مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: فكيف لو رأى ابن عباس ما أحدث الناس ؟

فكيف لو رأى ابن عباس ما أحدث الناس ؟



أما بعد :

 
قال أبو داود في سننه 2021 - حدَّثنا عمرُو بنُ عونٍ، حدَّثنا خالد، عن حُميد، عن بكرِ بنِ عبدِ الله قال:
قال رجلٌ لابنِ عباسِ: ما بالُ أهْلِ هذا البيتِ يَسْقُونَ النبيذَ، وبنو عمهم يَسْقُونَ اللبنَ والعسلَ والسَّويقَ؟ أبخلٌ بِهم أمْ حاجةٌ؟ قال ابنُ عباس: ما بنا مِن بُخل ولا بنا مِن حاجةٍ، ولكن دخلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - على راحلتِه وخلفَه أُسامةُ بنُ زيدٍ، فدعا رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - بشرابٍ، فأتي بنبيذٍ، فَشَرِبَ منه، ودفع فضلَه إلى أُسامةَ، فَشَرِبَ، ثم قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أحسنتُم، وأجملتُم، كذلِكَ فافعلوا" فنحنُ هكذا لا نرِيدُ أن نُغَيِّرَ ما قاله رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم –

هذا حديث صحيح وهو في عدد من نسخ صحيح مسلم وفي مستخرجاته ورواه البغوي من طريق مسلم صاحب الصحيح

فهنا عبد الله بن عباس ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم لا يريد استبدال شراب بشراب وذاك أمر هين اتباعاً

فكيف لو رأى من سمعوا أمر نبيهم أن يصلى على الميت ويتصدقوا عنه فغيروا وبدلوا فاستغاثوا بالموتى وسألوهم ؟

وكيف لو رأى من سمعوا أمر نبيهم ألا يصدق بني إسرائيل ولا يكذبون فجاءوا إلى أخبار السلف في التفسير فخرصوا أنها إسرائيليات وصاروا يقطعون بتكذيبها ويقولون إسرائيلية باطلة وملأوا بذلك الحواشي ؟

ومن سمعوا ما نزل على نبيهم ( ولا تستفت فيهم منهم أحداً ) وكانوا المقصودون أهل الكتاب فغيروا وبدلوا وطلبوا الهدى من كلام الفلاسفة الذين هم أبعد عن الحق من أهل الكتاب وسموا ذلك علم كلام وأوجبوه على المتفقهة وقدموه على النصوص ؟

وكيف لو رأى من سمعوا ما روي عن نبيهم من أنه كان يصوم يوم الاثنين الذي ولد فيه شكراً ، فغيروا وبدلوا واتخذوا اليوم عيداً ولا يجتمع عيد وصيام وجعلوا الاحتفال بالتاريخ الهجري لا يوم الاثنين كما فعل نبيهم محاكاة للنصارى ؟

وكيف لو رأى المحتفلين بمولد المسيح ولو بعث ما وسعه إلا اتباع نبينا ويا ليت شعري كيف يحتفل بميلاده بمعصيته وهو القائل أن من نظر إلى امرأة بشهوة فقد زنا قلبه ؟

وكيف لو رأى من يحتفلون بمولد نبيهم وهم يسخرون من سنته في اللحية والثوب القصير والتكلم بالفصحى ؟

وكيف لو رأى من سمعوا قول نبيهم أن من أعان إمام جور على جوره لم يرد عليه الحوض ويأتي أحدهم إلى رجل يحكم بالقانون الوضعي ويرخص الدعارة والخمور في بلده ويصف بلده بالبلد المبارك ويصفه بالقيادة الحكيمة أما إن القواد خير من هذا فذاك أكل بعرضه وهذا أكل بدينه ؟

وكيف لو رأى امرأة تزعم أنها من أمة النبي الأمي وتغتبط لما أنزل الله في شأن بر الوالدة وحق الزوجة وفضل الابنة ثم هي تحاكي المغضوب والساقطات في لبسهن وهذا من شر التبديل فما كشفت وجوه نساء المسلمين في الحواضر إلا بعد الاستعمار ويكفي هذا في الاشمئزاز من الأمر وتركه لو لم يكن ديناً فنخوة ؟

وكيف لو رأى من بدل الأخوة الدينية بملة الوطنية فالمسلم في بلد المسلمين ذليل تؤخذ منه ضريبة والكافر المواطن أو من البلدان المستعمرة عزيز وما أكثر ما يسخر المسلمون من بعضهم البعض بداعي تلك الحدود التي صنعها المستعمر وصنعوها وليتهم يراعون حدود الله كما يراعون حدود سايس بيكو ؟

وكيف لو رأى من أمروا بدعوة الكفار للإسلام فتركوا هذا وصاروا يهنئوهم بكفرهم في أعيادهم فهل أرادوا بهم خيراً ؟

وكيف لو رأى من قرأ ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ، فصار يطلب رضاهم بأي حال بحجة تحسين صورة الإسلام وهل تدعوهم أنت إلى الإسلام أصلاً حسن صورتك أمام إخوانك الذين تأكلهم المجاعات في الصومال وغيرها وأمام إخوانك اللاجئين هنا وهناك وأنت تحتفل وتطلق ألعاباً نارية بآلاف الدولارات ؟ 

والخطاب في مثل هذا يطول والله المستعان ويكفي المرء الإشارة 

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي