مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: نقض تلبيس محمد الأزهري في موضوع مدح الشيخين للصرصري ...

نقض تلبيس محمد الأزهري في موضوع مدح الشيخين للصرصري ...



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
                                                       أما بعد :
 
فلا زال الذي يسمي نفسه الأزهري الحنبلي بعناده الخسيس يقع كل يوم في بلاء

وما وجد سوى احتجاج بارد بثناء ابن القيم على قصائد الصرصري في ذم الجهمية وإثبات الصفات في كتابه اجتماع الجيوش الإسلامية ليوهم الناس أن ابن تيمية وابن القيم يقران أو يعظمان الرجل لاستغاثته بالنبي صلى الله عليه وسلم أو أنهما علما بهذه الاستغاثات وأقراها أو هونا من شأن الخلاف مع أن نصوصهما في اعتبار شركية هذا الفعل لا تدخل في الحصر

فأولاً إليك نص ابن تيمية الواضح في الإنكار على الصرصري

جاء في مجموع الفتاوى ( 1/70) :" فَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ النِّيَّةَ عَمَلُ الْقَلْبِ وَهِيَ أَصْلُ الْعَمَلِ. وَإِخْلَاصُ الدِّينِ لِلَّهِ وَعِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ وَمُتَابَعَةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا جَاءَ بِهِ هُوَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. وَلِهَذَا أَنْكَرْنَا عَلَى الشَّيْخِ يَحْيَى الصرصري: مَا يَقُولُهُ فِي قَصَائِدِهِ فِي مَدْحِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الِاسْتِغَاثَةِ بِهِ مِثْلَ قَوْلِهِ: بِك أَسْتَغِيثُ وَأَسْتَعِينُ وَأَسْتَنْجِدُ. وَنَحْوِ ذَلِكَ"

وأما ثناء ابن القيم على قصائده فكان متعلقاً بالقصائد التي كانت في ذم الجهمية الأشعرية والصريحة في تكفيرهم وجعلهم قرناء لعباد الأوثان مما لا يقره الأزهري

مما نقله ابن القيم من شعره

الْحَقُّ أَثْبَتَهَا تَعَالَى جَدُّهُ ... وَالتَّيْسُ يُنْكِرُهَا فَجِنٌّ يُقْبِلُ
وَعَقِيدَةُ الْمَلْعُونِ أَنَّ الْمُصْحَفَ ... الْمَكْتُوبَ مَنْبُوذٌ تَطُوهُ الْأَرْجُلُ
مَا قَالَتِ الْكُفَّارُ مِثْلَ مَقَالِهِ ... وَكَذَا الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى الضُّلَّلُ
آلَ الْجَحُودُ بِهِ إِلَى وَادٍ لَظَى ... لِلْغَايَةِ السُّفْلَى فَبِئْسَ الْمَوْئِلُ
وَزَعَمْتَ أَنَّ الْحَنْبَلِيَّ مُجَسِّمٌ ... حَاشَا لِمِثْلِ الْحَنْبَلِيِّ يُمَثِّلُ
بَلْ يُورِدُ الْأَخْبَارَ إِذْ كَانَتْ تُصَحِّحُهَا ... الرُّوَاةُ عَنِ الثِّقَاتِ وَتَنْقُلُ
إِنَّ الْمُهَيْمِنَ لَيْسَ تَمْضِيَ لَيْلَةٌ ... إِلَّا وَفِي الْأَسْحَارِ فِيهَا يَنْزِلُ
قَدْ قَالَهَا خَيْرُ الْوَرَى فِي سَادَةٍ ... لَمْ يُنْكِرُوا هَذَا وَلَمْ يَتَأَوَّلُوا
وَتَقَبَّلُوهَا مَعْ غَزَارَةِ عَلِمِهِمْ ... أَفَأَنْتَ أَمْ تِلْكَ الْعِصَابَةُ أَعْقَلُ

فهو يقول بأن قول الأشعرية بأن القرآن الذي بين أيدينا حكاية عن كلام الله لم يقله الكفار ولا اليهود ولا النصارى

وبالنسبة لموقف الحنابلة من الاستغاثة بمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله

قال ابن خزيمة في التوحيد فَاسْمَعِ الآنَ الأَخْبَارَ الثَّابِتَةَ الصَّحِيحَةَ، بِنَقْلِ الْعَدْلِ عَنِ الْعَدْلِ، مَوْصُولاً إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّالَّةَ عَلَى أَنَّ كَلِمَاتِ رَبِّنَا لَيْسَتْ مخلوقة عَلَى مَا زَعَمَتِ الْمُعَطِّلَةُ الْجَهْمِيَّةُ عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللهِ.
326 - حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَابِقٍ الْخَوْلاَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَأَبِيهِ الْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ.
, حَدَّثَنَاهُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَوْ نَزَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلاً فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، فَإِنَّهُ لاَ يَضُرُّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتحل مِنْهُ.

327 - قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَا أَنَّكَ لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرَّكَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ أَمْلَيْتُ هَذَا الْبَابَ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الطِّبِّ وَالرُّقَى
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَفَلَيْسَ الْعِلْمُ مُحِيطًا يَا ذَوِي الْحِجَا؟ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَأْمُرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّعَوُّذِ بِخَلْقِ اللهِ مِنْ شَرِّ خَلْقِهِ؟ هَلْ سَمِعْتُمْ عَالِمًا يُجِيزُ، أَنْ يَقُولَ الدَّاعِي: أَعُوذُ بِالْكَعْبَةِ مِنْ شَرِّ خَلْقِ اللهِ؟ أَوْ يُجِيزُ أَنْ يَقُولَ: أَعُوذُ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، أَوْ أَعُوذُ بِعَرَفَاتٍ وَمِنًى مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ اللَّهُ، هَذَا لاَ يَقُولُهُ وَلاَ يُجِيزُ الْقَوْلَ بِهِ مُسْلِمٌ يَعْرِفُ دِينَ اللهِ، مُحَالٌ أَنْ يَسْتَعِيذَ مُسْلِمٌ بِخَلْقِ اللهِ مِنْ شَرِّ خَلْقِهِ.

وهذه هي حجة نعيم بن حماد وأحمد ابن حنبل وغيرهم من الأئمة على أن القرآن غير مخلوق وكلام الله غير مخلوق ولا فرق بين الاستعاذة والاستغاثة

عبد الله, [٢٠.٠١.١٧ ٢٢:١٩]
قال ابن خزيمة في التوحيد فَاسْمَعِ الآنَ الأَخْبَارَ الثَّابِتَةَ الصَّحِيحَةَ، بِنَقْلِ الْعَدْلِ عَنِ الْعَدْلِ، مَوْصُولاً إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّالَّةَ عَلَى أَنَّ كَلِمَاتِ رَبِّنَا لَيْسَتْ مخلوقة عَلَى مَا زَعَمَتِ الْمُعَطِّلَةُ الْجَهْمِيَّةُ عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللهِ.
326 - حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَابِقٍ الْخَوْلاَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَأَبِيهِ الْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ.
, حَدَّثَنَاهُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَوْ نَزَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلاً فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، فَإِنَّهُ لاَ يَضُرُّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتحل مِنْهُ.

قال ابن مفلح في الفروع :" وَقَالَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ: فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ" الِاسْتِعَاذَةُ لَا تَكُونُ بِمَخْلُوقٍ"

وقال ابن الجوزي في تلبيس إبليس :" قال ابن عقيل لما التكاليف على الجهال والضغام عدلوا عن أوضاع الشرع إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم فسهلت عليهم إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم قال وهم كفار عندي بهذه الأوضاع مثل تعظيم القبور وإكرامها بما نهى الشرع عنه من إيقاد النيران وتقبيلها وتخليفها وخطاب الموتى بالألواح وكتب الرقاع فيها يا مولاي أفعل بي كذا وكذا وأخذ التراب تبركا وإفاضة الطيب "

قال الحجاوي في باب حكم المرتد من كتابه الإقناع 4/285 ط. التركي
(قال الشيخ: أو كان مبغضا لرسوله أو لما جاء به اتفاقا. وقال: أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم إجماعا. انتهى. أو سجد لصنم أو شمس أو قمر).


قال منصور البهوتي في كشاف القناع:
((قال الشيخ أو كان مبغضا لرسوله أو لما جاء به ) الرسول ( اتفاقا , وقال: أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم إجماعا انتهى ) أي كفر لأن ذلك كفعل عابدي الأصنام قائلين : { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى )).


وقال ابن مفلح في الفروع 6/165 في باب حكم المرتد:
(قال : أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم ( ع ) قال جماعة : أو سجد لشمس أو قمر).


وقال المرداوي في الإنصاف 10/327
(فائدة : قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : وكذا الحكم لو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم إجماعا . قال جماعة من الأصحاب : أو سجد لشمس أو قمر).


وقال الشيخ مرعي الكرمي في غاية المنتهى 3/355
(أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم كفر إجماعا قاله الشيخ).


وقال مصطفى الرحيباني في مطالب أولي النهى 6/279
(( أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم ) كفر ( إجماعا قاله الشيخ ) تقي الدين , وقال : أو كان مبغضا لرسوله أو لما جاء به كفر اتفاقا ; لأن ذلك كفعل عابدي الأصنام قائلين ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى)

فهذا كلام الفقهاء وإمام المذهب ومعتمد المذهب لا كلام رجل غايته أنه شاعر يكتب الجزل أحياناً فجاء ابن القيم ومدح أشعاره في هجاء الجهمية وشيخه من قبل ذام لأشعاره التي فيها غلو

وقد قال ابن القيم في نفسه في إغاثة اللهفان :" ومن أعظم كيد الشيطان: أنه ينصب لأهل الشرك قبر معظم يعظمه الناس، ثم يجعله وثنا يعبد من دون الله، ثم يوحى إلى أوليائه: أن من نهى عن عبادته، واتخاذه عيدا، وجعله وثنا فقد تنقصه وهضم حقه. فيسعى الجاهلون المشركون فى قتله وعقوبته ويكفرونه. وذنبه عند أهل الإشراك: أمره بما أمر الله به ورسوله، ونهيه عما نهى الله عنه ورسوله: من جعله وثنا وعيدا، وإيقاد السرج عليه، وبناء المساجد والقباب عليه وتجصيصه، وإشادته وتقبيله، واستلامه، ودعائه، والدعاء به أو السفر إليه أو الاستغاثة به من دون الله، مما قد علم بالاضطرار من دين الإسلام أنه مضاد لما بعث الله به رسوله: من تجريد التوحيد لله وأن لا يعبد إلا الله. فإذا نهى الموحد عن ذلك غضب المشركون، واشمأزت قلوبهم، وقالوا: قد تنقص أهل الرتب العالية. وزعم أنهم لا حرمة لهم ولا قدر. ويسرى ذلك فى نفوس الجهال والطغام، وكثير ممن ينسب إلى العلم والدين حتى عادوا أهل التوحيد، ورموهم بالعظائم، ونفروا الناس عنهم. ووالوا أهل الشرك وعظموهم، وزعموا أنهم هم أولياء الله وأنصار دينه ورسوله، ويأبى الله ذلك. فما كانوا أولياءه، وإن أولياؤه إلا المتبعون له الموافقون له، العارفون بما جاء به، الداعون إليه، لا المتشبعون بما لم يعطوا، لابسو ثياب الزور، الذين يصدون الناس عن سنة نبيهم، ويبغونها عوجاً، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً"

ومن أعظم ما استدل به الإمام أحمد على الجهمية الذين قالوا أن أسماء الله مخلوقة الأدلة في الاستغاثة بأسماء الله الحسنى

ففي كتابه الذي جمعه في الآيات التي تنقض مذهب الجهمية استدل بهذه الآيات

1_ قوله تعالى : (جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ)

2_ قوله تعالى : (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ)

3_ قوله تعالى : (وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ)

4_ قوله تعالى : (وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ * فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)

5_ قوله تعالى : (هُوَ الْحَيُّ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

6_ قوله تعالى : (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)

7_ قوله تعالى : (وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا)

فإن قيل : ما وجه دلالة هذه الآيات في الرد على الجهمية

فيقال : تظهر دلالة هذه الآيات في الرد على الجهمية من وجهين

الأول : أن هذه الآيات دلت بأنه لا يجوز دعاء غير الله عز وجل وقد قال الله تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) والجهمية يقولون أسماء الله مخلوقة ، وبعضهم مآل قوله هذا لأنهم يقولون معنى كون الله عز وجل متكلماً أنه خلق الكلام في المخلوق ، فيكون المخلوق هو المتكلم ابتداءً بأسماء الله فهو أقدم منها فهي مخلوقة

الثاني : أنه قد صح في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ بكلمات الله التامات ويأمر بذلك ولو كانت مخلوقة لم يجز الاستعاذة بمخلوق كما أنه لا يجوز الاستغاثة به فيما لا يقدر عليه إلا الله كما دلت عليه الآيات

قال ابن تيمية _ رحمه الله _ في اقتضاء الصراط المستقيم :" فصار هذا كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : « أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك ، لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك » والاستعاذة لا تصح بمخلوق ، كما نص عليه الإمام أحمد وغيره من الأئمة ، وذلك مما استدلوا به على أن كلام الله غير مخلوق ، ولأنه قد ثبت في الصحيح وغيره ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه كان يقول « أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق » قالوا : والاستعاذة لا تكون بمخلوق"

والعجيب أن هذا الأزهري يقول بإمامة البوصيري الشاعر مع أنه شاعر لا علاقة له بالعلم والفقه مع حكمه بعدم إمامة المجدد ابن عبد الوهاب

فالبوصيري رجل عامي فاحش اللسان قذف زوجته !

قال علوي السقاف في رسالته الطيبة عن البردة :" والبُوصِيري كان ممقوتًا؛ لإطلاقِ لِسانه في الناس بكلِّ قَبيحٍ، وذِكره لهم بالسُّوءِ في مجالس الأُمراء والوزراء(19)، سيِّئ الخُلُق مع زوجتِه وغيرِها، شَحَّاذًا، مُضطربًا في شخصيتِه، فتارةً يَمدحُ النَّصارى ويذُمُّ اليهود، وتارةً يمدحُ اليهودَ؛ إرضاءً للنصارى، وتارة يذمُّ الاثنين معًا(20)، وكان كثيرَ المدحِ للسَّلاطين؛ طمعًا فيما عندهم، وهذا ليس غريبًا على الشُّعراء، لكنَّه ليس مِن صنيعِ العُلماء، أضِفْ إلى ذلك أنَّ له أبياتًا كثيرةً في البُردة والهَمزيَّة وبقيَّة قَصائِده الواردةِ في دِيوانه، فيها من الغلوِّ ما يُصدِّق قولَ مُنتقديه فيه، وإليك جوانبَ ممَّا ذُكِر:

أمَّا سوءُ خُلقه مع زوجتِه، فقد ذمَّها وأشارَ إلى اتِّهامها بالفاحشةِ في قَصيدةٍ طويلةٍ، وفي القصيدةِ من الفُحش والفُجور والفِسق ما فيها، نسألُ الله السَّلامة والعافية؛ ومنها قولُه:


وَبَليَّتي عِرسٌ بُلِيتُ بمقتها      والبَعلُ ممقوتٌ بغير قيامِ

جَعَلَتْ بإِفْلاسِي وَشَيْبِيَ حُجَّة    إِذَا صِرتُ لا خَلْفِي ولا قُدَّامي

بلغَتْ مِن الكِبَرِ العِتيَّ ونُكِّست    في الخَلقِ وهْي صَبيَّةُ الأَرحامِ

إنْ زُرْتُها في العامِ يَوْمًا أنْتَجَتْ    وَأتَتْ لِسِتَّةِ أشْهُرٍ بِغُلامِ

أوَ هَذِه الأولادُ جاءتْ كُلُّها     مِن فِعلِ شَيخٍ ليسَ بالقوَّامِ؟!

وأَظنُّ أنَّهمُ لعُظْمِ بَليَّتي      حَمَلتْ بِهم لا شكَّ في الأَحْلامِ

أوَ كُلَّ ما حَلِمتْ به حَمَلتْ به؟    مَن لي بأنَّ الناسَ غيرُ نِيامِ؟

يَا لَيتَها كانتْ عَقِيمًا آيسًا     أوْ لَيْتَنِي مِن جُملةِ الُخدَّامِ

أوْ لَيْتَني مِن قَبلِ تَزويِجي بها    لوْ كُنتُ بِعتُ حَلالَها بحَرامِ!

أوْ لَيْتني بعضُ الَّذين عَرَفتُهم    ممَّنْ يُحصِّنُ دِينَه بغُلامِ(21)!


ففي البيت الخامس يُشكِّك أنْ يكون أولادُه من كثرتهم أتَتْ بهم زوجتُه منه وهو شيخٌ ليس بالقوَّام! وفي التاسع تَمنَّى لو استبدلَ حلالها وهو الزواج بحرامٍ حتى لا يتحمَّلَ تبعةَ الأبناء، وفي العاشر تمنَّى لو أنَّه حصَّن دِينَه بغُلام بدلًا عن زوجةٍ، كبعض الذين يعرفهم! والعياذُ بالله.

والبُوصيري كان شَحَّاذًا يستخدمُ شِعرَه في استجداءِ ما عند الناس- وهذا ليس مِن صنيعِ العُلماءِ- فها هو يَشكُو للصَّاحب بهاء الدِّين عليِّ بن محمَّد بن حنا حالَه وكثرةَ عِياله بقوله:


أيُّها الصَّاحبُ المؤمَّل أَدْعُو   كَ دُعاءَ استغاثةٍ واستجارهْ

أَثْقَلَتْ ظَهري العِيالُ وقَدْ كنـ    تُ زَمانًا بهم خفيفَ الكَارَهْ

وَلَوَ انِّي وَحْدي لكنتُ مُريدًا    في رِباطٍ أَو عَابدًا في مَغارهْ

أَحسَبُ الزُّهد هيِّنًا وهْوَ حربٌ   لستُ فيه ولا مِن النَّظَّارهْ

لا تَكِلْني إلى سِواكَ فأخيا      رُ زَماني لا يَمنحُون خِيارَهْ

ووجوهُ القُصَّادِ فيه حديدٌ        وقلوبُ الأجوادِ فيه حِجارهْ

فإذا فازتْ كَفُّ حُرٍّ بِبُرٍّ            فهو إمَّا بنَقضةٍ أو نشارهْ

إنَّ بَيتي يقولُ قدْ طالَ عَهْدي     بدُخولِ التِّلِّيس(22) لي والشِّكارهْ

وطَعامٍ قدْ كان يَعهَدُه النا         سُ متاعًا لهم وللسَّيَّارهْ

فالكوانيُن(23) ما تُعابُ من البَر       دِ بطبَّاخَةٍ ولا شَكَّارهْ

لا بِساطٌ ولا حَصيرٌ بدِهليـ        ـــزٍ ولا مَجلسي ولا طَيَّارهْ(24).


ويَطلُب من غيرِه كُنافةً في شهر الصوم، فيقول:

ما أَكَلْنا في ذا الصِّيامِ كُنافَه     آهِ وا بُعدَها علينا مَسافَه

قال قومٌ إنَّ العِمادَ كريمٌ     قلتُ هذا عندي حديثُ خُرافَه

أَنَا ضَيفٌ له وقد مُتُّ جُوعًا    ليتَ شِعري لِـمْ لا تُعَدُّ الضِّيافَه

وهْوَ إنْ يُطْعِمِ الطَّعامَ فمَا يُطْـ    ـعِمُه إلَّا بسُمعةٍ أو مَخافَه(25).


وقال يَهْجو أُناسًا سرَقوا حِمارتَه فغَلَا وبالَغَ في ذلك جِدًّا من أجْل حمارة! فقال:

أَرَى المُستخدِمين مَشَوْا جميعًا    على غيرِ الصِّراطِ المُستقيمِ

مَعاشِرُ لو وَلُوا جَنَّاتِ عَدْن    لصارتْ مِنهمُ نارَ الجَحيمِ

فمَا مِن بَلدةٍ إلَّا ومنهم      عليها كلُّ شَيطانٍ رَجيمِ

فلو كانَ النُّجومُ لها رُجومًا    لَقِدْ خَلتِ السَّماءُ من النُّجومِ(26).


وكانَ مُضطرِبَ الشخصيةِ يَسيرُ مع هوى نفْسه وطَمعِها، فلمَّا لمْ يُهدِ له النصارى طعامًا في عِيدهم- عيد المسيح كما يزعمون- هَجاهم، ومدَحَ اليهودَ؛ نكايةً فيهم فقال:

يَهودُ بِلبِيس(27) كُلَّ عِيدٍ    أفضلُ عِندي من النَّصارى

أمَا ترَى البَغْلَ وَهْوَ بغلٌ     في فَضلِه يَفضُلُ الحِمارَا(28)


فلمَّا هدَّده النصارى تراجَع ومدحَهم وذمَّ اليهود، فقال:

مَا للنَّصارى إليَّ ذنبٌ     وإنما  الذَّنبُ  لليهودِ

وكيفَ تَفضيلُهم وفيهم    سِرُّ الخنازيرِ والقُرودِ(29).


أمَّا مدحُه لسلاطين زمانِه مستجديًا ما عندهم، فحدِّث ولا حرجَ! ودِيوانه مليءٌ بذلك(30) ولا تَخلو كثيرٌ من قَصائدِه من الغلوِّ في الممدوحِ، وإليك نَزرًا يسيرًا منها:
فمِن ذلك قولُه يمدحُ الوزيرَ زينَ الدِّين الصاحبي بقوله:


أَهلُ التُّقى والعِلم أهلُ السُّؤددِ      فأَخو السِّيادةِ أحمدُ بنُ مُحمَّدِ

الصَّاحبُ بنُ الصَّاحبِ بنِ الصَّاحِبِ الــ       ـحَبرُ الهُمامُ السَّيِّدُ ابنُ السَّيِّدِ

لا تُشرِكنَّ به امرأً في وصْفِه      فتكونَ قد خالفتَ كُلَّ مُوحِّدِ(31).

وفي البيتِ الأخير غلوٌّ ظاهرٌ.


ويقولُ مادحًا الصَّاحبَ بهاء الدِّين، ويَطلبُه حمارةً، ويذمُّ آخرَ مُقرَّبًا من الصاحب؛ حَسدًا له:

صاحِبٌ لا يزالُ بالجُودِ والإفـ    ضَالِ طلقَ اليَدينِ حُلوَ العِبارهْ

كَم هَدَانا من فضلِه بكِتابٍ     مُعجزٍ مِن عُلومِه بأَثَارهْ

إنَّما يَذكُر العطيةَ مَن كا      نَتْ عَطاياهُ تَارةً بَعدَ تَارهْ

سَيِّدي أنتَ نُصرتي كُلَّما     شنَّ عليَّ الزمان بالفقرِ غَارهْ!

شابَ رأسي وما رأستُ كأنِّي    زامرُ الحيِّ أو صغيرُ الحارَهْ

وابنُ عِمرانَ وهْوَ شَرُّ متاع    للوَرَى في بِطانةٍ وظِهارَهْ

حَسَّن القُربُ منكم قُبحَ ذِكرَا    هُ كتَحسينِ المِسكِ ذِكْرَ الفَارَهْ

فهْوَ في المدحِ قَطرةٌ من سَحابي    وهو في الهَجْوِ مِن زِنادي شَرارَهْ

ما له مِيزةٌ عليَّ سِوى أنَّ     له بغلةً وما لي حِمارهْ(32).


ويَمدحُه مَرَّةً أخرى ويشكو له حالَه فيقول:

يَا أيُّها المولى الوزيرُ الذي    أيَّامُه طائِعةٌ أَمْرَهْ!

ومَن له منزلةٌ في العُلا     تَكِلُّ عن أوصافِها الفِكْرَه

أَخلاقُك الغُرُّ دَعتْنَا إلى الـ      إدلاءٍ في القولِ على غِرَّه

إليك نَشْكُو حالَنا إنَّنا       عائلةٌ في غايةِ الكَثْرَه

صاموا مع النَّاسِ ولكِنَّهم     كانوا لِمَن يُبصِرهم عِبْرَه

فارحمْهمُ إنِ أَبصروا كَعكةً     في يدِ طِفلٍ أو رَأَوْا تَمْرَه

تَشْخَصُ أَبصارُهم نَحوَها    بِشَهْقةٍ تَتبعُها زَفْرَه"

فهذا يوصف بالإمامة والمجدد ابن عبد الوهاب تنفى عنه الإمامة قاتل الله الحقد والغباء والسفالة إذا اجتمعت ، وهنا تنبيه كثير من أصحاب هذا الرجل ممن أكثروا الرد عليه في مسائل شخصية بينهم يطوون عنه كشحاً في نشره للشرك فإن هذا لا يهمهم كثيراً فيما يبدو
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي