مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: هكذا يجمع شيخ الإسلام بين المصالح في معاملة المبتدع !

هكذا يجمع شيخ الإسلام بين المصالح في معاملة المبتدع !



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
        
                   
قال شيخ الإسلام كما في الفتاوى الكبرى (3/344) :
" أَمَّا مَنْ كَانَ مُظْهِرًا لِلْفِسْقِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْإِيمَانِ كَأَهْلِ الْكَبَائِرِ ، فَهَؤُلَاءِ لَا بُدَّ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ .
وَمَنْ امْتَنَعَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى أَحَدِهِمْ زَجْرًا لِأَمْثَالِهِ عَنْ مِثْلِ مَا فَعَلَهُ ، كَمَا امْتَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ ، وَعَلَى الْغَالِّ ، وَعَلَى الْمَدِينِ الَّذِي لَا وَفَاءَ لَهُ
 وَكَمَا كَانَ كَثِيرٌ مِنْ السَّلَفِ يَمْتَنِعُونَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ - كَانَ عَمَلُهُ بِهَذِهِ السُّنَّةِ حَسَنًا
 وَقَدْ قَالَ لِجُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ ابْنُهُ : إنِّي لَمْ أَنَمْ الْبَارِحَةَ بَشَمًا ، فَقَالَ : "أَمَا إنَّك لَوْ مِتّ لَمْ أُصَلِّ عَلَيْك"، كَأَنَّهُ يَقُولُ : قَتَلْت نَفْسَك بِكَثْرَةِ الْأَكْلِ .

وَهَذَا مِنْ جِنْسِ هَجْرِ الْمُظْهِرِينَ لِلْكَبَائِرِ حَتَّى يَتُوبُوا
 فَإِذَا كَانَ في ذَلِكَ مِثْلُ هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ كَانَ ذَلِكَ حَسَنًا ، وَمَنْ صَلَّى عَلَى أَحَدِهِمْ يَرْجُو لَهُ رَحْمَةَ اللَّهِ ، وَلَمْ يَكُنْ امْتِنَاعُهُ مَصْلَحَةً رَاجِحَةً ، كَانَ ذَلِكَ حَسَنًا
 وَلَوْ امْتَنَعَ فِي الظَّاهِرِ وَدَعَا لَهُ فِي الْبَاطِنِ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ كَانَ تَحْصِيلُ الْمَصْلَحَتَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَفْوِيتِ إحْدَاهُمَا
 وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ النِّفَاقُ وَهُوَ مُسْلِمٌ يَجُوزُ الِاسْتِغْفَارُ لَهُ ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ ، بَلْ يُشْرَعُ ذَلِكَ ، وَيُؤْمَرُ بِهِ .
كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِك وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ }
 وَكُلُّ مَنْ أَظْهَرَ الْكَبَائِرَ فَإِنَّهُ تُسَوَّغُ عُقُوبَتُهُ بِالْهَجْرِ وَغَيْرِهِ ، حَتَّى مِمَّنْ فِي هَجْرِهِ مَصْلَحَةٌ لَهُ رَاجِحَةٌ فَتَحْصُلُ الْمَصَالِحُ الشَّرْعِيَّةُ فِي ذَلِكَ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ".

أقول : هنا يرى شيخ الإسلام أن ترك الصلاة على المعلن بالبدعة والمعلن بالفسق مع الدعاء له في الباطن جمعٌ بين المصلحتين
 فإن قلت :قد علمنا مصلحة الدعاء له ، فما المصلحة من ترك الصلاة عليه ؟

الجواب : تحذير العامة من سلوك سيرته ، وبيان خطورة ما هو عليه ويصب في معين هذه المصلحة هجران أهل البدع والتحذير منهم وغيرها من السنن السلفية في التعامل مع أهل البدع الردية

فهل رأيت أحداً من دعاة تمييع الأصول السلفية بحجة مراعاة المصلحة يذكر هذا التطبيق السلفي لمراعاة المصلحة في التعامل مع المبتدع من شيخ الإسلام ؟


وهل يلتقي هذا التطبيق مع الدعوة لمخالطة أهل البدع بحجة أنهم لن ينتفعوا بالهجر ؟


وهل يلتقي هذا التطبيق مع الدعوة للدارسة عند أهل البدع ؟


وهل يلتقي هذا التطبيق مع التوقيع مع أهل البدع على مواثيق تنص على أن لهم حقوق الأخوة الإسلامية كاملةً وأن ما يجمعنا بهم أكثر مما يفرقنا ؟

وهل يلتقي هذا التطبيق مع التهوين من شأن الخلاف مع الحزبيين بعقد المقارنات بينهم وبين من هم أخنع منهم كالرافضة والعلمانيين ؟

وهذا كله يناقض الترهيب من سلوك سيرتهم ، وإخماد ذكرهم.
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي