أما
بعد :
فهذا
مقال من ضمن مقالات كثيرة في الذب عن الحديث وأهله ولا بد من بيان الانحياز من الطاعنين
ضد الصحابة والحديث فهم أصلاً ليسوا باحثين منصفين وإنما هم نتاج انهزام فكري أو تجنيد
من أطراف مبغضة للدين وأهله ولهم وسائل يتدرجون بها
باستغلال
بعض الحالات الشاذة في التراث لتشكيك الناس في العلم وأهله
وكما
يقول اليهودي النمساوي الذي أسلم محمد أسد أن سبب الطعن في السنة أنها الحيز الذي يحمي
الناس من التغريب
وفعلاً
فهم بعد إلغاء السنة يفسرون القرآن تفاسير عجيبة بعقولهم المريضة
فتجد
المرء منهم كعدنان إبراهيم تارة ينكر ما يسمى بالإعجاز العلمي ، ثم تجده يحمل آيات
القرآن على نظرية التطور !
وتارة
تجدهم يحتجون بإجماع علمي مزعوم على قبول نظرية التطور أو أي نظرية أخرى مع تجاهل أن
هذا الإجماع ليس حجة حتى عند أهله فهم يعتبرون العلم متغيراً وهي قابلة للدحض وعدمه
بحسب المعطيات الجديدة ثم يجعلون هذا الخيال حاكماً على الإجماع الشرعي القطعي على
مر العصور أن آدم أبو البشر
فانظر
كيف قدموا الظني على القطعي ؟
وحين
يتكلمون على الشرعيات يسفهون علماء الشرع وإجماعاتهم حتى المسائل التي اتفق عليها أهل
الكلام وأهل التصوف وأهل الحديث والفلاسفة الإسلاميين كحد الرجم ونزول عيسى وأولية
آدم وتجدهم يبحثون عن أي توهم مخالفة أو شذوذ من أي شخص ليتشبثوا به
وإذا
تكلموا عن بعض النظريات تراهم يعظمون الجمهور من الطبائعيين المعاصرين مع كثرة اختلافهم
واضطرابهم بل النظريات التي يسوقونها لك سوق المسلمات هي محل خلاف شديد ولا تخلو من
مصاعب وإشكاليات هم أنفسهم يعترفون بها ولبسط هذا موضع آخر وإنما يرونها التفسير الأنسب
لإشباع فضولهم بعيداً عن الاعتراف بالمعجزات ( الآيات )
وكل
ما يفعله أدعياء التنوير اليوم أنهم كفروا بالقرآن والسنة وآمنوا بمواثيق الأمم المتحدة
!
وأسقطوا
حدود الله وتمسكوا بحدود سايكس وبيكو
وتركوا
اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وصاروا يتبعون الرجل الأبيض
وزهدوا
بجنة الخلد وطلبوا جنةً ممن سرق ثرواتهم وشوه وعيهم وهيهات هيهات
وجعلوا
شغلهم الشاغل إغاضة أهل الإيمان وطلب رضا أهل الكفر ولا يدرون أن الرجل الأبيض بمتقضى
عقيدة ( التطور ) يرى أن تفوقه عليهم حتمية جينية وأن محلهم خلفه لا إلى جانبه
وفي
هذا المقال سألفت النظر إلى خلل منهجي واضح عند القوم وهو حصر الخيارات فيكون هناك
عدة خيارات فيختارون الأسوأ والأقرب للطعن في السنة عندهم ولنأخذ هذا المثال
قال
مسلم في صحيحه 7155- [27-2789] حَدَّثَنِي سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ ، وَهَارُونُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ
جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ
، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَافِعٍ ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
، قَالَ : أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَقَالَ
: خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ ، وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ
يَوْمَ الأَحَدِ ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ
يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ
يَوْمَ الْخَمِيسِ ، وَخَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ
الْجُمُعَةِ ، فِي آخِرِ الْخَلْقِ ، فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ
، فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ.
7156-
قَالَ إِبْرَاهِيمُ (1) : حَدَّثَنَا الْبِسْطَامِيُّ وَهُوَ الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى
، وَسَهْلُ بْنُ عَمَّارٍ ، وَإِبْرَاهِيمُ ابْنُ بِنْتِ حَفْصٍ وَغَيْرُهُمْ ، عَنْ
حَجَّاجٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ.
هذا
الحديث انفرد به ابن جريج والرواية الأخرى عنه التي فيها ذكر عطاء وهم
وانفرد
به ابن جريج عن إسماعيل عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع عن أبي هريرة
كل
السند انفرادات من ابن جريج فصاعداً فلو حكمنا على أحد بالوهم لشيء استنكرناه في الحديث
فآخر واحد هنا هو أبو هريرة لأنه أعلاهم منزلة
ولكن
الحاقد على الصحابة يفضل الطعن في الصحابي على الطعن في راو مقل للحديث فمثلاً أيوب
بن خالد المنفرد بهذا الحديث ليس له في الكتب الستة إلا حديثين فقط ! وليس له عن عبد
الله بن رافع في كتب الإسلام كلها إلا هذا الحديث !
والحديث
أورده النسائي في الكبرى وحذفه من الصغرى وذكره البزار في المسند المعلل
وقد
بين عدد من الباحثين أنه لا يعارض القرآن لأنه ذكر خلق آدم في أحد الأيام وخلق آدم
خارج عن خلق السماوات والأرض الذي ذكر في القرآن أنه في ستة أيام خلق السماوات والأرض
ولكن التوجيه الأحسن أن هذه الأيام غير الأيام المذكورة في القرآن عن تفاصيل خلق أمور
في الأرض ولا ذكر لخلق السماوات
ولسنا
بصدد الكلام عن هذا الحديث وإنما بصدد بحث هل هو إسرائيلية كما ادعى غير واحد اعتماداً
على ما ذكره البخاري في التاريخ الكبير أن بعضهم رواه عن أبي هريرة عن كعب وهو أصح
فيقال
: الرواية التي أشار إليها البخاري لا وجود لها فيما بين أيدينا من المصادر حتى يتم
الترجيح بدقة ولكن هذا الخبر لو جعلناه متكلماً عن أيام الخلق الستة الذي في القرآن
فإنه يستحيل أن يكون من كلام كعب أو عبد الله بن سلام أو من الإسرائيليات لأنه ورد
عن كعب بسند محتمل أن بدء الخلق كان يوم الأحد وهذا الحديث يذكر أنه السبت وكذا ورد
عن عبد الله بن سلام بل هو نص التوراة !
قال
ابن كثير في البداية والنهاية :" وحكى ابن جرير في أول الايام ثلاثة أقوال، فروى
عن محمد بن اسحاق أنه قال " يقول أهل التوراة ابتدأ الله الخلق يوم الاحد، ويقول
أهل الانجيل: ابتدأ الله الخلق يوم الاثنين، ونقول نحن المسلمون فيما انتهى إلينا عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدأ الله الخلق يوم السبت " وهذا القول الذي حكاه
ابن اسحاق عن المسلمين مال إليه طائفة من الفقهاء من الشافعية، وغيرهم.
وسيأتي
فيه حديث أبي هريرة (خلق الله التربة يوم السبت) والقول بأنه الاحد رواه ابن جرير عن
السدي عن أبي مالك، وأبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود، وعن جماعة من الصحابة
ورواه أيضا عن عبد الله بن سلام، واختاره ابن جرير.
وهو
نص التوراة، ومال إليه طائفة آخرون من الفقهاء.
وهو
أشبه بلفظ الاحد ولهذا كمل الخلق في ستة أيام فكان آخرهن الجمعة فاتخذه المسلمون عيدهم
في الاسبوع وهو اليوم الذي أضل الله عنه أهل الكتاب قبلنا كما سيأتي بيانه ان شاء الله"
فرواية
أبي هريرة هذه مخالفة لما في التوراة على فهمهم
بل
مخالفة للمروي عن كعب الأحبار نفسه
قال
ابن أبي شيبة في المصنف 37125- حَدَّثَنَا
وَكِيعٌ , حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ كَعْبٍ ، قَالَ : بَدَأَ
اللَّهُ تَعَالَى بِخَلْقِ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الأَحَدِ فَالأَحَدُ وَالاِثْنَانِ
وَالثُّلاَثَاءُ وَالأَرْبِعَاءُ وَالْخَمِيسُ وَالْجُمُعَةُ وَجَعَلَ كُلَّ يَوْمٍ
أَلْفَ سَنَةٍ.
فأبو
هريرة في نظرهم يروي المخالف لما في التوراة ولما يروى عن كعب ومع ذلك يتهمونه بالأخذ
عن بني إسرائيل في سياق طعن وليس في سياق بحث علمي نزيه ولا شك أن هذه الرواية المسندة
تقدم على ما ذكره الإمام البخاري ناسباً إياه إلى بعضهم ولا يعرف هذا البعض وطعن شيخه
ابن المديني في الحديث أكثر وجاهة
وأنا
هنا لا أريد الكلام عن هذا الحديث بخصوصه فهو حجة عليهم حتى لو أرادوا الطعن في صحيح
مسلم فإذا كان كلام بعض الحفاظ ببعض الأحاديث التي خرجها مسلم يظنونه حجة لهم فهو عليهم
فذلك دال على أن الأحاديث التي سكتوا عليها وصححوها إنما صححوها وسكتوا عليها عن علم
لا عن تقليد وأن المحدثين عندهم نقد شديد لا يفلت منه إلا الحديث القوي
وهذا
حديث فيه انفراد في خمس طبقات لا يقاس عليه حديث تعددت طرقه وما انتقده أحد بل سكتوا
على تخريجه في الصحيح
ونحن
نراهم يطعنون في المتواترات
غير
أن المقصود هنا بيان الخلل المنهجي عندهم فأبو هريرة حتى لو روى ما يخالف التوراة فهو
آخذ عن بني إسرائيل عندهم ، ولو انفرد عنه أربع طبقات فهو المعصب بالجناية !
ثم
إن هذا الحديث فيه لفظة رويت من عدة طرق صحيحة أخرى وهي خلق آدم يوم الجمعة ولعل مسلماً
أخذ بالحديث على قول ابن إسحاق أن المسلمين يعتقدون بدء الخلق يوم السبت ( والإجماع
الذي نقله غير صحيح فعامة التابعين على خلافه ) أو فسر الحديث بما وجهه بعض الناس ففيه
النهاية نزاع إسنادي متني دقيق بين أئمة لا يقاس عليه ما اتفقوا عليه لقوة أسانيده
وانعدام المعارض أو ضعفه
ونظير
هذا ما روى النسائي 3006 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ
قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ عَنْ
مَيْسَرَةَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
قَالَ كُنْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ بِعَرَفَاتٍ
فَقَالَ مَا لِي لَا أَسْمَعُ النَّاسَ يُلَبُّونَ قُلْتُ يَخَافُونَ مِنْ مُعَاوِيَةَ
فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ فُسْطَاطِهِ فَقَالَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ
لَبَّيْكَ فَإِنَّهُمْ قَدْ تَرَكُوا السُّنَّةَ مِنْ بُغْضِ عَلِيٍّ
فهذا
خبر انفرد به خالد بن مخلد القطواني الشيعي المحترق وهو يرويه عن الكوفيين وقد نصوا
على أنه تؤخذ منه مشيخة المدينة فحسب
ثم
إن هذه مسألة فقهية اشتهر عند كثير من الناس أن يوم عرفات ليس يوم تلبية بل يوم تكبير
حتى أن ابن مسعود الذي مات قبل عثمان وعلي لما لبى وهو ذاهب لعرفات أنكر عليه بعض الناس
قال
أحمد في مسنده 4040- حَدَّثنا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى أَخْبَرَنَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ سَخْبَرَةَ قَالَ غَدَوْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ
بْنِ مَسْعُودٍ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ فَكَانَ يُلَبِّي قَالَ وَكَانَ عَبْدُ
اللهِ رَجُلاً آدَمَ لَهُ ضَفْرَانِ عَلَيْهِ مِسْحَةُ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَاجْتَمَعَ
عَلَيْهِ غَوْغَاءٌ مِنْ غَوْغَاءِ النَّاسِ قَالُوا يَا أَعْرَابِيُّ إِنَّ هَذَا
لَيْسَ يَوْمَ تَلْبِيَةٍ إِنَّمَا هُوَ يَوْمُ تَكْبِيرٍ قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ الْتَفَتَ
إِلَيَّ فَقَالَ أَجَهِلَ النَّاسُ أَمْ نَسُوا وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلى الله
عَليه وسَلم بِالْحَقِّ لَقَدْ خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم
فَمَا تَرَكَ التَّلْبِيَةَ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ إِلاَّ أَنْ يَخْلِطَهَا
بِتَكْبِيرٍ، أَوْ تَهْلِيلٍ.
فهذه
تكون سنة قد خفيت على معاوية أو غيره إن صحت الرواية
وقال
الطحاوي في شرح معاني الآثار 4002 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ
قَالَ: أنا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ
, عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ , فَكَانَ لَا يَزِيدُ عَلَى التَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ
, وَكَانَ إِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ "
وهذه
الرواية على غرابتها يبدو أن لها أصلاً عند الناس في الزمن الأول لهذا أنكر من أنكر
على ابن مسعود لما رآه يلبي وهو ذاهب إلى عرفة
وهذا
كثير ربما يقف المرء على بعض السنة فإذا جاءه شخص بصفة أخرى لا يعرفها ظنها من الإحداث
في الدين فيحمله التدين على إلزام الناس بما علم أنه سنة وهذا الذي كان يحصل بين الناس
في اختلافهم في القراءات والذي من أجله جمع الصحابة الناس على قراءة واحدة
قال
أحمد في مسنده 1475 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ سَعْدًا، سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: لَبَّيْكَ ذَا الْمَعَارِجِ،
فَقَالَ: «إِنَّهُ لَذُو الْمَعَارِجِ، وَلَكِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَقُولُ ذَلِكَ»
وهذه
الصيغة التي أنكرها سعد رويت في حديث جابر أن بعض الناس قالها بين يدي النبي صلى الله
عليه وسلم ولم ينكرها
قال
ابن خزيمة في صحيحه بَابُ إِبَاحَةِ الزِّيَادَةِ فِي التَّلْبِيَةِ: ذَا الْمَعَارِجِ،
وَنَحْوَهَ، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ كَرِهَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَذَكَرَ أَنَّهُمْ لَمْ
يَقُولُوهُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى
أَنَّ مَنْ تَقَدَّمَتْ صُحْبَتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ
أَعْلَمَ، قَدْ كَانَ يَخْفَى عَلَيْهِ الشَّيْءُ مِنْ عِلْمِ الْخَاصَّةِ، فَعَلِمَهُ
مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي السِّنِّ وَالْعِلْمِ؛ لِأَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ مَعَ
مَكَانِهِ مِنَ الْإِسْلَامِ وَالْعِلْمِ وَمَعَ تَقَدُّمِ صُحْبَتِهِ، خَبَّرَ أَنَّهُمْ
لَمْ يَقُولُوا: ذَا الْمَعَارِجِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ دُونَهُ فِي السِّنِّ وَالْعِلْمِ وَالْمَكَانِ مَعَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ أَعْلَمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَزِيدُونَ:
ذَا الْمَعَارِجِ وَنَحْوَهَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمَعُ
لَا يَقُولُ شَيْئًا، فَقَدْ خَفِيَ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مَعَ مَوْضِعِهِ
مِنَ الْإِسْلَامِ وَالْعِلْمِ مَا عَلِمَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.
فهؤلاء
لو كان عندهم ذرة إنصاف لتشككوا في هذه الرواية التي ينفرد بها شيعي خصوصاً مع إقحام
اسم علي في خلاف قديم أصلاً بين الناس ظهر حتى قبل أن يموت عثمان وهو خلاف فقهي له
نظائر كثيرة وإلا معاوية لم يكن يدفع الحق إن كان من طريق علي
قال
عبد الرزاق في المصنف 17915 - عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَالثَّوْرِيِّ، قَالَا: أَخْبَرَنَا
يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ
أَهْلِ الشَّامِ يُدْعَى جُبَيْرًا، وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ، أَوْ
قَتَلَهُمَا، قَالَ الثَّوْرِيُّ: فَقَتَلَهُ، وَإِنَّ مُعَاوِيَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ،
أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِيهِ، فَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ،
أَنْ يَسْأَلَ لَهُ عَلِيًّا عَنْ ذَلِكَ، فَسَأَلَ عَلِيًّا؟ فَقَالَ: مَا هَذَا بِبِلَادِنَا؟
لَتُخْبِرَنِّي، فَقَالَ: إِنَّهُ كَتَبَ إِلَيَّ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ فَقَالَ:
أَنَا أَبُو حَسَنٍ الْقَرْمُ «يُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِأَرْبَعَةِ
شُهَدَاءَ»
وهذا
صحيح ولو كان معاوية كما يصورون لفضل أن يقضي فيها برأيه على أن يسأل علياً
هذا وصل اللهم على محمد
وعلى آله وصحبه وسلم