مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: التنبيه على دعاء ينسبه المغامسي للحسن البصري ...

التنبيه على دعاء ينسبه المغامسي للحسن البصري ...



أما بعد :
 

فيشيع الداعية صالح المغامسي هذه القصة وهي أن الحسن البصري رحمه الله قام في الناس خطيباً فأغلظ القول في الحجاج فدعاه الحجاج وقد أعد السيف والنطع ( يعني أراد قتله ) فلما دخل الحسن عليه حرك شفتيه بكلمات فلما رآه الحجاج هش له وبش وأحسن معه القول وسأله مسائل ( أنا أختصر القصة من الذاكرة ) فلما خرج الحسن أوقفه الحارس فقال له والله إنك لتعلم أن الحجاج ما دعاك ليكرمك وإني رأيتك حركت شفتيك بكلمات فما قلت فقال الحسن قلت : اللهم ياوليّ نعمتي وياملاذي عند كربتي اجعل نقمته علي برداً وسلاماً علي كما جعلت النار برداً وسلاما على إبراهيم .

ثم إن المغامسي لم يكتفِ بنسبة هذا الدعاء للحسن البصري بل صار يعلمه للناس عند كل ضيق وكربة حتى فشا فيهم بهذه الصيغة والتي هو صاغها

اللهم ياوليّ نعمتي وياملاذي عند كربتي أجعل ماأخافه وأحذره برداً وسلاماً علي كما جعلت النار برداً وسلاما على إبراهيم.

وأقول :

أولاً : لا شك أن أمر الدعاء واسع وليس محلاً للتضييق غير أن أولى ما دعي به الوارد في القرآن والسنة وفي الآثار عن الصحابة والتابعين وأعيان الصالحين

ثانياً : قد كان لي تجربة في جمع آثار الحسن البصري رحمه الله تعالى ولما سمعت القصة استغربتها إذ لأول مرة أسمعها ثم إنها لا تناسب ما أعلمه من حال الحسن مع الحجاج فالحسن وإن كان سيء الرأي في الحجاج إلا أنه كان يتقي شره بحكمة

وقد وجدت علياً القرني يذكر هذه القصة أيضاً

والواقع أنها لا أصل لها عن الحسن أبداً ولا أصل لهذا الدعاء عن الحسن أو أي أحد من السلف وقد وردت أدعية بلفظ ( يا ولي نعمتي ) ولكن ما بعدها لم أجد له شاهداً

والقصة الأصل عن الحسن جاءت بصيغة مختلف

المنتقى من مسموعات مرو للضياء المقدسي - مخطوط (ن) (1 / 18):
23- أخبرنا أبو الفضل محمد بن محمد بن أحمد بن سعيد الطرواخي، ثنا أبو الحارث علي بن القاسم بن أحمد الخطابي ببخارى، ثنا محمد بن عمر، أنبأ نصر بن حاجب، أنبأ أبو غانم، عن حوشب، عن الحسن: أنه لما دخل على الحجاج فأراد قتله دعا بهذا الدعاء فأنجاه الله تعالى: يا عدتي عند شدتي ويا صاحبي عند وحدتي ويا ولي نعمتي ويا إلهي وإله آبائي من قبل إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب أغثني يا رب بحق كهيعص ويا رب طه ويس والقرآن الحكيم ارزقني رأفة الرجل وعطفه واصرف عني أذاه ومعرته.


وتلاحظ أن الدعاء مختلف تماماً وأبو غانم هذا ما عرفته ومحمد بن عمر هو الواقدي كذاب والراوي عنه لم أعرفه مع أنني رأيت له في الكتب عدداً من المرويات والخبر غريب غاية الغرابة وشيخ الضياء أيضاً غير معروف وإن وصفه بالفقيه والخبر فيه ( بحق كهيعص ) ويا رب ( طه ويس ) وهذه ألفاظ غريبة جداً

قال البيهقي في الشعب 1055 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَبَانَةَ الْهَمْدَانِيُّ بِهَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: لَمَّا أَخَذَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ وَأَمَرَ بِهِ إِلَى السِّجْنِ مَرَّ بِحَائِطٍ مَكْتُوبٍ عَلَيْهِ: " يَا وَلِيَّ نِعْمَتِي، وَيَا صَاحِبِي فِي وَ‍حْدَتِي، وَعُدَّتِي فِي كُرْبَتِي فَلَمْ يَزَلْ يَدْعُو بِهَا حَتَّى خَلَّى سَبِيلَهُ ثُمَّ مَرَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا مَكْتُوبًا "

وعبد الرحمن بن الحسن كذاب وهذه قصة مختلفة في شخصياتها وفي صيغتها هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي