الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فقد صنف مقبل بن هادي الوادعي كتاباً في بعد محمد
رشيد رضا عن السلفية .
وقد وجدت ضلالات يذيل بها على
ما كتبه ، وقد استفدتها من بعض الأبحاث
قال محمد رشيد رضا: ( ذكرنا في المنار غير مرة أن الذي عليه المسلمون من
أهل السنة وغيرهم من الفرق المعتد بإسلامهم أن الدليل العقلي القطعي إذا جاء في ظاهر
الشرع ما يخالفه فالعمل بالدليل القطعي متعين، ولنا في النقل التأويل أو التفويض وهذه
المسألة مذكورة في كتب العقائد التي تدرس في الأزهر وغيره من المدارس الإسلامية في
كل الأقطار كقول الجوهرة :
وكل نص أوهم التشبيها * أوله أو فوض ورم تنزيها .)
[شببهات النصارى وحجج الإسلام : محمد رشيد رضا ص71-72 (نقلاً من المدرسة
العقلية الحديثة (289)]
وهذا يبين سيره في الصفات على منهج الجهمية
وقال محمد رشيد رضا : ( وإن في البخاري أحاديث في أمور العادات والغرائز،
ليست من أصول الدين ولا فروعه … وأنه ليست من أصول الإيمان، ولا من أركان الإسلام أن
يؤمن المسلم بكل حديث رواه البخاري، مهما يكن موضوعه ) [مجلة المنار: مجلد (29) ص
104] .
أقول : أعوذ بالله هكذا يخرج أفعال النبي صلى الله عليه وسلم من الدين
والله عز وجل يقول ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )
وهذا نص عام وقد كان الصحابة يقتدون بالنبي صلى الله عليه وسلم في عامة
أحواله ، فلما وضع الضب على مائدته تركوا الأكل حتى أخبرهم بعلة تركه ، وهذا أنس بن
مالك لم يزل يحب الدباء منذ رأى النبي صلى الله عليه وسلم يحبه
وحتى لو كان الحديث من العادات التي لا تتبع بزعمك فما وجه الكفر بها وعدم
الإيمان
فقوله ( ولا من أركان الإسلام أن يؤمن المسلم بكل حديث رواه البخاري، مهما
يكن موضوعه)
باطل بل من أركان الإسلام الإيمان بكل ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم
على طريقة أهل الحديث ، وهذا الكلام ما تجرأ عليه حتى المعتزلة الأوائل
- وقال رشيد رضا –في معرض رده على أحد دعاة النصارى-: ( فإن كان أراد بأركان
الشريعة، أصول العقائد وقضايا الإيمان التي يكون بها المرء مؤمناً، فقد علمت أنه لا
يتوقف شيء منها على خبر الآحاد ) [مجلة المنار : مجلد (19) ص 29 ]
قال رشيد رضا : … بقي الكلام في مسألة العجائب التي بنيت على أساسها النصرانية
على اختلاف مذاهبها، وفيما يدعونه من تجرد محمد صلى الله عليه وسلم من لباسها، وهي
قد أصبحت في هذا العصر حجة على دينهم لا له، وصادة للعلماء والعقلاء عنه لا مقنعة به،
ولولا حكاية القرآن لآيات الله التي أيد بها موسى وعيسى عليهما السلام، لكان إقبال
الإفرنج عليه أكثر واهتداؤهم به أعم وأسرع !! لأن أساسه قد بني على العقل والعلم وموافقة
الفطرة البشرية، وتزكية أنفس الأفراد، وترقية مصالح الاجتماع، وأما آيته – أي محمد
صلى الله عليه وسلم- التي احتج بها على كونه من عند الله تعالى هي القرآن وأمية محمد
عليه الصلاة والسلام ، فهي آية علمية تدرك بالعقل والحس والوجدان .
كفاك بالعلم في الأمي معجزة في الجاهلية والتأديب في اليتم
وأما تلك العجائب الكونية فهي مثار شبهات وتأويلات كثيرة، في روايتها وفي
صحتها ودلالتها، وأمثال هذه الأمور تقع من أناس كثيرين في كل زمان، والمنقول عن صوفية
الهنود والمسلمين أكثر من المنقول عن العهدين العتيق والجديد وعن مناقب القديسين وهي
من منفرات العلماء عن الدين في هذا العصر . ا هـ[تفسير المنار (11/155) ]
قال أحد الباحثين معلقاً على كلام رشيد رضا هذا :
وفي الكلام السابق مغالطات شنيعة ما كان ينبغي أن يصدر من رجل كرشيد رضا
:
الأولى : أن المعجزات أصبحت في هذا العصر حجة على الدين لا له .
الثانية: قوله: (ولولا حكاية القرآن …إلخ ) يُفهم منه أن القرآن بذكره
للمعجزات والغيبيات التي لا يمكن إدراك كنهها،كان سبباً في صدود الأحرار الإفرنج عن
دين الإسلام ! .
الثالثة: أن هذه العجائب الكونية أصبحت في هذا العصر من منفرات العلماء
عن الدين !
أقول أنا عبد الله الخليفي : هذا الكلام باختصار هدم للدين وإيغال في العقلانية
والاعتزال
ويقول رشيد رضا – في ذكر محاسن الخديوي عباس- : ( أول ما عرف الناس من
محاسنه ما يسمى في عرف هذا العصر بالوطنية ) [تاريخ الأستاذ الإمام: (1/159) ( الاتجاهات
الوطنية : (1/49)]
فهنا هو يثني على الوطنية التي هي دعوة حزبية خبيثة للتفريق بين المسلمين
على أساس الانتماءات القطرية.
وقد نقل رشيد رضا في تفسير المنار (3/392) عن شيخه محمد عبده قوله
:"
و أما ما ورد في حديث مريم و عيسى ، من أن الشيطان لم يلمسهما و حديث إسلام
شيطان النبي صلى
الله عليه وسلم ، و إزالة حظ الشيطان من قلبه ، فهو من الأخبار الظنية ، لأنه من رواية
الآحاد ، و لما كان موضوعها عالم الغيب من قسم العقائد ، و هي لا يؤخذ فيها بالظن ،
لقوله تعالى : [ إن الظن لا يغني من الحق شيئاً ] [ النجم : 28 ] ، فإننا غير مكلفين
بالإيمان بمضمون تلك الأحاديث في عقائدنا "
فهذا إنكار لثلاثة أحاديث صحيحة متفق عليها اتفق أهل الصنعة على تصحيحها
وإنكار حديث واحد صحيح كفر فكيف بإنكار عدد كبير من الأحاديث الصحيحة كما هو شأن محمد
عبده وتلميذه محمد رشيد رضا
فإن كان عندهما علم فلا خير في علم لا يقود صاحبه إلى السنة ، ويجعله جريئاً
على أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأي حمية على الإسلام هذه التي تؤدي إلى هدم الإسلام بحجة الدفاع عنه
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم