مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: براءة مَحْمُودِ بن سبكتكين الغزنوي من إبادة ملايين الهنود

براءة مَحْمُودِ بن سبكتكين الغزنوي من إبادة ملايين الهنود



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
 
تكلم الكثير من الأخوة تعليقاً على ما يذكره الملاحدة حول الغزو الإسلامي للهند وأنه أعظم عملية إبادة في التاريخ ( هكذا نسينا صنيع أمريكا في السكان الأصليين )

وقد علق  سامي عامري على هذا الأمر في مقطع خاص له وحصلت نقاشات هنا وفي أماكن أخرى ولكنني هنا أود التنبيه على أمر

عامة من تكلم اعتمد على تاريخ فرشتة بل عدد منهم صرح أنه أول من نبه على ما فعله محمود الغزنوي

طيب متى عاش فرشتة ومتى عاش محمود الغزنوي

محمد قاسم فرشته المتوفى سنة (1031هـ)

وأما محمود الغزنوي فعاش 357 ـ 421هـ/

إذن هناك فارق زمني عظيم جداً وعامة من يكتب في هذا الموضوع يكتم ذكر التواريخ

فالعجب ممن يكفر بكل معجزات النبي صلى الله عليه وسلم المتواترة ويؤمن بهذا

طيب ما هو مذهب فرشتة والذي هو مؤرخ فارسي

قال أبو الحسن الندوي في كتابه الإمام السرهندي حياته وأعماله ص38 :" وكان محمد قاسم هذا من فرقة الإمامية "

يعني من الشيعة الاثنا عشرية المعروفين بعدائهم لأهل السنة وشتمهم لأخيار الصحابة ومعلوم تصلب محمود الغزنوي في السنة

وهذا يسقط مصداقية ما يقولونه في هذا السياق أصلاً

قال الكاتب العلماني الحاقد مصطفى الفارس :" المؤرخ الاسلامي فرشته (اسمه الكامل هو محمد قاسم هندو شاه، ولد في عام 1560 و توفي في 1620) مؤلف تاريخ فرشته (Tarikh-i Firishta)، كان اول من اعطى فكرة عن حمام دم القرون الوسطى و هو الهند في عهد الحكم الاسلامي، عندما اعلن ان 400 مليون هندوسي تمت اذابتهم خلال الغزو الاسلامي للهند. الناجين تم استعبادهم و اخصائهم. يقال ان تعداد النفوس في الهند كان بحدود 600 مليون نسمة في ايام الغزو الاسلامي، بحلول منتصف القرن السادس عشر كان تعداد السكان الهندوس بحدود ال 200 مليون فقط"

فهذا أقدم مصدر عندهم وهذا عدد خيالي جداً خصوصاً في أدوات الحرب القديمة

وفي المنتظم لابن الجوزي في رسالة أرسلها محمود الغزنوي نفسه للقادر بالله يذكر أنه قتل من العدو خمسين ألفاً ( ويعني بهم المقاتلة يبدو )

وذكر أنه أسلم زهاء عشرين ألفاً منهم

وفي المنتظم لابن الجوزي :" ورد كتاب من يمين الدولة أبي القاسم محمود بن سبكتكين إلى القادر باللَّه يذكر له غزوة في بلاد الهند، وأنه أوغل في بلادهم حتى جاء إلى قلعة عد فيها ستمائة صنم، وقال: أتيت قلعة ليس لها في الدنيا نظير، وما الظعن بقلعة تسع خمسمائة ألف إنسان، وخمسمائة فيل، وعشرين ألف دابة، ويقوم لهذا العدد بما يكفيه من علوفة وطعام، وأعان الله حتى طلبوا الأمان فآمنت ملكهم، وأقررته على ولايته بخراج قرر عليه، وأنفذ هدايا كثيرة وفيلة، ومن الطرف الغريبة طائر على هيئة القمري ومن خاصته أنه إذا حضر على الخوان وكان في شيء مما قدم سم دمعت عينه، وجرى منها ماء تحجر، وحك، فطلى بما يحك منه الجراحات ذوات الأفواه الواسعة، فيحلمها فتقبلت هديته وانقلب العبد بنعمة من الله وفضله."

فهو يقرر أنه أمنهم ولم يقتل منهم أحد وإنما رضي منهم بالجزية أفنترك كلامه هو ونصدق كلام شخص جاء بعده بمئات السنين

وقال ابن الجوزي في المنتظم :" وملك محمود سجستان وتملك مملكة واسعة وبلغ إلى قلعة لملك الهند تسع خمسمائة ألف إنسان وخمسمائة فيل وعشرين ألف دابة فأحاط بها فجاءة رسول على نعش يحمل قوائمه أربعة غلمان ويحفه مطرح ومخدة، فقال له: أن مفارقة ديننا/ لا سبيل إليه ولكن نصالحك، فصالحهم على خمسمائة فيل وثلاثة آلاف ومائة بقرة، فبعث محمود إلى ملكهم قباء وعمامة وسيفا ومنطقة وفرسا ومركبا وخفا وخاتما عليه أسمه، وأمره أن يقطع أصبعه وهي عادة للتوثقة عندهم، وكان عند محمود من أصابع من هادنه الكثير فلبس ملكهم الخلعة واخرج حديدة قطع إصبعه الصغرى من غير أن يتغير وجهه، وأحضر دواء فطرحه عليها وشدها"


أمره الهندي أن يقطع إصبعه أمر مخالف للسنة ويبدو أنهم اكتسبوه من الفرس ولاحظ أن محمود صالحهم ولم يقاتلهم وملك الهند صرح له أنه لن يفارق دينه ورضي منه محمود بهذا ثم يأتي صاحب قصة الحضارة ويدعي أن المسلمين كانوا يجبرون الهندوس على الاسلام

ومعركة سومنات التي خاضها محمود لهدم صنم الهند الأعظم بشهادته وشهادة ابن الجوزي قتل فيها دون هذا الصنم خمسين ألفاً فالذي حولهم لملايين لا أدري

وقال ابن كثير في البداية والنهاية :"  ثم دخلت سنة ثنتين وتسعين وثلثمائة في محرمها غَزَا يَمِينُ الدَّوْلَةِ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ بِلَادَ الهند فقصده ملكها جِيبَالُ فِي جَيْشٍ عَظِيمٍ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، ففتح الله على المسلمين، وانهزمت الهنود، وأسر ملكهم جيبال، وأخذوا مِنْ عُنُقِهِ قِلَادَةٌ قِيمَتُهَا ثَمَانُونَ (1) أَلْفَ دِينَارٍ، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ أَمْوَالًا عَظِيمَةً، وَفَتَحُوا بِلَادًا كثيرة، ثم إن محموداً سلطان المسلمين أطلق مَلِكَ الْهِنْدِ احْتِقَارًا لَهُ وَاسْتِهَانَةً بِهِ (2) ، لِيَرَاهُ أهل مملكته والناس في المذلة فحين وصل جيبال إِلَى بِلَادِهِ أَلْقَى نَفْسَهُ فِي النَّار الَّتِي يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاحْتَرَقَ، لَعَنَهُ اللَّهُ"

ويبدو أن هذا ملك آخر 

وقال ابن كثير في البداية والنهاية :"  وفيها ورد كتاب من محمود بن سبكتكين يذكر أَنَّهُ دَخَلَ بِلَادَ الْهِنْدِ أَيْضًا، وَأَنَّهُ كَسَرَ الصَّنَمَ الْأَعْظَمَ الَّذِي لَهُمُ الْمُسَمَّى بِسُومَنَاتَ، وَقَدْ كَانُوا يَفِدُونَ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، كما يفد الناس إلى الكعبة البيت الحرام وأعظم، وينفقون عنده النفقات والأموال الكثيرة، التي لا توصف ولا تعد، وَكَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَوْقَافِ عَشَرَةُ آلَافِ قَرْيَةٍ، ومدينة مَشْهُورَةٍ، وَقَدِ امْتَلَأَتْ خَزَائِنُهُ أَمْوَالًا، وَعِنْدَهُ أَلْفُ رجل يخدمونه، وثلثمائة رجل يحلقون رؤوس حجيجه، وثلثمائة رجل يغنون ويرقصون على بابه، لما يضرب على بابه الطبول والبوقات، وكان عنده من المجاورين ألوف يأكلون من أوقافه، وقد كان البعيد من الهنود يتمنى لو بلغ هذا الصنم، وكان يعوقه طول المفاوز وكثرة الموانع والآفات، ثم استخار الله السلطان محمود لما بلغه خبر هذا الصنم وعباده، وكثرة الهنود في طريقه، والمفاوز المهلكة، والأرض الخطرة، في تجشم ذلك في جيشه، وأن يقطع تلك الأهوال إليه، فندب جيشه لذلك فانتدب معه ثلاثون ألفاً من المقاتلة، ممن اختارهم لذلك، سوى المتطوعة، فسلمهم الله حتى انتهوا إلى بلد هذا الوثن، ونزلوا بساحة عباده، فإذا هو بمكان بقدر المدينة العظيمة، قال: فما كان بأسرع من أن ملكناه وَقَتَلْنَا مِنْ أَهْلِهِ خَمْسِينَ أَلْفًا وَقَلَعْنَا هَذَا الْوَثَنَ وَأَوْقَدْنَا تَحْتَهُ النَّارَ.
وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ واحد أن الهنود بذلوا للسلطان محمود أموالاً جزيلة لِيَتْرُكَ لَهُمْ هَذَا الصَّنَمَ الْأَعْظَمَ، فَأَشَارَ مَنْ أشار من الأمراء على السلطان محمود بأخذ الأموال وإبقاء هذا الصنم لهم، فقال: حتى أستخير الله عزوجل، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: إِنِّي فَكَّرْتُ فِي الْأَمْرِ الذي ذكر فرأيت أنه إذا نوديت يوم القيامة أَيْنَ مَحْمُودٌ الَّذِي كَسَرَ الصَّنَمَ؟ أَحَبُّ إِلَيَّ من أن يقال
الذي ترك الصنم لأجل ما يناله من الدنيا، ثم عزم فكسره رحمه الله، فوجد عليه وفيه من الجواهر واللآلئ والذهب وَالْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ مَا يُنَيِّفُ عَلَى مَا بَذَلُوهُ له بأضعاف مضاعفة، ونرجو من الله له في الآخرة الثواب الجزيل الذي مثقال دانق منه خير من الدنيا وما فيها، مع ما حصل له من الثناء الجميل الدنيوي، فَرَحِمَهُ اللَّهُ وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ"

ومعركة سومنات هي التي عليها يعولون وقد وردك أن قتلاها خمسون ألفاً ويبدو أن كلهم مقاتلة كانوا يحرسون ذلك الصنم 

وشتان بين حرب الغزنوي لهدم الصنم وإزالة الخرافة وما كان ينفع على هذه الأحجار من الأموال النفيسة العظيمة مع فقر البشر وبين حرب الأفيون أو حرب التبغ ومن أراد أن يعلم خبرها فليبحث عنها 

ولكن البريطانيين لما دخلوا الهند وفعلوا فيها ما فعلوا استغلوا هذا الأمر ليخففوا وطأة صنيعهم وليشعلوا حرباً نفسية بين المسلمين وغيرهم

وكما قال الدكتور سامي عامري أن أفعال الأفراد إذا لم يوجد لها سند واضح من الدين فلا تحسب على الدين

ولكن استفزني الكذب الوقح والذي يشيعونه بتعطش في مواقع كثيرة وعلى عادتهم إن جاء الدين بشيء صاروا يستنكرونه ويستبعدونه فإذا جاءت معلومات تعجبهم صدقوها رأساً
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي