الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
قال التهانوي في قواعده :" وصلى
الشافعي رحمه الله الصبح قريبًا من مقبرة أبي حنيفة رحمه الله فلم يقنت تأدبًا
معه، وقال أيضًا: ربما انحدرنا إلى مذهب أهل العراق"
وقد أورد هذه القصة الدهلوي في عديد من
المؤلفات
والواقع أنها قصة أمارات الوضع عليها
واضحة فعلاوة على كونها غير مذكورة بسند فنكارة متنها بينة فالشافعي لا يترك السنة
لأجل أحد وتعظيماً لميت
ومعلوم شدة الشافعي على أهل الرأي
قال ابن أبي حاتم في آداب الشافعي ومناقبه
حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَسَّانٍ،
قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، قَالَ: «كَانَتْ أَقْفِيَتُنَا أَصْحَابَ
الْحَدِيثِ، فِي أَيْدِي أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ مَا تُنْزَعُ، حَتَّى
رَأَيْنَا الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَ أَفْقَهَ النَّاسِ فِي
كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَفِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا كَانَ يَكْفِيهِ قَلِيلُ الطَّلَبِ فِي الْحَدِيثِ»
ونقلها الذهبي بهذا اللفظ :" ما زالت
أقفيتنا في أيدي أصحاب الرأي، حتى جاء الشافعي فانتزعها من أيديهم"
وقال الآبري في مناقب الشافعي 60- سمعت
أبا الحسن علي بن محمد بن قدامة الأردبيلي -قدم علينا نصيبين غازياً- قال: سمعت
سعيد بن عمرو البرذعي يقول:
وردت الري فدخلت على أبي زرعة عبيد الله
بن عبد الكريم الرازي، وأخبرته بقول أحمد بن حنبل فقلت: يا أبا زرعة سمعت حميد بن
الربيع يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول:
ما أعلم أحداً أعظم منةً على الإسلام في
زمن الشافعي من الشافعي.
فقال أبو زرعة: صدق أحمد بن حنبل، ما أعلم
أحداً أعظم منةً على الإسلام في زمن الشافعي من الشافعي، ولا أحداً ذب عن سنن رسول
الله صلى الله عليه وسلم مثل ما ذب الشافعي، ولا أحداً كشف عن سوءات القوم كشفه
وأبو زرعة يعني بالقوم أهل الرأي ولا شك
ومما يؤكد ما قاله الإمام أحمد
ما قال قال أبو نعيم في الحلية (9/103) :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبُو عُثْمَانَ الْخُوَارِزْمِيُّ، نَزِيلُ مَكَّةَ فِيمَا كَتَبَ
إِلَيَّ، قَالَ: قَالَ أَبُو ثَوْرٍ:
كُنْتُ أَنَا وَإِسْحَاقُ بْنُ
رَاهَوَيْهِ، وَحُسَيْنُ الْكَرَابِيسِيُّ، وَذَكَرَ جَمَاعَةً مِنَ
الْعِرَاقِيِّينَ مَا تَرَكْنَا بِدْعَتَنَا حَتَّى رَأَيْنَا الشَّافِعِيَّ.
قَالَ أَبُو عُثْمَانَ: وَحَدَّثَنَا
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ، قَالَ:
لَمَّا وَرَدَ الشَّافِعِيُّ الْعِرَاقَ
جَاءَنِي حُسَيْنٌ الْكَرَابِيسِيُّ - وَكَانَ يَخْتَلِفُ مَعِي إِلَى أَصْحَابِ
الرَّأْيِ.
فَقَالَ: قَدْ وَرَدَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ
الْحَدِيثِ يَتَفَقَّهُ، فَقُمْ بِنَا نَسْخَرُ بِهِ.
فَذَهَبْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَيْهِ
فَسَأَلَهُ الْحُسَيْنُ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَلَمْ يَزَلِ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ
قَالَ اللَّهُ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى أَظْلِمَ عَلَيْنَا الْبَيْتُ
فَتَرَكْنَا بِدْعَتَنَا، وَاتَّبَعْنَاهُ .
وقولهم ( فتركنا بدعتنا ) يدل على المتقرر
عندهم في أهل الرأي آنذاك من أنهم من أهل البدع وقد نقل حرب الإجماع على ذلك
وقال ابن أبي حاتم في آداب الشافعي
ومناقبه ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ
الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «أَبُو حَنِيفَةَ يَضَعُ أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ خَطَأً،
ثُمَّ يَقِيسُ الْكِتَابَ كُلَّهُ عَلَيْهَا»
وقال أيضاً قَالَ أَبِي: ثنا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ
الأَيْلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «ما أَعْلَمُ أَحَدًا وَضَعَ
الْكُتُبَ أَدَلَّ عَلَى عَوَارِ قَوْلِهِ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ»
أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا أَحْمَدُ
بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ
الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «مَا أُشَبِّهُ رَأْيَ أَبِي حَنِيفَةَ إِلا بِخَيْطِ
سَحَّارَةٍ، تَمُدُّهُ هَكَذَا فَيَجِيءُ أَصْفَرَ، وَتَمُدُّهُ هَكَذَا فَيَجِيءُ
أَخْضَرَ»
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا
أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ مَرَّةً أُخْرَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ:
«مَا أُشَبِّهُ أَصْحَابَ الرَّأْيِ إِلا بِخَيْطِ سَحَّارَةٍ، تَمُدُّهُ هَكَذَا
فَيَجِيءُ أَصْفَرَ، وَتَمُدُّهُ هَكَذَا فَيَجِيءُ أَخْضَرَ»
وقال أيضاً أَخْبَرَنَا أَبِي، ثنا حَرْمَلَةُ بْنُ
يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: " رَأَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ
فِي النَّوْمِ، عَلَيْهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ رَثَّةٌ، فَقَالَ: مَا لِيَ وَلَكَ؟
"
وهذه كلها أخبار ثابتة عنه ، وقد نص في
مناظرته للشافعي على أنه يعتبره جاهلاً بالكتاب جاهلاً بالسنة جاهلاً بأقاويل
الصحابة
فكيف بعد هذا ينسب للشافعي هذا التوقير
الصوفي لأبي حنيفة
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم