مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: خرافات علمانية ...

خرافات علمانية ...



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فهذا مقال بلغة غير مألوفة لمن يقرأ لي ، لأنه مجرد خواطر متفرقة تقفز إلى الذهن عند مشاهدة بعض الأحداث ، وهي متعلقة بوهم ( العلمانية ) و ( الليبرالية )

ولأنه مقال مختصر كتب ليقرأ سأعمد إلى المقصود

احترام أم محاربة

كثيراً ما يردد القوم ( نحن نحترم الدين ) وقولهم ( أنا أحترمك بغض النظر عن دينك أو عرقك يكفي أنك إنسان )

وقبل أن أعلق على هذا الكلام أود التنبيه على أنه بعض النظر علمت بأن عموم العلمانيين العرب ليس لهم اطلاع جيد على المصادر الفكرية المؤسسة للمذهب الليبرالي الذي هو الموضة السائدة الآن عندهم بعد فشل العلمانيات الأخرى

فكثير منهم إن لم يكن كلهم لم يقرأوا لآدم سميث أو مالتوس أو حتى جان لوك بشكل مباشر وتجد المرء منهم يبشر لمذهبه وكأنه حقيقة مطلقة وهي لا تعدو كونها فكرة بشرية نشأت تحت ضغوط نفسية معينة لصاحب الفكرة ثم بعد ذلك تطورت

هذه الكلمة تجعل مذهبهم ذاتي النقض

فإن الأديان عامتها من ضرورياتها أن يكون للدين سلطان على نفس المتدين ، وأن كلمة الإنسان لا تعلو على كلمة خالقه فمن ضروريات الأديان تحكيم تعاليم هذه الأديان واعتقاد أفضليتها

بل من ضروريات الإسلام والنصرانية واليهودية إهدار دم الملحد والزنديق ، دعنا مما طرأ على كثير ممن يتدين بهذه الأديان بعد الخضوع للمزاج الليبرالي النصوص الشرعية عندهم جميعاً تفيد هذا

فكيف تحترم ديناً يوجد في ضرورياته ما تعده أنت جريمة في شريعتك التي اخترعتها ؟

ومن ضروريات الأديان فرض لباس معين على المرأة تدين أستر فيه من الرجل وهذا تسمونه رجعية ومجرد هذا النعت الذي يعد عند أهل الأديان كفراً ينافي الاحترام

فإذن هذه الدعوى دعوى كاذبة وهي تجعل الليبرالية ذاتية النقض فالزنديق منهم يصرح باحترام أمر يعدونه كافراً زنديقاً خطراً على المجتمع كخطورة الحية والعقرب على الحياة

أسطورة جاليليو

من الأساطير المنتشرة في هذا العالم بفضل الآلة الإعلامية العلمانية أسطورة حرق الكنيسة لجاليليو لقوله بأن الأرض تدور حول الشمس

والصدمة الكبيرة إذا علمت أن هذا الأمر غير حقيقي وغير مثبت تاريخياً ومجرد أسطورة حمقاء كأسطورة الصعود على القمر( وفي يكيبيديا: من مصادر موثقة ( ظل جاليليو منفيا في منزله حتى وفاته المنية في 8 يناير 1642، وتم دفن جثمانه في فلورانسا. وقدمت الكنيسة اعتذارا لجاليليو عام 1983)

ومع بغضي للكنيسة لا بد من الاعتراف بأمر هام وهو أن اختراع الطابعة كانت برعاية منهم لذا كان أول كتاب طبع هو الكتاب المقدس عند النصارى

ولو فرضنا أنهم عارضوا بعض النظريات لمخالفتها للدين فعامة التقدم العلمي الموجود لم يعارضوه ،  وهذه النظرية لا زالت محل أخذ ورد ولا علاقة لها بالتطور الالكتروني أو التطور في صناعة السلاح الذي هو رمز تطور العصر

فإرجاع كل التقدم العلمي لهذه النظرية شيء عجيب

ولم يقف العلمانيون عند هذه الأسطورة بل حاولوا صناعة أسطورة إسلامية نظيرة لها

فقالوا : كل من ابن سينا وابن الهيثم وابن رشد وعباس بن فرناس زنادقة عند علماء المسلمين !

فيقال : كل هؤلاء كانوا ينتسبون للإسلام ويعيشون في مجتمعات تحتجب فيها النساء والحكم فيها للشريعة ولم يكن واحداً منهم علماني!

وأما وصف الزندقة فليس مناطه أنهم اشتغلوا بالطب فهذا يحمده جميع العلماء

وإنما وصف ابن سينا بذلك لكونه يدين بالفلسفة ويحمل الشريعة عليها حتى بلغ من غلوه في التعطيل أن وصف المعتزلة بالمشبهة

والمهم أنه لم يكن منكراً لوجود الإله بل كان يظهر التدين بالمذهب الحنفي

وأما ابن رشد فله بداية المجتهد ونهاية المقتصد يقرر فيه الفقه على طريقة أهله ويقول بالرجم وحد الردة وغيرها والأوربيون يسمونه المعلم الثاني

وابن رشد لم يكن صاحب نظريات علمية أصلاً وأبحاثه مع الغزالي كلها فلسفية في أمور غيبية وهو يرى ما يفعله دينا فالأغبياء يأتون ويريدون إظهاره على أنه ضحية لعلماء الدين

وينسى المساكين أن السجن أو القتل تعرض له الكثير من العلماء الشرعيين كسعيد بن المسيب وأحمد ابن حنبل واتهم ابن تيمية وابن أبي العز بانتقاص النبي صلى الله عليه وسلم وسجنوا لذلك فالتكفير والسجن ليس خاصاً بالتجريبيين بل هو في علماء الشريعة أكثر غير أن معظم من ذكرنا من التجريبيين لم يسجنوا ولم يقتلوا

والحيلة حصر العلم في هؤلاء

فالخوارزمي صاحب الخوارزميات لم يتكلم في عقيدته ، وأبو القاسم الزهراوي صاحب أدوات الجراحة التي تستخدم إلى الآن ما تكلم أحد في عقيدته ، وابن النفيس مكتشف الدورة الدموية ما تكلم أحد في عقيدته ، وابن البيطار صاحب الأدوية الشهير ما تكلم أحد في عقيدته والشريف الإدريسي الذي رسم خريطة العالم ما تكلم أحد في عقيدته

وهؤلاء أعظم أثراً على العلوم التجريبية من الفارابي وابن رشد

وسبب دخول الزندقة على كثير من هؤلاء هو أنهم وقعوا بنحو من شبهة العلمانيين وهو أنهم أخذوا من اليونان العلوم التجريبية ومن فرط ثقتهم أخذوا حتى العلوم الشرعية والغيبيات وحاولوا تأويل الشريعة عليها ولم يفرزوا


والملاحدة اليوم لا أحد منهم يعتقد عقيدة ابن سينا أو عقيدة الفارابي أو عقيدة أبي بكر الرازي الطبيب


فهناك إجماع من أهل الكرة أن هؤلاء كانوا ضالين في باب الإلهيات مع علمهم بالطب فدع عنك التباكي يا حسن المالكي


بل ينبغي أن يشكر أهل السنة على بيانهم لحال هؤلاء ، وأما علومهم التجريبية فهذه يستفاد منها بما ثبت صوابه وإلا فابن سينا والرازي يطنبان في ذكر فوائد الخمر بما يأباه علم الطب الحديث ويخالف النص قبل ذلك

وقال ابن تيمية في الرد على المنطقيين :" وأيضا فان النظر في العلوم الدقيقة يفتق الذهن ويدر به ويقويه على العلم فيصير مثل كثرة الرمي بالنشاب وركوب الخيل تعين على قوة الرمي والركوب وإن لم يكن ذلك وقت قتال وهذا مقصد حسن.

ولهذا كان كثير من علماء السنة يرغب في النظر في العلوم الصادقة الدقيقة كالجبر والمقابلة وعويص الفرائض والوصايا والدور لشحذ الذهن فانه علم صحيح في نفسه ولهذا يسمى الرياضي فان لفظ الرياضة يستعمل في ثلاثة أنواع في رياضة الأبدان بالحركة والمشي كما يذكر ذلك الأطباء وغيرهم وفي رياضة النفوس بالأخلاق الحسنة المعتدلة والآداب المحمودة وفي رياضة الأذهان بمعرفة دقيق العلم والبحث عن الأمور الغامضة.

ويروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "إذا لهوتم فالهوا بالرمي وإذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض" أراد إذا لهوا بعمل أن يلهوا بعمل ينفعهم في دينهم وهو الرمي وإذا لهوا بكلام لهوا بكلام ينفعهم أيضا في عقلهم ودينهم وهو الفرائض"


ففرق ابن تيمية بين ما ثبت بالتجربة من علومهم وبين كلامهم في الإلهيات ، وقد نص على أنهم نفوا من العلوم الصادقة أكثر مما أثبوا


قال في الرد على المنطقيين :" وإنما المقصود أن نعرف أن ما يفسرون به الملائكة والوحي مما يعلم بالاضطرار من دين الرسول أنه مناقض لما جاء به فعلم أن ما يثبتونه من النبوة لا حقيقة له وان ادعاءهم أن علم الأنبياء إنما يحصل بالقياس المنطقي وأما باتصال نفسه بالنفس الفلكية من أبطل الكلام وذلك مما يبين فساد ما ذكروه في المنطق من حصر طرق العلم مادة وصورة وهو المطلوب في هذا الموضع ويبين أنهم اخرجوا من العلوم الصادقة اجل وأعظم واكبر مما أثبتوه وان ما ذكروه من الطرق إنما يفيد علوما قليلة خسيسة لا كثيرة ولا شريفة وهذه مرتبة القوم فإنهم من أخس الناس علما وعملا وكفار اليهود والنصارى اشرف منهم علما وعملا من وجوه كثيرة"


وهذا حال كثيرين في عصرنا والله المستعان ، بل تراه يقف عند الحقيقة الكونية وعند قوانين الكون ولا يهتدي إلى أعظم ما تدل عليه وهو وحدة الخالق ، واستحقاقه وحده للعبادة ، بل ربما قاده جهله إلى الإلحاد ثم إذا تكلم في مبررات إلحاده جاء بما يقوي الإيمان على وجود الله عز وجل وصدق رسله
ولنأخذ بعض الحقائق عن بعضهم فمثلاً يعقوب بن إسحاق الكندي كان مقرباً من المأمون وكان قد وضع كتباً في التنجيم يتنبأ بها بأمور مستقبلية وذكر عنه ابن خلدون نّ مدّة الملّة تنتهي إلى ستّمائة وثلاث وتسعين سنة. قال: لأنّ الزّهرة كانت عند قران الملّة في ثمان وعشرين درجة وثلاثين دقيقة من الحوت فالباقي إحدى عشرة درجة وثمان عشرة دقيقة ودقائقها ستّون فيكون ستّمائة وثلاثا وتسعين سنة. قال: وهذه مدّة الملّة باتّفاق الحكماء ويعضده الحروف الواقعة في أوّل السّور بحذف المكرّر واعتباره بحساب الجمّل. قلت وهذا هو الّذي ذكره السّهيليّ والغالب أنّ الأوّل هو مستند السّهيليّ فيما نقلناه عنه

ونقل عنه الثعلبي قصة يبعد ثبوتها قال الثعالبي :" وقد حَكَى النَّقَّاش أنَّ أَصْحَابَ الكِنْدِيِّ «2» قالوا للكنديِّ: أيُّهَا الحكيمُ، اعمل لنا مثْلَ هذا القرآن، فقال: نعم، أعْمَلُ لكم مِثْل بعضِهِ، فاحتجب أياماً كثيرةً، ثم خَرَج، فقال: واللَّهِ، ما أَقْدِرُ عليه، ولا يطيقُ هذا أحدٌ إني فتحْتُ المُصْحَفَ، فخرجَتْ سورةُ المَائِدَةِ، فنَظَرْتُ، فإذا هو قد أمر بالوفاء، ونهى عن النُّكْثِ، وحلَّل تحليلاً عامًّا، ثم استثنى استثناء بعد استثناء، ثم أخبر عن قُدْرته وحِكْمته في سَطْرَيْنِ، ولا يستطيعُ أحدٌ أنْ يأتِيَ بهذا إلّا في أجلاد"

النقاش متهم والخلاصة في حال هذا الشخص أنه كان يظهر الإيمان بالشريعة ولكنه وقع في الكفر من جهة التوسع في التنجيم والدجل مع ظنه في نفسه أنه لا زال مسلماً

وقبل الانتهاء من الكلام عليه لا بد من ذكر حقيقتين هامتين

الأولى : أنه كان ذا مكانة عظيمة عند المأمون والمعتصم ومعلوم أن هذين الذين جلدا العلماء بل المأمون قتل عدة علماء منهم نعيم بن حماد في القول بخلق القرآن

الثانية : أنه ما قتل ولا أحرقت كتبه بل صودرت في وقت المتوكل وأعيدت إليه وما قتله أحد وهذه نقطة البحث مع القوم فهم يقيسون الفعل المزعوم للكنيسة على حكم علماء المسلمين على مثل هذا وغيره وفق مقتضيات شرعية والحال معكوسة تماماً كما ترى

وأما عباس بن فرناس فاتهم بالسحر تهمة والله أعلم بحقيقتها ولم يقتل ولم يقم عليه حد وكان مقرباً من بعض الملوك ومات بالحادثة الشهيرة

وأما الفارابي فكان مقرباً للملوك حتى أنه لما مات صلى عليه سيف الدولة الحمداني

وأما ابن رشد ومحنته فقد تكلمت عليها في مقالي ( أسطورة ابن رشد التنويري )

بعيداً عن التهويلات العلمانية

وأجتزيء بعضاً من كلامي فأقول :  قال الذهبي في تاريخ الإسلام :" وامتُحِن بآخره، فاعتقله السّلطان يعقوب وأهانه، ثمّ أعاده إِلَى الكرامة فيما قيل، واستدعاه إِلَى مرّاكُش، وبها تُوُفّي فِي صَفَر، وقيل فِي ربيع الأوّل، وقد مات السّلطان بعده بِشَهْر"


والغزالي نفسه أحرق له إحياء علوم الدين وهذا الإحراق لم يمنع هذا الكتاب مع ما فيه من بلايا عظيمة من الانتشار بين الناس فيما بعد ، فحرق كتاب في مكان معين لا يعني أنه انقرض في ذلك الوقت وكتب ابن رشد كثير منها لا زال موجوداً وهذا ابن تيمية أحرق الكثير من كتبه ونودي في بعض البلدان من كان على اعتقاد ابن تيمية أهدر دمه ولا زالت كتبه موجودة ولهذا قلت بأن القوم لا يدرون كيف تسير الدنيا ففي ذلك الوقت كان البقعة الواسعة لبلدان الإسلام تجعل إعدام بعض الكتب المشهورة بفعل القوة ضرباً من المستحيل فأنت تحرقه في المشرق ويتداوله المغاربة خصوصاً مع اختلاف الأهواء والسلاطين


قال ابن الأبار الأندلسي في التكملة لكتاب الصلة :" وَولي قَضَاء قرطبة بعد أبي مُحَمَّد بن مغيث فحمدت سيرته وتأثلت لَهُ عِنْد الْمُلُوك وجاهة عَظِيمَة لم يصرفهَا فِي ترفيع حَال وَلَا جمع مَال إِنَّمَا قصرهَا على مصَالح أهل بَلَده خَاصَّة وَمَنَافع أهل الأندلس عَامَّة وَقد حدث وَسمع مِنْهُ أَبُو مُحَمَّد بْن حوط اللَّه وَأَبُو الْحسن سهل بن مَالك وَأَبُو الرّبيع بْن سَالم وَأَبُو بكر بن جهور وَأَبُو الْقَاسِم بن الطيلسان وَغَيرهم وامتحن بِأخرَة من عمره فاعتقله السُّلْطَان وأهانه ثمَّ عَاد فِيهِ إِلَى أجمل رَأْيه واستدعاه إِلَى حَضْرَة مراكش فَتوفي بهَا يَوْم الْخَمِيس التَّاسِع من صفر سنة خمس وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَقبل وَفَاة الْمَنْصُور الَّذِي نكبه بِشَهْر أَو نَحوه وَدفن بخارجها ثمَّ سيق إِلَى قرطبة فَدفن بهَا"


فالذي حصل له محنة يسيرة لها نظائر عن كثيرين ثم زالت


ولم أجد في أي من تراجمه ذكر لحرق كتبه !


ولابن رشد كتاب اسمه فصل المقال وكتاب آخر مناهج الأدلة قرر فيه مقالات الفلاسفة وهذه كتب مطبوعة فما الذي أعدم وأحرق ؟!


على أنني في شك أصلاً من حرق كتبه


ونحن نرى حرق كتب أهل الباطل لمنع وصولها إلى أيدي ضعاف القلوب غير أن المراد هنا بيان أن إعدام بعضها بالكلية بعد انتشاره وتقصير الناس في دفعه جد متعذر وقريب من الاستحالة في بعض الحالات


قال ابن فرحون في الديباج المذهب :" وله تآليف جليلة الفائدة منها كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد في الفقه ذكر فيه أسباب الخلاف وعلل ووجه فأفاد وأمتع به ولا يعلم في وقته أنفع منه ولا أحسن سياقاً. وكتاب الكليات في الطب ومختصر المستصفى في الأصول وكتابه في العربية الذي وسمه بالضروري وغير ذلك تنيف على ستين تأليفاً"


الغرب إنما كان احتفاء بعضهم بكتب ابن رشد ناشئاً عن القرب الجغرافي ومن الغربيين من يفضل طريقة الغزالي خصوصاً وأن الغزالي أكثر تمرداً على الفلاسفة التقليديين بخلاف ابن رشد الذي كان مستسلماً لهم تماماً


وابن رشد صاحب العبارة الشهيرة :" لم يقل أحد في العلوم الإلهية قولا يعتد به، ولم يعصم أحد من الخطأ فيها، إلا من عصمه الله بأمر إلهي خارج عن طبيعة الإنسان وهم الأنبياء"


وابن رشد كان يقول بمهدوية ابن تومرت


والوارد أن ابن أبي عامر أحرق جميع كتب الفلاسفة والدهرية ولا خصوصية لابن رشد على أن ابن رشد فعلاً مال لمقالاتهم الفاسدة والتي ثبت فساد بعضها تجريبياً وما نقم عليه أحد الاشتغال بالطب أو الفلك أو نحوه


ومع الأسف كتبه الفلسفية وكتب ابن سينا والفارابي كلها موجودة إلى اليوم فذلك التضخيم السخيف الذي يتحدث عنه القوم لا وجود له بل إن التتر لما دخلوا بغداد فقد شيء كثير من كتب العلم وكان النصير الطوسي يحرق كتب العلم ويبقي على كتب التنجيم والفلسفة وهذه حركة معاكسة وهي أقوى من جهة القوم والأثر


قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (13/207) :" وَكَانَ الطوسي مُنَجِّمًا لِهُولَاكُوَ اسْتَوْلَى عَلَى كُتُبِ النَّاسِ الْوَقْفِ وَالْمِلْكِ فَكَانَ كُتُبُ الْإِسْلَامِ مِثْلُ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالرَّقَائِقِ يُعْدِمُهَا وَأَخَذَ كُتُبَ الطِّبِّ وَالنُّجُومِ وَالْفَلْسَفَةِ وَالْعَرَبِيَّةِ فَهَذِهِ عِنْدَهُ هِيَ الْكُتُبُ الْمُعَظَّمَةُ"


فلماذا لم يصر جميع الناس فلاسفة وأطباء ومنجمين ؟!.

وابن رشد كان معظماً للسفاح ابن تومرت ، نصير الشرك الطوسي كان صديقاً للتتر مما أكسبه قوة وسلطة حين كان علماء أهل السنة وعامة المنتسبين للإسلام يذوقون الويلات من التتر

والخلاصة أنه ما قتل في الإسلام أحد على نظرية علمية كما ادعي على الكنيسة ، وأن عامة المذكورين ممن اتهم بالزندقة وكثير منهم اتهامه حق لم يقتل أحد منهم لا على نظرية علمية ولا على زندقته حتى مما يبين السلطان المدعى للعلماء في عقول هؤلاء لا وجود له بل عاشوا حياتهم يصنفون وينشرون وكثير منهم كان قريباً من الملوك وبقيت مؤلفاتهم إلى يومنا هذا ولو قارنت حياتهم بحياة ابن تيمية أو حتى البخاري الذي مات وما صلى عليه كبير أحد لرأيت ما كانوا فيه من الرفاهية مقارنة بالعلماء حقاً

ولكي لا يكون الأمر مجرد دعوى سأذكر تراجم مجموعة من التجريبيين ممن لم يتكلم أحد في عقيدتهم

قال الذهبي في تاريخ الإسلام :" 424 - عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الحكيم العلّامة، ضياء الدين ابن البيطار الأندلسي، المالقي، النباتي، [المتوفى: 646 هـ]
الطبيب مصنِّف كتاب " الأدوية المفردة " ولم يُصنَّف مثله.
كَانَ ثقة فيما ينقله، حُجّة. وإليه انتهت معرفة النبات وتحقيقه وصفاته وأسمائه وأماكنه. كَانَ لا يُجارى فِي ذَلِكَ. سافر إلى بلاد الأغارقة وأقصى بلاد الرّوم. وأخذ فنّ النّبات عَن جماعة، وكان ذكيًّا فطِنًا.
قَالَ الموفّق أَحْمَد بْن أَبِي أُصَيْبعَة: شاهدت معه كثيرًا من النّبات فِي أماكنه بظاهر دمشق. وقرأت عَلَيْهِ تفسيره لأسماء أدوية كتاب ديسقوريدس فكنت أجد من غزارة عِلمه ودرايته وفهمه شيئًا كثيرًا جدًّا.
ثُمَّ ذكر الموفّق فصلًا في براعته في النبات والحشائش، ثم قَالَ: وأعجب من ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ ما يذكر دواءً إلّا ويعينّ فِي أيّ مقالةٍ هو في كتاب ديسقوريدس وجالينوس وفي أيّ عددٍ هُوَ من جملة الأدوية المذكورة فِي تِلْكَ المقالة. وكان فِي خدمة الملك الكامل، وكان يعتمد عَلَيْهِ فِي الأدوية المفردة والحشائش، وجعله بمصر رئيسًا عَلَى سائر العشابين وأصحاب البسطات. ثم خدم بعده ابنه الملك الصّالح. وكان متقدّمًا فِي أيّامه، حظيًّا عنده.
تُوُفّي ابن البيطار بدمشق فِي شعبان"

وتأمل حظوته عند الملوك

وقال الذهبي في ترجمة ابن النفيس :" 467 - عَلِيّ بْن أَبِي الحزم، العلامة علاء الدّين ابن النّفيس القُرَشيّ، الدّمشقيّ، الطبيب، [المتوفى: 687 هـ]
شيخ الأطبّاء فِي عصره.
اشتغل عَلَى الشّيْخ مهذَّب الدّين الدُّخْوار وبرعَ في الصناعة والعلاج. وصنَّف ونبّه واستدرك وأول وشغّل. وألَّف فِي الطّبّ كتاب " الشامل ". وهو كتاب عظيم تدلّ فهرسته عَلَى أن يكون ثلاثمائة مجلدة، بيَّضَ منها ثمانين مجلدة. ما ترك خلفه خلف. وفي الكحالة كتاب " المهذّب " وشرح " القانون " لابن سينا. وكانت تصانيفه يمليها من ذهنه ولا يحتاج فيها إلى مراجعة لتبحُّره فِي الفنّ. وانتهت إلَيْهِ رياسة الطّبّ بالدّيار المصريّة. وخلّف ثروة واسعة ووقف دارهَ وأملاكَه وكُتُبه عَلَى البيمارستان المنصوريّ، وتُوُفّي فِي الحادي والعشرين من ذي القعدة. وكان من أبناء الثمانين، ولم يخلّف بعده مثله"

فهو كان ثرياً أيضاً

وقال الذهبي في تاريخ الإسلام :" 370 - خلف بن عباس، أبو القاسم الزهراوي الأندلسي. [الوفاة: 401 - 410 هـ]
قال الحُميدي: كان من أهل الفضل والدين والعلم، وعلمه الذي بسق علم الطب، وله فيه كتاب كبير مشهور كبير الفائدة، سماه كتاب " التصريف لمن عجز عَنْ التأليف ". ذكره ابن حزم وأثني عَليْهِ، وقال: ولئن  قُلْنَا: إنّه لم يؤلَّف في الطّبّ أجمع منه للقول والعمل في الطّبائع، لنصدقّن.
مات بالأندلس بعد الأربعمائة"


وقال ابن الساعي في الدر الثمين :" محمد بن أحمد، أبو الرّيحان البيرونيّ الخوارزميّ (2).
كان إمام وقته في علم الرياضيات والنجوم، مكبّا على تحصيل العلوم، مفضيا إلى تصنيف الكتب، نبيه القدر، خطيرا عند الملوك والسلاطين، وأراده شمس المعالي قابوس بن وشمكير على أن يختصّ به، وينقطع إليه ويحكّمه في ملكه، فلم يطاوعه. وله من الكتب في النجوم وعلم الهيئة والحكمة شيء كثير، وكان أديبا لغويّا.
/34/ ومن تصانيفه: كتاب شرح شعر أبي تمّام، وكتاب التعلّل بإحالة الوهم في معاني نظم أولي الفهم، وكتاب تاريخ أيام السلطان يمين الدولة أبي القاسم محمود بن سبكتكين (3)، وأخبار أبيه (4)، وكتاب المسامر في أخبار خوارزم (5)، وكتاب مختار الأشعار والآثار.
وسافر مع يمين الدولة إلى الهند، وأقام بينهم، واقتبس من علومهم،"

فالبيروني عاش حياة رفاهية لعلاقته بالملوك 

وحتى ابن سينا ذكروا في توبته آخر حياته أنه أعتق كل عبيده وهذا يدل على ثراء ظاهر 

وأما الشريف الإدريسي فقال صاحب معجم الشعراء العرب :" أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس الحسني الطالبي.
يصل نسبه إلى علي بن أبي طالب، أديب وشاعر، مؤرخ ورحالة من أكابر العلماء بالجغرافية، واضع خريطة العالم التي تعد أهم خريطة صورت رسم البلاد والأقاليم.
ولد في سبته ونشأ وتعلم بقرطبة. ورحل رحلة طويلة انتهى بها إلى صقلية، فنزل علىصاحبها روجار الثاني (Roger II) وقد ذكر المستشرق الهولندي Douzy أنه أسرف في مدحه وكان ذلك أحد أسباب إهمال المؤرخين العرب لسيرته، وقد وضع له كتاباً سماه (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق -خ) أكمله سنة 548هـ، وهو أصح كتاب ألفه العرب في وصف بلاد أوربا وإيطالية، وكل من كتب عن الغرب من علماء العرب أخذ عنه.
وقد ترجم إلى الفرنسية ترجمة كثيرة الخطأ (كما يقول سيبولد، في دائرة المعارف الإسلامية) وترجم إلى اللاتينية والإنكليزية والألمانية، وطبعت منه بالعربية خلاصات. وللإدريسي أيضاً مؤلفات أخرى كثيرة..
مدحه كثير من المستشرقين منهم سيبولد وكارادوفو والبارمون دي سلان ولوريش"

وأما الخوارزمي فقال الزركلي في الأعلام :" محمد بن موسى الخوارزمي، أبو عبد الله: رياضي فلكي مؤرخ، من أهل خوارزم، ينعت بالأستاذ. أقامه المأمون العباسي قيما على خزانة كتبه، وعهد إليه بجمع الكتب اليونانية وترجمتها، وأمره باختصار (المجسطي) لبطليموس، فاختصره وسمّاه (السند هند) أي الدهر الداهر، فكان هذا الكتاب، كما يقول ملتبرون الجغرافي (Malte Brun) أساسا لعلم الفلك بعد الإسلام. وللخوارزمي كتاب (الجبر والمقابلة) ترجم إلى اللاتينية ثم إلى الإنكليزية، ونشر بهما وطبع بالعربية (مختصر) منه، و (الزيج) نقل عنه المسعودي، و (التاريخ) نقل عنه حمزة الأصفهاني، و (صورة الأرض من المدن والجبال إلخ - ط) و (عمل الأسطرلاب) و (وصف إفريقية - ط) وهو قطعة من كتابه (رسم المعمور من البلاد) . وعاش إلى ما بعد وفاة الواثق باللَّه"

فهو الآخر كان مقرباً من الملوك ، أطلت الكلام في هذا لأبين الضحالة المعرفية عند القوم وإطلاقهم أحكاماً على التاريخ الإسلامي الواسع بناءً على مقالات استشراقية أو تنصيرية ضعيفة وضحلة وتنضح بسوء الطوية وإذا كانت هذه معرفتهم بالتاريخ الظاهر لكل أحد فكيف بمعرفتهم بالشريعة العميقة

الحكم على الشيء فرع عن تصوره

كثير ممن يتكلم عن الشريعة الإسلامية وتحكيمها لم يدرسها أصلاً وكل ما يفعلونه أنهم يؤلهون أغلبية الشعوب ويجعلونها فوق النص

ولو بنسبة واحد ، وكانوا قديماً يطعنون بكون شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل بأن هناك نساء متعلمات ، علماً أن الحكم الشرعي ليس متعلقاً بالمستوى التعليمي بل متعلق بشيء شوهد ، ومعرفة عدالة المرأة عند القاضي أغمض من معرفة عدالة الرجل والفاسق لا تقبل له شهادة أبداً رجلاً كان أو امرأة ثم هم يدعون للديمقراطية التي تسوي بين الجاهل والمتعلم في الصوت بمجرد وجود رابطة المواطنة

ومن التناقضات أنهم يجهلون بأن في الشريعة قواعد عامة كالضرورات تبيح المحظورات ، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح ، والعادة محكمة وغيرها من القواعد التي تجعل الشريعة غاية في المرونة ويستمرون بقياس الشريعة الإسلامية على الشريعة الكنسية

ويستدلون باستمرار بكون الشريعة كانت في الماضي وهذا دور في الحقيقة

فالسؤال : لماذا لا تطبق جلد الزاني غير المحصن ؟

فالجواب : لأنه أمر من الماضي !

فيأتي سؤال : لماذا صار من الماضي ؟

فالجواب : لأنه لا يطبق !

وهذا دور كما يسميه المناطقة وهو من أعلى صور السفسطة ، ومن السفسطة أيضاً الإتيان بأمر ليس من مقصد العقوبة كالكلام عن الوحشية في بعض العقوبات كما يدعون

فالعقوبة أصلاً جاءت للردع فإذا طبقنا هذه الحدود ولم تردع فساعتئذ قل بأنها لا تصلح ولا يكون هذا أبداً لأنه شرع الله والواقع أن العقوبات المتساهلة والمتخبطة هي التي زادت الإجرام في العالم وصار ملفاً لا يمكن القضاء عليه في ظل وجود هذه القوانين

ولكن التناقض العجيب أن الديمقراطية نظام قديم ! من قبل الإسلام جاءوا به وعصرنوه فما المانع من الإتيان بالشريعة الإسلامية في هذا العصر خصوصاً وأنها حكمت مساحات شاسعة من ثلاث قارات على مدى ثلاثة عشر قرناً !

وإليك مقالاً قرأته لبعض الناس :" نُبذَة عن الديمُوقراطيَّة بنظرة غَربيَّة !

الدِّيمُوقراطيَّة التي صار أكثَرُ المُسلمينَ مُسلِّمين بها!
التي تقرأ في تعريفهَا أنَّها يُونانيَّة ومارسها اليُونان، وذَلك صَحيح، إلاَّ أنَّها لضعفها هُجرت، فهي «الكلمَة التي يُمكن أن تعني أي شَيء!»
[Jaques Ellul]
و «كلُّ حُكماء اليُونان استنكرُوها، خاصَّة حُكماء أثينا الدِّيموقراطيَّة!!»
[Ernest barker]
«أولئك الأقدمُون الذِين كانوا أعضاء في دِيموقراطيَّات منذُ حداثتهم، راكمُوا تجربة طَويلة وفكَّروا فيها بعُمق، حملوا وجهَات نظر مُختلفة.. عن وجهات النَّظر السَّائدَة اليوم. »[G.W.F.Hegel]

و«الآباء المُؤسِّسون للولايات المُتَّحدة رفضُوا الديموقراطيَّة. »
[Herbert J.storing]

«حينَ ظهر هَذا النظَامُ في دُول معدُودة، لقي دَعم مُفكِّرين كجون ستيوارت ميل، واستنكار مُفكرينَ آخرين كهربرت سبنسر، بيير جُوزيف، وفريدريك نيتشه.» [Robert Charles]

الديمُوقراطيَّة المباشرَة التي تعنِي حكمَ الشَّعب للشَّعب، مَحضُ فكرة مثاليَّة لا سبيل إلى تَطبيقهَا ؛ قال جَان جاك رُوسو :«المجتمعات المتحضِّرة دائماً تكُون أكبر -في عدد سكانها- من أن تُحكم بأفرادها». [J.J.Rousseau]
حتى لو تمَّ تهذيب المفهُوم وقيل أنَّها حكم الأغلبيَّة، فهذا أيضاً يتعذَّرُ تحقيقه، مثلا في بلد عدد سكانه 40 مليون، ويتنافس فيه كذَا حزب، ونسبة المشاركة %50 -وهي دائماً تكون أقل من ذَلك-، ففاز الحزب بنسبة %20، فعدد من انتخبوه هو 4 ملايين، ونسبته من الشعب %10!

«الشيءُ الوحيدُ المميَّز في الأغلبيَّات، هو أنَّها ليست أقليَّات»
[Loren E.Lomasky]

وهذه هي الديموقراطيَّة التمثيليَّة -غير المباشرة المثاليَّة- صار لها اعتبار في القرن 19 ميلادي، فأقبل النَّاس عليها وصارت اليوم كما تَرى، وآمنَ النَّاس بها وخَضعُوا !
يقول هيغل : «هذا النظام لم يعُد موجُوداً في أي مكان، وهَذا ما جعَل الإيمان به سهلاً.»
قال روبرت : «فكرة الديموقراطيَّة لم تُبرَّر من قبلُ، وإنَّما مُجِّدَت، لا شيءمن الانتقادات القديمَة على الديموقراطيَّة تمَّ دحضه، ولا من الانتقادَات الحديثَة... بالنسبَة للمصوِّت؛ الفرق الوحيدُ بين اليانصيب والإنتخابات، هُو أنَّه يمكنُ أن يربح في اليانصيب! » [Robert Charles]

«الحظُّ الخالص خيرٌ من الديمُوقراطيَّة الخالصَة، أو الحُكم المُطلق للشَّعب.» [Joel Barlow]

«المؤمنُون بها يقُولون أنَّ الديمُوقراطيَّة تُعزِّز الحوار، ولكن أينَ الحوار حَول الديمقراطيَّة نفسها!؟ الديموقراطيُّون يتجاهلون الإنتقاد، كما لو أنَّ الدِّيمقراطيَّة أمر مسلّم!... إنَّهُم فقط يسلِّمون أنّ أحدا ما (لوك؟ روسو؟ لينكولن؟ تشورشل؟) قد دافعُوا عن الديموقراطيَّة بحجج قويَّة، لا أحدَ فعل ذلك قطُّ! وهَذا هو السَّبب في أنَّك لم تدرس ذَلك بالمدرسَة، قيل لك فقط آمن بها! ...حجج الدِّيموقراطيَّة معيبَة وواهيَّة، وبعضها سخيفَة جدّاً.»
[Robert Charles]"

وأنا أراها كذلك لسبب واحد فقط وهي أن إدخال العوام الذين يكون وعيهم الإعلام الذي يملكه صاحب المال في صنع القرار حقيقته أن صاحب رأس المال هو من يصنع القرار

والمساواة في نظام رأسمالي محض خيال فهذه الأنظمة مبنية على سحق الفقراء واسترقاقهم حتى أن مالتوس والذي لا زالت نظريته الاقتصادية تدرس يرى أنه لا ينبغي مساعدة الفقراء بالمال لئلا يتعودوا على الكسل ويلقي عليهم لائمة الإكثار من الأولاد وهو الذي يرى بأن الزلازل والحروب والمجاعات صحية لأنها توفر العيش الرغيد للآخرين لأن الموارد تصير كافية لهم

خدعة العالم الحر !

بعضهم يقول ( أين الله من هذه المجاعات ) والعياذ بالله وكأن الله لا يأجر عبداً على مصيبة

ولكن لماذا لا يسأل ربه الذي يحلل ويحرم وهو الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي ، أليس العالم اجتمع تحت رايتها فلماذا لا تنهي المجاعات ولماذا أطنان من القمح تلقى في المحيط لئلا يتغير سعره ؟

صار العالم كقرية واحدة فلماذا ما انتهت الحروب وأين العالم الحر الذي يفرض العقوبات على بعض الدول من بورما وافريقيا الوسطى وما حصل في العراق وانتهاكات ما يسمونه بحقوق الإنسان في بلدان كثيرة جداً

لقد فشلت في علاج هذا كله فما فائدة التضحية بالأديان إذن ؟

سوى فقدان المرجعية الأخلاقية !

هذا إن سلمنا بأنهم لا يدعمون هذا في حقيقة الأمر

وما الذي أفادته تركيا من علمانيتها وكذا لبنان وغيرها كثير ودول تحمل شعارات دينية كدولة الروافض ودولة اليهود أقوى منها وأعظم تأثيراً في العالم

ثم هذا المجلس هل اختاروا بإرادتهم الدول الخمسة التي تحمل حق الفيتو

ومنها الصين التي لا تحكم بالديمقراطية ! فالديمقراطية حيلة للسيطرة على الشعوب الضعيفة بيد أن الدول القوية تحكم بما شاءت وتصير في المجالس الدولية أقوى من الدول التي تطبق الديمقراطية حرفياً !

ولا تقل لي بأن الصين تصنع انتخابات فمشاهير الكتاب العلمانيين يعلمون أنها زائفة وأن الحزب الشيوعي يفرض نفسه منذ ستين عاماً

فالكاتب عمرو وجدي يقول :" فلا وجود لحرية الرأى والتعبير فهى معدومة، ولا تداول للسلطة إلا وفقا للقواعد التى وضعها الحزب الشيوعى وهى تغيير الرئاسة كل عشر سنوات وتغيير القيادة أى الجيل الحاكم كل عشرين سنة. وسجل الديمقراطية وحقوق الإنسان فى الصين ليس جيدا للغاية ولا يبشر بأنه سيتحسن، فالحكومة تقوم بقمع المظاهرات، وتعتقل الناشطين وأصحاب الفكر والرأى الذين يشكلون – وفقا لرؤيتها - تهديداً محتملاً للاستقرار الاجتماعى، وخير مثال على ذلك أحداث الميدان السماوى (تيانانمن) فى عام 1989 الذى خرج فيه الآلاف من العمال والطلاب للمطالبة بالحرية والديمقراطية، وقيام الجيش الصينى بارتكاب مذبحة بشعة سقط خلالها العديد من القتلى والمصابين"

ومع هذا هم أقوى منكم في مجلس الأمن وهناك دول كثيرة رئاستها لا تخضع للنظام الديمقراطي وبيد الحاكم حل المجلس متى ما أراد ولا يمضي قانون إلا بتوقيعه ، ومع ذلك هذه الدول لها مقاعد في مجلس الأمن وأهم ما أهلها تنحيتها للشريعة الإسلامية

وفلسطين تبحث عن الإعتراف ؟

فهذا هو العالم الحر الذي صنعتموه وجعلتموه صنماً يعبد من دون الله وحاربتم الشريعة من أجله حتى أن كثيراً من الأدعياء

تجد المرء منهم يبحث في حد الردة وغطاء الوجه وغيرها

لماذا ما أتت هذه الأبحاث إلا بعد الاستعمار وسلطان الغرب الغالب على عقولكم فبعد أن فعلوا في بلدانكم ما فعلوا وسلبوها أقنعوكم بأن الجهاد والسبي لا يجوز وقد بلغ بكم التقليد لهم المبلغ  حتى أن قضاتكم يلبسون كقضاتهم ويمسكون المطرقة مثلهم وجيوشكم يلبسون مثلهم ويؤدون التحية مثلهم وهذه كلها شكليات فارغة ولو ذكرنا لهم التشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الذي فيه أجر وفيه حفاظ على الخصوصية الثقافية قالوا ( هذه شكليات ) فما بالكم حريصين على شكليات أسيادكم

فهذه الأبحاث والتشكيكات ناشئة عن انهزامية أمام فكر معين ، كما وقع للجهمية حين ترجموا كتب اليونان ثم صاروا يبحثون في المتشابه عما يوافق النظرة الفلسفية للإله وهم اعتقدوا عقيدتهم من قبل أن ينظروا للنصوص وإنما نظروا في النصوص ليوجدوا مرجعية يخاطبون بها العامة

ومن الحماقات حقاً أنك تجد المرء منهم يتكلم عن الرق الذي لم يعد له وجود إلا قليلاً بصورته الشرعية الأخلاقية ويترك الرق غير الأخلاقي الذي يخيم على الدنيا

ويتكلم عن زواج القواصر ويتناسى أن كلمة ( قاصر ) مصطلح هم اخترعوه ليس له أي مرجعية دينية أو علمية وبناء عليه يقيدون حرية ابنة السادسة عشر أو السابعة عشر عن الزواج وهي أمرٌ نادر الوقوع والزواج لا يكون إلا بولي والفقهاء اتفقوا على أنها لا يدخل بها إلا إذا أطاقت النكاح  وينسون مشاكل حقيقية في الأسرة كالعنوسة وعنف الأزواج وعدم توريث النساء في بعض البيئات وعدم الاستقرار الأسري وغيرها من المشاكل التي لا تعالج إلا بالدين

فهم غير واقعيين في كثير مما يطرحونه ، كصنيع عدنان إبراهيم حين يتكلم عن تأخير الصلاة في وقت بني أمية وهذا أمر انتهى وانقرض ويدل على استقلالية المحدثين ونصرتهم للحق وإن خالف هوى الملوك ويترك مسألة هامة وهي الرافضة اليوم وما يفعلونه من الجمع بين الصلوات هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي