مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: نظرة في الصراع بين الإلحاد والنصرانية في الغرب ...

نظرة في الصراع بين الإلحاد والنصرانية في الغرب ...



أما بعد :



ففي الغرب معركة قوية بين الإلحاد والنصرانية تظهر في عدة مناظرات وكثير من المسلمين يدعون أن الإلحاد عقلاني في مقابل النصرانية لا الإسلام ، ولولا سيادة هذه الفكرة لما كتبت ما أكتب هنا

الواقع أن النصرانية على ضعفها أقوى من الإلحاد لو نظر المرء بإنصاف بعيداً عن سلطان الشهوة

الإلحاد في الغرب وحتى الشرق على أقسام

الأول : الإلحاد العلموي ، وهو الذي يدعي أن العلم يضاد الأديان وأن الكشوف العلمية خالفت الأديان

وهذا الضرب من الإلحاد يكمن ضعفه في جلافة أقطابه فلسفياً وضعفهم جداً في الأدلة العقلية ولا يفهمون كلام اللاهوتيين في هذا

ثم إن نظرياتهم العلمية التي يعتمدونها تصب في صالح المادية المفرطة وتبرر إلى حد كبير من حيث لا يشعرون جرائم النازيين والشيوعيين

فمن يقول أن البشر روبوتات خرقاء كما يقول دوكنز أو حثالة على هذا الكوكب كما يقول هوكنج يحقر البشر جداً إلى درجة أنه يصير من السخف الاهتمام لأمرهم

علماً أنهم لا يطردون هذا في أصولهم بل هم يدعون الإنسانية ولكنهم متناقضون

والآن لننظر كيف واجهت النصرانية وحتى اليهودية هذا الإلحاد العلموي

أولاً : لا يوجد أي دليل علمي مختبري ممكن ينفي وجود الله وهذا أمر اعترف به كثيرون منهم لهذا دوكنز نفسه يقول أن الإله قد يكون موجوداً وكذا هوكنج

هناك عدة خطوات أمام الملحد ليجتازها

الأولى : كيفية بداية الكون

الفلاسفة كانوا على قسمين قسم يقول بأزلية العالم ومنهم يثبت الخالق ومنهم من لا يثبته

والقسم الثاني هم القائلون بحدوث العالم ولا يختلف الفلاسفة أن العالم إذا كان حادثاً فإنه يجري عليه قانون السببية

فما معنى هذا ؟

الشيء الذي كان معدوماً ثم صار موجوداً فهذا لا يفسر نفسه لأن الشيء لا يمكن أن يكون خلق نفسه وهو معدوم

فلا بد من سبب خارجي فأنت لو شعرت بضربة على قفاك فإنك رأساً ستبحث عن الفاعل لأنه لا يمكن أن يكون هذا الأمر إلا من فاعل

والعالم اليوم ثبت أنه حادث عند العلمويين أنفسهم من خلال نظرية دعا إليها جون لومتر وهو قس ومشتغل بالعلم وهي ما يسمى بالانفجار الكبير وتعبير الانفجار ليس دقيقاً بل النظرية تلخيصاً تقول أن العالم ابتدأ في نقطة في واحدة ثم توسع بشكل قوي وهائل حتى تكون هذا الكون

وهنا تنبيه : الآية ( كانتا رتقاً ففتقناهما ) تلتقي حقاً بحسب فهم بعض السلف مع بعض ما ورد في هذه النظرية فقد صح عن ابن عباس أنه كانتا شيئاً واحداً وهذا بعض معنى هذه النظرية

والآن نعود إلى موضوعنا فهنا ثبت حدوث العالم وكما أنك لا يمكن أن تكون والد  نفسك فالحادث لا يفسر وجود نفسه 

( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون )




فإما أن يكون الشيء خلق نفسه وهذا ممتنع لأن المعدوم لا يفعل ، وإما أن يكون انتقل من العدم إلى الوجود بلا سبب وهذا يناقض بديهية السببية

فما كان صنيع القوم أمام هذا دائماً يطرحون السؤال الشيطاني السخيف ( فمن خلق الله ) ولماذا لا ينطبق عليه قانون السببية تعالى الله عما يقولون

وهذا السؤال طرحه دوكنز واعتبره أقوى حجة ضد المؤمنين وقد سخر منه الملحد الآخر مايكل روس لأنها حجة قديمة وقد تم تفنيدها

أنا أسألك من طبخ الطعام فتقول فاطمة فأقول لك فمن طبخ فاطمة ؟

هذا سؤال أخرق أشد خرقاً منه سؤال من خلق الله لأن الخالق لا يكون مخلوقاً

وإليك بيان ذلك أكثر هناك شيء اسمه امتناع التسلسل في المؤثرات

فنحن إذا رأينا حدث لا يفسر نفسه لأنه جاء بعد أن لم يكن فلا بد أن يؤثر فيه مؤثر وهذا المؤثر إذا تأثر بغيره فلا بد أن نأتي إلى مؤثر لا يتأثر بغيره وإلا لزم عدم وجود الشيء

مثال ذلك جندي يريد إطلاق رصاصة ( الرصاصة هي هذا العالم ) فإن قلنا للجندي لا تطلق حتى يطلق صاحبك وقلنا لكل صاحب لا تطلق حتى يطلق الذي قبلك إلى ما لا بداية فهذا معناه أن الرصاصة لم تنطلق أبداً

فإذا رأينا الرصاصة انطلقت ( كما نرى العالم موجوداً ) فهذا معناه أن هناك جندي لا ينتظر الأوامر من غيره وهو المؤثر الذي لا يتأثر بغيره أو متوقف على غيره

ولعل المرء السلفي سيظن هذا الكلام أجنبياً عن السنة ولكن هذه الحجة الدامغة استخدمها السلف في الرد على الجهمية القائلين بخلق القرآن

فالله عز وجل يقول ( إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ) فلو كانت (كن ) مخلوقة لاحتاجت إلى كن أخرى إلى ما لا بداية وهذا يعني أن الخلق لن يحصل ولكن كن من ذات الله وهي كلامه وهي غير مخلوقة فلا تحتاج إلى كن أخرى هذه الحجة ذكرها الخلال في السنة واللالكائي أيضاً وذكروا أن الإمام أحمد أقرها واستحسنها فمنع التسلسل في المؤثر معلوم عند السلف الكرام وهم رأس في كل حجة قوية بل استخرجوها من النصوص رضي الله عنهم

والجهمية المتكلمون بكل أصنافهم متناقضون فهم يستخدمون هذه الحجة على الملاحدة وينسون أنها تدمغهم حتى الأشعرية منهم لا يقولون بظاهر الآية فهم لا يثبتون لله كلاماً فعلياً متعلقاً بالمشيئة بل كثير منهم يحرف الآية على الإرادة فيكون معناها ( إنما أمره إذا أراد شيئاً أراده )! وهذا تركيب لا يليق بالقرآن مع أنهم في ذلك مضطرون لإثبات إرادة فعلية وهذا خلاف أصولهم فإذا أثبت إرادة فعلية ولم يلزمك تشبيه فأثبت كلاماً فعلياً

وعوداً على مسألتنا كثيرون يخلطون بين منع التسلسل في المؤثرات وتجويز التسلسل في الحوادث

وهما شيئان مختلفان بل يلتقيان تماماً فمنع التسلسل في المؤثرات هو منع تسلسل في الفاعلين وتجويز التسلسل في الحوادث هو تجويز تسلسل في الأفعال

فكل فعل لله عز وجل قبله فعل قبله فعل إلى ما لا بداية وكل فعل له بداية ونهاية وهذا كاف في كون قانون السببية ينطبق عليه والمؤثر هنا هو الله عز وجل أو نقول الفعال لما يريد سبحانه

فكلاهما إثبات لقدرة الله عز وجل فمنع التسلسل في المؤثرات إثبات لكمال قيومته وحياته وإثبات التسلسل في القدم والمستقبل ( كما في أفعال أهل الجنة ) إثبات لكمال قدرته وأنه لم يكن معطلاً عن الفعل ثم فعل

إذا فهمت منع التسلسل في المؤثرات تفهم قول الفلاسفة ( العلة الأولى ) وتفهم أن وجود الله عز وجل ضروري لتفسير وجودنا فلا يصلح قياسه على الخرافات أو اعتقاد إبريق يطير حول الأرض

وقد حاول هوكنج أن ينقذ الملاحدة فيدعي أن وجود الجاذبية يفسر وجود الكون !

وهذا هراء بكل ما تعنيه كلمة هراء من معنى

فالجاذبية فرع عن وجود الزمان والمكان فمن خلق الزمان والمكان

وثانياً الجاذبية ليست شيئاً وجودياً بل هي وصف لعلاقة الكائنات مع بعضها البعض فهي فرع عن وجودهم والقوانين تفسر ما يقع ولا تخلق ، فمثلاً قوانين الميكانيكا تشرح عمل السيارة ولكن لا تصنعها قوانين الرياضيات تشرح كون رصيدي في البنك يزيد ولكن لا تجعل هذا الرصيد يزيد دون تصرف من فاعل حي

وأما لجوءهم إلى ميكانيكا الكم وقولهم أن في ميكاميكا الكم الشيء يأتي من اللاشيء فاللاشيء الفيزيائي هو شيء في الحقيقة ولكنه لا يحظى بالطاقة الكافية فهو دون ثابت بلانك فمن أين جاء هذا الشيء الفيزيائي الذي دون ثابت بلانك لا زالت السببية قائمة بقوة

وميكانيكا الكم  أصلاً علم سببي وإنما ينفي الحتمية لصعوبة الرصد لأنه متعلق بالأمور الصغيرة جداً جداً جداً وإلا هو محكوم بقوانين كثابت بلانك وغيره وهذه تدل على السببية وميكانيكا الكم فرع عن وجود النواة والالكترونات وغيرها فلا زال الأمر قائماً من أين جاءت هذه

أم خلقوا من غير شيء أم الخالقون ، ومحاربة السببية انتحار عقلي في الواقع لأن حياتنا كلها مبنية على هذا المبدأ

لهذا لينكس وصف كلام هوكنج بالهراء وصدق

فلو حملت ابنة رجل ليست ذات زوج هل سيأتيها ويقول لا سبب لهذا وفقاً لميكانيكا الكم ، وأن قوانين مندل هي سبب الولادة ومواصفات المولود !

ومن نفاقهم أنهم ينكرون على المتدينين الإيمان بالمعجزات وهم يقرون بمعجزة أعظم مما ذكروا جميعاً ألا وهي تكون هذا الكون من اللاشيء ! بلا شيء

علماً أن أهل الأديان المؤمنين بالآيات التي يسميها بعض الناس معجزات إيمانهم فرع عن الإيمان بالسببية فإذا جاء شيء خارق للعادة من إنسان صادق وهو لا ينسب هذا الشيء لنفسه فهذا يدل على أن صانع الآية العظمى وهي هذا الكون هو صانع هذه الآية أيضاً أو المتكلم بها فمن خلق هذا الكون بعد أن لم يكن قادر على خرق بعض قوانينه كدلالة لتصديق أوليائه فهذا أهون عليه لو عقل المرء ولهذا لا يصلح الكلام في المعجزات أو الآيات مع شخص ينكر وجود الخالق لأنه إذا أثبت وجود الخالق انتهى الأمر والآيات أصلاً كثير منها منقول بالتواتر وسنتحدث عن معجزات أخرى يؤمن بها العلميون

تنبيهات : تقدم معنا أن دوكنز يطرح سؤال من خلق الخالق والعجيب أن هوكنج حين سئل عما قبل الانفجار الكبير قال هذا سؤال لا معنى له لأن الانفجار الكبير بداية كل شيء فتأمل التناقض كيف أن الأول الذي ليس قبله شيء السؤال عنه بما يقتضي التسلسل الممتنع في المؤثرات سؤال وجيه والسؤال نفسه عن شيء حادث كان بعد أن لم يكن لا معنى له وهذا منتهى في السفسطة

التنبيه الثاني : المتكلمون كان يجهدون أنفسهم في إثبات حدوث العالم للفلاسفة واليوم الملاحدة أنفسهم يقرون بحدوث العالم والمتكلمون اضطروا في استدلالهم الغريب على حدوث العالم بحلول الحوادث إلى نفي الصفات الفعلية عن الله عز وجل حتى لا يصير حادثاً على قاعدة ما حلت به الحوادث فهو حادث وقد قال لهم ابن تيمية أن القاعدة صحيحة فيما له بداية ولكن إذا كانت أفعال الله لا بداية لها لم يلزم ذلك وصار النصوص أن أفعال الله لا بداية لها ( وكان الله سميعاً بصيراً ) قال ابن عباس لم يزل كذلك وبهذا درء الشيخ تعارض العقل والنقل ، وبين للمتكلمين ضعف حجتهم فكان يكفيهم الاحتجاج بأن الشيء إذا كان له بداية ونهاية فلا بد له من سبب من مؤثر أو مسبب وينتهي الأمر وأما القول بأزلية الأفلاك فالحجة عليه من وجه آخر

التنبيه قبل الأخير في البرهان الأول : أنك كما ترى تسلسل المؤثرات الذي كتب عنه الناس قبل مئات السنين لا زال يستخدم إلى اليوم في الحوار مع الزنادقة لتعلم أن الزهد بكل ما هو قديم سفه في العقل

التنبيه الأخير وهو تنبيهان في الحقيقة : ذكر غير واحد منهم جعفر شيخ إدريس في كتابه الفيزياء والخالق رفض كثير من الفيزيائيين لنظرية الانفجار الكبير ( وهذا اسم أطلق عليها للسخرية ولا يفسر حقيقتها ) بسبب دواعيها اللاهوتية فهنا عندنا اتفاق من متكلمي وعلماء الملل الثلاثة والفلاسفة القدماء الذين قالوا بقدم العالم وهؤلاء الفيزيائيين أن إثبات أن للعالم بداية يقتضي وجود خالق حتى قيل أن علماء الاتحاد السوفييتي رفضوها لهذا الداعي والنصارى منهم من آمن بها ومنهم من ردها مع كونه يرى حدوث العالم قضية واضحة ومنهم من رأى أنها حجة قوية على العلمويين من جهة الإلزام أقررنا بها أو لا وخصوصاً أن مقترحها قس وأن كلامه خالف كلام الفيزيائيين الذين كانوا يقولون بأزلية الكون حتى دمغهم بحجة على أصولهم بما فيهم أينشتاين الذي اعترف بخطئه لاحقاً ومن فضول القول أن اللاهوتيين النصارى يشعرون بزهو شديد حيال كل هذا ويقولون للعلمويين علماؤكم على مدى قرون كان خطأ وكنا نحن على صواب أنتم ترتقون جبلاً وعراً حتى تجدونا قد سبقناكم بإيماننا ! وهذه الطريقة أثارت تذمر كثيرين كنيل ديغراس تايسون حتى مدح علوم المسلمين وفهمهم للفلك قديماً نكاية بالكنيسة والنصارى وما أخلى المقام من افتراء على المنتسبين للملة

فإن قلت : فما فرص خيار الصدفة هنا ؟

فيقال : الصدفة ليست فاعلاً حتى يكون لها خيار ، الصدفة هي صفة لفعل فاعل حي ، فأنت تقول فعلت كذا قصداً وفعلت كذا صدفة فإذا كان القصد الذي لا يقوم بذاته يفعل فالصدفة تفعل ! فهي لا تنافي السببية وإنما تنافي القصد والقول بأن الخالق خلق الكون صدفة ينافي المعطيات الإلحادية أصلاً ، ولا بد أن يكون هناك شيء قبل هذا الكون تسبب بصدفة أو قصد بإيجاد هذا الكون وهذا ما تنص نظرية الانفجار الكبير على عدم وجوده في الأمور المخلوقة المرأية ثم إن كل نظام في الكون ينفي وجود الصدفة فالقاريء يعلم يقيناً أنني لا يمكنني كتابة سطر كامل في مسألة علمية بالصدفة بل لا بد من وجود القصد فكيف بالكون هذا ؟!

البرهان الثاني : لماذا هذا الكون موجود ؟

والفرق بين هذا السؤال والسؤال السابق أن السابق يبحث فيه العلم التجريبي وأما هذا فلا مجال فيه إلا للبحث العقلي وقد تفطن للفرق اليهودي العلماني ديفيد برلنسكي في كتابه وهم الشيطان

معلوم أن كل شيء يميل إلى البقاء على حاله إلا بإرادة تخرجه من حاله إلى آخر خصوصاً في الجمادات

فمثلاً سريرك في غرفتك إذا دخلت ووجدت مكانه متغيراً فتسأل ( من فعل هذا ولماذا ) ؟ لن يخطر ببالك ميكانيكا الكوانتم التي يتكلم عنها السوسفطيائيون

العدم الذي سبق وجود الكون في التصور العلموي السائد حالياً الأصل بقاء العدم عدماً ثم لماذا عمر الكون 16مليار سنة كما يقولون لماذا ليس 17 أو 15 لماذا في تلك اللحظة فقط تكون الكون وهذا التكون لم يحدث مرة أخرى وكان بداية كل شيء فيما نرى وحصل فجأة كل هذه عوامل لنقف تماماً أمام ( معجزة ) كما يسمونها وهذا دليل على وجود الإرادة فلو كان الأمر يحصل بطريقة ميكانيكية لتكرر وحصل عدة مرات والحكمة من وجود هذا الكون إنما توجد في النصوص المقدسة

البرهان الثالث : الضبط الدقيق للكون

وهذه هي أقوى حجج المؤمنين باعتراف دوكنز كما في لقائه مع الملاحدة الثلاثة الآخرين ( هاريس _ دانيت _ هيتشز ) وأيضاً الأخير اعترف بقوة هذه الحجة ورآها أكثر حجة محرجة للملحدين وأيضاً اعترف الفيزيائي النوبلي واينبرغ في لقائه مع دوكنز بأنها ورطة !

ونقل اليهودي العلماني ديفيد برلنسكي في كتابه وهم الشيطان عن بعض الفيزيائيين أن هذا الاكتشاف مثير للقلق وعلق ساخراً عليه بأن عودة اللاهوتيين إلى المشهد فعلاً مثير للقلق

وإليك بعض الاقتباسات من كبار القوم التي تشير إلى هذا المعنى

"إن سرعة توسع الكون سرعة حرجة جدا لدرجة أنها لو كانت في الثانية الأولى من الإنفجار أقل من قيمتها بمقدار جزء من مليون في مليار لانهار الكون على نفسه قبل أن يصل إلى وضعه الحالي" .. ستيفن هوكينج: موجز تاريخ الزمن، ص121 .

وقال ستيفن واينبرج :" لو كان الكون في الدقائق الأولى القليلة مؤلفا حقا من أعداد متساوية تماما من الجسيمات والجسيمات المضادة، لكانت كل هذه الأعداد قد دُمرت نتيجة لانخفاض درجة الحرارة إلى أقل من 1,000 مليون درجة، ولما تبقَّى شيء غير الإشعاع• ويوجد دليل مقنع جدا ضد إمكانية حدوث ذلك؛ فنحن موجودون هنا! ولا بد أنه كانت هناك زيادة في عدد الإلكترونات عن البوزيترونات، وفي عدد البروتونات عن مضادات البروتونات، وفي عدد النيوترونات عن مضادات النيوترونات، لكي يتبقى شيء بعد تدمير الجسيمات والجسيمات المضادة يستطيع أن يقدم مادة الكون الحالي"

في نهاية العام الماضي ( ديسمبر 2015 ) قام مجموعة من الباحثين بتقدير احتمالية وجود إنسان واحد من ضمن أكثر من 7 مليار إنسان موجودين في العالم الآن، وذلك بناء على عدة عوامل منها احتمالية أن يلتقي أبويك ببعضهما واحتمالية أن يكون الحيوان المنوي هو الخاص بك أنت لا بأحد غيرك، وغيرها من العوامل الأخرى الموضحة بالصورة التي أمامك، فكانت النتيجة أن احتمالية ذلك هي 1 من 10 أس 2685000 ، أي بنسبة 1 إلى واحد وأمامه اثني مليون وستمائة وخمسة وثمانون ألف صفر، هل رأيت تمييزا مثل هذا؟ لا تقلل من شأنك ثانية فأنت مخلوق مميز بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ..!

 (متشيو كاكو) (Michio Kaku ) أحد أبرز علماء الفيزياء النظرية، وقد اشتهر بكونه أحد المنافحين عن (نظرية الأوتار)، غير أن شهرته بين العامة أساسها أنه يبسّط العلوم على الإعلام، مثله في الإعلام الأمريكي مثل (Neil deGrasse Tyson) و(Bill Nye)...
خرج علينا (كاكو) هذه الأيام بقوله إنه اكتشف ّأنّ الكون خاصع لقوانين بعد أن اجرى تجربة فيزيائية استعمل فيها ما سمّاه "primitive semi – radius tachyons ". وخلص في آخر الأمر إلى القول: "استنتجت أنّنا نعيش في عالم صنعته قوانين خلقها ذكاء... صدقوني كلّ ما نسمّيه اليوم صدفة لن يكون له معنى من الآن فصاعدًا".
"من الواضح بالنسبة لي أننا نوجد ضمن خطة محكومة بقوانين مخلوقة ومصممة بذكاء كوني وليس بالصدفة"
“I have concluded that we are in a world made by rules created by an intelligence”, he affirmed. “Believe me, everything that we call chance today won’t make sense anymore.”

“To me it is clear that we exists in a plan which is governed by rules that were created, shaped by a universal intelligence and not by chance.”

وملخص الحجة أن الكون مضبوط بنسب دقيقة جداً لو زادت قليلاً أو نقصت لاختلت الحياة

وهذا يحطم توهم ديفيد هيوم أن التصميم المتقن هو افتراض إنساني عقلي فسفسطته دمغت هنا تماماً

وقد قال فريد هويل الفيزيائي الملحد أن إلحاده اهتز أمام هذا الاكتشاف

والواقع الذي يقرأ في الضبط الدقيق للكون ( صنع الله الذي أتقن كل شيء) يقطع بالعناد عند القوم

وقد لجأ الملاحدة العلمويون إلى حيلة ليخرجوا من هذا المأزق وهي حيلة الأكوان المتوازية

وهي أن يقولوا بأن هناك عدداً هائلاً من الأكوان غير المضبوطة بضبط دقيق وجاء هذا الكون مضبوطاً بالصدفة السعيدة ! كما يقول بول ديفيز ( شارحاً للنظرية لا مقراً )

ويقول بول ديفز : " مثلا لو أن القوة النووية القوية كانت أقوى ب 2% من قوتها الحالية، مع بقاء جميع الثوابت الأخرى بدون تغيير، ثنائي البروتون سيكون مستقرا وسيندمج مع الهيدروجين بدلا من الديوتيريوم والهليوم. وبالتالي فإن تغيرات كبيرة ستحدث على فيزياء النجوم بحيث أنه سيمنع من ظهور الحياة على الأرض، حيث أنّ ثنائي البروتون سيُسَرع من الانصهار البطيئ للهيدروجين في الديوتيريوم. في الواقع ان الهيدروجين سينصهر بكل سهولة بحيث أن الهيدرجين الموجود في الكون كله سيستهلك خلال الدقائق الاولى للانفجار الكبير"

Paul Davies, 1993. The Accidental Universe, Cambridge University Press, 
 p70-71


قام البروفسور مايزنر وزملاؤه بتغيير قيم كتل الكوارك الخفيف من أجل تحديد مدى قوة التغيير على منع تشكل الأكسجين والكربون داخل النجوم فائقة الكتلة، ليستنتج: " أن أي تغيير بنسبة أكثر من 2-3%، تؤدي إلى نتائج كارثية بالنسبة لعملية تشكل كل من الأكسجين والكربون الأساسيان للحياة''.
لو تأملنا في عدد الأكوان التي يأوي إليها البعض للخروج من أزمة الضبط الدقيق في الكون سنجد أن أعلى تقدير لها هو 10 أس 500 كون أي واحد وأمامه 500 صفر

وهنا تبرز حقيقة هامة وهي أن الملحد يؤمن بهذا العدد الهائل جداً من الأكوان وهو لم يرها هروباً من الإيمان بالله فانظر العجب رحمك الله حتى سخر النصراني التطوري فرانسيس كولنز من هذه النظرية قائلاً أنها تتطلب إيماناً كثيراً أكثر من الإيمان بالله

وهي نظرية كل شيء ممكن وكل شيء غير ممكن علماً أنه في النهاية هذه الأكوان إن كان لها بداية فهي داخلة في السببية

ثم إن هذه الأكوان لا يمكن رصدها بل يستحيل لأنها ( موازية ) فالأمر المتعلق بها مجرد إيمان لهذا قال واينبرغ لدوكنز أنهم في ورطة لا يستهان بها علماً أن الأول شديد البغض للدين

وهنا نسجل تناقضين

التناقض الأول لديفيد هيوم فيلسوف الإلحاد الذي قال بأننا لكي نؤمن بأن هذا الكون مصمم علينا أن نرى شيئاً غير مصمم وهذا ما تقترحه نظرية العلمويين فوفقاً لديفيد هيوم نظريتهم تصير دليلاً على وجود الله فهو يظهر لك أنني خصصت كونك بالضبط إكراماً والتخصيص دليل على الإرادة عند المتكلمين كما هو معلوم فهم يعدونها من صفات الله الثابتة بالعقل ويستدلون عليها بالتخصيص ، والحجة أن حجة هيوم هذه تصلح بياناً لحكمة خلق بعض المشوهين علماً أن ذلك سببه البشر بإشعاعاتهم وبلاياهم

التناقض الثاني : أن التطوريين وعلى رأسهم دوكنز يرفضون التصميم الذكي في مقابل التطور لأنه إحالة إلى ما وراء الطبيعة ولأنه تفسير يحيل على شيء لا يمكن رصده وهذا ينطبق على إيمانهم بالضبط الدقيق مع الأكوان المتعددة فتأمل التناقض

وقد قال دوكنز أمام الضبط الدقيق ليس أمامك إلا خيارين إما الخالق أو الأكوان المتعددة

وهذه قسمة ليست حاصرة فمن أين جاءت الأكوان ولما قال له شخص لماذا علي الإيمان بالأكوان المتعددة قال : لأن الفيزيائيين أشخاص جيدون !

فالموضوع إيمان وتقديس علماً أن عدداً من الفيزيائيين لا يؤمنون بهذا بل هذه نظرية غيبية ميتافيزيقية

وتلاحظ هنا أن ثمة كشف جديد يخدم التفسيرات اللاهوتية كما يقال وموضوع إله الفجوات لا معنى له هنا فهنا استدلال بشيء ثبوتي لا الجهل بماهية بعض الظواهر الكونية علماً بأن السببية باقية لأنه لا بد من سبب أولي أو مسبب أولي

تنبيه : الأدلة السابقة كانت سبب انتقال فرانسيس كولنز مدير مشروع الجينوم البشري من الإلحاد إلى النصرانية

البرهان الرابع : معضلة أصل الحياة

نظرية التطور لا تتكلم عن أصل الحياة وإنما تتكلم عن تطورات الحياة والأنواع

وأما أصل الحياة فرئيس الملاحدة دوكنز يقول أنه لا أحد يدري من أين جاءت ؟

وهذا هروب منه لأن التولد الذاتي للحياة وتكون الحياة من اللاحياة تم دحضه منذ زمن

وإليك بعض الاقتباسات

ويقول ستيفن هوكينغ في كتابه الشهير تاريخ موجز للزمن: "قوانين العلم كما نعرفها الآن، تتضمن الكثير من الأرقام الاساسية مثل حجم الشحنة الكهربائية للإلكترون والنسبة بين كتلة البروتون إلى الالكترون.... الحقيقة المدهشة ان هذه الارقام تبدو وكأنها قد ضُبطت بحيث يمكن أن تتطور الحياة".

Hawking, Stephen (1988). A Brief History of Time. Bantam Books. ISBN 0-553-38016-8.p125

وصاحب هذا الكلام ملحد !

البروتينات لازمة للحياة وهي متكونة من أحماض أمينية ولها خواص

الخلية الحية الام

توصف بانها مصنع ضخم به لغات صناعية وانظمة تشفير و مخزن ذاكرة مركزية تحفظ وتسترجع كافة المعلومات

وبها نظام تحكم دقيق ينظم التجميع الاتوماتيكي للاجزاء

وبها تقنيات تحكيمة ذو جودة عالية تقوم بالحماية ضد الاخطاء وبها نظام تجميع الخطوط التي تستخدم في ادارة التصنيع كوحدة بناء
وبها نظام متكامل للنسخ يسمح لهذه الخلية الام من نسخ نفسها بدقة وسرعة عالية

وتركيب الدي أن أي وتعقيده ( معجزة ) كما يقولون في تعبيرهم وكانت سبباً في إقرار أنتوني فلو بالخالق وهو الوريث لفلسفة السوفسطائي ديفيد هيوم

وقد ثبت فشل تجربة ميلر ويوري في محاولة انتاج حمض أميني تلقائياً

قال سامي عامري :" خديعة النشأة العفوية للحياة على الأرض: وقاحة الجهل، وجراءة النفاق
يخبرنا عالم الكيمياء الشهير (James Tour ) - الذي تم عدّه كواحد من أعظم خمسين عالمًا اليوم-، في هذه المحاضرة التي يبدو أنه ألقاها منذ أيام قلائل أنّ كلّ من يتحدّث عن إمكان تفسير النشوء العفوي للحياة (وهم الملاحدة طبعا) لا يفقهون شيئًا مما يقولون، وما دعاويهم إلا محض تقوّلات لأنّ الجميع -ومنهم أصحاب جائزة نوبل الذين ناقشهم مباشرة- لا يعلمون شيئا عن أصل تكوين أبسط العناصر الصغرى للكون... وتبقى قضية نشوء الحياة من اللاحياة معضلة مؤرقة للملاحدة!
من كلماته في المحاضرة:
Nobody has any idea how this was done when using our commonly understood mechanisms of chemical science. Those that say they understand are generally wholly uninformed regarding chemical synthesis. Those that say “Oh, this is well worked out,” they know nothing, nothing about chemical synthesis – Nothing!
...
That’s how clueless we are. I’ve asked all of my colleagues – National Academy members, Nobel Prize winners -I sit with them in offices; nobody understands this. So if your professors say it’s all worked out, your teachers say it’s all worked out, they dont know   "what they’re talking about. It is not worked out. You cannot just refer this to somebody else; they don’t know what they’re talking about

وعلى العموم جواب الملاحدة أننا سنعلم يوماً كيف جاءت ، وعلمهم كيف جاءت ( وإن كان عصيا) يضع أمامهم سؤال لماذا جاءت ومن وفر لها ظروف المجيء ، وبعضهم لجأ إلى الإيمان بالكائنات الفضائية كما لوح بهد دوكنز عندما أحرج في هذه النقطة

وهذا إيراد مضحك لأن الكائنات الفضائية إذا كانت مخلوقة فهي من أين جاءت وهو قال ( أنها تطورت داروينياً ) فما هو أصل الحياة عندهم ! هذا يأخذنا للدور المنطقي

وإذا كانت هذه الكائنات قديمة بمعنى لا أول لها فهي آلهة وهنا نكون عدنا إلى اعتقادات اليونان ولماذا ليس خالقاً واحداً بدلاً من عدة خالقين مع وحدة الخلق !

يقول جيرالد ف جويس وليزلي أورجيل في فصل ضمن كتاب ( عالم الرنا ) :" إن الظهور المستأنف للنوكليوتيدات على سطح الأرض البدائية يكاد يكون معجزة "

والقوم يطالبون بآية وها هي أمامهم وكل شيء أمامهم كذلك لو أنصفوا

البرهان الخامس : أصل اللغة

وهذا البرهان يطرحه نعوم تشومسكي وديباك شوبرا واعترف دوكنز في مناظرته مع الأخير أنها مسألة لا تفسير لها عنده حالياً

وملخص البحث

معلوم أن الأصم لا يحسن الكلام لأنه لن يسمع كلاماً فالأصم من صغره يكون أبكماً لأن الكلام تلقي فأنت تلقيت الكلام من والديك وهكذا حتى نصل إلى الأب والأم الأولين ( والسؤال من أين تعلما الكلام ولا وجود لهذا الأمر في الكائنات التي تطورنا عنها )؟

فإن قيل : قد تتطور آلية يتكون بها المقدرة على الكلام

فيقال : المقدرة على الكلام شيء ، والكلام نفسه شيء آخر فكلنا نولد عندنا المقدرة على الكلام ولكننا لا نتكلم إلا إذا أخذنا الوقت الكافي للتلقن وهذا لا يكون إلا من جهة أخرى غير جهتنا تحسن الكلام قبلنا

فالبحث الجيني يفسر المقدرة على وجود الكلام لا وجود اللغات

ثم إن الكلام آلية معقدة مبنية على رصف الحروف والكلمات في جمل مع الأصوات مع ارتباط بالذهن وهذه آلية معقدة قد وجدت دون أدنى تدرج

وقد قال دارون أن ظهور أي ظهور معقد دون أي تدرج يقضي على نظريته ، وهو هنا تكلم عن الأعضاء الظاهرة ونسي المقدرات الذهنية وبعض المقدرات الخاصة التي تنبه لها لامارك شريكه الذي توقف أمام الوعي الإنساني ورأى أنه لا يمكن أن يفسر بالانتخاب الطبيعي ولكن دارون سدر في غيه

فأنت تجد أن الببغاء ممكن أن يتكلم والقرد لا يتكلم _ لاحظ هذا مع أننا عندهم أبناء عمومة الشمبانزي _ ولكن كلام الببغاء بدون وعي ومبني على التلقين فهذا لا يخرجك من معضلة الحاجة للملقن الأول

ولهذا تكون اللغات عندي _ وليس لغة واحدة _ معضلة لا تقل قوة أمام الملحدين من معضلة تكون الكون والضبط الدقيق وأصل الحياة وتكون الوعي والتعقيد غير القابل للاختزال

وعمر الإنسان الذي يفترضه التطوريون لا يكفي لتكون هذه الآلية عن طريق تغيرات طفيفة جداً عن طريق طفرات نافعة على فترات طويلة جداً فهذه الآلية أول ما ظهرت في التاريخ هي والكتابة ظهرت متكملة بصورتها المعقدة والظهور المفاجيء للغة اعترف به نعوم تشومسكي وقال بأن التاريخ التطوري لها لا يعد شيئاً في الحساب التطوري _ يعني ظهرت فجأة _ ثم طرح سؤالاً في علة تنوع اللغات ولماذا لا توجد لغة واحدة فقط
وهذه الحجة أدلى بها صاحب مركز كل الأجوبة في سفر التكوين وطرح قضية برج بابل والملحد ما استطاع الخروج من هذه المعضلة

البرهان السادس : الوعي الإنساني

الوعي البشري لا يفسره الانتخاب الطبيعي فالإنسان له خصائص فهو الوحيد الذي يعمل مع الانتخاب وعكسه وهو الوحيد الذي يتدين والوحيد القادر على صنع الطعام من المركبات واستخدام النار والوحيد الذي تشغله أسئلة من أين أتيت وأين أذهب ؟

والبشر سلوكهم متباين بخلاف الحيوانات مطردة السلوك

دوكنز نظر لقاعدة الجنين الأناني وأن كل مخلوق يتصرف بأنانية للحفاظ على بقائه

ووقفت أمامه عدة معضلات من أهمها غزال تومسون الذي يضحي بنفسه من أجل القطيع ، والقردة الثكلى التي تحافظ على أبناء غيرها

وقد وضع على غلاف كتابه ( لنعلم أولادنا السخاء لأن الأنانية من طبعنا )

ثم هو يقول ( أنا من أشد المناضلين ضد الحتمية الجينية ) قال هذه الكلمة لما أدرك خطورة ما يؤصل له

ثم هو يقول أن الإرادة الحرة وهم( وقد سخر منه ديباك شوبرا في مناظرتهم )  فكيف يمكننا محاربة الحتمية الجينية ؟

وإذا كان الشذوذ الجنسي حتمية جينية فلماذا لا يكون التدين حتمية جينية أيضاً !

ومن المضحكات المبكيات أنه وصف الإيثار بأنه خطأ تطوري جيد !

وعلى العموم الوعي البشري هو سبب ارتداد والاس زميل دارون عن نظرية الانتخاب الطبيعي ، وقد ناشده دارون ألا يفعل ولكنه فعل

وهذه المسألة من أسباب تحول كولنز إلى النصرانية

والوعي ليس له تفسير مادي وبناءاً عليه مصدره ليس من المادة الفانية

البرهان السابع : معضلة الأخلاق

الأخلاق ليس لها تفسير مصلحي قوي فالإيثار والإخلاص للزوج والأمانة  وسماع هموم الآخرين كلها أخلاق غير نفعية والنفعية المصلحية تناقض محبة البشر لهذه الأخلاق وحتى من لا يفعلها يقدر من يفعلها

وهذه الحجة يستخدمها وليام لان كريغ وله مناظرة مع المعتوه سام هاريس الذي هو نفسه لا يمكنه الاتساق في منهج متعلق بالأخلاق فهو نفسه يرى أن هناك من الأفكار من يشرع قتل حاملها لخطورتها ودعا لتوجيه ضربة نووية استباقية للعالم الإسلامي ( ولا يعلم أن غالب المسلمين يعيشون في بلدان أخلاط مع غيرهم ) فوقع فيما ينكره على أهل الأديان

البرهان الثامن : تفرد عقيدة الألوهية

وهذه حجة نفسية مختصرة تقول بأن صفات الإله الواحد في الديانات التوحيدية شيء متفرد لا نظير له وخيال الإنسان متعلق بما هو حوله ويمكنه أن يركب من الكائنات التي حوله أموراً خيالية وهو يرى كل شيء حوله مفتقر وزوجي فمن أين يأتي باختراع فكرة الواحد الغني إن كان الأمر كما يقولون

إن لم يكن ذلك قد ارتكز في فطرته أو تلقنه ممن شاهده

فالأعمى مثلاً لا يمكن أن يتصور وجود شيء اسمه ألوان أو يتخيل حتى يسمع به من المبصر

هذه حجة عميقة قليلاً لذا هي قليلة النفع من الملاحدة العلمويين لأنهم لا يفهمون مثل هذه الأمور بسهولة

البرهان الثامن : التصميم الذكي !

وهنا تبدأ المعركة مع نظرية التطور وعادة الملاحدة الشعبيين أنه يبدأ النقاش حول الإيمان والإلحاد بالكلام عن نظرية التطور ويجتاز كل النقاط السابقة في قفز عجيب

اعلم رحمك الله أن نظرية التطور لها قبول عظيم في العالم الغربي وكثير من الناس لا يعرف السبب الحقيقي لهذا الأمر

السبب أن هذه النظرية هي النظرية الوحيدة التي تشرح تكون الأنواع

وبناءاً على المنهج العلمي الحديث هي النظرية الوحيدة التي تنطبق عليها الشروط فهم يشترطون أن يكون تفسير النظرية من الطبيعة نفسها لا مما فوق الطبيعة

لهذا اعتراضهم على أن نظرية التصميم الذكي يخالف فلسفة العلم في أصلها لهذا قال أحد المحررين في مجلة ديسكفري أن أي إشارة لله عز وجل ستستبعد الورقة العلمية مهما كانت

ولهذا قال بعضهم أن التصميم الذكي يخالف فلسفة العلم

ولهذا يقول صاحب كتاب تحرير العلم من الأوهام العلم الحديث مبني على أعطني معجزة وأنا أكفيك البقية ( يعني الانفجار الكبير )

وهذا تناقض بين منهم في المنهجية فقاعدة ( كل ظاهرة طبيعية لا بد أن تفسر من داخل الطبيعة ) نتيجة غير مثبتة علمياً مختبرياً بل هي نتيجة تحتاج إلى إثبات

وكما اعترفوا أن أصل الحياة وأصل اللغة لا أجوبة عليها فكذلك هذه يقولون لا أجوبة عليها بدلاً من تبني هذه النظرية ومحاربة كل من يعارضها

والآن لنفهم ما هو التطور ؟

التطور نظرية تفترض أن الحياة بدأت من خلية واحدة حية ثم تطورت هذه الخلية شيئاً فشيئاً عن طريق طفرات نافعة فكل الكائنات من هذا الأصل وكلنا كنا أسماك ثم تطورنا على مدى ملايين السنين

واعلم أن هناك مؤمنين بالخالق يؤمنون بالتطور أيضاً وهذا هو التطور الموجه ورائده فرنسيس كولنز وقلده عمرو الشريف

جمعاً بين كل ما سبق وكون نظرية التطور مقبولة عند العلمويين بشكل كبير وتدرس في الجامعات ونقضها يسقط الكبرياء العلمي إلى حد كبير

فالتحاكم إلى المجتمع العلمي في هذا ليس تحاكماً للسلطة فحسب بل تحاكم إلى الخصم الذي قرر سلفاً أن نتيجة بحثك مرفوضة مهما كانت مقدماتك

فمثلاً الأكاديمية الأمريكية للعلوم هذه لا يدخلها في الغالب إلا ملحد فالتحاكم إليهم في هذا الأمر مضحك



وهنا أود ذكر  مجموعة من الكشوف العلمية التي جعلت نظرية التطور محل تساؤل بل هي تنقضها

الأول : الانفجار الكامبري

وهي مجموعة من الكائنات التي ظهرت في الأحافير مكتملة دون أي تدرج بل يبدو أنها ظهرت دفعة واحدة

وقد كان الانفجار الكامبري من أسباب ترك جونثان ويلز للتطور ، واعترف دوكنز أنه معضلة

وكتب ستيفن ماير ورقة علمية في أن الانفجار الكامبري يمكن أن يفهم بشكل أفضل من خلال التصميم الذكي ، وقد قبلت الورقة ونشرت ثم لما هوجمت المجلة بسبب نشرها له اعتذرت دون أي بينة وسجل ديفيد برلنسكي هذا الموقف بأسى

وقد قال بعض الصينيين   ساخراً : في أمريكا بإمكانك انتقاد الرئيس ولكن لا يمكنك انتقاد دارون وفي الصين يمكنك انتقاد دارون ولكن لا يمكنك انتقاد الرئيس

الثانية : الأعضاء الضامرة أو الأثرية

التطوريون أي عضو لا يجدون له وظيفة يقولون هو دليل على التطور

ولاحظ كم مرة مر معنا يقولون ( سيجد العلم لنا مخرجاً ) وهنا يستدلون بالجهل وهم ينسبون المؤمنين للإيمان بإله الفجوات

وهنا يعجبني كلمة لأحد الأخوة :" هل تعلم أن الانتخاب الطبيعي استطاع تحويل القرد إلى انسان ولم يستطع إزالة الأعضاء الضامرة (الاثرية) كالزائدة الدودية وضرس العقل وغيرها ؟
هل تعلم أن الانتخاب الطبيعي استطاع تحويل الدب إلى حوت وعجز أن يحول نظام تنفسه إلى خياشيم بدلا من الرئتين ؟
الخلاصة" : هل تعلم أن الانتخاب الطبيعي يستطيع أن يحول كائن لآخر ولكنه لايستطيع إزالة بعض العيوب(المزعومة) أو تحسين بعض الصفات في الكائنات إلى صفات أفضل ؟؟

وإيمان التطوريين بالأعضاء الضامرة عطل البحث العلمي في وظائف الأعضاء

والأعضاء الضامرة في الإنسان التي يدعونها

1-  ما هي الأعضاء الضامرة أو الآثارية ؟
2- الزائدة الدودية في الإنسان والتي لم تعد زائدة !!
3- أضراس العقل في الإنسان
4- الفقرات العصعصية هل هي بقايا ذيل في الإنسان ؟
5- نتوء الأذن أو نتوء داروين في الإنسان
6- حلمات الذكور في الثدييات والإنسان
7- الثنية الهلالية بعين الإنسان
8- شعر جسم الإنسان والقشعريرة
9- جهاز جاكبسون في الإنسان
10- الجينات الخردة في الإنسان
11- أجنحة الطيور التي لا تطير

وإليك رد بعض الباحثين الذي توجها بعدد من الكشوف العلمية في هذا الباب

هذه التي سموها زائدة دودية Appendix : كانت من آخر الضربات القاضية للتطوريين (من 1997م تقريبًا) حيث بعدما وصفوها لعشرات السنين بأنها (زائدة) : فقد اتضح أن لها وظائف هامة جدًا منذ تكون الجنين في صنع عددًا من هرموناته ، وكذلك في دورها المناعي بالتداخل مع الجهاز الليمفاوي للحماية من الهجمات البكتيرية الضارة بما تختزنه هي من بكتريا وجراثيم نافعة ! أو تمد الجسم بهذا النافع من البكتريا والجراثيم إذا فقدها في بعض الحالات – مثل مرض الكوليرا أو الإسهال الشديد الذي يستفرغ الأمعاء منها – !! ويكفي أنه بضغطة زر البحث اليوم في الإنترنت عن عبارة مثل (Scientists Find Reason For The Appendix; Protects Good Germs) أن نجد عشرات المواقع العالمية الطبية وهي تعترف بفائدة ما كانوا يطلقون عليها (زائدة دودية) من قبل !!!.. مثل العنوان التالي مثلا :
The Appendix Protects Us From Germs And Protects Good Bacteria
من الموقع الطبي :
http://www.medicalnewstoday.com/articles/84937.php

أو مثل آخر الأبحاث التي تنص على أهميتها في حماية الجسم من هجوم البكتريا , مثل مقال الساينتفيك أمريكان بأن الزائدة الدودية قد تنقذ حياتك Your Appendix Could Save Your Life
المصدر :
http://blogs.scientificamerican.com/guest-blog/2012/01/02/your-appendix-could-save-your-life/

وأما الدرس الذي نستطيع استخلاصه من هذا المثال فهو :
أنه ليس معنى استئصال عضو ما من جسد الإنسان بسبب التهابه مثلا ثم يبقى الإنسان حيًا : أن نقول أن هذا العضو كان بلا فائدة !!
فاليد أو القدم إذا تم بترها بسبب غرغرينا أو سرطان : فلن يقول عاقل أنهما بلا فائدة لأن صاحبهما عاش بعدهما ولم يمت !!

أضراس العقل Wisdom Teeth سُميت كذلك لأنها تظهر متأخرة في فم الإنسان (من عمر 18 إلى 25 عام تقريبًا) وهي فترة كمال البلوغ والإدراك العقلي ، وفي الوقت الذي رأينا فيه ظهور فوائد للـ (زائدة الدودية) في الإنسان وبما يهدم زعم التطور من الأساس (لأنه يستحيل تخيل عضو مُسبق التجهيز لوظيفة مستقبلية مثل تخزين الجراثيم والبكتريا مثلا لحين احتياجهم) : فإن منظومة الأسنان والضروس في الإنسان هي أيضا آية بكل المقاييس على سابق تدبير الخالق عز وجل وكمال تقديره وعنايته بالإنسان !

فمجرد تطابق أشكال الأسنان والضروس العلوية مع السفلية وتناسبهما في الحجم معًا يُعد دليلا غير مردود على أسبقية الإعداد والغائية !! وكذلك تعاقب الأسنان اللبنية في فترة عمر الإنسان المبكرة كطفل وتناسبها مع طعامه اللين ثم سقوطها لتحل محلها أخرى أقوى منها تستمر معه باقي العمر : لهو خير دليل كذلك على الواعي السابق بكل هذه المخططات المسبقة !! (فهل المادة لها عقل ؟!) الأمر أشبه بميقات إدرار اللبن الذي سيرضعه المولود بعد ولادته وبكامل تكوين اللبن المغذي والفريد والذي يصاحبه غريزة مص ثدي الأم !! فكيف لكل ذلك أن يتم تخطيطه مسبقا إذا كانت الحياة تنشأ بالصدفة والعشوائية التطورية المزعومة والطفرات التي على غير هدى ؟!

وكما اعتمد التطوريون على خطأ شائع لدى الجهال والعوام وهو أن استئصال العضو إذا لم يؤدي إلى مضاعفات فورية أو الوفاة فهو بغير فائدة ، فقد اعتمدوا في هذه المرة على مغالطة أخرى وهي الاحتجاج بتدهور قوة الإنسان وضعف نظامه الغذائي في المدنية الحديثة للتدليل على عدم وجود فائدة لضروس العقل !!

والصواب : أن ضروس العقل – وهي آخر ما يظهر بالفم – فهي تضم جميع الأسنان وتغلق الفراغات المفتوحة بينها وبين الضروس لعدم تراكم الفضلات الضارة بالفم ، ولذلك فإن نظام الطعام اللين والحديث والمُصنع الذي أصبح هو الأساس اليوم لدى الملايين ; قد تسبب في ضيق فراغ الفم المُخصص لبزوغ ضروس العقل فيه (اثنان بالأعلى واثنان بالأسفل) وظهور مشاكل انحشارها في الفم أو في اللثة .. في حين أننا لا نجد ذلك الإشكال في الفئات التي لا زالت تعتمد على الأكل الطبيعي المتنوع في طعامها مثل أهل البادية والقرويين والغابات أو مَن يسلك مثلهم من أهل المدن !!

وقد أكد ذلك الدكتور برايس وفريقه بدراستهم لأهالي جزر تونجا عام 1939م ، حيث كانوا يعتمدون على الأغذية الطبيعية قبل الحرب العالمية الأولى ولم تظهر لديهم أية مشاكل في أضراس العقل ، وذلك بعكس ما تغيرت أنظمتهم الغذائية للاعتماد على المواد المصنعة بعد انفتاحهم على الحياة المدنية بعد الحرب وظهور مشاكل أضراس العقل لديهم .
المصدر :
Weston A. Price “Nutrition and Physical Degeneration : A Comparison of Primitive and Modern Diets and Their Effects” Written in 1939 the book at Amazon.com (8th edition, 2008)

يزعم التطوريون أقارب القرود :) أن الفقرات العصعصية Vertebrae Coccygeae في الإنسان هي بقايا ذيل ؟

ومن المعروف أن الفقرات العصعصية تقع في نهاية عظام العمود الفقري للإنسان ، وهي تحمل خلايا الشريط الأولي أو نوية بدايات تخلق الجنين في آخرها (وهو عظمة في حجم الحبة صغيرة أسماها النبيُ صلى الله عليه وسلم عُجب الذنب أو العصعص Coccyx كما شرحناها في منشور سابق رقم 715)

ومن هنا – ولأنها الخاصة بنمو الجنين منها وتركز جيناتها في ذلك – فإن التشوهات الناتجة عنها تتسبب في اضطرابات في نمو أعضاء الجنين في شكل زوائد تظهر عادة في ظهر الجنين أو الجسم ومنها ما يظهر كامتداد مضطرد في آخر العمود الفقري فيفسره التطوريون على أنه بقايا ذيل قصير من سلف الإنسان الحيواني !!

ولا شك أن الله تعالى الذي خلق كل تفصيلة في كل كائن حي وفق وظيفة محددة لم يكن ليوصف كمال خلقه بهذه السطحية حتى للناس العاديين !! إذ أن الأطباء يعرفون ما لهذه الفقرات العصعصية من فوائد
المصدر :
Saladin (2003), p 268

مثلا في ربط عدد مهم من العضلات والأربطة والأوتار مما يجعل الأطباء يترددون كثيرًا في حال قرروا استئصاله، حيث له بنية داعمة لحمل وزن الجسم عند جلوس الإنسان وبالأخص عند ميله إلى الخلف يتلقى العصعص الجزء الأهم من الوزن – كما يدعم العصعص من جهته الداخلية اتصال عدد من العضلات المهمة للعديد من الوظائف في أسفل الحوض – فعضلات العصعص تؤدي دورا مهما مثلا في إخراج البراز. كما يدعم العصعص تثبيت الشرج في مكانه، أما من جهته الخلفية فيدعم العضلة الألوية الكبرى التي تمد الفخذ إلى الأمام عند المشي – وتتصل الكثير من الأربطة بالعصعص.
المصدر :
Foye (2008), eMedicine

وقد عايش المرضى الذين صدقوا الأطباء التطوريين أكبر العناء عندما عملوا بكلامهم في أنه لا مضاعفات عند إزالة هذه الفقرات باعتبارها (أعضاء ضامرة) !! وكحل سهل أمامهم لعلاج الالتهاب المزمن لتلك الفقرات الناتج عن السقوط أو الكسر أو الشرخ !!

وفي ذلك يقول الدكتور إيفان شوت في كلامه عن العصعص :
” أزله : والمريض سيشتكي !!.. حقا عملية إزالتها انتشرت فترة من الزمن : ثم أصبحت الآن سيئة السمعة ومتروكة مرة أخرى !!.. فقط : إلى أن يُحييها جراح ساذج : يُصدق فعلا ما أخبره البيولوجيون في هذا “الرديم” عديم الفائدة ” !!!..
المصدر :
[Shute, Evan, Flaws in the Theory of Evolution, Craig Press 1961, page 40; cited in Ref. 7, page 34]

ونقرأ كذلك في واحد من أشهر الكتب التي أبرزت الوظائف الهامة للأعضاء التي كان يصفها التطوريون بالضامرة (وهو كتاب Vestigial Organs” Are Fully Functional) الكلام التالي :

” في الماضي، ومدعومًا بفكرة أن هذا العضو (العصعص) كان ضامرا وغير مطلوب : كان الجراحون يزيلون عظمة العصعص لشخص ما بدون استثناء (كما كان بشكل روتيني مع اللوزتين) !!.. لكن هذا أدى إلى مشاكل حادة للمريض !!.. لأن العصعص يعمل مثل نقطة المرساة الحاسمة للكثير من المجموعات العضلية المهمة !!!.. ضحايا استئصال العصعص (أو إزالة عظمة الذيل كما كانوا يسمونها) في الماضي : تعرضوا كنتيجة لذلك إلى صعوبة في القعود والوقوف !!.. وصعوبة في إنجاب الطفل !!.. وصعوبة في الذهاب إلى الحمام في وقته ” !!!..
المصدر :
[Bergman, J. and Howe, G., “Vestigial Organs” Are Fully Functional, pages 32–34, Creation Research Society Books, 199


تارة يتحدث التطوريون عن عضلة الأذن Extra ear muscles التي تربطها بفروة الرأس وتثبتها في جمجمته : فيقارنوها بنفس العضلة عند الحيوانات التي تستطيع تدوير أذنيها في اتجاه الصوت لقلة التشكيلات الدقيقة في صيوان الأذن بعكس الإنسان الذي كرمه الله فلا يحتاج للالتفات إلى اتجاه كل صوت وإنما بالتجاويف المعجزة في صيوان أذنه يستقبل الصوت ويحدد مصدره من أي اتجاه

وتارة أخرى يتحدثون عن نتوء الأذن أو نتوء داروين Darwin’s tubercle !! وهو نتوء أو منطقة سميكة صغيرة تظهر زائدة في أعلى صيوان الأذن المحيط (أو حديبة صيوان الأذن) – حيث ذكرها داروين في كتابه (أصل الإنسان) كإحدى الدلالات الباقية على التطور !! إذ يقابلها في القرود والشيمبانزي مثلا النتوء المعروف أعلى الأذن والذي تتحكم فيه عضلات خاصة توجه أذن تلك الحيوانات جهة الصوت

ولو صح كلامهم لكان ذلك البروز يجب وجوده في كل البشر كصفة منقولة من السلف الأقدم لهم على شجرة التطور المزعومة !! ولكن الواقع يشهد أن هذا النتوء هو تغير خلقي غير ثابت في الإنسان ، حيث تبلغ نسبة البشر الذين يظهر فيهم ذلك النتوء أو تلك الحديبة 10.4% فقط !!..
المصدر :
Ruiz، A. (1986). “An anthropometric study of the ear in an adult population”. International Journal of Anthropology 1: 135–43. doi:10.1007 /BF02447350.

ولذلك اعتبروه صفة سائدة (أي من جين سائد) ورغم ذلك : فقد اعترفوا بأن المالكين لهذا الجين لا يظهر لديهم النتوء بالضرورة أيضا !!
المصدر :
http://www.newscientist.com/article/mg19826562.100-vestigial-organs-remnants-of-evolution.html

وحتى الذين تحدثوا منهم عن عضلة أذن الإنسان وأنها هي العضو الأثري الباقي من عضلة أذن أشباه القرود والشيمبانزي : فقد فاتهم أن هذه العضلة في الإنسان هي التي تربط صيوان الأذن بفروة الرأس وتثبيتها في جمجمته !!

6- حلمات الذكور في الثدييات والإنسان

من أعجب ما يثيره التطوريون من طرائف – وكل خرافاتهم تثير الضحك – هي استدلالهم بحلمات الذكور Male Nipple …!
حيث الشائع أن أغلب ذكور الثدييات لهم حلمات مثل الإناث وبنفس العدد (مثلا حلمتين في ذكور الإنسان مثل إناثه وست حلمات في ذكور القطط مثل إناثها وهكذا) ، ولأن التطوريين لا يعلمون من الحلمات إلا وظيفة الرضاعة ، فقد رأوا في وجود الحلمات في الذكور شيئا زائدا غير ذي فائدة !! والحقيقة هي أن جهلهم وقتها بدور الهرمونات في تحديد وظهور وتفعيل نوع جنس الجنين هو الذي أدى بهم إلى مثل هذه النظرة القاصرة – أول اكتشاف هرموني كان عام 1902م ثم توالت الاكتشافات وإلى اليوم عن عدد كبير جدًا من الهرمونات في جسم الإنسان –

فالجنين البشري مثلا (والثدييات عمومًا) يحمل في طوره الجنيني الأولي قابلية التمايز لذكر أو أنثى في نفس الوقت – ولذلك فكل الأجنة تحمل الحلمات في البداية – !! ثم يأتي دور الهرمونات (حسب الكروموسومات الجنسية X أو Y) لتفرز الهرمونات الخاصة التي ستعمل على ظهور الذكورة أو الأنوثة وملحقاتها في الجسم !!

ولتوضيح ذلك بمثال نقول أن الجنين البشري مثلا يحمل قناة موليريان Mullerian duct التي يمكن أن تتحول إلى الجهاز التناسلي الأنثوي (الرحم وقناتي فالوب والثلث الأعلى من المهبل) ! وفي نفس الوقت أيضا يحمل قناة ولفيان Wolffian duct والتي يمكن أن تتحول إلى الجهاز التناسلي الذكري (البربخ والأنبوبة المنوية والحويصلة المنوية) ! وكذلك يحمل الجنين في ذلك الوقت المبكر نتوء جنسي واحد هو الذي سيتمايز إما إلى القضيب الذكري أو البظر الأنثوي !..

فإذا كان الجنين يحمل مثلا كروموسوم الذكورة Y : فسوف تنمو له خصية جنينية Fetal testis : ليحدث في المقابل ضمور للمبيض .. حيث تفرز الخصية الجنينية عامل مثبط لنمو قناة مولييريان Mullerian أو ما يُسمى بـ Inhibitory factor وكذلك تفرز هرمون تستستيرون Testosterone hormone ومشتقا ًآخرًا يسمى ثنائي التستيرون المائي Dihydro testosterone اللذان يساعدان قناة وليفيان في النمو ومعها البربخ والأنبوبة المنوية والحويصلة المنوية وكذلك غدة البروستاتا
المصدر :
Drury and Hawlett,2000

ونفس الوضع المقابل لذك في حال الأنوثة ، والشاهد : أن الجنين في بداياته – وسواء ذكر أو أنثى – فجسده يحمل القابلية للتحور لهذا وذاك وإلى ما شاء الله – لأن الأمر ليس حتمي لإمكانية وقوع خلل في الهرمونات – وعليه : فوجود الحلمات في ذكور الثدييات لا صلة بينه وبين مزاعم التطور أصلا !! فلا هو عضو كان يعمل في الماضي ثم حدث له ضمور – وإلا لزمهم القول بأن ذكور الثدييات كانت ترضع الصغار هي أيضا إلى أن تخلت عن هذا الدور بدون سبب وجيه !! – ولا هو علامة على تطور الذكور من الإناث مثلا !!! فضلا عن كمال الشكل الإنساني به والجامع بين نوعي الذكر والأنثى في تكوين خارجي واحد مشترك .. وكذلك بعض الأبحاث التي أثبتت أنه محل استثارة أيضا لدى 25% من الرجال مثل النساء !!

ولكلام الباحث تتمة أتركها لأن الأمر طال ومن أراد فليراجع الأبحاث في الباب غير أنهم لهم حيلة على هذا الأمر فهم يقولون أن العضو ليس هو غير الوظيفي وإنما هو ما له وظيفة غير وظيفته المعتادة ( هذا يضربونه مثلاً في أجنحة الطيور التي لا تطير ) وهذا بحث فلسفي أصلاً لا علاقة بالتجريب فلو قلنا أن الخالق سبحانه يجعل العضو نفسه له غير وظيفة من باب التنويع في الخلق كما أن الكاتب الماهر ( ولله المثل الأعلى ) يستخدم الكلمة الواحدة في عدة معاني بحسب السياق لكان أمراً مقبولاً، وكذلك نقاط التشابه بين الكائنات الحية يمكن تفسيره بوحدة الخالق وأنها طعام لبعضها البعض فلا بد من الاشتراك لئلا تصير سماً لبعضها البعض فكثير من النقاط في هذه النظرية تفسيرات منحازة ضد وحدة الخالق

الثالثة :الجينات الخردة !

وأما الجينات الخردة : فهي قصة أخرى لم تبتعد كثيرا عن خرافة (الأعضاء الآثارية) !! ولكن هذه المرة تتعلق بالحمض النووي الوراثي في شريط DNA داخل خلايا أجسام الكائنات الحية : حيث لاحظ العلماء في باديء دراستهم له أن جزءا صغيرا منه فقط هو الذي يحمل تكويد أو شفرات تكوين (البروتينات) التي تعطي صفات وتميز جسم كل كائن حي .. ولكن ما وقف أمامهم كلغز حقا : هو أن باقي الحمض النووي الوراثي (وهو الغالبية أو معظمه) لا يحمل أي معلومات تكويد أو تشفير لصنع أي بروتينات - وهنا نحن أمام احتمالين :

أما العاقل المحترم لنفسه وعلمه : فسيقول أننا (لم نكتشف بعد) فائدة هذا الجزء الأكبر من الحمض النووي - وهو بالتأكيد يحمل فائدة ككل الجسم (فليس معقول أن تدخل قصرا رائعا يدل على الحكمة والتقدير والتصميم ثم من أجل شيء واحد جديدا عليك لم تعرف فائدته بعد مثل ميول أرضية سطح القصر لتصريف ماء المطر : تقول على القصر كله أنه بلا صانع أو مُصمم أو أن ميل أرضية سطح القصر هو من بقايا العشوائية التي أنتجت القصر) !!

وأما التطوري (وهو نوعية معينة من البشر يستميت ليثبت أنه حيوان ومن نسل حيوان) : فهو الوحيد الذي سيُسارع للقول بأن هذا الجزء الأكبر من الحمض النووي هو بالفعل جينات (خردة) Junk Gene وليس لها أية فائدة أو معطلة لا يتم نسخها لتكوين بروتينات : لأنها من بقايا وتراكمات التطور الصدفي العشوائي عبر كل النسل الحيواني للبشر !!

فهل هذا الكلام صحيح (لأننا لو فهمنا كل هذه التلاعبات سنفهم بعض القضايا الأخرى التي يتلاعبون بها إلى اليوم بمسمياتهم (جينات خردة) أو (جينات زائفة) Pseudo Gene لكل ما يجهلون وظيفته (مثل جين جلو Gluo لفيتامين C) وكما سنرى في منشوراتنا القادمة بإذن الله ومدى توسل التطوريين بالجهل واستغلال الجهل كدليل علمي !!
-------------------------

أولا دعونا نستعرض في عجالة أشهر كلمات التطوريين عن الجينات الخردة :

حيث بدأ الأمر مع فرانسيس كريك نفسه (مكتشف بنية الحمض النووي مع جيمس واطسون 1954) حيث كان يقول في عام 1980:
"أغلب الحمض النووي في الكائنات العليا هو أفضل بقليل من الخردة" !!
Much DNA in higher organisms is little better than junk
Nobel Laureate Francis Crick - 1980

في حين يقول كينيث ميللر في 1994:
" الجينوم البشري يمتليء بالقطع المتناثرة من الجينات الكاذبة، أو شظايا الجينات، أو الجينات اليتيمة، أو الحمض النووي الخردة، وبالكثير من تسلسلات الحمض النووي التي لا فائدة منها على الإطلاق ولا تشير أي إشارة للتصميم الذكي "
- The human genome is littered with pseudogenes, gene fragments, orphaned genes, junk DNA, and so many pointless DNA sequences that it cannot be attributed to anything that resembles intelligent design
Biologist Kenneth Miller, Brown University - 1994

وحتى فرانسيس كولينز (رائد مشروع فك الجينوم البشري بالكامل لأول مرة والذي استمر قرابة 10 سنوات وانتهى في 2001) والذي غير رأيه من التطور الصدفي العشوائي البحت إلى التطور الهجين أو الإلهي المُختل (وهو صاحب كتاب لغة الإله عام 2006 والذي وقف فيه موقف وسط بين الصدفة والعشوائية وبين التدخل الإلهي لحل المعضلات الكبرى في التطور) فكان يقول أن ما يقارب الـ 45% من الجينوم البشري ما هو إلا بقايا وحطام جينات لا فائدة منها ولا وظيفة (لاحظوا ان النسبة هبطت من فوق الـ 90 % أو الأغلب إلى 45 %) !!!.. والكلام من 2006:
Roughly 45 percent of the human genome [is] made up of genetic flotsam and jetsam
Biologist Francis Collins - 2006

وأما ريتشارد داوكينز نفسه فكان يقول وحتى 2009 أن الجزء الأكبر من الجينوم : لا فائدة منه ويستوي وجوده بعدمه
It is a remarkable fact that the grater part of the genome might as well not be there, for all the difference it makes
Biologist Richard Dawkins - 2009

وهذا جون أفيس يفتري نفس الكذب في عام 2010 بتسمية الغالبية العظمى من متتابعات الحمض النووي غير المُشفرة بـأنها خردة وغير ذات فائدة أو غير مرغوب فيها :
Noncoding repetitive sequences – junk DNA- comprise the vast bulk of the human genome
Biologist John Avise, University of California - 2010

فهل هذا الكلام والادعاءات صحيحة ؟
--------------------

لعله من الجميل أنه منذ أواخر عام 2002 وبدأ العلماء في ملاحظة أدوار ووظائف هامة جدا لهذه المساحات الشاسعة في الجينوم في ضبط عمليات نسخ الحمض النووي المشفر وتنظيمها بشكل معقد ومتراكب ومتناسق جدا ومتخصص للغاية !! متى تعمل الجينات ومتى تتوقف وماذا سيتم تفعيل نسخه وماذا سيبقى غير مفعل إلى حين الحاجة إليه (حسب التكيفات التي نراها في الكائنات الحية) وهو ما مهد بعد ذلك لرؤية جديدة فيما صار يُعرف بالوراثة (فوق الجينية) أو الأبيجينيتك Epigenetics - يكفي فقط أن العاقل يتساءل : إذا كانت كل خلية حية في الجسم تحمل نفس الحمض النووي لتكويد كل بروتينات الجسم : فكيف تعمل خلية القلب كخلية قلب فقط ؟ وخلية الكبد كخلية كبد فقط ؟ والخلية العصبية كخلية عصبية فقط ؟ وهكذا ....؟
إنه الإعجاز الإلهي في التقدير الحكيم لكل خلية وما سيتم نسخ شفرات بروتيناته وما لن يتم نسخه !! وكذلك فإن الجين الواحد قد يتم تغيير التعبير الجيني عن محتواه بأكثر من صورة !! بل وبعض تشابهات الجينات في بعض الكائنات الحية : يتم التعامل معها بكل دقة لتعطي صفات الكائن المختصة به (لاحظوا أن الصفة الجسمية الواحدة يدخل فيها اكثر من جين وبروتين)

إنه عالم غاية في الإحكام والإتقان والتعقيد !!
ولا زال الإنسان (يحبو) بجواره !!
فهل من المعقول أن يبلغ (الجهل) بنا أن نستمع إلى أكاذيب التطوريين في استخدامهم للـ (جهل) في كل مرة كدليل على التطور ؟!

لقد كانت إرهاصات بداية الاكتشافات الجديدة وتأكدها في عام 2002 بعد انتهاء مشروع فك الجينوم البشري كاملا (أكثر من 3 مليار نيوكليدة) حيث تم رصد تتابعات معينة من الـDNA تنحصر وظائفها في إحكام ربط أو فصل مركبات الشريط الوراثي وخصوصا عند عملية النسخ .. وبما يستلزم عمل ما يُسمى بالـ (كباري) لتخطي تداخل حروف الشريط الوراثي بعضها البعض !!!.. وقد سمى العلماء هذه التتابعات بـ Alu sequences أو : تتابعات ألو ..

وهذه كانت البداية فقط والتي أدت في النهاية بفضيحة نفاق وتلون أشهر الملاحدين والتطوريين اليوم وهو ريتشارد دوكينز عندما اعترف مؤخرا وكما في الفيديو المرفق بأهمية ما كان يُظن أنه جينات خردة أو حمض نووي عديم الفائدة : فقال أن ذلك لصالح التطور وليس لصالح الخلق أيضا !!!

رغم أنه هو نفسه الذي كان يستغل الجهل بوظيفته من قبل في أنه لصالح التطور !! إذن :
هو منطق الاستدلال الدائري !! حيث توضع نتيجة مُسبقا (وهي أن التطور واقع بالفعل) :
ثم يتم توليف وتلفيق أي أدلة أو أية اكتشافات لتدل على هذه النتيجة مهما كانت مخالفة لها !! إنه ببساطة منطق :
(( عنزة ولو طارت )) !!
الرابعة _ وهي أهمها _ : استحالة وجود طفرات نافعة تضيف صفة جديدة

اعلم أخي الكريم أن التطور على نوعين ( تطور مصغر ) وهو الذي نسميه التكيف وهذا لا ينازع فيه أحد وهو المتعلق بما يسمى الطب التطوري والتطوريون يحبون الخلط بين هذا النوع والنوع الثاني ليوهموا الناس أن جميعها صحيح وثابت وهذا ما قام به وكنز في أعظم استعراض ... وقد اغتر بهذا الأمر كثيرون

ودائماً يحتجون بالبكتيريا _ وتلاحظ إذا تطورت البكتيريا فنحن في سلف مشترك مع القرود _ استدلال عجيب فهم يدعون أن البكتيريا اكتسبت صفات نافعة عن طريق طفرات ( على أن البكتيريا بقيت بكتيريا ولم تتطور لشيء آخر )

وحتى هذه ناقشها بعض الباحثين

فهذا لي سبنسر في الحوار القيم جدا لـ (لي سبتنر) مع (إدوارد ماكس) في الحوار القيم جدا لـ (لي سبتنر) مع (إدوارد ماكس) على الرابط التالي :

والدائر حول كتابه (ليس بالصدفة) ... وبعدما أثبت (لي سبتنر) أن الطفرات التي تسبب تغييرا - غير أخطاء النسخ والتكرار - هي طفرات (فقد) أو (نقص) في الحمض الوراثي - يقول :
" الطفرات المطلوبة للتطور الكبير لم يتم رصدها أبدا، ذلك أن الطفرات العشوائية التي تمت دراستها على المستوى الجزيئي لم تضف أي معلومات. والسؤال الذي أتناوله هو : هل الطفرات التي تمت ملاحظتها هي من النوع الذي تحتاجه النظرية لدعمها ؟ ويتضح في النهاية أن الإجابة هي كلا " !!
The mutations needed for macroevolution have never been observed. No random mutations that could represent the mutations required by NDT that have been examined on the molecular level have added any information.The question I address is: Are the mutations that have been observed the kind the theory needs for support? The answer turns out to be NO!
المصدر :
Dr. Lee Spetner, “Lee Spetner/Edward Max Dialogue: Continuing an exchange with Dr. Edward E. Max,” 2001
================
جدير بالذكر أن الدكتور (لي سبتنر) أوضح في كتابه (ليس بالصدفة) الطريقتين الأشهر لظهور مقاومة البكتريا للمضادات الحيوية وهما :
1- الانتقال الأفقي للجينات (سنشرحه بعد قليل)
2- طفرات (فقد) للجزء الذي كان يهاجمه المضاد الحيوي
ولنبدأ بالنوع الثاني لنفهم القصة بالضبط وبنفس المثال الذي ذكره الدكتور (لي سبتنر)
-----------------------------------
في عام 1944 تم الإعلان لأول مرة عن اكتشاف المضاد الحيوي الذي اسمه : الستربتومايسين Streptomycin
هذا المضاد الحيوي يهاجم البكتريا عن طريق تعلقه بأحد عضياتها الداخلية الهامة ألا وهو : الريبوسوم (وهو الجزء من الخلايا الحية الذي يتم فيه ترجمة نسخة الحمض الوراثي عن طريق الـ RNA إلى بروتينات)
والسؤال هو : ماذا لو وقعت طفرة (عشوائية) حالت دون تكون (ريبوسوم) الخلية ؟؟ هل سيتمكن المضاد الحيوي من مهاجمتها ؟
الإجابة بالطبع : لا !! لأنه لن يجد ما يتعلق به (تماما كالمفتاح والقفل - فبدون وجود القفل لن يتمكن المفتاح من فتح الباب الذي هو البكتريا)
يُلخص ذلك الدكتور (لي سبتنر) في لقائه مع (إدوارد ماكس) فيقول :
" يستطيع الكائن المجهري أحيانا أن يكتسب مقاومة ضد المضاد الحيوي من خلال الاستبدال العشوائي لنكليوتيد nucleotide وحيد... فالستربتومايسين Streptomycin، الذي اكتشفه سِلمان واكسمان Selman Waksman وألبرت شاتز Albert Schatz وتم الإعلان عنه لأول مرة في سنة 1944، هو مضاد حيوي تستطيع البكتيريا أن تقاومه بتلك الطريقة. ولكن على الرغم من أن الطفرة التي تخضع لها البكتيريا أثناء العملية تفيد الكائن المجهري في وجود الستربتومايسين، فإنها لا تصلح لأن تكون نموذجا أوليا لنوع الطفرات التي تحتاجها النظرية الداروينية الجديدة. ذلك أن نوع الطفرة التي تمنح مقاومة ضد الستربتومايسين يتضح في الريبوسوم ويقوم بحل تكافئه الجزيئي مع جزيء المضاد الحيوي" !!
A microorganism can sometimes acquire resistance to an antibiotic through a random substitution of a single nucleotide, and this is the kind of example Max presented. Streptomycin, which was discovered by Selman Waksman and Albert Schatz and first reported in 1944, is an antibiotic against which bacteria can acquire resistance in this way. But although the mutation they undergo in the process is beneficial to the microorganism in the presence of streptomycin, it cannot serve as a prototype for the kind of mutations needed by NDT. The type of mutation that grants resistance to streptomycin is manifest in the ribosome and degrades its molecular match with the antibiotic molecule
المصدر :
Dr. Lee Spetner, “Lee Spetner/Edward Max Dialogue: Continuing an exchange with Dr. Edward E. Max,” 2001
حقا إنها معلومات طالما تم إخفاءها عن المخدوعين بخرافة التطور للأسف
( مستفاد )

وقال بعض الباحثين :" وبالطبع معظم تجارب التطوريين ستجدونها على البكتريا لسببين :
1- أن عمر الجيل الواحد فيها قصير (حيث يصل تكاثرها لكل 4 ساعات تقريبا) وعلى هذا تظهر نتائجها الوراثية من جيل إلى جيل بأسرع من أي كائن آخر (فالإنسان مثلا عمر الجيل المتوسط له من 20 إلى 30 سنة)
2- أن البكتريا خلقها الله تعالى لوظائف هامة جدا على كوكب الأرض برا وبحرا وجوا - وعلى رأسها تحليل الكائنات الحية لإعادة مواد أجسامها إلى الطبيعة - وكذلك هي موجودة بكثرة داخل أجسام الخلايا الحية نفسها وخصوصا في عمليات الهضم - ومن هنا : فالبكتريا هي من أقوى الأمثلة الحية على القدرة الفائقة للتكيف مع مختلف البيئات والتغييرات من الحرارة الهائلة كما في بعض الحمم إلى الصقيع الرهيب - وبما يشمله تكيف مع تغييرات المواد التي تتغذى عليها مما حولها إذا لزم الأمر - ولكل ذلك : فالتطوريون يفضلونها لأنها تعطيهم أمثلة كثيرة جدا على (الرجل الحي) الذي سيخدعون به العوام والبسطاء وغير المختصين على أنه (الرجل الميت) !!
وكما سنرى الآن - فالبكتريا بقت وستبقى دوما بكتيريا مع كل التكيفات التي تمر بها !!
والآن نعود إلى تجربة ريتشارد لينسكي   
التجربة بدأت عام 1988 حيث قام مع فريقه بوضع سلالة معينة من الباكتيريا المعوية في 12 أنبوبة معمل مختلفة بحيث توضع كميات محسوبة من الغذاء في كل أنبوبة ثم يتم نقل نسبة معينة من الباكتيريا الناجية من كل أنبوبة إلى أنبوبة أخرى جديدة تمامًا .
وكان الغرض من هذه التجربة هو رصد كيف تتغير أحجام وعادات الغذاء وغيرها في الباكتيريا مع الوقت في الـ12 أنبوبة ، وطبعًا هذه التغيرات في كل مجموعة تقع بمعزل عن المجموعات الأخرى تمامًا لأنه غير مسموح بخلطها أو المزج بينها إطلاقًا . والتجربة استمرت لأكثر من 20 سنة وربما هي إلى الآن مستمرة
كل ال 12 مجموعة من الباكتيريا زادت في الحجم عن طريق الانتخاب الطبيعي للصفات الأفضل في البكتيريا، وهذا المفهوم للانتخاب الطبيعي متفق عليه ولا إشكال فيه - وذلك لأنه تغيير داخل الحمض النووي نفسه ولم يختلف تموضع الجينات في شيء - فقط تغير صفات وبقاء الأصلح - مثل جينات البشر نجد تموضعها على الحمض النووي واحد في كل البشر ولكن الذي يختلف محتوى تفاصيل كل جين : فهذا طويل وهذا قصير وهذا أبيض وهذا أسود لكن أماكن الصفات كما هي بعكس ما يفترضه التطور
حتى الطفرات التي وقعت للبكتيريا كانت طفرات عادية جدا من التي تقع في أي كائن أو أي بكتيريا : لم ينشأ عنها أي جين جديد بالمرة
وهنا كانت النقطة التي فسرها الدكتور ريتشارد لينسكي ومن بعده ريتشارد دوكينز على أنها (دليل حاسم على التطور) !! فما هي ؟؟
هي ظهور صفة هضم السيترات citrate في إحدى المجموعات الـ 12 كما لو كانت جلوكوز glucose !! وتم ذلك برصد ظهور جين citT gene المسؤول عن تكون البروتين الذي يلتقط السيترات ويدخلها داخل البكتيريا
وبغض النظر عن التهويل الإعلامي والتطوري الذي حفظناه وعرفناه :
فهذا الحدث - على فرض صحته كما أعلنوه للناس وهو غير صحيح بهذه الصورة كما سنرى بعد قليل - : فهو لم يتجاوز تغييرات داخل الحمض النووي نفسه في موضع جين إدخال السيترات (لاحظوا : إدخال وليس هضم) !! يعني في النهاية هو كما يسمونه (تطور صغير Micro) وليس له علاقة بإثبات وقوع (التطور الكبير Macro) من قريب أو بعيد !!!!
وهل تغيرت البكتريا إلى شيء آخر غير بكتيريا ؟!!
هل اكتسبت عضوا جديدا أو صفة جديدة ليست فيها من قبل ؟!!!
إن تغيير مادة الغذاء لا يخرج بالبكتيريا عن نوعها !! وإنما هو أحد مظاهر التكيف المعجزة التي وضعها الله تعالى في الكائنات الحية !! والتي تجعل الإنسان يتكيف مثلا إذا عاش فوق قمم الجبال أو في المناطق الباردة بعد فترة من الزمن تلقائيا !!
ولكن السؤال الأهم هو : ماذا لو كان ما أعلن عنه التطوريون أصلا خطأ بل : وتدليس للأسف ؟!!
فأولا : تغيير هضم البكتيريا لا يمثله موضع جين واحد !! فالتجربة تعلقت بظهور جين (إدخال السيترات للبكتيريا بدلا من الجلوكوز) : ولم يتعلق بعملية الهضم نفسها والتي تحتاج - وفق نظرتهم التطورية - إلى طفرتين معا وليس طفرة واحدة !!
لقد رأينا من قبل في الفيديو الذي ترجمناه على صفحتنا لفحص جينات الذراع القصير للكرومسوم 11 عند البشر : كيف أن صفة واحدة كالشم مثلا : مُمثلة في أكثر من موضع ويتخللها مواضع لصفات أخرى !!
https://www.youtube.com/watch?v=zG3mFAOS0-Y
إذن : الموضوع ليس بهذه السهولة ولا السطحية ولكنه (تكامل مدروس) !!
ثانيا - وهي المفاجأة - : أن الجين المسؤول عن إدخال السيترات citT gene أصلا كان موجودا في البكتيريا !! ولكنه لا يظهر في تواجد الأكسجين لأنه يثبط عملية نسخه أو تفعيله في الـ RNA !! فإذا غاب الأكسجين (كما وقع في تجربة لينسكي) : فإن هذا الجين (وبواسطة تكنيك غاية في الدقة والإعجاز والإحكام والتدبير الإلهي) : يقوم بتكرار نفسه للتموضع في المنطقة النشطة للنسخ : فيتم نسخه وتفعيله من الـ RNA
وهذا الكلام ليس من بنات أفكارنا !! ولكن تم نشره على موقع نيتشر نفسه الشهير Nature في بحث بعنوان :
Genomic analysis of a key innovation in an experimental Escherichia coli population
الرابط :
http://www.nature.com/…/jo…/v489/n7417/full/nature11514.html
وهي دراسة حديثة تجريبية قامت بعمل تحليل دقيق للحمض النووي DNA لهذه البكتريات الهاضمة للسيترات للكشف عن الطفرات المفيدة ومعلوماتها "الجديدة "
حيث وجدت أن الجين المُشفر للبروتين المسؤول عن إلتقاط السيترات citT - والذي ينشط في غياب الأكسجين فقط : تمت إعادة وتكرار نسخه Duplication في الحمض النووي ووضع النسخ المكررة بمكان بين جينيين يعملان وينشطان في حضور الأكسجين !!
ليس هذا فقط .. بل تم إدخاله بدقة بمنطقة محددة تسمى منها oxygen-tolerant promoter أي برأس الجين الذي سينشُط بوجود الأكسجين وحيث سيبدأ النسخ !! إذ تلتصق به الأنزيمات الناسخة لـ RNA المرسال بمنطقة محددة وبدقة مُرمزة وهي المعروفة باسم Promoter والتي تبدأ النسخ ثم الترجمة
وهذا هو التكنيك القمة في المراقبة والغائية والوعي الخارجي والداخلي - والذي يستحيل أن يكون من الذرات نفسها !! - والذي تم به تفعيل جين هضم السيترات citT بفضل إلتصاقه الذكي والمقصود بالجينات الأخرى الجاهزة للنسخ مع وجود الأكسجين بالوسط الذي زرعت به هذه البكتيريات !!!!
ولكن .. ماذا قالت مجلة نيتشر التطورية ؟ وماذا قال لينسكي ودوكينز ؟
إن العناد التطوري كما هو لم يتغير !! وانظروا كيف أن كل ما خرجوا به على الناس هو مجرد تغيير للتعبير الجيني بتكرار ما هو موجود أصلا !! والسؤال :
لو افترضنا جدلا جدلا جدلا أن هذا كان طفرة (غير مقصودة) : فهي تتناول فقط مهمة إدخال السيترات - وليس هضمها كذلك والذي يحتاج إلى تغيير آخر - طفرة عشوائية أخرى في لغة التطوريين - !!!
الأعجب والأعجب أن كل هذه النتائج التي هللوا لها وأعلنوا عنها كدليل حاسم تجريبي موثوق - وما هي إلا تغييرات داخلية وتكرار لموجود أصلا ولا شيء جديد - : وقعت في الجيل الـ 30 ألف !!! يعني لو قسناها بعمر الإنسان جدلا : لكانت بعد مليون عام !!!!
والسؤال :
هل كل تطور الإنسان المعقد - إن صح وقوع تطور أصلا وهو باطل - هل كل تطور الإنسان كان عبارة عن تغيرات تافهة مثل هذه عبارة عن تغييرات داخلية في حمض نووي موجود بالفعل ؟!! فإذا كان مثل هذه التغيرات التافهة أخذ مليون عام بهذا المقياس : فهل تعلمون - أو حتى تتخيلون - ماذا سيكون عمر تطور الإنسان فقط من سلفه المجهول المزعوم عند التطوريين ؟؟"

وهنا حوار افتراضي صغته

هو : نظرية التطور عليها إجماع علمي
أنا: ولكنني أعرف علماء يخالفونها وكتبوا ضدها ومنهم من يؤيد نظرية التصميم الذكي ويستدل لذلك
هو : هؤلاء قلة لا عبرة بهم   
أنا : لا توجد طفرة نافعة
هو : هناك القليل من الطفرات النافعة
أنا : هي قلة لا عبرة بها وهي أقل بالنسبة للضارة من نسبة عدد العلماء الرافضين للتطور في مقابل القابلين لها في قياسك
وهذه القلة التي لا عبرة بها كيف تكون قاعدة وجود ملايين الكائنات الحية التي نراها والتي لا نراها ( الحلقات الوسيطية المفقودة )! وهي أمر نادر جداً بل هناك من ينازع في وجوده أصلاً فظهور طفرة نافعة يساوي (صدفة ) وهكذا تكون الحياة التي نراها بكل جمالها وتنوعها هي ركام من الفرض السعيدة الشاذة عن القانون الأغلبي أو الكلي
قال وَرن ويفر Warren Weaver أحد مساهمي التقدم العلمي الأمريكي يقول :
" سيندهش الكثيرون من حقيقة أن كل الطفرات الجينية المعروفة تقريباً هي ضارة، في حين الطفرات هي جزء مهم في التطور !! فكيف سينتج تأثير تطوري جيد لكائن أعلى من أشكال الحياة : من طفرات كلها ضارة تقريبا"

الاكتشاف الخامس :حواء الميتوكندريا

التطوريون يقولون إذا كان البشر كلهم جاءوا من رجل وامرأة فلماذا هذا التنوع بين البشر ؟


علماً بأنهم يعتقدون أن جميع الكائنات جاءوا من خلية أولى !


ولكن لنقف وقفة لقد أثبت البحث التجريبي الحديث فيما يدعون أن جميع نساء العالم يرجعن إلى امرأة واحدة فقط


قال الدكتور هيثم طلعت :" أوضح داروين في كتابه نشأة الإنسان أن الأعراق البشرية مجرد أنواع مختلفة من الكائنات الحية لا يربط بينهم رابط وبالعودة إلى الوراء فإنه يبدو من المستحيل الإشارة إلى أية نقطة محددة يتحتم عندها استخدام مصطلح الانسان ولكنه أمر ذو أهمية قليلة جدا ..

المصدر : نشأة الإنسان The descent of man .. تشارلس داروين .. ترجمة مجدي محمود المليجي .. المجلس الأعلى للثقافة 2005 .. ص 52


فالظهور البشري كان لأوادم كثيرة في آن واحد – أي أكثر من آدم ظهروا سويا في بقاع متباينة من الأرض وتطوروا سويا وظهرت من أحفادهم أعراق متباينة - ولذا نجد التباين الشديد في الأعراق البشرية وهذا من مقتضيات نظرية التطور لدراوين .. وقد أقام داروين التدليل على ذلك باستخدام حجة القمل فاختلاف نوع القمل في السكان الأصليين لبعض القارات عن القمل الذي يوجد في أوربا يؤكد اختلاف النوع بين البشر الحاملين لذلك القمل فالأمر ليس مجرد اختلاف أعراق وإنما اختلاف أنواع

يقول داروين : "بالفحص الدقيق للقمل الذي تم جمعه من أقطار مختلفة من الأعراق المختلفة للإنسان وُجد أنهم لا يختلفون في اللون فحسب ولكن في التركيب الخاص بالمخالب والأطراف وفي كل مرة يتم فيها الحصول على العينات فإن الاختلافات تكون ثابتة .. وعندما شرد القمل الذي كان يعيش على سكان إحدى الجزر البدائيين وانتقل إلى أجساد البحارة الإنجليز فقد مات في خلال ثلاثة أو أربعة أيام وكان هذا القمل داكنا وأكبر في الحجم وأكثر ليونة من القمل الأوربي .. وهذه الحقيقة الخاصة بأن الأعراق الإنسانية يتم ابتلاؤها بالطفيليات التي يبدو أنها متباينة بشكل خاص من الممكن تقديمها كبرهان على أن الأعراق البشرية في حد ذاتها من الواجب تصنيفها على أساس أنها أنواع مختلفة ومتباينة من الكائنات الحية ."

المصدر : نشأة الإنسان The descent of man الجزء الأول .. تشارلس داروين .. ترجمة مجدي محمود المليجي .. المجلس الأعلى للثقافة 2005 .. ص402


بل وذهب داروين أكثر من ذلك حين طلب إثبات أن التهجين بين عرقين مختلفين من البشر – أبيض وأسود مثلا – يؤدي إلى العقم كالتهجين الذي يحدث بين الفرس والحمار

ويؤكد داروين أنه ثبت بالتجربة أن النساء الأصليات التابعات لأستراليا وتسمانيا من النادر أن ينجحن في إنتاج أطفال للرجال الأوربيين .

المصدر السابق ص402


ويرى داروين أن كل هذه الأمور تثبت التباين النوعي للأعراق الأبوية – أكثر من آدم وأكثر من حواء – ويؤكد داروين أن :- "الأنغال الحيوانية والنباتية عندما يتم انتاجها من أنواع متناهية في التباين عن بعضها تكون معرضة للموت قبل الأوان وقد ثبت هذا الأمر في نسل الأخلاس – تزاوج البيض من السود في البشر وتزواج الأعراق البشرية المتباينة - ."

المصدر : نشأة الإنسان The descent of man الجزء الأول .. تشارلس داروين .. ترجمة مجدي محمود المليجي .. المجلس الأعلى للثقافة 2005 .. ص403


ولكي يقطع داروين الطريق على العلم يقول :- "وإذا ثبت مع الوقت أنه توجد خصوبة كاملة بعد التهجين بين الأعراق الإنسانية المختلفة فإن هذا الأمر ليس من شأنه أن يعوقنا عن تصنيف الأعراق البشرية على أنها أنواع متباينة لكائنات حية مختلفة ."

المصدر السابق ص404


يقول داروين :- "لقد رأينا الآن أن العالِم في التاريخ الطبيعي من الممكن أن يشعر في قرارته بأنه على حق كامل في تصنيف الأعراق الإنسانية على أنها أنواع متباينة لأنه قد وُجد أنها متميزة عن بعضها بالعديد من الاختلافات في التركيب والتكوين .. "

المصدر السابق ص405


ويقول داروين أيضا :- "وإذا كانت الأعراق الإنسانية قد انحدرت عن اثنين أو أكثر من الأنواع المختلفة بعضها عن بعض بنفس القدر الذي يختلف به الأورانج أوتان عن الغوريلا فإنه يصبح من الصعب الشك في اختلافات ملحوظة في التركيب الخاص بكل عرق مستقل عن الآخر ."

المصدر السابق ص413


وختاما فقد أكَّد داروين على أن :- "المؤمنين بالأصول المتعددة للجنس البشري والمؤمنين باختلاف الأعراق أنه اختلاف نوعي وليس مجرد اختلاف عرقي هؤلاء أكثر دقة وأصح بكثير من المؤمنين بوحدة الجنس البشري وأن الإختلاف بين البشر اختلاف عرقي فحسب ."

المصدر : نشأة الإنسان The descent of man الجزء الأول .. تشارلس داروين .. ترجمة مجدي محمود المليجي .. المجلس الأعلى للثقافة 2005 .. ص417


ناهيك عن استخدام حجج داروين الحقيرة هذه في إبادة أعراق بشرية بأكملها وتفريغ قارات كاملة من سكانها الأصليين واستغلال هذه العبارات العلمية القبيحة في تشريد أمم بأكلمها من البشر وسرقة أطفالها في تجارب معملية كما حدث مع stolen generation والتي كتبت عنها موضوعا مستقلا من قبل .. ناهيك عن هذا كله فإن النظر للأعراق البشرية على أنهم أدنى أو أعلى فإن هذه النظرة تمثل أروع ما يتمناه الحُكام المجرمين من حجج للتطهير العرقي والإبادة الجماعية والتفريغ الكامل للبلدان من البشر باعتبار أن الذين تم تطهيرهم ليسوا بشرا وإنما كائنات حيوانية تطورت مُستقلة في أماكن مختلفة من العالم .

إن نظرة كهذه للعالم وللبشر من حولنا لا يمكن إلا توصيفها بأن أبوهـا الكُفر وأُمهـا القذارة كما يقول سه غور .

إن هذه النظرة الداروينية للبشر لابد أنها قد حرَّرت أبشع المجرمين والحاقدين على البشرية من أية أعباء أخلاقية .


صدر كتاب نشأة الإنسان The descent of man عام 1874 بعد أن أمضى داروين في كتابته ثلاثة عشر عاما وبعد قرابة 120 عام على صدور هذا الكتاب يقوم مجموعة من الباحثين بجامعة بركلي بإثبات أن جميع البشر جاءوا من أصل واحد من أب واحد وأُم واحدة وأطلقوا على هذه الأُم اصطلاحا اسم حواء الميتوكوندريا في حين أطلقوا على الأب اصطلاحا اسم آدم Y كروموسوم .


حواء الميتوكوندريا

حواء الميتوكوندريا هو الإسم الذي أُطلق على السلف المشترك بين البشرية وتأكد وجودها من خلال إثبات أن هناك خط ميتوكوندريا وحيدا في خلايا جميع البشر.

فقد أثبت علم جزيئات الحياة Molecular Biology عن طريق دراسة الحمض النووي في الميتوكوندريا في بُويضة المرأة أن جميع البشر الحاليين جاءوا إلى العالم من أُم واحدة وأن حواء أم البشر الحاليين (Eve the common Ancestor of all humans) كانت منذ 150 ألف سنة تقريبا تقطن في شرق افريقيا .

والسلف المشترك بين البشرية لا يمنع من وجود أكثر من حواء في نفس الوقت لكن نسلهم انقطع - وهذه الجملة الخبيثة من وضع التطوريين لتمثل لهم خط رجعة في محاوراتهم مع المتدينين - .


أما عن الميتوكوندريا فالميتوكوندريا هي عضيات خلوية توجد داخل الخلية البشرية ولا تنتقل إلا بواسطة بويضة الأم ولقد تمت البرهنة على أن جميع الأحماض النووية للميتوكوندريا البشرية لها أصل واحد مشترك .

وتبين أيضا وجود آدم Yكروموسوم السلف المشترك في السلالة الأبوية وهو أيضا سلف واحد مشترك لجميع الذكور على وجه الأرض .


وقد أُجريت أبحاث بحساب الساعة الجزيئية وافترضت هذه الأبحاث في هذا الحمض النووي الميتوكوندري أن حواء الأم عاشت تقريبا منذ 150 ألف سنة تقريبا بينما آدم الأب عاش منذ قرابة 60 ألف سنة تقريبا .

ولا ندري كيف التقيا سويا في فارق زمني يُقدر ب 90 ألف سنة لكن هذه مسألة لا تعني العلم كثيرا .- وهُناك بحث نُشر في مارس 2013 منذ أيام قليلة يُفيد بأن آدم كروموسوم Y كان موجودا منذ قرابة 250 ألف سنة وليس 60 ألف سنة وهذا التفاوت المدهش في الأرقام سنتعرض له في آخر المقال – .


لكن لماذا الميتوكوندريا بالذات ؟

الميتوكوندريا تأتي من الأُم مُباشرة بينما الأب لا يورث أولاده الميتوكوندريا الخاصة به لأن الميتوكوندريا التي في الحيوان المنوي للرجل يفقدها الحيوان المنوي لحظة دخوله جدار البويضة .. وقد تم اختيار جزيء البروتين غير المكود لدي ان ايه الميتوكوندريا (mtDNA) علي أساس أن له خواص مثالية في البحث وتتبع الأجداد (noncoding DNA).


وبفضل هذا الدنا الميتوكوندري أعاد علماء الوراثة إنشاء سلالة النسب الأمومية .. وتوصلت الدراسة إلى أن الناس جميعا يشتركون في دي إن إيه ميتوكوندري جاء في الأصل من امرأة واحدة .

All humans alive today share mitochondria DNA derived from a single female ancestor


ويُمكن لأي شخص أن يُحدد درجة قرابته بأي شخص آخر في هذا العالم عبر دي إن إيه الميتوكوندريا ويُحدد عند أي جد انفصلا عن بعضهم البعض .

https://genographic.nationalgeographic.com/


ويساعد الجينوم البشري في تتبع شجرة حياة البشر إلى أن يقر بأننا كلنا لآدم. وكان هذا ثمرة جهود قام بها الباحثان "كان وولسون" من جامعة بركلي على الدي إن إيه الموجود في الميتوكوندريا .

فكل النساء على وجه الأرض الآن انحدرن من امرأة واحدة كانت موجودة قبل قرابة 150 ألف سنة تقريبا وكل الرجال على وجه الأرض الآن انحدوا من آدم واحد كان موجودا قبل 60 ألف سنة تقريبا .

يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات : 13]


الأُم الأُولى عربية

وفي سياق متصل وفي دراسة مستقلة نقلت المواقع الإخبارية في بلادنا العربية خبرا يفيد أن الأم الأولى عربية وهذا عبر دراسة توصل خلالها علماء بريطانيون وبرتغاليون في علوم الوراثة بجامعة "ليدز" البريطانية إلى اكتشاف مدوٍّ يفيد بأن جميع أجناس العالم سواء كانوا أوروبيين أو أمريكيين أو صينيين أو هنوداً وحتى الإسكيمو ينحدرون من أصول عربية.

واستند العلماء لتأكيد اكتشافهم إلى أن خلايا أجسام كل أجناس العالم لديهم نفس "الميتوكوندريا" الموجودة في خلايا جسم العربي .


وحسب ما نشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط فقد أشارت مجلة "لوبوان" الفرنسية إلى أن هذا الاكتشاف أوضح تطابق مادة الميتوكوندريا الموجودة في خلايا أجسام كل أجناس العالم مع الميتوكوندريا الموجودة في جسم العربي، يعني أن كل هذه الأجناس أمضت مئات الآلاف من السنين في بلاد العرب، قبل أن يهاجروا إلى أوروبا وآسيا والمناطق الثلجية والأمريكيتين في العصر الحديث.


وخلصت الدراسة إلى أنه مع الاعتراف الكامل بأن الإنسان الأول ظهر في إفريقيا إلا أنه هاجر بعد ذلك إلى قارات العالم المختلفة عبر بلاد العرب، بعد أن قدم إليها من شمال إفريقيا عابراً البحر الأحمر، حيث كانت بلاد العرب تتمتع منذ 200 ألف سنة بمناخ رطب مطير تكسو أراضيها الخضرة، قبل أن يتحول هذا المناخ إلى المناخ الصحراوي، كما هو الوضع عليه الآن في الجزيرة العربية.

المصدر :- http://www.alarabiya.net/articles/20...07/193083.html

وعن صحة هذا الخبر من عدمه لا أُعطي جزما لكني أنقله على عُهدة المواقع الإخبارية العربية الموثوقة .


النقد لحواء الميتوكوندريا :-

يرى الكثيرون أن حواء الميتوكوندريا تُمثل إرباكا شديدا خاصة في جانب حساب عمر الجنس البشري باستخدام الساعة الجزيئية

فمثلا هنري جي المحرر بجريدة nature وهو عالم بيولوجي تطوري يرى أن أبحاث حواء الميتوكوندريا بخصوص عمر الجنس البشري لا مكان لها إلا في سلة المهملات

http://en.wikipedia.org/wiki/Henry_Gee

في حين يرى آلان تملبتون Alan Templeton عالم الأحياء بجامعة واشنطون أنه اعتمادا على أبحاث الدي إن ايه DNA يستحيل اعتماد تاريخ للجنس البشري وأن أرقام مثل 150 ألف سنة أو 60 ألف سنة كلها محض خرافات

http://en.wikipedia.org/wiki/Alan_Templeton


الرد على النقد :-

يتفق الفريقان الداعمون لحواء الميتوكوندريا والناقدون لها أن جميع البشر الآن على وجه الأرض لهم أُم واحدة أطلقوا عليها إصطلاحا حواء الميتوكوندريا وأب واحد أطلقوا عليه اصطلاحا آدم كروموسوم Y هذه مسألة يتفق عليها الفريقان وهي حتمية رياضية .. لكن النزاع الحقيقي هو في استخدام الساعة الجزيئية وحساب العمر خاصة في مسألة لم تُحسم بعد وهي DNA mutation sequences

لكن بعيدا عن هذه المشكلة تصبح مسألة حواء الميتوكوندريا ضربة أُخرى توجه لداروين ولأصول نظريته ورؤيته للعالم وكتاباته التي تُمثل قمة في العنصرية العلمية واحتقار البشر وتصنيف الأعراق البشرية على أنهم أنواع متباينة من الحيوانات البشرية واستخدام حُجج بلهاء في تصنيف البشر مثل شكل القمل الذي يسكن شعر الأعراق البشرية واختلاف ليونة هذا القمل"


تلخيص الكلام السابق أن هناك فحصاً اسمه فحص الميتوكندريا وهي شيء في الجينات خاص بالنساء أثبت أن جميع نساء الدنيا يرجعن لامرأة واحدة قد تكون حواء التي في الكتب الدينية


وهذا الفحص لا يمكن أن يحدد علاقة الرجال بهذه المرأة فإنه فحص خاص بالنساء


وفي مقابل فحص الميتوكندريا هناك فحص اسمه فحص الرايبوسوم رجوع جميع الرجال لرجل واحد فقط ولكنه متأخر عن هذه الأنثى وهذا الرجل قد يكون نوح فالآثار تقول أن كل البشر منه وهم سموه (آدم رايبوسوم ) ولا يعني هذا أنه آدم آدم بل هو أقدم بشر وجدوه واكتشفوا أن جميع البشر يرجعون إليه


فما النتائج المترتبة على هذا


النتيجة الأولى : هذه الحواء لا بد أن يكون لها زوج فهي ليست كمريم تلد من غير زوج وهنا تكون المعضلة على طارح السؤال السابق ( من أين جاء هذا التنوع )؟ وهنا يظهر تناقض القوم فأطروحتهم الآن ترد على الذي يقدسونه ولا يمكن أن يقولوا أن هذه المرأة تزوجها آدمون كثر جداً من كل عرق وكل واحد أنجب وذهب إلى مكان معين من الأرض فهذا احتمال بعيد جداً جداً ولا زلنا نبقى أمام معضلة رجوعهم إلى رجل وامرأة


ولا يمكن أن يقال في آدم رايبوسوم مثل هذا الكلام أيضاً

الاكتشاف قبل الأخير : سقوط شجرة دارون 
 تعتبر شجرة الحياة التطورية والتي تبدأ من خلية واحدة وتنتهي أطرافها بجميع مظاهر الحياة النباتية والحيوانية المعروفة على الأرض اليوم ركنًا في المشروع التطوّري؛ إذ لا يستقيم القول بالتطور وامتناع الخلق الخاص إلا بربط جميع الكائنات الحية بترتيب تطوري واحد، ولكنّ الدراسات الجينية الأحدث هدمت هذه الشجرة المزعومة، ولذلك كتب أحد المحررين العلميين في المجلة العلمية الشهيرة (New Scientist ): "يرى العديد من البيولوجيين الآن أن مفهوم شجرة [الحياة] عفا عليه الزمن، ويجب أن يتم تجاهله" "Many biologists now argue that the tree concept is obsolete and needs to be discarded" ثم نقل قول عالم البيولوجيا التطوري (Eric Bapteste): "نحن لا نملك أي حجة على أنّ شجرة الحياة حقيقةٌ". (Graham Lawton, "Why Darwin was wrong about the tree of life," New Scientist (January 21, 2009) ).

    


الاكتشاف الأخير : وهناك اكتشافات كثيرة ولكنني أحاول الاختصار وهي مسألة التصميم الذكي

وقد اختير لها هذا الاسم لكي تخرج من شبهة الميل للتدين التي هي تهمة فبدلاً من أن يقولوا ( خلق ) قالوا تصميم ذكي وفكرة التصميم الذكي جاءت من دارون نفسه ! وهذا لطيف فإن دارون قال إذا وجد عضو معقد لا يمكن أن يكون تطور عبر السنين بتغيرات طفيفة فإن نظريتي تنهار تماماً

ومن هنا جاءت فكرة التعقيد غير القابل للاختزال ومعناه أننا نذكر بعض الأعضاء التي تكون متكونة من عدة أجزاء وفقدان جزء واحد منها يجعلها لا تعمل فيفهم أنها جاءت كلها دفعة واحدة وهذا يخالف جوهر التطور المعتمد على التغيرات الطفيفة عبر ملايين السنين لتفسير ما قد يبدو مصمماً أو مخلوقاً

انتدب مايكي بيهي للانتصار للتعقيد غير القابل للاختزال _ مع كونه لا يعارض التطور بشكل كلي _وضرب عليه عدة أمثلة من أقواها السوط البكتيري وهو شيء في الخلية يبدو كأنه موتور متكون من 45 قطعة تعمل معاً ولو فقدت قطعة فالسوط لا يعمل رد عليه تطورويون بأن هذه القطع ربما تكون مأخوذة من أعضاء أخرى فقام بعض الباحثين بالنظر في هذه الدعوى فوجدها فعلاً تنطبق على 15 قطعة ولكن البقية لا ينطبق عليها هذا ثم إن السؤال كيف تركبت وكيف علم العدد الكافي من القطع كلها موحية بالتصميم

ويذكر أن بيهي تعرض لمحاكمة بسبب تدريسه للتصميم الذكي وحكمت عليه المحكمة بالإدانة ( هذا في بلد الحريات المزعومة ) واحتج عليه مخالفوه بالجين الخردة الذي ثبت أنها حجة داحضة لذا كتب كتاباً أسماه إعادة المحاكمة وقد حكم القاضي عليه بالإدانة لأنه أدخل الدين على العلم ( علماً بأنه ليس نصرانياً وليس له دين ) وهذا يخالف دستور الدولة في فصل الدين عن الدولة بما في ذلك المناهج الدراسية !

على أن التصميم الذكي صار يدرس في بعض الولايات فيما بعد ، والناس في أمريكا الغالب عليهم الميل للنصرانية لهذا يتلقون كتابات بيهي وماير بشغف وتحقق مبيعات كبيرة وهذا بخلاف الفكرة التي يظنها كثير من العرب عنهم علماً أن تعداد الشعب الأمريكي يفوق تعداد الشعوب العربية كلها مجتمعة ولكن الإلحاد هناك قوي أيضاً خصوصاً في المؤسسات العلمية

 يقول البروفيسور الألماني ألبرت فليشمان أستاذ التشريح المقارن بجامعة إرلنغن نورنبيرغ بألمانيا :

" نظرية التطور تعاني من عيوب خطيرة،و التي تصبح واضحة أكثر فأكثر بمرور الوقت،لم تعد تتلاءم مع المعرفة العلمية التطبيقية،و ليست كافية لإستيعابنا النظري للحقائق.النظرية الداروينية للسلف لا تملك دليلا واحدا يثبتها في الطبيعة،إنها ليست نتيجة للبحث العلمي،و إنما إنتاج خيالي خالص..!"

The theory of evolution suffers from grave defects, which are becoming more and more apparent as time advances. It can no longer square with practical scientific
knowledge, nor does it suffice for our theoretical grasp of the facts. The Darwinian theory of descent has not a single fact to confirm it in the realm of nature. It is not the result of scientific research, but purely the product of imagination !!!
مصادر :
Fleishman, Albert, Victoria Institute, Vol. 65, p. 194, 195.

Chapter II Vol. VIII of "The Fundamentals, A Testimony to the Truth", p. 29.

Vol. 3 of "The Fundamentals, A Testimony to Truth", ed. George M. Marsden, Garland Publishing, 1988


 .

وفي هذا السياق أنا أعطيتك فكرة عن الصراع بين النصرانية والعلمويين وليعلم أن كثيراً من النصارى يؤمنون بالتطور ويخلطون بينه وبين الإيمان بكتابهم المقدس ( وهذا شبه مستحيل ) اعتماداً على البراهين الآنفة ، ومنهم من لا يهمه أمر التطور لكثرة الجدل حوله ويعول في إيمانه على فطرة التدين في الناس وأن النصرانية هي الخيار الذي أمامه ، ومنهم من يهاجم التطور بقوة وينتصر للتصميم الذكي وسواءاً كان هذا أو ذاك نظرية التطور ظنية وتعصف بها العواصف الشديدة فبناء عقيدة عليها خطير جداً وكل النقاط التي يحتج بها المؤمنون من العلم الاتفاق عليها أكبر من الاتفاق على التطور، وقد طور الفيلسوف النصراني بلاتينجا حجة تقول إذا كان التطور حقاً فهو ينقض نفسه لأن كون أفكارنا مجرد تفاعلات كيميائية يجعلها خارج محل الثقة فكيف نثق بتفاعلات كيميائية وهذه الوسوسة أخذها من بعض رسائل دارون نفسه الذي وصل به التشكك إلى هذا الحد ولك أن تدرك خطورة سيطرة مثل هذه الأفكار على المرء وكيف يمكن أن تحول حياته إلى جحيم مطبق ، ثم إن مثل هذا القول يقتضي عدم حرية الإرادة ولهذا لما سئل دوكنز عن هذا الأمر وأشار إلى عدم حرية الإرادة شعر كراوس بالحرج وقال أن هذه مسألة يبحثها الفلاسفة وهذا هروب ويناقض فكره العلموي الذي لا يعترف إلا بالعلم التجريبي والفلاسفة يبحثون بحسب المعطيات التي توفرونها لهم على أنها حقائق

وهنا عدة تنبيهات
الأول : أن الخلاف بين التطوريين والخلقيين من أنصار التصميم الذكي يتطلب من الملحد أن يذم الجميع كما يفعل مع أهل الأديان في خلافاتهم علماً أن الأديان قليلة والباقي فلسفات فالأديان الموجودة وتدعي الاتصال بالخالق الإسلام واليهودية والنصرانية والهندوسية ثم إن اليهودية لا تقبل غير الإسرائيلي والهندوسية ليست مبرهنة فبقي الصراع بين الإسلام والنصرانية

التنبيه الثاني : لم أذكر مبرهنة غودل ولا اكتشافات مايكل كريمو ولا الاكتشاف الذي يقول أن البشر والديناصورات عاشوا في زمن واحد( خلافاً لدعاوى التطور ) ولا التشكيكات في الحساب الكربوني وهذه كلها نقاط إضافية يمكن تضاف للحوار النصراني

العلموي

الثالث : أن قمع من يخالف السائد عند العلمويين صار حقيقة لا يمكن إنكارها يذكرها مايكل كريمو وجون لينكس وأعضاء معهد ديسكفري وذكرها صاحب كتاب تحرير من الأوهام وأن مخالفة السائد يجعل منحتك محل تساؤل وكذا ذكر هذا صاحب كتاب إيمان فاقد الأب أضف إلى ذلك فيلم لا يسمح بالذكاء وبناءاً عليه التحاكم للسلطة في هذا ودعاوى الإجماعات محض مغالطة

التنبيه الثالث : احتج جون لينكس على أن المنهج الحديث للعلم الذي يستبعد ما فوق الطبيعة منهج مغالط بأن نيوتن نفسه كان يذكر الله عز وجل في عدد من اكتشافاته وكذا أينشتاين بل ذكر حقائق عن كون العلم التجريبي وليد النظرة التوحيدية التي كانت عند أتباع موسى قبل اليونان وذكر حقائق في ذلك فلتراجع

لو لخصنا ما يؤمن به الملحدون العلمويون لكان ما يلي

1_ الصدفة الفاعلة

2_ مليارات الأكوان الموازية

3_ الكائنات الفضائية

4_ الطفرات النافعة التي تحول الديناصورات إلى طيور والدودة الشريطية إلى بشر على مر ملايين السنين

وأيضاً هم يؤمنون بكويكب ارتطم بالأرض فدمر الديناصورات ! والعجيب أنه لم يدمر الكائنات الأضعف وهم مع ذلك يسخرون من طوفان نوح

فهم هربوا من إيمان إلى إيمان في واقع الأمر

وأما الإلحاد الثاني الذي تواجهه النصرانية فهو الإلحاد العاطفي والذي يدعي أن الدين سبب الحروب والشرور

وهذا يستخدمه دوكنز ويردون عليه بسخرية يبدو أنك لم تسمع بالقرن العشرين والقرون العشرون أكثر القرون البشرية دموية مع كون عامة الحروب فيه ليست لأسباب دينية

وفي الواقع هذه مغالطة كبرى فالحروب لا يكون جميع الناس فيها مذنبون فربما يكون طرف باغ وطرف مبغي عليه

قال الله تعالى : (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)

وقد حصل قريب من هذا عندما حكم الاتحاد السوفييتي ودمر كل دور العبادة التابعة لأي دين لأنهم شيوعيون

وقال تعالى : (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا)

المسلمون استضعفوا خمسة عشر عاماً ثم فرض الجهاد لرفض هذا الاستضعاف

ودول هؤلاء التي يعيشون فيها بنيت على حروب لا أخلاقية ولا علاقة لها بدينهم الذي يتدينون به

ثم إن الناس كانوا عاهدوا معاهدات سلام كانت هذه المعاهدات مبنية على تدينهم فكل يقسم بإلهه ألا ينقض

والنصارى احتجوا عليهم بأن نظرية التطور تلخص الوجود بأنه البقاء للأقوى وهذا يبرر الحروب بقوة وفعلاً استخدمها غير واحد لهذا المعنى

ثم إن وجود الشر في العالم يقتضي وجود يوم آخر يحاسب فيه الناس فلو كان لا يوجد هذا فيا لضيعة الضعفاء ويا لسعد الظالمين الفجرة

وإذا كان البشر مجرد تفاعلات كيميائية فما قيمة حياتهم ولماذا لا يكون غلبة القوي على الضعيف من منطلق الجين الأناني وأكل الأسد للغزال !

وقد احتج بهذه الحجة حاخام يهودي على المهرج الملحد كريستوفر هيتشز فأصابه إحراج شديد فنظرية التطور التي يستخدمونها تخدم التوجه المادي المناقض للتوجه الإنساني الذي يدعونه وعلى هذا التناقض لعب النصارى الغربيون

والإلحاد الفلسفي يعتمد على معضلة الشر وهو لماذا الشر موجود في العالم

وهذه معضلة بعضهم يعترف أنه لا حل عنده لها ، وكما قال بعض السلف القدر أبا جاد الزندقة

والجواب الإسلامي جاهز بأن الشر موجود للاختبار وأنه لولا الشر لما عرفت قيمة الخير فلولا المرض لما عرفت السلامة ولولا المرارة لما عرفت قيمة الحلاوة

قال الله تعالى ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة ) ثم إن وجود الشر ضروري لمعرفة ضرورة اليوم الآخر ووجود الشر ضروري لاستتمام الاختيار للإنسان ثم إن كثيراً مما يراه الإنسان شرا يكون خيراً بالمآل وقصة موسى والخضر عمدة في ذلك والعكس وهذه حكمة الباري العظيمة

والمرء منهم اليوم لو جاء يكتب رواية فلن تكون خالية من المشاكل والشرور وإلا كانت باهتة فهو يحاكي ما يرى في الدنيا من صنع الله فتأمل

وهناك حكم كثيرة في هذا بسطها ابن القيم في شفاء العليل

وبعضهم يذكر نار جهنم وكيف أن عذابها مروع وكأن الله عز وجل أجبره على دخولها وكأن الله عز وجل لم يجعل في مقابلها النعيم الأبدي فلو تأمل في هاتين النقطتين مع كون الحسنة بعشر أمثالها والسيئة مثلها وكل صور الرحمة والتيسير في الشرائع لرأى أنه يقول كلاماً فارغاً وأما النصارى فيستطعفون الناس بقصة أن الله ضحى بنفسه أو ولده من أجل خطيئة البشر

ومن مرجحات الإيمان عند كثير من النصارى مع ما يجدونه من مشاكل في دينهم

1_ أنه يجعل للحياة معنى إذا عرفت سبب وجودك هنا وإلى أين أنت ذاهب

2_ عدم وجود منظومة أخلاقية معتبرة عند الملحدين فهم يرجعون الأمر للقانون بسخف ظاهر فمراعاة مشاعر الناس والإخلاص لزوجك والصدقة وبر الوالدين وعدم سرقة إنجازات الآخرين وعدم الافتراء على الخصوم وإذا كان كثيرون يؤمنون بسخط الله عليهم إن فعلوها ومع ذلك هي موجودة بكثرة في العالم فكيف لو اختفى هذا الإيمان  وغيرها كثير جداً لا يحاسبك عليها القانون وأيضاً البعد عن الكذب ومعلوم مع فعله الألماني ارنست هيكل حين زور رسومات الجنين انتصار للداروينية وما فعلته قائدة في منظمة إلحادية أمريكية من سرقة المنظمة وقام أحد أعضاء المنظمة بقتلها ، وتصريحات لورانس حول زنا المحارم ودوكنز حول الخيانة الزوجية وتبريرها والتحرش بالأطفال وغيرها من الأمور المقززة وكون دارون تأثر بمالتوس في نظريته ومالتوس يقرر أن الحروب والمجاعات أمر صحي للبقاء فيهلك أناس ليحيا آخرون ( وعجيب أنهم مع هذا الأمر يعترضون على الله في وجود الشر في العالم )

3_ إدراكهم أن الأمر إيمان عند الطرفين والإيمان الديني هو الأحوط

4_ وجود خوارق العادات أو ما يسمونها بالمعجزات خصوصاً ما يتعلق بالرؤى أو ما يدعيه بعض القساوسة أو المشعبذين وأمور التخاطر وغيرها مما يبين قصور العلم الحديث عن إدراك الأمور ووجود تفسيرات دينية لهذا

5_ فطرة التدين عند الناس

وأما الاعتراضات التي يقدمها الملاحدة على عدد من التشريعات كالختان في اليهودية أو ذم اللوطيين عند النصارى فهذه من يؤمن منهم بالنصوص المقدسة يقول الله منحنا هذه الحياة وله التصرف بها وينتهي الأمر ومثل هذه الشبهات لا تؤثر في كثيرين ، ودعوى مخالفة بعض الكشوف لما في الكتاب المقدس فمنهم من يقف على الحياد ومنهم يعترف بتحريف الكتاب المقدس ولكنه يبقى مؤمنا بالنصرانية ومنهم من يشكك في المعطيات العلمية وأنها غير قطعية في هذا وفعلاً كثير من المعطيات تكون محل شك عند التعمق في البحث ولكنهم لا يتركون تلك القطعيات الفلسفية في نظرهم التي تقدمت فيما مضى ليعول على شيء مشكوك فيه خصوصاً أن العلم في جوهره يدل على انتظام هذا الكون وإلا لما أمكنت دراسته وهذا يشير للخالق

ولكن النصرانية فيها مجموعة نقاط ضعف جعلت للإلحاد متنفساً

الأول : غموض عقيدة التثليث وتكفير النصارى بعضهم لبعض بسببها

الثاني : هجران النصارى لشريعتهم بل إنكارهم على المسلمين أموراً كانت تفعل في أسفارهم المقدسة من قبل الأنبياء كتعدد الزوجات ورجم الزواني واللوطية

الثالث : فقدان أصل الكتاب المقدس وعدم وجود إسناد

الرابع : عدم وجود شريعة حية تضمن حماية الدين كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد والعقوبات بل مع الأسف النصرانيات يتزوجن الملحدين والعكس بالعكس دون أدنى مفاصلة تضيق على الفكر الضال داخل المجتمع مما أدى إلى كون النصرانية هشة أمام المكائد الإلحادية وأمام الإلحاد السياسي المتمثل بالعلمانية حتى خضعوا لها وصارت تفرض على أبنائهم دراسة النظريات التي تخالف دينهم وهم ضعفاء لا يصنعون شيئاً بل بلغ الأمر بهم إلى تبني زواج اللوطيين ( المثليين ) 

الخامس : كثرة المحدثات في الملة النصرانية فكثير من أعيادهم ومناسباتهم وطقوسهم لا أصل لها في كتبهم المقدسة

السادس : عدم التزامهم بما في كتبهم فيما يتعلق بأحكام النساء من الحجاب وغيره فانتفحت الشهوانيات وصارت بوابة الكفر حتى قال هكسلي أن السبب لاختيارهم الانتخاب الطبيعي _ يعني نظرية دارون للتطور _على غيره هو تدخل الله في عاداتهم الجنسية .

السابع : أن النصراني إذا تدين بشكل كامل ينبغي أن يترهبن ولهذا بروتستانتية مارتن لوثر لاقت قبولاً ورواجاً لمعارضتها هذه الأمور

الثامن : مس الوثنية الذي دخل على النصرانية مع التشبيه الذي في عقيدتهم

التاسع : نسبتهم للأنبياء أموراً مشينة في كتابهم المقدس

العاشر : عدم وجود شريعة واضحة عندهم ( يعني فقه مفصل يدخل في كل نواحي الحياة كما في الإسلام ) لهذا تجدهم في زمن يصيرون أهل حروب وهجوم على الناس وفي زمن يصيرون ضعفاء ومنكسرين إلى درجة أن انتقادات نيتشة وجيفارا عليهم عكس انتقادات دوكنز تماماً فهم يذمون النصرانية لضعفها وعدم قوتها في الحروب ! وفي زمن يتسامحون مع النظريات العلمية ويحرفون الكتاب المقدس من أجلها وفي زمن يحرقون من يخالف الكتاب المقدس ( علماً أن جاليليو لم يحرق فهذه قصة غير حقيقية ) 

الحادي عشر : صعوبة نظام النكاح والطلاق في النصرانية 

وهناك عوامل أخرى كثيرة ولهذا الحرب ستبقى مستعرة بين الفريقين والآن الأمر وصل إلى عودة النصارى إلى المشهد بعدما كانوا يظنون أنهم انسحقوا تماماً نعم هم في أوروبا ضعفاء ولكن في أمريكا لهم قوة وسلطان

ويلاحظ أن كل ما ذكرته من الحجج التي يستخدمونها هي مبنية على الأسلوب الإفحامي لأن الطرف الآخر يسفسط وإلا فالحق بيانه أهون من هذا بكثير جداً فنظرة في السماوات والأرض كافية لإدراك الأمر وقد كان الإسلام ينتشر في أوروبا وأمريكا بشكل جيد مقارنة مع الحملة السلبية عليه ولم نكن مضطرين للكلام في ميكانيكا الكم والتطور حتى فجأة ظهرت هذه الحملة التي تسمى الإلحاد الجديد وواضح أن لها دعماً خارجياً وأنها لا تقودها القناعات بقدر ما تقودها السياسات وإن سألتني عن الإلحاد العربي فسأقول لك

أنه من أعظم الخزي الذي لحق بالنصارى والنصيرية واليهود العرب أن يضطروا للتنكر بمعرفات إلحادية لمهاجمة الإسلام فلا برهان أقوى على قوة الدين من هذا

الثاني : يلاحظ عليهم أنهم ملحدون أكثر من أئمتهم الغربيين فمثلاً تجد دوكنز وهوكنج يقولان الإله قد يكون موجوداً وتجد الملحد العربي يجزم بعدم وجوده ، وتجد لورانس حين يتكلم عن الأكوان المتعددة يستخدم ألفاظاً احترازية تظهر تردده وحتى وايزنبرغ بيد أنك من الممكن أن تجد ملحداً عربياً يجزم بوجود هذه الأكوان بل بعض المنتسبين للإسلام أيضاً ، وتجد دوكنز يقول بأنه لا يعلم من أين جاء أصل الحياة وتجد الملحد العربي يتكلم عن التولد الذاتي الذي كان بعض كبار الدكاترة الذي كتبوا فيه تراجعوا عنه

والعجيب أن المرء منهم تجده عضو دائم في منتديات الرافضة والنصارى يجمع شبهات منها

والأعجب أن أحدهم يدعي أن سبب إلحاده حديث نبوي معين ، فهو كان عنده أدلة على وجود الله وعلى صحة النبوة ثم حديث واحد وليس آية في القرآن هدم كل هذا ( تبا للعقول الصدئة ) أو الذي يدعي أن سبب إلحاده سوء معاملة بعض المتدينين ! فهو يقول أنا صاحب هوى أعاند البراهين عناداً بهذا المتدين الذي كرهته ! ، وتجد أن الملاحدة أنفسهم في الغرب لا يكاد أحد منهم يؤمن بأزلية الكون وبعض الملاحدة العرب يدعو لهذا

ويبقى أمر نهائي وهو أنه ظهر شيء اسمه الربوبية أو اللادينية وهي تعني الإيمان بوجود إله ولكن هذا الإله ترك الكون وذهب يعني كل هذه المواهب المخلوقة في البشر وكل هذا الضبط ليبقى الشر ينخر في هذا العالم دون بينات أو حساب أو عقاب وهذه الفكرة من بعض الأوجه أسوأ من الإلحاد على أنه أكثر عقلانية من الإلحاد من بعض الأوجه فكل أدلة الإلحاد أو ما يؤمنون به لا ينفي وجود إله بشكل قطعي بل ولا جزئي حتى

وقد اعترف نيل ديغراس تايسون أن 40% من العلماء التجريبيين الأمريكيين يؤمنون بوجود إله ( هذا مع العلم أن الإشارة للإله ممنوعة وهناك نظريات تدعم بعض أطروحات الإلحاد تدرس ونظريات إيمانية كالتصميم الذكي تحارب ) حتى أن صاحب كتاب إيمان فاقد الأب قال بأنه صار ملحداً مسايرة للمجتمع في زمنه ثم إنه عاد للنصرانية بقوة بعدما اكتشف زيف الإلحاد

ومما تقدم نعلم أن الإسلام هو المنقذ في هذا الصراع ، ولكنه في الغرب يتعرض لحملات تشويه ممنهجة

وأنا هنا فقط أعطيتك فكرة عن هذا الأمر وإلى اليوم ستجد الكثير من المناظرات والحوارات تنعقد وكلها تدور حول المواضيع أعلاه فالحمد لله الذي لم يجعلنا في حيرة بين ضلالتين تلك منة عظيمة
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي