مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: لطيفة : كلام الغزالي في أبي حنيفة ...

لطيفة : كلام الغزالي في أبي حنيفة ...



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فقد تكلمت كثيراً في موضوع أبي حنيفة وأهل الرأي ، ولكي لا يتشنج من يقرأ هذا المقال تعصباً لأمر ألفه فليقرأ كتابي ( الترجيح بين أقوال المعدلين والمجرحين في أبي حنيفة )

غير أن هنا معلومة لطيفة كنت قد وقفت عليها عند نظري في كتاب العواصم لابن الوزير ولم أتمكن من توثيقها حتى أرسل لي بعض الأخوة توثيقها اليوم

وهي كلام الغزالي في أبي حنيفة

قال الغزالي في المنخول ص584 :" وأما أبو حنيفة فلم يكن مجتهدا لأنه كان لا يعرف اللغة وعليه يدل قوله ولو رماه بأبو قبيس وكان لا يعرف الأحاديث ولهذا ضري بقبول الأحاديث الضعيفة ورد الصحيح منها ولم يكن فقيه النفس بل كان يتكايس لا في محله على مناقضة مآخذ الأصول ويتبين ذلك باستثمار ثنا مذاهبه فيما سنعقد فيه بابا في آخر الكتاب الله أعلم"

وما ذكره الغزالي هنا حق وهو مسبوق إليه ولكنه عجيب منه فهو نفسه لم يكن يفرق بين الصحيح والضعيف والموضوع ولكن يبدو أنه أخذ هذا الكلام من بعض حذاق الشافعية

وقد سبقه إمامه في الفقه الشافعي إلى هذا

قال ابن أبي حاتم في آداب الشافعي ومناقبه ثنا أَبِي، ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: " قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ يَوْمًا، وَذَكَرَ مَالِكًا وَأَبَا حَنِيفَةَ، فَقَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لِصَاحِبِنَا أَنْ يَسْكُتَ يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ، وَلا لِصَاحِبِكُمْ أَنْ يُفْتِيَ يُرِيدُ مَالِكًا، قُلْتُ: نَشَدْتُكَ اللَّهَ، أَتَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَنَا يَعْنِي مَالِكًا كَانَ عَالِمًا بِكِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ ".
قُلْتُ: فَنَشَدْتُكَ اللَّهَ، أَتَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَنَا كَانَ عَالِمًا بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ.
قُلْتُ: وَكَانَ عَالِمًا بِاخْتِلافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَكَانَ عَاقِلا؟ قَالَ: لا.
قُلْتُ: فَنَشَدْتُكَ اللَّهَ، أَتَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَكَ يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ، كَانَ جَاهِلا بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَكَانَ جَاهِلا بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَاهِلا بِاخْتِلافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ، قَالَ: نَعَمْ.


وهذا إسناد صحيح والقوم يتركون هذا الثابت عن الشافعي ويتبثون بأثر محرف ( الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة ) وصوابه ( عيال في الفقه على أهل العراق )

والواقع أنه مشكل حتى في ذكر أهل العراق فالشافعي يرى أن أهل المدينة أفقه ، وقد حل ابن تيمية الإشكال بأن الشافعي أراد أن الناس عيال عليهم في ترتيب المسائل لا معرفة الدلائل

وليعلم أن الغزالي وقع في ضلالات عقدية كبيرة أحدها إنكار الصفات ومنها العلو وهذه وحدها أعظم من عامة ما أخذ على أبي حنيفة

ولكنني ذكرت هذا ليعلم أن هذا الباب لم يتفرد به السلف أو أهل السنة بل أدركه حتى جماعة من المتكلمين

والغزالي مع ضلالاته العقدية ومع كلامه هذا عده ابن الصلاح من المجددين وتابعه الذهبي ولا يوجد أشعري يعد المجددين إلا ويذكر الغزالي فيهم والله المستعان ! هذا مع اعتراضهم بلا شك على كلامه على أبي حنيفة

والقوم أدعياء الإنصاف هلا اقتدوا بأئمتهم ولم يشنعوا في هذه المسألة !!

والآن مع تتمة لكلام الغزالي

قال الغزالي في المنخول ص613 :" وأما ابو حنيفة رحمه الله فقد قلب الشريعة ظهرا لبطن وشوش مسلكها وغير نظامها فإنا نعلم أن جملة ما ينطوي عليه الشرع ينقسم إلى استحثاث على مكارم الاخلاق وزجر عن الفواحش والكبائر واباحة تغني عن الجرائر وتعين على امتثال الاوامر وهي بمجموعها تنقسم إلى تعبدات ومعاملات وعقوبات فلينظر العاقل المنصف في مسلكه فيها
فأما العبادات فأركانها الصلاة والزكاة والصوم والحج ولا يخفى فساد مذهبه في تفاصيل الصلاة والقول في تفاصيله يطول وثمرة خبطه بين فيما عاد اليه اقل الصلاة عنده واذا عرض اقل صلاته على كل عامي جلف كاع وامتنع عن اتباعه
فإن من انغمس في مستنقع نبيذ فخرج في جلد كلب مدبوغ ولم ينو ويحرم بالصلاة مبدلا صيغة التكبير بترجمته تركيا او هنديا ويقتصر من قراءة القرآن على ترجمة قوله تعالى مدهامتان ثم يترك الركوع وينقر نقرتين ولا قعود بينهما ولا يقرأ التشهد ثم يحدث عمدا في آخر صلاته بدل التسليم ولو انفلتت منه بأنه سبقه الحدث يعيد الوضوء في اثناء صلاته ويحدث بعده عمدا فإنه لم يكن قاصدا في حدثه الاول تحلل عن صلاته على الصحة والذي ينبغي ان يقطع به كل ذي دين ان مثل هذه الصلاة لا يبعث الله لها نبيا وما بعث محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم لدعاء الناس اليها وهي قطب الإسلام وعماد الدين وقد زعم ان هذا القدر أقل الواجب فهي الصلاة التي بعث لها النبي وما عداها آداب وسنن وأما الصوم فقد استأصل ركنه حيث رده إلى نصفه ولم يشترط تقدم النية عليه واما الزكاة فقد قضي فيها بانها على التراخي فيجوز التأخير وان كانت الحاجة ماسة وأعين المساكين ممتدة ثم قال لو مات قبل أدائها تسقط بموته وكان قد جاز له التأخير
وهل هذا إلا ابطال غرض الشرع من مراعاة غرض المساكين ثم عكس هذا في الحج الذي لا ترتبط به حاجة مسلم وزعم انه على الفور فهذا صنيعه في العبادات فأما العقوبات فقد أبطل مقاصدها وخرم اصولها وقواعدها فإن ما رام الشرع عصمته الدماء والفروج والاموال وقد هدم قاعدة القصاص بالقتل بالمثقل فمهد التخنيق والتغريق والقتل بأنواع المثقلات ذريعة إلى درء القصاص ثم زاد عليه حتى ناكر الحس والبديهة وقال لم يقصد قتله وهو شبه عمد وليت شعري كيف يجد العاقل من نفسه ان يعتقد مثل ذلك تقليدا لولا فرط الغباوة وشدة الخذلان واما الفروج فإنه مهد ذرائع اسقاط الحد بها مثل الاجارة ونكاح الامهات وزعم انها دارئة للحد ومن يبغي البغاء بمومسة عليه كيف يعجز عن استئجارها ومن عذيرنا ممن يفعل ذلك ثم يدقق نظره فيوجب الحد في مسألة شهود الزوايا زاعما أني تفطنت لدقيقة وهي انزحافهم أبي في زينة واحدة على الزوايا ثم قال لو شهد أربعة عدول عليه بالزنا وأقر مرة واحدة سقط الحد عنه وأوجب الحد في الوطء بالشبهة اذا صادف أجنبية على فراشه ظنها حليلته القديمة وأقل مراتب موجبات العقوبات ما تمحض تحريمها والذاهل المخطئ لا يوصف فعله بالتحريم واما الاموال فإنه زعم ان الغصب فيها مع أدنى تغيير مملك فليغصب (الحنطة وليطحنها ما فيملكها وأخذ يتكابس لا فرقا بين غاصب المنديل يشقه طولا او عرضا ودرأ حد السرقة في الاموال الرطبة وفيما ينضم اليها وان لم تكن رطبة حتى قال لو سرق اناء من ذهب وفيه رطوبة نقطة من الماء فلا حد عليه ومن لم يشهد عليه جسه على الضرورة أن الصحابة رضي الله عنهم لو رفعت اليهم هذه الواقعة لكانوا لا يدرأون الحد بسبب قطرة من الماء تفرض في الاناء فليأيس أن من حسه وعقله هذا صنيعه في العقوبات ثم دقق نظره منعكسا على الاحتياط زاعما أنه لو شهد على السارق بأنه سرق بقرة بيضاء وشهد آخر بأنه سرق بقرة سوداء قال اقطع به لاحتمال أن البقرة كانت مبرقشة على اللون من سواء وبياض في نصفيها فالناظر في محل البياض ظنها بيضاء بجملتها ثم أردف جميع قواعد الشريعة بأصل هدم به شرع محمد صلى الله عليه وسلم قطعا حيث قال شهود الزور اذا شهدوا كاذبين على نكاح زوجة الغير وقضى به القاضي مخطئا حلت الزوجة للمشهود له وان كان عالما بالتزوير وحرمت على الاول بينه وبين الله هذا ترتيب مذهبه وانما ذكرنا هذا المسلك لان ما قبله من المسالك
يعسر على العوام دركها وهذا مما يفهم كل غر غبي وكل بالغ وصبي فلولا شدة الغباوة وقلة الدراية وتدرب القلوب على اتباع التقليد والمألوف لما اتبع مثل هذا المتصرف في الشرع من سلم حسه فضلا من ان يستد نظره وعقله ومن هذا اشتد المطعن والمغمز من سلف الأئمة فيه إذ اتهموه برومه خرم الشرع وهو الذي ألحق به القاضي قوله في مسألة المثقل وقال من زعم ان القاتل لم يتعمد القتل به وان لم يعلم نقيضه فليس من العقلاء وان علمه فقد رام خرم الدين"

فانظر هذا الكلام الذي ينطوي على التكفير فيما يظهر وهو من جنس قول مالك في أبي حنيفة ( كاد الدين كاد الدين كاد الدين ) بل كأنه شرح لكلمة مالك رحمه الله

وكلام الغزالي هذا يرد فيه على من يقول ( لما تثيرون مسألة أهل الرأي ) فالجواب أن هذا ذب عن الشريعة التي يراد هدمها

والعجيب أن النساخ زادوا في هذا السياق ترحماً على أبي حنيفة ولا يناسب ، كما أنك تجد في كتاب الأم للشافعي ترضياً على أبي حنيفة في كل مواطن نقده بما لا تجده عند ذكر الشافعي للتابعين !

وللجويني كلام نحواً من كلام الغزالي هذا

وليس هؤلاء الشافعية وحيدون في هذا الباب

فهذا ابن الجوزي يقول في كتابه المنتظم في ترجمة أبي حنيفة :" وبعد هَذَا فاتفق الكل عَلَى الطعن فِيهِ، ثُمَّ انقسموا عَلَى ثلاثة أقسام:
فقوم طعنوا فِيهِ لما يرجع إِلَى العقائد والكلام فِي الأصول.
وقوم طعنوا فِي روايته وقلة حفظه وضبطه.
وقوم طعنوا فِيهِ لقوله بالرأي فيما يخالف الأحاديث الصحاح"

حتى قال ابن الجوزي :" القسم الثالث: قوم طعنوا فِيهِ لميله إِلَى الرأي المخالف للحديث الصحيح، وقد كان بعض الناس يقيم عذره ويقول: مَا بلغه الحديث، وذلك ليس بشيء لوجهين:
أحدهما: أنه لا يجوز أن يفتي من يخفى عليه أكثر الأحاديث الصحيحة.
والثاني: أنه كَانَ إذا أخبر بالأحاديث المخالفة لقوله لم يرجع عَنْ قوله"

وقال ابن الجوزي بعدها :" فأما المسائل الَّتِي خالف فِيهَا الحديث فكثيرة، إلا أن من مشهورها الَّذِي خالف فِيهِ الصحاح:
مسألة: بول الغلام الَّذِي لم يأكل الطعام يرش. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يغسل وفي الصحيحين [2] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بصبي لم يأكل الطعام فبال، فدعا بماء فرشه عليه. مسألة: لا يجوز تخليل الخمر، وإذا خللت لم تطهر. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يجوز وتطهر. وفي صحيح مسلم [3] : من حديث أنس: أن أبا طلحة سأل النبي صلّى الله عليه وسلّم عَنْ أيتام ورثوا خمرا فَقَالَ: أهرقها. قَالَ: أفلا أجعلها خلا؟ قَالَ: لا. مسألة: يجوز الآذان للفجر قبل طلوعه. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لا يجوز. وفي الصحيحين [4] : عَنِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه قَالَ: «إن بلال يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حَتَّى يؤذن ابْن أم مكتوم» . / مسألة: إذا لم تقدر عَلَى الركوع والسجود لم يسقط عنه القيام. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ:
يسقط. وفي صحيح البخاري [5] : عَنْ عمران، عَنِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب» . مسألة: يسن رفع اليدين عند الركوع وعند الرفع منه. وقال أبو حنيفة: لا يسن.
وفي الصحيحين [1] : من حديث ابْنِ عُمَرَ: أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذا افتتح الصلاة رفع يديه حَتَّى تحاذي منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وبعد رفع رأسه من الركوع، ولا يرفع بين السجدتين. وفي الصحيحين: من حديث مالك بْن الحويرث مثله. وقد رواه عَنْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحو عشرين صحابي. مسألة: إذا طلعت الشمس وَهُوَ فِي صلاة الصبح أتم. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تبطل صلاته. وفي الصحيحين [2] : من حديث أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها، ومن أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصلاة» . مسألة: يجوز الوتر بركعة. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: بثلاث. وفي الصحيحين [3] : من حديث ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم كَانَ يوتر بركعة. مسألة: تسن الصلاة للاستسقاء. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لا تسن. وفي الصحيحين [4] : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الاستسقاء. مسألة: ويجوز تحويل الرداء فِي صلاة الاستسقاء وقلبه. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لا يسن. وَقَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل ذلك [5] . مسألة: / يستحب فِي غسل الميت فِي الغسلة الأخيرة شيء من كافور. وقال أبو 65/ ب حنيفة: لا يستحب وفي الصحيحين [6] : أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ للواتي غسلن ابْنته: «اجعلن في الغسلة الأخيرة كافورا» . مسألة: يسن استلام الركن اليماني فِي الطواف. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لا يسن. وفي صحيح مسلم [1] : من حديث ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لا يستلم [إلا] [2] الحجر الأسود والركن اليماني. مسألة: إشعار البدن، وتقليدها سنة. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يكره الإشعار، فإنه مثلة.
وَقَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أشعر بدنته وقلدها [3] . مسألة: يجوز بيع العرايا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لا يجوز. وفي الصحيحين [4] : من حديث زيد بْن ثَابِت: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رخص فِي بيع العرايا. مسألة: إذا اشترى مصراة ثبتت لَهُ خيار الفسخ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لا يثبت. وفي الصحيحين [5] : من حديث أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصروا الغنم، ومن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعا من تمر» . مسألة: لا يجوز بيع الكلب وإن كَانَ معلما. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يجوز. وفي الصحيحين [6] : من حديث ابْن مسعود أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عَنْ ثمن الكلب. مسألة: إذا أراق عَلَى ذمي خمرا أو قتل لَهُ خنزيرا لم يضمن. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ:
يضمن. وقد صح عَنْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: إن اللَّه حرم الخمر وثمنها. مسألة: لا يقتل المسلم بالكافر. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يقتل بالذمي. وفي صحيح/ 66/ أالبخاري [7] من حديث علي عليه السلام: عَنِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/ أنه قَالَ: «لا يقتل مسلم بكافر» . مسألة: يجب القصاص فِي القتل بالمثل. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لا يجب إلا فيما له حد. وفي الصحيحين [1] : من حديث أنس: أن يهوديا رضخ رأس امرأة بين حجرين فقتلها، فرضخ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأسه بين حجرين. مسألة: إذا ضربت حامل فماتت، ثم انفصل عنها جنين ميت وجبت فِيهِ الغرة.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لا شيء فِي الجنين، وفي الصحيحين [2] : عَنِ المغيرة أنه قَالَ: قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالغرة عبدا أو أمة. مسألة: الإسلام ليس بشرط فِي الإحصان. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هو شرط. وقد صح عَنْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّه رجم يهوديا ويهودية [3] . مسألة: النصاب فِي السرقة ربع دينار أو ثلاثة دراهم. وقال أبو حنيفة: دينار أو عشرة دراهم. وفي الصحيحن [4] : من حديث عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يقطع فِي ربع دينار فصاعدا. مسألة: إذا اطلع فِي بيت إنسان عَلَى أهله فله أن يرمي عينه، فإن فقأها فلا ضمان عليه. وقال أَبُو حنيفة: لزمه الضمان. وفي الصحيحين [5] : من حديث سهل بْن سعد قَالَ: اطلع رجل في حجرة مِنْ حُجَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعه مدري يحك به رأسه، فَقَالَ:
«لو أعلمك تنظر لطعنت به فِي عينيك» . وَفِي الصحيحين [6] : من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: «من اطلع عَلَى قوم فِي بيتهم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقأوا عينه. مسألة: الإمام مخير فِي الأسرى بين القتل والاسترقاق والمنّ والفداء. وقال أبو حنيفة: / لا يجوز المن والفداء. وقد صح عَنْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه من على ثمامة بن 66/ ب أثال، وفدى الأسرى يوم بدْر. مسألة: هدايا الأمراء كبقية أموال الفيء، لا يختصون بها، وقال أبو حنيفة: يختصون بها. وفي الصحيحين [1] : من حديث أبي حميد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا فجاء فَقَالَ: هَذَا لكم وهذا أهدي لي. فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بال العامل نبعثه فيقول هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا جلس فِي بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إِلَيْهِ أم لا، والذي نفسي بيده لا يأتي أحد منكم بشيء إلا جاء به يوم القيامة عَلَى رقبته» . مسألة: لا يجوز الزكاة بالسن والظفر. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بها إذا كانا منفصلين. وفي الصحيحين [2] : من حديث رَافِع بْن خديج قال: قلت: يا رسول الله، إنا ملاقو العدو غدا وليست معنا مدي. فَقَالَ: «مَا أنهر الدم، وذكر اسم اللَّه عليه فكل ليس السن والظفر» . مسألة: يحل أكل الضب. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لا تحل. وقد صح [3] عَنْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه لم يحرم الضب، وإنما قذره، فإن خالد بْن الوليد قَالَ لَهُ وقد قدم إِلَيْهِ: أحرام هو؟ قَالَ: «لا، ولكنه لا يكون بأرض قومي فأجدني أعافه» فأكل خالد ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينظر. مسألة: يحل أكل لحوم الخيل. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لا تحل. وفي الصحيحين [4] :
من حديث جَابِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نهى عَنْ لحوم الحمر، وأذن فِي لحوم الخيل. مسألة: النبيذ حرام. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنما يحرم المسكر منه. وقد صح أن رسول 67/ أالله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كل مسكر حرام» [5] . وفي حديث عائشة عَنِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/ أنه قَالَ: «مَا أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام [6] . مسألة: حكم الحاكم لا يحيل الشيء عَنْ صفته. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يحيله فِي العقود والفسوخ. وفي الصحيحين: من حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سمع خصومة بباب حجرته، فخرج إليهم فَقَالَ: «إنما أنا بِشْر مثلكم، وإنه يأتيني الحكم فلعل بعضهم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه قَدْ صدق، فأقضي لَهُ بذلك، فمن قضيت لَهُ بحق مُسْلم فإنما هي قطعة من النار، فليأخذها أو فليتركها» . مسألة: يجوز الحكم بشاهد ويمين فِي المال وما يقصد به المال. وَقَالَ أبو حنيفة: لا يجوز. وقد روى جَابِر بْن عَبْد اللَّه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى باليمين مَعَ الشاهد. ورواه عُمَر، وعلي بْن أبي طالب، وابْن عباس، وابْن عُمَر، وابْن عَمْرو، وزيد بْن ثَابِت، وأبو سَعِيد الخدري، وسعد بْن عبادة، وعامر بْن ربيعة، وسهل بْن سعد، وعمارة بْن حزم، وأنس، وبلال بْن الحارث، والمغيرة بْن شعبة، وسلمة بْن قيس فِي آخرين. فهذا من مشهور المسائل والمتروك أضعافه، ولكونه خالف مثل هَذِهِ الأحاديث الصحاح سعوا بالألسن فِي حقه، فلم يبق معتبر من الأئمة إلا تكلم فِيهِ، ولا يؤثر أن نذكر مَا قالوا، والعجب منه إذا رأى حديثا لا أصل لَهُ هجر القياس ومال إِلَيْهِ، كحديث: نقض الوضوء بالضحك. فإنه شيء لا يثبت، وقد ترك القياس لأجله] "

وهذا كلام دقيق وما ذكره الغزالي عن أبي حنيفة في أمر الفروج فكنت قد تفطنت له وفصلت ذلك في مقال بعنوان ( من عبث أهل الرأي في أمر الفروج )

وقد قال السلف كلمتهم في أبي حنيفة ومن أراد الوقوف على الأمر فليرجع للسنة لعبد الله بن أحمد والضعفاء للعقيلي بل وعامة كتب الفقه التي ألفت في ذلك الزمان وكتب الحديث وخصوصاً رفع اليدين للبخاري
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي