الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فالداعية « محمد راتب النابلسي » سليل صوفية ، وهو تليد في صوفية المتأخرين
صوفية اللسان
فهم يحاولون إيهام الناس أن لهم
أحوالاً كأحوال الزهاد الأوائل ويتكلمون بالذوق والوجد وغيرها من الأحوال التي ما أصابها
من أصابها إلا بطول التضرع والقيام وأكل الحلال والبعد عن الشهوات لا بحلق اللحية والشارب
ولبس الزي الافرنجي والتلطخ بالشبهات.
وهذا الرجل يسير في طريقة حذرة لا يظهر مذاهبه بشكل جلي ويتخفى تحت العبارات
المجملة والمنقمة في الغالب ، غير أنه مهما يكن عند امريء من خليقة وإن خالها تخفى
على الناس تعلم، وما هذا بخلق من يريد الهداية للناس أو يؤمن بما هو عليه
وإليك بعض البلايا من موسوعته
الإسلامية « وهي عبارة عن موقع يجمع فتاويه وخطبه ودروسه »:
(1) إنكاره حجية أخبار الآحاد في العقيدة:
قال « محمد راتب النابلسي »: "وهو في السماء السابعة بأن العبد مؤلف
من نفس وروح وجسد إذا النبي صلى الله عليه وسلم عرج إلى السماء بجسده أغلب الظن هكذا
لكن هذا الاستنباط استنباط ظني وليس قطعياً، الاستنباط القطعي مثلاً: قال العلماء:
والعمل بالظن الغالب في فروع الأحكام الشرعية وارد , مثلاً الحديث الوارد بالتواتر
بالنص أو المعنى يرقى إلى مستوى قطعي الثبوت قطعي الدلالة، أما حديث الآحاد وهذا يجعل
الاعتقاد به ظني الثبوت أو ظني الدلالة قال العلماء: هذا المسلك يكتفى به في إثبات
فروع الأحكام الشرعية العملية, والأصول تحتاج إلى قطع في الثبوت والدلالة, أما الفروع
فيقبل أن نستخدم بها النصوص الشرعية ذات الظن الغالب".
هنا ينسب لجميع العلماء مذهب عتاة المعتزلة والأشاعرة في أن أخبار الآحاد
لا يثبت فيها العقائد؛ وهذا كذب، وقد جمعت الكثير من نصوص السلف في هذه المسألة في
مقالي [ احتجاج السلف بأخبار الآحاد في مسائل الاعتقاد ] وأكتفي هنا ببعض الإجماعات:
قال الترمذي في جامعه (4/ 691) :" وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ مِثْلُ هَذَا مَا يُذْكَرُ
فِيهِ أَمْرُ الرُّؤْيَةِ أَنَّ النَّاسَ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ وَذِكْرُ القَدَمِ وَمَا
أَشْبَهَ هَذِهِ الأَشْيَاءَ» وَالمَذْهَبُ فِي هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ مِنَ
الأَئِمَّةِ مِثْلِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَابْنِ المُبَارَكِ،
وَابْنِ عُيَيْنَةَ، وَوَكِيعٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ رَوَوْا هَذِهِ الأَشْيَاءَ،
ثُمَّ قَالُوا: تُرْوَى هَذِهِ الأَحَادِيثُ وَنُؤْمِنُ بِهَا، وَلَا يُقَالُ: كَيْفَ؟
وَهَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ أَهْلُ الحَدِيثِ أَنْ يَرْوُوا هَذِهِ الأَشْيَاءُ كَمَا
جَاءَتْ وَيُؤْمَنُ بِهَا وَلَا تُفَسَّرُ وَلَا تُتَوَهَّمُ وَلَا يُقَالُ: كَيْفَ،
وَهَذَا أَمْرُ أَهْلِ العِلْمِ الَّذِي اخْتَارُوهُ وَذَهَبُوا إِلَيْهِ. وَمَعْنَى
قَوْلِهِ فِي الحَدِيثِ: فَيُعَرِّفُهُمْ نَفْسَهُ يَعْنِي يَتَجَلَّى لَهُمْ".
قلت : تأمل كيف أنه لم يفرق بين الحاديث الواردة في صفة القدم والأحاديث
الواردة في الرؤية مما يدل على أنهم لا يفرقون بين الآحاد والمتواتر وأنهم يثبتون جميع
الصفات.
قال الطحاوي في عقيدته ص15: "وجميع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم من الشرع والبيان كله حق"، وعقيدة الطحاوي ادعى السبكي في معيد النقم ومعيد
النعم أنها عقيدة عامة المسلمين (وهذا كذب) ولكننا نذكر هذا لإلزام «محمد راتب النابلسي»
فالطحاوي لم يفرق بين خبر آحادي وآخر متواتر.
قال الأشعري في مقالات الإسلاميين ص290: "ذكر مقالة أهل السنة وأصحاب
الحديث، وجملة قولهم: الإقرار بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وبما جاء عن الله، وما
رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لا يردون من ذلك شيئاً".
ثم قال بعد انتهائه من سرد مقالة أهل الحديث: "وبكل ما ذكرنا من قولهم
نقول ، وإليه نذهب".
قلت : فانظر كيف نقل إمام القوم عن أهل الحديث قاطبةً أنهم يؤمنون بكل
ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سواءً كان آحادياً أو متوتراً.
قال ابن عبد البر في التمهيد ص7: "وكلهم يدين بخبر الواحد العدل في
الاعتقادات ، ويعادي ويوالي عليها ، ويجعلها شرعا ودينا في معتقده ، على ذلك جماعة
أهل السنة ، ولهم في الأحكام ما ذكرنا. وبالله توفيقنا".
فهذا نقل إجماع.
قال الخطابي في كتابه الغنية عن الكلام: "فأما ما سألت عنه من الكلام
في الصفات، وما جاء منها في الكتاب وروي في السنن الصحاح".
وقال: "مذاهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه
عنها".
وهذا إجماع.
قال الخطيب البغدادي في جوابه على أهل دمشق في الصفات: "أما الكلام
في الصفات، فأما ما روي منها في السنن الصحاح، فمذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها،
ونفي الكيف والتشبيه عنها
والأصل في هذا أن الكلام في الصفات
فرع على الكلام في الذات، ونحتذي في ذلك حذوه ومثاله
وإذا كان معلوماً أن إثبات رب
العالمين إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف، فكذلك إثبات صفاته فإنما هو إثبات
وجود لا إثبات تحديد وتكييف
فإذا قلنا: يد وسمع وبصر، فإنما
هو إثبات صفات أثبتها الله لنفسه، ولا نقول إن معنى اليد: القدرة
ولا نقول: إن معنى السمع والبصر:
العلم، ولا نقول: إنها جوارح وأدوات الفعل، ونقول: إنما وجب إثباتها لأن التوقيف ورد
بها، ووجب نفي التشبيه عنها، لقوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ
البَصِيرُ﴾".
قلت: نص الخطيب هذا أيضاً ظاهر الدلالة على المقصود إذ لم يفرق بين خبرٍ
آحادي وغيره.
وهذه الفتيا للخطيب أخرجها الذهبي في سير أعلام النبلاء (18/283-284)،
وفي تذكرة الحفاظ (3/1142-1143)، وفي العلو (ص185)، وقول الخطيب (
ولا نقول: إنها جوارح وأدوات الفعل،) لوثة كلابية
ولا نقول: إنها جوارح وأدوات الفعل،) لوثة كلابية
وهذه الإجماعات تبين كذب «محمد
راتب النابلسي» على العلماء وهناك المزيد والمراد التنبيه، وتقسيم الدين إلى أصول
(لا يقبل فيها إلا القطعي)، وفروع (يقبل فيها ما دون القطعي) تقسيم حادث مبتدع لم يعرفه
السلف وقد نقده شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى نقداً قوياً.
والعجيب أن «محمد راتب النابلسي» لما سئل: "هل دخول الجنة يكون بالروح
أم بالجسد؟"، أجاب السائل بقوله : "وماذا ينفعك هذا السؤال...؟ وهل يغير
شيئا من عقيدتك وواجباتك تجاه ربك وآخرتك... وهل يؤثر في دخولك الجنة...؟ لو كان الذي
تسال عنه علما نافعا لعلمك الله ورسوله إياه... فاعمل بما تعلم ولا تتكلف ما وراء ذلك".
وهو هنا يبحث هل أسري بروح النبي صلى الله عليه وسلم أم بروحه وجسده؛ والصواب
الذي دلت عليه البراهين أن الناس يدخلون الجنة بأرواحهم وأجسادهم ولم يخالف في ذلك
إلا الفلاسفة الذين ينكرون المعاد الجسماني وقد كفرهم أهل العلم، وكذلك النبي صلى الله
عليه وسلم أسري بروحه وجسده.
(2) سئل «محمد راتب النابلسي» في موقعه:
"فضيلة الدكتور «محمد راتب النابلسي» المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل صحيح لا يدخل الجنة إلا من كان سني ؟ .
وجزاكم الله عنا كل خير
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين
وبعد.
الأخ الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إجابة على سؤالكم، نفيدكم بما يلي:
الجنة ليس لها علاقات بالانتماءات وإنما بصحة العقيدة (المنهج) واستقامة
السلوك".أ.هـ.
أقول : هذا جواب ساقط فإن من صحة العقيدة الانتماء الصحيح فقولك (أنا مسلم)
انتماء ولا بد أن تطابق الحقيقة القول، وقولك (أنا سني) معناه أنك لم تتلبس بشيء من
البدع التي توعد الله عز وجل فاعلها بالنار فكيف يكون هذا لا علاقة له بدخول الجنة،
والسائل لا شك أنه يسأل عن القول المطابق للحقيقة .
وأهل السنة لا زالوا على مدى القرون ينتسبون للسنة والحديث ولم ينكر أحد
منهم ذلك.
(3) قال «محمد راتب النابلسي»: "العقيدة تعد من أصول الإسلام والفقه
من الـفروع
فإذا صحت العقيدة صح العمل, وإذا
فسدت العقيدة فسد العمل، فإذا اعتقدت أن الله تعالى قبض قبضة، وقال: هذه إلى الجنة
ولا أبالي وهذه إلى النار ولا أبالي والقضية انتهت هذه العقيدة تثبط همة المؤمن".
هذا سوء أدب مع الله ورسوله إذ كيف يصف مضمون حديث صحيح بأنه يثبط همة
المؤمن ، فهذا اتهام للنبي صلى الله عليه وسلم بأنه ثبط همة أهل الإيمان.
ولا يحتج بمثل هذا الحديث على ترك العمل إلا من لا يفقه فإنك لا تدري في
أي القبضتين كنت ، ولو كان كذلك لكانت عقيدة الإيمان بالقدر التي تملأ الكتاب والسنة
كلها تثبط المؤمن لأن من ضمنها أن الله عز وجل قدر كل المقادير بما فيها أعيان أهل
الجنة وأهل النار
واتهام النصوص بأنها تثبط المؤمن كفر بواح.
قال أحمد في مسنده 17593 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ
يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا
مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ: أَبُو عَبْدِ
اللهِ، دَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ يَعُودُونَهُ وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالُوا لَهُ:
مَا يُبْكِيكَ ؟ أَلَمْ يَقُلْ لَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" خُذْ مِنْ شَارِبِكَ، ثُمَّ أَقِرَّهُ حَتَّى تَلْقَانِي " ؟ قَالَ: بَلَى،
وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
" إِنَّ اللهَ قَبَضَ بِيَمِينِهِ قَبْضَةً، وَأُخْرَى بِالْيَدِ الْأُخْرَى،
وَقَالَ: هَذِهِ لِهَذِهِ، وَهَذِهِ لِهَذِهِ، وَلَا أُبَالِي " فَلَا أَدْرِي
فِي أَيِّ الْقَبْضَتَيْنِ أَنَا.
وقال ابن أبي عاصم في السنة 347- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ
أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ خَلْقًا لِلنَّارِ وَخَلَقَ
خَلْقًا لِلْجَنَّةِ فَقَالَ هَؤُلاءِ إِلَى النَّارِ وَهَؤُلاءِ إِلَيَّ الْجَنَّةِ
وَلا أُبَالِي.
(4) قال «محمد راتب النابلسي» وهو يصف الصالحين:
"وما مقصودهم جنات عـدن ولا
الحور الحسان ولا الخـيام سوى نظر الإله فذا مناهـم وهذا مطلبُ القوم الكرام، فأحبابنا
اختاروا المحبة ملـةٍ وما خالفوا في مذهب الحب شرعنا، وباعتقادي فإنه من المستحيل أن
يتجلى الله عز وجل بأنواره الكاشفة على قلب عبد عاص، وهذا التجلي خاص بالمتقين والورعين
والمستقيمين, ولذلك فمقياس الاستقامة والورع يكشف الدجالين، فإذا لم يكن فيه ورع ينطبق
مع الكتاب الكريم والسُنة المُطهرة فهذا دجل حرام".
أقول : قد كان الأنبياء يعبدون الله عز وجل بالرغبة والرهبة وما كانوا
يعبدونه بالمحبة فقط فمن ادعى لنفسه حالاً أكمل من حالهم فهو زنديق
قال الله تعالى : ﴿فَاسْتَجَبْنَا
لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ
فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾.
وقال الله تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ
هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ
لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا
عَذَابَ جَهَنَّمَ إِن عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا
وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ
بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ
وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69)إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا
فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا
رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا
(71) وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا
(72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا
وَعُمْيَانًا (73)وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا
قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ
بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75)﴾.
فذكر عنهم سؤال المباعدة عن النار ، وسؤال قرة العين في الذرية والأزواج،
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم سؤال الجنة والاستعاذة من النار ، وأعلى نعيم الجنة
رؤية الله عز وجل ، وأعظم العذاب وأذله احتجاب الرحمن عن أهل النار.
وما أحسن ما قال «محمد راتب النابلسي» نفسه: "إن آيات الترغيب بالجنة،
والترهيب من النار، تملأ كتاب الله، والأحاديث النبوية في الموضوع نفسه أكثر من أن
تحصى.فهل يحق لأحد كاناً من كان أن يقول غير ذلك مستدركا على الله ورسوله.... ورحم
الله الإمام مالك يقول: ما من أحد إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه
وسلم".
وهل ذكر الله عز وجل لنا نعيم الجنة لكي لا نطمع فيه ولا نسأله ؟! وهل
ذكر لنا عذاب النار لكي لا نخاف منه ولا نرهبه؟
(5) قال «محمد راتب النابلسي»:
"أيها الأخوة الكرام، أضَعُ
بين أيديكم هذه الحقيقة، وإن كانت قاسِيَة
إنّ الله جلّ جلاله لا يُحاسِبُك
على حَجْم العَمَل، بل يُحاسِبُك على نتائِج العَمَل، ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى
وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾".
الآية التي استدل بها لا علاقة لها بما يريد ، والحساب يشمل كل عمل صغيراً
كان أو كبيراً
قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ
مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
(8)﴾،وقال الله تعالى: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا
فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً
وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ
رَبُّكَ أَحَدًا﴾
وصغير وكبير من أوصاف الحجم!
على أن هناك اتصالاً بين أثر العمل وحجمه، ولو أشرك المرء قبل موته بلحظة
وما أثر ذلك على أي أحد لكان ذلك موجباً لخلوده في النار، ولو كان المرء داعية فسق
أو بدعة وضل على يديه الآلاف بل الملايين لم يكن ذلك موجباً لخلوده في النار إذا كان
موحداً .
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم