الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
جاء في شرح أحمد الحازمي على لمعة
الاعتقاد :" س: رؤية الله عز وجل في المنام، هل تكون نورًا وعلى أي سورة؟
ج: نحن لا نسلم بالرؤية أولاً، لا نقول أن
الله عز وجل يُرى في المنام، وهذا ما ذكره بعض المتأخرين نقول هذا غلط، والله أعلم"
وهنا الحازمي خالف الإجماع والله المستعان
قال ابن تيمية رحمه الله:
يرى- أي الله عز وجل- في المنام يحصل
للقلوب من المكاشفات والمشاهدات ما يناسب حالها
ومن الناس من تقوى مشاهدة قلبه حتى يظن
أنه رأى ذلك بعينه وهو غالط ومشاهدات القلوب تحصل بحسب إيمان العبد ومعرفته وصورة
مثالية اهـ. (2/336)
وقال في بيان تلبيس الجهمية (1/326) من
طبعة مجمع الملك فهد :" وإذا كان كذلك ، فالإنسان يرى ربه في المنام ويخاطبه
فهذا حقٌ في الرؤيا ولا يجوز أن يعتقد أن الله نفسه مثل ما رأى في المنام ، فإن
سائر ما يرى في المنام لا يجب أن يكون مماثلاُ ، ولكن لا بد أن يكون الصورة التي
رآه فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه ، فإن كان إيمانه وإعتقاده حقاً ، أتي من
الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك ، وإلا كان بالعكس . قال بعض المشايخ : إذا رأى
العبد ربه في صورة ، كانت تلك الصورة حجاباً بينه وبين الله . وما زال الصالحون
يرون ربهم في المنام ويخاطبهم وما أظن عاقلاً ينكر ذلك "
وقال الدارمي في الرد على المريسي (2/ 738)
:" وَإِنَّمَا هَذِهِ الرُّؤْيَةُ كَانَتْ فِي الْمَنَامِ، وَفِي الْمَنَام
يُمكن رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ حَال وَفِي كل صُورَة"
قال ابن تيمية:
وإذا كان كذلك فالإنسان قد يرى ربه في
المنام ويخاطبه فهذا حق
في الرؤيا ولا يجوز أن يعتقد أن الله في
نفسه مثل ما رأى في المنام فإن سائر ما يرى في المنام لا يجب أن يكون مماثلا ولكن
لا بد أن تكون الصورة التي رآه فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه فإن كان
إيمانه واعتقاده مطابقا أتي من الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك وإلا كان بالعكس
قال بعض المشايخ إذا رأى العبد ربه في صورة كانت تلك الصورة حجابا بينه وبين الله .
وما زال الصالحون وغيرهم يرون ربهم في المنام ويخاطبهم وما أظن عاقلا ينكر ذلك فإن
وجود هذا مما لا يمكن دفعه إذ الرؤيا تقع للإنسان بغير اختياره وهذه مسألة معروفة
وقد ذكرها العلماء من أصحابنا وغيرهم في أصول الدين وحكوا عن طائفة من المعتزلة
وغيرهم إنكار رؤية الله والنقل بذلك متواتر عمن رأى ربه في المنام ولكن لعلهم
قالوا لا يجوز أن يعتقد أنه رأى ربه في المنام فيكونون قد جعلوا مثل هذا من أضغاث
الأحلام ويكونون من فرط سلبهم ونفيهم نفوا أن تكون رؤية الله في المنام رؤية صحيحة
كسائر ما يرى في المنام فهذا مما يقوله المتجهمة وهو باطل مخالف لما اتفق عليه سلف
الأمة وأئمتها بل ولما اتفق عليه عامة عقلاء بني آدم. وليس في رؤية الله في المنام
نقص ولا عيب يتعلق به سبحانه وتعالى وإنما ذلك بحسب حال الرائي وصحة إيمانه وفساده
واستقامة حاله وانحرافه .( بيان تلبيس الجهمية 1/73)
وكذا نقل النووي والقرطبي الإجماع على
جواز ذلك فيبدو أنه مذهب الأشاعرة أيضاً
وقال الطوفي في الانتصارات الإسلامية :" ثم لو صح لكان
محمولا على رؤية المنام كحديث: «رأيت ربي في أحسن صورة» فإنه كان مناما باتفاق
علماء المسلمين"
وكذا قال ابن كثير
وقال علي ملا قاري الحنفي في مرقاة
المفاتيح :" وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «رَأَيْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي
أَحْسَنِ صُورَةٍ» "، وَذَكَرْنَا تَوْجِيهَاتِهِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ
تَكُونَ الرُّؤْيَا حَالَ الْيَقَظَةِ، وَمِنْ جُمْلَةِ تَأْوِيلَاتِهِ أَنَّهُ
مُسْتَنِدٌ إِلَى رُؤْيَا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فِي الْمَنَامِ، فَإِنَّهُ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ
مَالِكِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ
قَالَ: «احْتَبَسَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- صَلَاةَ الْغَدْوَةِ، حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَطْلُعُ، فَلَمَّا صَلَّى
الْغَدْوَةَ، قَالَ: " إِنِّي صَلَّيْتُ اللَّيْلَةَ مَا قُضِيَ لِي
وَوَضَعْتُ جَنْبِي فِي الْمَسْجِدِ فَأَتَانِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ» ".
قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ مِنْ أَئِمَّتِنَا: فَعَلَى هَذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِشْكَالٌ
إِذِ الرَّائِي قَدْ يَرَى غَيْرَ الْمُتَشَكَّلِ مُتَشَكَّلًا وَالْمُتَشَكَّلَ
بِغَيْرِ شَكْلِهِ، ثُمَّ لَمْ يَعُدْ ذَلِكَ خَلَلًا فِي الرُّؤْيَا، وَلَا فِي
الرَّائِي، بَلْ لِأَسْبَابٍ أُخَرَ، وَلَوْلَا تِلْكَ الْأَسْبَابُ لَمَا
افْتَقَرَتْ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ إِلَى تَعْبِيرٍ اهـ. "
وإلى هذا المعنى جنح المناوي في فيض
القدير ونقل كلاماً عن ابن عربي في ذلك !
وقال محمد أنور شاه الكشميري الديوبندي في
فيض الباري :" ومن ههنا يتَّضِحُ ما ذكره بعضُ المحققين في حديث حُذَيْفَة
الذي رواه الطبرانيُّ السابق آنفًا. وقد استنكر بعضُ العلماء هذا الحديث، وما كان
ينبغي له الاستنكارُ، وذلك لأنَّ للحقّ تبارك وتعالى تجلِّيًا في خِزَانة الخيال،
في صورةٍ طبيعيةٍ، بصفاتٍ طبيعيةٍ، فيرى النائمُ في نومه تجسُّد المعاني في صورة
المحسوسات، هذه حقيقةُ الخيال"
وقال القرافي المالكي في الفروق :" فَإِذَا
رَأَى الرَّائِي أَنَّهُ بِالْمَشْرِقِ، وَهُوَ بِالْمَغْرِبِ أَوْ نَحْوِهِ
فَهِيَ أَمْثِلَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ - تَعَالَى - دَلِيلًا عَلَى تِلْكَ
الْمَعَانِي كَمَا جُعِلَتْ الْحُرُوفُ وَالْأَصْوَاتُ وَالرُّقُومُ لِلْكِتَابَةِ
دَلِيلًا عَلَى الْمَعَانِي فَإِذَا رَأَى اللَّهَ - تَعَالَى - أَوْ النَّبِيَّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهِيَ أَمْثِلَةٌ تُضْرَبُ لَهُ بِقَدْرِ
حَالِهِ فَإِنْ كَانَ مُوَحِّدًا رَآهُ حَسَنًا أَوْ مُلْحِدًا رَآهُ قَبِيحًا،
وَهُوَ أَحَدُ التَّأْوِيلَيْنِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «رَأَيْت
رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ»"
فحتى الجهمية الأشعرية يقرون برؤية الله
في المنام وأما الجهمية الأولى فينفون هذا
وقد ثبت عن بعض السلف رؤية الله في المنام
قال البغوي في الجعديات
1063 : حدثنا يوسف بن موسى ، نا جرير ، عن
رقبة قال :
رأيت رب العزة جل ثناؤه في المنام ، فقال : وعزتي
لأكرمن مثواه . يعني سليمان التيمي .
وهذا إسناد قوي ورقبة بن مصقلة من ثقات
المحدثين من طبقة كبار أتباع التابعين
وما روى أبو نعيم في الحلية (10/113) : سَمِعْتُ
سُلَيْمَانَ بْنَ أَحْمَدَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ
حَنْبَلٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ شُرَيْحَ بْنَ يُونُسَ، يَقُولُ: " رَأَيْتُ
رَبَّ الْعِزَّةِ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ لِي: يَا شُرَيْحُ، سَلْ حَاجَتَكَ
فَقُلْتُ: رُحْمَاكَ يُسْرٌ يُسْرٌ "
وهذا إسناد صحيح
وأذكر قديماً أنني سمعت الألباني يتوقف في
هذه المسألة في بعض أشرطته وأما ابن باز فتابع الإجماع السلفي
والحازمي ليس له خبرة بالآثار مع توسعه في
أمور اللغة والمنطق والتأصيل وكل ما يصيبه من الغلط بسبب بعده عن الآثار
تنبيه : ذكر لي بعض الأخوة أن الحازمي يقول بأن هذا شرح قديم وأنه قرر إجماع السلف في شرحه على قاعدة جليلة
تنبيه : ذكر لي بعض الأخوة أن الحازمي يقول بأن هذا شرح قديم وأنه قرر إجماع السلف في شرحه على قاعدة جليلة
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم