
 قَالَ: فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى صَعِدْنَا أُحُدًا، فَأَقْبَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ:  وَيْلُ أُمِّهَا قَرْيَةً يَوْمَ يَدَعُهَا أَهْلُهَا» ، قَالَ يَزِيدُ: كَأَيْنَعِ مَا تَكُونُ. قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَنْ يَأْكُلُ ثَمَرَتَهَا.
 قَالَ: عَافِيَةُ الطَّيْرِ وَالسِّبَاعُ قَالَ:  وَلَا يَدْخُلُهَا الدَّجَّالُ، كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَهَا تَلَقَّاهُ بِكُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَكٌ مُصْلِتًا قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَابِ الْمَسْجِدِ، قَالَ: إِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي، قَالَ:  أَتَقُولُهُ صَادِقًا؟  قَالَ: قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هَذَا فُلَانٌ، وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، أَوْ قَالَ: أَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ صَلَاةً، قَالَ:  لَا تُسْمِعْهُ فَتُهْلِكَهُ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، إِنَّكُمْ أُمَّةٌ أُرِيدَ بِكُمُ الْيُسْرُ.

وهذا رجاله ثقات ولكنه منقطع بين عبد الله بن شقيق ومحجن فقد ذكر واسطة بينهما في الرواية التي بعدها

قال أحمد 20348 : حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَقِيقٍ، يُحَدِّثُ عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي رَجَاءٍ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ مِحْجَنٍ، رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ

ورجاء هذا وثقه العجلي وابن حبان ولم يوثقه غيرهما

وقال الحارث بن أبي أسامة في مسنده كما بغية الباحث 237 : حَدَّثَنَا أَبُو يُونُسَ سَعِيدُ بْنُ يُونُسَ , ثنا حَمَّادٌ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ مِحْجَنِ بْنِ الْأَدْرَعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلًا فِي الْمَسْجِدِ يُطِيلُ الصَّلَاةَ فَأَتَاهُ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ ثُمَّ قَالَ: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ رَضِيَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْيُسْرَ وَكَرِهَ لَهَا الْعُسْرَ.
 قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَإِنَّ هَذَا أَخَذَ بِالْعُسْرِ وَتَرَكَ الْيُسْرَ وَنَشَلَهُ نَشْلًا  فَمَا رُئِيَ بَعْدَ ذَلِكَ.

فخالف الجريري كهمس وأبي بشر ، وزاد عليهما قوله (قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) في قوله (اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ رَضِيَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْيُسْرَ وَكَرِهَ لَهَا الْعُسْرَ) وفي رواية كهمس وأبي بشر (لَا تُسْمِعْهُ فَتُهْلِكَهُ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا)

وانفردت رواية حماد بزيادة (وَإِنَّ هَذَا أَخَذَ بِالْعُسْرِ وَتَرَكَ الْيُسْرَ وَنَشَلَهُ نَشْلًا) وهي منكرة

والغلط عندي من حماد بن سلمة

قال الإمام مسلم في التمييز :" وحماد يعد عندهم، إذا حدث عن غير ثابت، كحديثه عن قتادة، وأيوب، ويونس، وداود بن أبي هند، والجريري، ويحيى بن سعيد، وعمرو بن دينار، وأشباههم، فإنه يخطئ في حديثهم كثيراً"

فلو صححنا الحديث ( ولا يصح بهذا السند ) فلا يمكن أن نصحح لفظ رواية حماد عن الجريري لمخالفتها رواية البقية

وقال أحمد في مسنده 20349 : حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي رَجَاءٍ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ مِحْجَنٍ - قَالَ عَفَّانُ -: وَهُوَ ابْنُ الْأَدْرَعِ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ مِحْجَنِ بْنِ الْأَدْرَعِ، قَالَ:
 قَالَ رَجَاءٌ: أَقْبَلْتُ مَعَ مِحْجَنٍ ذَاتَ يَوْمٍ حَتَّى إِذَا انْتَهَيْنَا إِلَى مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ، فَوَجَدْنَا بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيَّ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ جَالِسًا، قَالَ: وَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: سُكْبَةُ يُطِيلُ الصَّلَاةَ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَعَلَيْهِ بُرَيْدَةُ، قَالَ: وَكَانَ بُرَيْدَةُ صَاحِبَ مُزَاحَاتٍ قَالَ: يَا مِحْجَنُ، أَلَا تُصَلِّي كَمَا يُصَلِّي سُكْبَةُ، قَالَ: فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مِحْجَنٌ شَيْئًا، وَرَجَعَ قَالَ: وَقَالَ لِي مِحْجَنٌ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِي، فَانْطَلَقَ يَمْشِي حَتَّى صَعِدَ أُحُدًا فَأَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: «وَيْلُ أُمِّهَا مِنْ قَرْيَةٍ يَتْرُكُهَا أَهْلُهَا كَأَعْمَرِ مَا تَكُونُ، يَأْتِيهَا الدَّجَّالُ فَيَجِدُ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِهَا مَلَكًا مُصْلِتًا، فَلَا يَدْخُلُهَا» ، قَالَ: ثُمَّ انْحَدَرَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِسُدَّةِ الْمَسْجِدِ، رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ، وَيَسْجُدُ وَيَرْكَعُ، وَيَسْجُدُ وَيَرْكَعُ، قَالَ: فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ هَذَا؟» ، قَالَ: فَأَخَذْتُ أُطْرِيهِ لَهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا فُلَانٌ، وَهَذَا وَهَذَا، قَالَ: «اسْكُتْ لَا تُسْمِعْهُ فَتُهْلِكَهُ» ، قَالَ: فَانْطَلَقَ يَمْشِي حَتَّى إِذَا كُنَّا عِنْدَ حُجَرِهِ، لَكِنَّهُ رَفَضَ يَدِي، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ، إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ، إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ»

فهنا رواية من طريق حماد بن سلمة عن الجريري وليس فيها قوله (وَكَرِهَ لَهَا الْعُسْرَ) لا بثليث ولا بغيره

والخلاصة أن رواية ( وكره لها العسر ) ثلاثاً شاذة وزيادة (وَإِنَّ هَذَا أَخَذَ بِالْعُسْرِ وَتَرَكَ الْيُسْرَ وَنَشَلَهُ نَشْلًا) شاذة أيضاً لو صححنا بقية الحديث ما أمكننا تصحيحها
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي