الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
قال الشافعي في الأم (7/ 614) :
" وَلاَ يُقْبَلُ فِيهَا مِنْ الْعَدَدِ إلَّا أَرْبَعًا تَكُونُ
كُلُّ ثِنْتَيْنِ مَكَانَ شَاهِدٍ ؟
قَالَ فَإِنَّا رَوَيْنَا عَنْ
عَلِيٍّ رضي الله تعالى عنه أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ , وَحْدَهَا
قُلْت لَوْ ثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ
رضي الله تعالى عنه صِرْنَا إلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَكِنَّهُ لاَ يَثْبُتُ
عِنْدَكُمْ , وَلاَ عِنْدَنَا عَنْهُ , وَهَذَا لاَ مِنْ جِهَةِ مَا قُلْنَا مِنْ الْقِيَاسِ
عَلَى حُكْمِ اللَّهِ , وَلاَ مِنْ جِهَةِ قَبُولِ خَبَرِ الْمَرْأَةِ , وَلاَ أَعْرِفُ
لَهُ مَعْنًى"
أقول : المروي عن علي في الأخذ بشهادة القابلة وحدها دون امرأةٍ معها خلاف
القياس عند الشافعي كما صرح به ، ومع ذلك قال أن الخبر لو صح عن علي لذهب إليه ، هذا
مع مخالفة خبر علي للقياس عنده
فقارن بين هذا التصرف من هذا الإمام ، وجرأة بعض المنتسبين إليه على رد
أقاويل الصحابة
وقال ابن أبي حاتم في آداب الشافعي ومناقبه ص119 ط دار الكتب العلمية:
ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم
سمعت الشافعي يقول قال لي محمد بن الحسن : أيهما أعلم صاحبنا أو صاحبكم ؟ ( يعني مالكاً
وأبا حنيفة )
قلت : على الإنصاف ؟
قال : نعم
قلت : فأنشدك بالله ، من أعلم بالقرآن : صاحبنا أو صاحبكم ؟
قال : صاحبكم (يعني مالكاً )
قلت : فمن أعلم بالسنة : صاحبنا أو صاحبكم ؟
قال : اللهم صاحبكم
قلت : فأنشدك بالله ، من أعلم بأقاويل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
والمتقدمين صاحبنا أو صاحبكم ؟
قال : صاحبكم
قال الشافعي : قلت فلم يبق إلا القياس ، والقياس لا يكون إلا هذه الأشياء
، فمن لم يعرف الأصول على أي شيء يقيس ؟!
قلت : هذه المناطرة الثابتة فيها اعتداد الشافعي بأقاويل الصحابة ومدحه
لمالك بمعرفتها ، وجعلها فيصلاً في المفاضلة بين الفقهاء وأصلاً يقاس عليه وأما قوله
( والمتقدمين ) فأراد إجماعهم إذ لا قائل بحجية أقوال التابعين
وفي المناظرة اعتراف الشيباني بفضل مالك على أبي حنيفة فكيف بالشافعي وأحمد
ولا يشك من له أدنى بصيرة أنهما أوسع من مالك روايةً واطلاعاً ؟
وليس الشيباني وحده من كان يعرف فضل مالك على أبي حنيفة بل عامة أهل الكوفة
قال ابن أبي حاتم في آداب الشافعي ومناقبه ص131 ثنا أبي ثنا محمد بن عبد
الله بن عبد الحكم قال سمعت الشافعي :
كان محمد بن الحسن يقول : سمعت
من مالك سبعمائة حديث ونيفاً _ إلى الثمنمائة _ لفظاً ، وكان أقام عنده ثلاث سنين أو
شبيها من ثلاث سنين
وكان إذا وعد الناس أن يحدثهم عن مالك امتلأ الموضع الذي هو فيه ، وكثر
الناس عليه ، وإذا حدث عن غير مالك ، لم يأته إلا النفر اليسير
فقال لهم : لو أراد أحد أن يعيبكم
بأكثر مما تفعلون ، ما قدر عليه
إذا حدثتكم عن أصحابكم فإنما يأتي
النفير ، أعرف فيهم النكارة ، وإذا حدثتكم عن مالك امتلأ الموضع "
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم