مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: ذكر بعض من رفع المكوس ( الضرائب ) من ملوك المسلمين وخلفائهم

ذكر بعض من رفع المكوس ( الضرائب ) من ملوك المسلمين وخلفائهم



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
 
فإن المكوس وهي الضرائب كانت معروفة منذ زمن بعيد وهي تختلف عن الزكاة من أوجه عدة من أهمها أن المكوس تؤخذ من الغني والفقير ومصارفها إما تكون في منافع عامة وإما تكون مجهولة المصارف

وقد أغنانا الله بالزكاة التي تؤخذ من الغني فيتملكها الفقير بشرط ادخار الغني لها سنة فتخرج من يد مائلة للادخار إلى يد مائلة للإنفاق فيحصل بذلك حركة في السوق وتزداد فرص العمل ويكون لدى الفقير مصدر دخل يوفر له حد أدنى من العيش الكريم بحيث أنه إذا أراد أن يعمل لا يتم استغلال حاجته فيجعلونه يعمل العمل الشاق بأجر زهيد جداً وهذا أمر يحصل في كل مكان في العالم وهو من أبشع صور الظلم التي تقتل في الناس معان جميلة كثيرة كل يوم

وقد كان هناك عدد من خلفاء المسلمين على مر التاريخ رفعوا المكوس فسجل ذلك في مناقبهم فأردت جمع عدد منهم في مكان واحد ليذكروا بالخير

قال ابن الجوزي في المنتظم :" ملكشاه ويكنى: أبا الفتح بن أبي شجاع محمد ألب أرسلان ابن داود بن ميكائيل بن سلجوق جلال الدولة، عمّر القناطر، وأسقط المكوس والضرائب وحفر الأنهار الخراب، وبنى الجامع الذي يقال له جامع السلطان الذي يقال له انه جدد بناه ببغداد، وبنى مدرسة أبي حنيفة والسوق، وبنى منارة القرون من صيوده، وهي التي بظاهر الكوفة، وبنى مثلها وراء النهر، وتذكر ما اصطاده بنفسه، فكان عشرة آلاف فتصدق بعشرة آلاف دينار، وقال: إني خائف من الله سبحانه من إرهاق روح لغير مأكلة، وخطب له من أقصى بلاد الترك إلى أقصى بلاد اليمن، وراسله الملوك حتى قال النظام: كم من يوم وقعت بإطلاق إذ مات لرسل ملك الروم، واللان، والخزر، والشام، واليمن، وفارس وغير ذلك. قال: وإن خرج هذا السلطان في السنة أكثر من عشرين ألف ألف دينار، وكانت السبل في زمانه آمنة، وكانت نيته في الخير جميلة، وكان يقف للمرأة والضعيف ولا يبرح إلا بعد إنصافهم"

هذا الرجل العادل لا يكاد يعرفه أحد لأن هناك متخصصين بتسليط الضوء على كل سيء في تاريخنا فحسب

ولاحظ أن الرجل كان في شبابه يصيد للتسلية فلما تذكر هذا تصدق بقيمة كل ما صاد خوفاً من الله وتأمل ما ذكر من أنه كان يقف للمرأة والضعيف حتى ينصفهم

جاء في فوات الوفيات :" المعتضد بالله العباسي
أحمد بن طلحة أمير المؤمنين المعتضد بالله أبو العباس ابن ولي العهد أبي أحمد الموفق بالله ابن المتوكل؛ ولد في ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين ومائتين، أيام جده، وتوفي في رجب سنة تسع وثمانين ومائتين، رحمه الله. وكان قد استخلف بعد عمه المعتمد سنة تسع وسبعين ومائتين. وكان شجاعاً مهيباً، أسمر (2) نحيفاً وافر العقل، ظاهر الجبروت، شديد الوطأة، من أفراد خلفاء بني العباس، كان يقدم على الأسد وحده لشجاعته.
قال خفيف السمرقندي: كنت معه في الصيد، وانقطع عنا العسكر، فخرج علينا أسد، فقال: أفيك خير؟ قلت: لا، قال: ولا تمسك فرسي؟ قلت: نعم، فنزل وتحزم وسل سيفه وقصد الأسد، وتلقاه بسيفه فقطع عضده، ثم ضربه ضربة فلقت هامته، ومسح سيفه في صوفه، وركب، وصحبته إلى أن مات ما سمعته يذكر ذلك لقلة احتفاله به.
وكان يبخل ويجمع المال، وفي أيامه سكنت الفتن لعظم هيبته، وكان يسمى السفاح الثاني، لأنه جدد ملك بني العباس، وكانت أيامه طيبة، كثيرة الأمن والرخاء، وأسقط المكوس، ونشر العدل، ورفع المظالم عن الرعية، وكان مزاجه قد تغير من إفراطه في الجماع وعدم الحمية، بحيث إنه أكل في علته زيتوناً وسمكاً، وشكوا في موته، فتقدم الطبيب وجس نبضه، ففتح عينه ورفس الطبيب، رماه أذرعاً، فمات الطبيب ثم مات المعتضد، وبويع ابنه"

يهمنا ما ذكر من شأن العدل ورفع الظلم ورفع المكوس وانتشار الرخاء والأمن وإلا الرجل كان فيه طيش وتشيع مفرط مع حب لأبي بكر وعمر وعثمان

وجاء في مسالك الأبصار (4/190) لصاحبه شهاب الدين العمري :" وهذه المملكة المجتمعة لهذا السلطان أبي الحسن فإنها هي الغرب بمجموعه، منها ما هو بيده، ومنها ما هو بيد ملوك في طاعته، وحيث يقال اليوم صاحب الغرب، فهو المراد، ولقد كان الناس زمان أبيه في جور حتى (541) ولي فبسط بساط العدل، وحمل على محجة الإنصاف، وأبطل المظالم و (ضرب) على يد كلّ ظالم، وأسقط المكوس، ولم يدع إلا الخراج والزكاة والعشر، وما يوجبه موجب طلب الشرع، وحلّ عقد (ة) الضمان، وكانت سببا للظلم والطلب المجحف، وكان يقال إنه بعد أن حلّ البلاد من الضّمان تنقص الأموال فزادت، وأدلّ الله بالعدل من البركات أضعاف ما كان"

هذا أبو الحسن المريني من ملوك افريقية المسلمين

وهناك أيضاً أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ سَامَ الْغُورِيُّ، صَاحِبُ غَزْنَةَ وَبَعْضِ خُرَاسَانَ

قال ابن الأثير في الكامل :" وَأَمَّا سِيرَةُ غِيَاثِ الدِّينِ وَأَخْلَاقُهُ ; فَإِنَّهُ كَانَ مُظَفَّرًا مَنْصُورًا فِي حُرُوبِهِ، لَمْ تَنْهَزِمْ لَهُ رَايَةٌ قَطُّ، وَكَانَ قَلِيلَ الْمُبَاشَرَةِ لِلْحُرُوبِ. وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ دَهَاءٌ وَمَكْرٌ، وَكَانَ جَوَادًا، حَسَنَ الِاعْتِقَادِ، كَثِيرَ الصَّدَقَاتِ وَالْوُقُوفِ بِخُرَاسَانَ. بَنَى الْمَسَاجِدَ وَالْمَدَارِسَ بِخُرَاسَانَ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَبَنَى الْخَانَكَاهَاتِ فِي الطُّرُقِ. وَأَسَقَطُ الْمُكُوسَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ إِلَى مَالِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَمَنْ مَاتَ [وَلَا وَارِثَ لَهُ تَصَدَّقَ بِمَا يُخَلِّفُهُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ بَلَدٍ مَعْرُوفٍ وَمَاتَ] بِبَلَدِهِ يُسَلِّمُ مَالَهُ إِلَى أَهْلِ بَلَدِهِ مِنَ التُّجَّارِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدًا يُسَلِّمُهُ إِلَى الْقَاضِي، وَيَخْتِمُ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ يَصِلَ مَنْ يَأْخُذُهُ بِمُقْتَضَى الشَّرْعِ.
وَكَانَ إِذَا وَصَلَ إِلَى بَلَدٍ عَمَّ إِحْسَانُهُ أَهْلَهُ وَالْفُقَهَاءَ وَأَهْلَ الْفَضْلِ، يَخْلَعُ عَلَيْهِمْ، وَيَفْرِضُ لَهُمُ الْأُعْطَيَاتِ كُلَّ سَنَةٍ مِنْ خِزَانَتِهِ، وَيُفَرِّقُ الْأَمْوَالَ فِي الْفُقَرَاءِ، وَكَانَ يُرَاعِي كُلَّ مَنْ وَصَلَ إِلَى حَضْرَتِهِ مِنَ الْعَلَوِيِّينَ وَالشُّعَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَكَانَ فِيهِ فَضْلٌ غَزِيرٌ، وَأَدَبٌ مَعَ حُسْنِ خَطٍّ وَبَلَاغَةٍ، وَكَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَنْسَخُ الْمَصَاحِفَ بِخَطِّهِ وَيَقِفُهَا فِي الْمَدَارِسِ الَّتِي بَنَاهَا، وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ تَعَصُّبٌ عَلَى مَذْهَبٍ، وَيَقُولُ: التَّعَصُّبُ فِي الْمَذَاهِبِ مِنَ الْمَلِكِ قَبِيحٌ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ شَافِعِيَّ الْمَذْهَبِ، فَهُوَ يَمِيلُ إِلَى الشَّافِعِيَّةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُطْمِعَهُمْ فِي غَيْرِهِمْ، وَلَا أَعْطَاهُمْ مَا لَيْسَ لَهُمْ"

جاء في سير أعلام النبلاء :" قَالَ أَبُو المُظَفَّرِ ابنُ الجَوْزِيّ (1) : سَمِعْتُ مَشَايِخ الحَرْبِيَّة (2) يَحكُوْن عَنْ آبَائِهِم وَأَجدَادهِم: أَنَّ السُّلْطَان مسعُوْداً (3) لَمَّا أَتَى بَغْدَاد، كَانَ يُحبّ زِيَارَة العُلَمَاء وَالصَّالِحِيْنَ، فَالتمسَ حُضُوْر ابْنِ الطَّلاَّيَةِ، فَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: أَنَا فِي هَذَا المَسْجَد أنْتَظر دَاعِي الله فِي النَّهَار خَمْس مَرَّات.
فَذَهَبَ الرَّسُولُ، فَقَالَ السُّلْطَان: أَنَا أَوْلَى بِالمَشْي إِلَيْهِ.
فَزَاره، فَرَآهُ يُصَلِّي الضُّحَى، وَكَانَ يُطَوِّلُهَا يُصلِّيهَا بِثَمَانِيَة أَجزَاء، فَصَلَّى مَعَهُ بَعْضهَا، فَقَالَ لَهُ الخَادِم: السُّلْطَان قَائِم عَلَى رَأْسك.
فَقَالَ: أَيْنَ مَسْعُوْد؟
قَالَ: هَا أَنَا.
قَالَ: يَا مَسْعُوْد! اعْدِلْ، وَادعُ لِي، الله أَكْبَر.
ثُمَّ دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ، فَبَكَى السُّلْطَان، وَكَتَبَ وَرقَةً بِخَطِّهِ بِإِزَالَة المُكُوْس وَالضّرَائِب، وَتَاب تَوبَة صَادِقَة."

وقال ا الشيخ عبد الرحمن الجبرتي  في تاريخه "عجائب الآثار" وفي هذه الأيام - من سنة إحدى وعشرين ومائتين - (1) وصلت الأخبار من الديار الحجازية بمسالمة الشريف غالب للوهابيين. وذلك لشدة ما حصل من المضايقة الشديدة وقطع الجالب عنهم من كل ناحية حتى وصل ثمن الإردب من الأرز المصري خمسمائة ريال، والإردب من البر ثلاث مائة وعشرة قروش. وقس على ذلك السمن والعسل وغير ذلك. فلم يسع الشريف إلا مسالمتهم والدخول في طاعتهم وسلوك طريقتهم وأخذ العهد على دعاتهم وكبيرهم بداخل الكعبة. وأمر بمنع المنكرات والتجاهر بها وشرب الأراجيل بالتنباك في المسعى وبين الصفا والمروة، وبالملازمة على الصلوات في الجماعة، ودفع الزكاة وترك لبس الحرير والمقصبات، وأبطل المكوس والمظالم وكانوا خرجوا عن الحدود في ذلك حتى إن الميت يأخذون عليه خمسة فرانسة وعشرة بحسب حالته وإن لم يدفع أهله الذي يتقرر عليه فلا يقدر على رفعه ودفنه، ولا يتقرب إليه الغاسل ليغسله حتى يأتيه الإذن، وغير ذلك من البدع والمكوس والمظالم التي أحدثوها على المبيعات والمشتروات على البائع والمشتري، ومصادرة الناس في أموالهم ودورهم، فيكون الشخص من سائر الناس جالساً بداره فما يشعر على حين غفلة منها إلا والأعوان يأمرونه بإخلاء الدار وخروجه منها، ويقولون: إن سيد الجميع محتاج إليها فإما أن يخرج منها جملة وتصير من أملاك الشريف وإما أن يصالح عليها بمقدار ثمنها أو أقل أو أكثر. فعاهده على ترك ذلك كله واتباع ما أمر الله به في كتابه العزيز من إخلاص التوحيد لله وحده، واتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه الخلفاء الراشدون والصحابة والتابعون والأئمة المجتهدون إلى آخر القرن الثالث، وترك ما حدث في الناس من الالتجاء لغير الله تعالى من المخلوقين الأحياء والأموات في الشدائد والمهمات، وما أحدثوه من بناء القباب على القبور والتصاوير والزخارف وتقبيل الأعتاب والخضوع والتذلل والمناداة والطواف والنذور والذبائح والقربان وعمل الأعياد والمواسم لها، واجتماع أصناف الخلائق واختلاط النساء بالرجال وباقي الأشياء التي فيها شركة المخلوقين مع الخالق في توحيد الألوهية التي بعثت الرسل إلى مقاتلة من خالفها ليكون الدين كله لله. فعاهده على منع ذلك كله وعلى هدم القباب المبنية على القبور والأضرحة لأنها من الأمور المحدثة التي لم تكن في عهده صلى الله عليه وسلم وذلك بعد المناظرة مع علماء تلك الناحية وإقامة الحجة عليهم بالأدلة القطعية التي لا تقبل التأويل من الكتاب والسنة، وإذعانهم لذلك. فعند ذلك أمنت السبل، وسلكت الطرق بين مكة والمدينة وبين مكة وجدة والطائف، وانحلت الأسعار وكثر وجود المطعومات وما يجلبه عربان الشرق إلى الحرمين من الغلال والأغنام والأسمان والأعسال، حتى بيع الإردب من الحنطة بأربعة ريالات واستمر الشريف غالب يأخذ العشور من التجار وإذا نوقش في ذلك يقول: هؤلاء مشركون، وأنا آخذ من المشركين لا الموحدين."

هؤلاء أصحابنا وبهم نفخر

وأيضاً ممن يذكر أنه أبطل المكوس الملك العباسي الظاهر وكان عادلاً ونور الدين زنكي

جاء في العبر في خبر من غبر :" والظاهر بأمر الله أبو نصر محمد بن الناصر لدين الله أحمد بن المستضيء بأمر الله الحسن بن المستنجد بالله يوسف بن المقتفي العباسي.
ولد سنة إحى وسبعين وخمس مائة وبويع بالخلافة بعد أبيه في العام المار.
وكانت خلافته تسعة أشهر ونصفًا.
وكان دينًا خيرًا عادلًا حتى بالغ ابن الأثير وقال: أظهر من العدل والإحسان ما أعاد به سنة العمرين.
وقال أبو شامة: كان أبيض مشربًا حمرة حلو الشمائل شديد القوى.
قيل له ألا تتفسح قال: قد لقس الزرع.
فقيل: يبارك الله في عمرك فقال: من فتح بعد العصر إيش يكسب.
ثم إنه أحسن إلى الناس وفرق الأموال وأبطل المكوس وأزال المظالم.
قلت: توفي في ثالث عشر رجب وبويع بعده ابنه المستنصر بالله"

وأيضاً الملك الجواد مظفر الدين يونس بن مودود

قال ابن كثير في البداية والنهاية :" فَإِنَّهُ رَكِبَ فِي أُبَّهَةِ الْمُلْكِ وَأَنْفَقَ الْأَمْوَالَ وَالْخِلَعَ عَلَى الْأُمَرَاءِ قَالَ السِّبْطُ: فَرَّقَ سِتَّةَ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ وَخَمْسَةَ آلَافِ خِلْعَةٍ، وَأَبْطَلَ الْمُكُوسَ وَالْخُمُورَ، وَنَفَى الْخَوَاطِئَ وَاسْتَقَرَّ مُلْكُهُ بِدِمَشْقَ، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْأُمَرَاءُ الشَّامِيُّونَ وَالْمِصْرِيُّونَ"

وجاء في تاريخ الخلفاء :" وفي سنة إحدى وثلاثمائة ولي الوزارة علي بن عيسى؛ فسار بعفة وعدل وتقوى، وأبطل الخمور، وأبطل المكوس2 ما ارتفاعه في العام خمسمائة ألف دينار، وفيها أعيد القاضي أبو عمر إلى القضاء، وركب المقتدر من داره إلى الشماسية وهي أول ركبة ركبها وظهر فيها للعامة"

وجاء في كتاب الأنس الجليل للعليمي الحنبلي :" وَفِي أَيَّامه فِي شهر رَجَب سنة سِتّ وَتِسْعين وَسَبْعمائة ورد الْأَمِير شهَاب الدّين احْمَد بن اليغموري نَاظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين ونائب السلطنة بالقدس الشريف وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الى الْقُدس الشريف وأبطل المكوس والمظالم والرسوم الَّتِي أحدثها النواب قبله بالقدس الشريف وَنقش بذلك رخامة والصقت على بَاب الصَّخْرَة من جِهَة الغرب وَله غير ذَلِك من الْحَسَنَات"

ومنهم المستنجد بالله العباسي

جاء في سير أعلام النبلاء :" ثُمَّ قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ  : أَقر المُسْتَنْجِد أَربَاب الولاَيَات، وَأَزَال المُكُوْس وَالضّرَائِب.
وَنَقَلَ صَاحِب (الرَّوْضَتين() : أَنه كَانَ مَوْصُوَفاً بِالعَدْل وَالرّفق، وَأَطلق المُكُوْس، بِحَيْثُ إِنَّهُ لَمْ يَتركْ بِالعِرَاقِ مكساً، وَكَانَ شدِيداً عَلَى الْمُفْسدينَ، سجن عوَانِياً كَانَ يَسْعَى بِالنَّاسِ مُدَّة، فَبذل رَجُل فِيْهِ عَشْرَة آلاَف دِيْنَار"

وجاء في السلوك في أخبار الملوك :" وفيهَا قدم الْخَبَر بِأَن أَبَا سعيد أراق الْخُمُور فِي سَائِر مَمْلَكَته وأبطل مِنْهَا بيُوت الْفَوَاحِش وَأبْعد أَرْبَاب الملاهي وأغلق الْخَانَات وأبطل المكوس الَّتِي تجبي من التِّجَارَة الْوَارِدَة إِلَيْهِم من الْبِلَاد وَهدم كنائس بِالْقربِ من توريز وَرفع شَهَادَة الْإِسْلَام وَنشر الْعدْل وَعمر الْمَسَاجِد والجوامع وَقتل من وجد عِنْده الْخمر بعد إراقته فَكتب السُّلْطَان سَائِر نواب الشَّام بِإِبْطَال ضَمَان الخمارات وإراقة الْخُمُور وغلق الحانات واستتابة أهل الْفَوَاحِش فَعمل ذَلِك فِي سَائِر مدن الْبِلَاد الشامية وضياعها وجبالها"

أبو سعيد هذا هو حفيد هولاكو !

والده خربندا كان رافضياً وهو تسنن وأظهر العدل

قال ابن كثير في البداية والنهاية :" وَقَامَ فِي الْمُلْكِ بَعْدَهُ وَلَدُهُ بُو سَعِيدٍ وَلَهُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، وَمُدَبِّرُ الْجُيُوشِ وَالْمَمَالِكِ لَهُ الْأَمِيرُ جُوبَانُ، وَاسْتَمَرَّ فِي الْوِزَارَةِ عَلِيُّ شَاهْ التِّبْرِيزِيُّ، وَأَخَذَ أَهْلَ دَوْلَتِهِ بِالْمُصَادَرَةِ، وَقَتْلِ الْأَعْيَانِ مِمَّنِ اتَّهَمَهُمْ بِقَتْلِ أَبِيهِ مَسْمُومًا، وَلَعِبَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ بِهِ فِي أَوَّلِ دَوْلَتِهِ، ثُمَّ عَدَلَ إِلَى الْعَدْلِ وَإِقَامَةِ السُّنَّةِ، فَأَمَرَ بِإِعَادَةِ الْخُطْبَةِ بِالتَّرَضِّي عَنِ الشَّيْخَيْنِ أَوَّلًا، ثُمَّ عُثْمَانَ، ثُمَّ عَلِيٍّ - رِضَى اللَّهِ عَنْهُمْ - فَفَرِحَ النَّاسُ بِذَلِكَ، وَسَكَنَتْ بِذَلِكَ الْفِتَنُ وَالشُّرُورُ وَالْقِتَالُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ أَهْلِ تِلْكَ الْبِلَادِ بِهَرَاةَ، وَأَصْبَهَانَ، وَبَغْدَادَ، وِإِرْبِلَ، وَسَاوَةَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَانَ صَاحِبُ مَكَّةَ الْأَمِيرُ حُمَيْضَةُ بْنُ أَبِي نُمَيٍّ الْحَسَنِيُّ قَدْ قَصَدَ مَلِكَ التَّتَرِ خَرْبَنْدَا لِيَنْصُرَهُ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ، فَسَاعَدَهُ الرَّوَافِضُ هُنَاكَ، وَجَهَّزُوا مَعَهُ جَيْشًا كَثِيفًا مِنْ خُرَاسَانَ لِأَجْلِ ذَلِكَ، فَلَمَّا مَاتَ خَرْبَنْدَا بَطَلَ ذَلِكَ بِالْكُلِّيَّةِ، وَعَادَ حُمَيْضَةُ خَائِبًا خَاسِئًا، وَفِي صُحْبَتِهِ أَمِيرٌ مِنْ كِبَارِ الرَّوَافِضِ مِنَ التَّتَرِ يُقَالُ لَهُ: الدَّلْقَنْدِيُّ، وَقَدْ جَمَعَ لِحُمَيْضَةَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً لِيُقِيمَ الرَّفْضَ بِذَلِكَ فِي بِلَادِ الْحِجَازِ، فَوَقَعَ بِهِمَا الْأَمِيرُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى أَخُو مُهَنَّا، وَقَدْ كَانَ فِي بِلَادِ التَّتَرِ أَيْضًا وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ، فَكَسَرَهُمَا وَمَنْ كَانَ مَعَهُمَا، وَنَهَبَ مَا كَانَ مَعَهُمَا مِنَ الْأَمْوَالِ، وَتَفَرَّقَ الرِّجَالُ، وَبَلَغَتْ أَخْبَارُ ذَلِكَ إِلَى الدَّوْلَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، فَرَضِيَ عَنْهُ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ النَّاصِرُ وَأَهْلُ دَوْلَتِهِ، وَغَسَلَ ذَلِكَ ذَنْبَهُ عِنْدَهُ، فَاسْتَدْعَى بِهِ السُّلْطَانُ إِلَى حَضْرَتِهِ، فَحَضَرَ سَامِعًا مُطِيعًا، فَأَكْرَمَهُ نَائِبُ الشَّامِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى السُّلْطَانِ أَكْرَمَهُ أَيْضًا، ثُمَّ إِنَّهُ اسْتَفْتَى الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ، وَكَذَلِكَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ السُّلْطَانُ يَسْأَلُهُ عَنِ الْأَمْوَالِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنَ الدَّلْقَنْدِيِّ، فَأَفْتَاهُمْ بِأَنَّهَا تُصْرَفُ فِي الْمَصَالِحِ الَّتِي يَعُودُ نَفْعُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُعَدَّةً لِعِنَادِ الْحَقِّ، وَنُصْرَةِ أَهْلِ الْبِدْعَةِ عَلَى السُّنَّةِ"

تأمل كل هؤلاء حملهم على العدل وإسقاط والمكوس وغيرها من مظاهر العدل تقوى الله وما زرعه العلماء في قلوبهم من كون هذا من الظلم

ففي صحيح مسلم في ضمن حديث طويل :" مَهْلاً يَا خَالِدُ ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ."

وفي سنن أبي داود ( لا يدخل الجنة صاحب مكس )



هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي