الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
فقد انتشرت قصة قتل خالد لعدد من الأسرى
حتى أجرى نهر دم جراء ذلك وهذه القصة مكذوبة من مفاريد سيف بن عمر التميمي الكذاب
قال الطبري في تاريخه (3/355) : حَدَّثَنَا
عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا سَيْفٌ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ وَطَلْحَةَ بْنِ الأَعْلَمِ عَنِ
الْمُغِيرَةِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَأَمَّا السَّرِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ فِيمَا كَتَبَ
إِلَيَّ: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله عن
أَبِي عُثْمَانَ، وَطَلْحَةَ بْنِ الأَعْلَمِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عُتَيْبَةَ،
قَالا: وَلَمَّا أَصَابَ خَالِدٌ يَوْمَ الولجةِ مَنْ أَصَابَ مِنْ بَكْرِ بْنِ
وَائِلٍ مِنْ نَصَارَاهُمُ الَّذِينَ أَعَانُوا أَهْلَ فَارِسٍ غَضَبَ لَهُم نَصَارَى
قَوْمِهِمْ، فَكَاتَبُوا الأَعَاجِمَ وَكَاتَبَتْهُمُ الأَعَاجِمُ، فَاجْتَمَعُوا
إِلَى أُلَيْسَ، وَعَلَيْهِمْ عَبْدُ الأَسْوَدِ الْعِجْلِيُّ، وَكَانَ أَشَدَّ
النَّاسِ عَلَى أُولَئِكَ النَّصَارَى مُسْلِمُو بَنِي عِجْلٍ:
عُتَيْبَةُ بْنُ النَّهَّاسِ وَسَعِيدُ
بْنُ مُرَّةَ وَفُرَاتُ بْنُ حَيَّانَ وَالْمُثَنَّى بْنُ لاحِقٍ ومذعور ابن
عَدِيٍّ وَكَتَبَ أَرْدشِيرُ إِلَى بهمنَ جَاذُوَيْهِ، وَهُوَ بقسيانا- وَكَانَ
رَافِدَ فَارِسَ فِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ شَهْرِهِمْ وَبَنَوْا شُهُورَهُمْ كُلَّ
شَهْرٍ عَلَى ثَلاثِينَ يَوْمًا، وَكَانَ لأَهْلِ فَارِسَ فِي كُلِّ يَوْمٍ
رَافِدٌ قَدْ نُصِّبَ لِذَلِكَ يَرْفُدُهُمْ عِنْدَ الْمَلِكِ، فكان رافدهم بهمن
روز- أَنْ سِرْ حَتَّى تَقْدِمَ أُلَيْسَ بِجَيْشِكَ إِلَى مَنِ اجْتَمَعَ بِهَا
مِنْ فَارِسَ وَنَصَارَى الْعَرَبِ فقدم بهمن جَاذُوَيْهِ جَابَانَ وَأَمَرَهُ
بِالْحَثِّ، وَقَالَ: كَفْكِفْ نَفْسَكَ وَجُنْدَكَ مِنْ قِتَالِ الْقَوْمِ حَتَّى
أَلْحَقَ بِكَ إِلا أَنْ يَعْجَلُوكَ فَسَارَ جَابَانُ نَحْوَ أُلَيْسَ،
وَانْطَلَقَ بهمنُ جَاذُوَيْهِ إِلَى أردشيرَ لِيحدثَ بِهِ عَهْدًا، وَلِيَسْتَأْمِرَهُ
فِيمَا يُرِيدُ أَنْ يُشِيرَ بِهِ، فَوَجَدَهُ مَرِيضًا، فَعَرَجَ عَلَيْهِ،
وَأَخْلَى جَابَانُ بِذَلِكَ الْوَجْهِ، وَمَضَى حَتَّى أَتَى أُلَيْسَ، فَنَزَلَ
بِهَا فِي صَفَرٍ، وَاجْتَمَعَتْ إِلَيْه الْمَسَالِحُ الَّتِي كَانَتْ بِإِزَاءِ
الْعَرَبِ، وَعَبْدُ الأَسْوَدِ فِي نَصَارَى الْعَرَبِ مِنْ بَنِي عِجْلٍ
وَتَيْمِ اللاتِ وَضُبَيْعَةَ وَعَرَبِ الضَّاحِيَةِ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ،
وَكَانَ جَابِرُ بْنُ بُجَيْرٍ نَصْرَانِيًّا، فَسَانَدَ عَبْدَ الأَسْوَدِ،
وَقَدْ كَانَ خَالِدٌ بَلَغَهُ تَجَمُّعُ عَبْدِ الأَسْوَدِ وَجَابِرٍ وَزُهَيْرٍ
فيمن تأشب اليهم، فنهدلهم وَلا يَشْعُرُ بِدُنُوِّ جَابَانَ، وَلَيْسَتْ لِخَالِدٍ
هِمَّةٌ إِلا مَنْ تَجَمَّعَ لَهُ مِنْ عَرَبِ الضَّاحِيَةِ وَنَصَارَاهُمْ،
فَأَقْبَلَ فَلَمَّا طَلَعَ عَلَى جَابَانَ بِأُلَيْسَ، قالت الأعاجم لجابان:
انعاجلهم أم نغدى الناس ولا نُرِيهِمْ
إِنَّا نَحْفَلُ بِهِمْ، ثُمَّ نُقَاتِلُهُمْ بَعْدَ الْفَرَاغِ؟
فَقَالَ جَابَانُ: إِنْ تَرَكُوكُمْ
وَالتَّهَاوُنَ بِكُمْ فتهاونوا، ولكن ظني بهم ان سيعجلونكم ويعجلونكم عَنِ
الطَّعَامِ فَعَصَوْهُ وَبَسَطُوا الْبُسُطَ وَوَضَعُوا الأَطْعِمَةَ، وتداعوا
إليها، وتوافوا عليها فَلَمَّا انْتَهَى خَالِدٌ إِلَيْهِمْ، وَقَفَ وَأَمَرَ
بِحَطِّ الأَثْقَالِ، فَلَمَّا وُضِعَتْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ، وَوَكَّلَ خَالِدٌ
بنفسه حوامى يحمون ظهره، ثم بدر أَمَامَ الصَّفِّ، فَنَادَى: أَيْنَ أَبْجَرُ؟
أَيْنَ عَبْدُ الأَسْوَدِ؟ أَيْنَ مَالِكُ بْنُ قَيْسٍ؟
رجل من جذرة، فَنَكَلُوا عَنْهُ جَمِيعًا
إِلا مَالِكًا، فَبَرَزَ له، فقال له خالد:
يا بن الْخَبِيثَةِ، مَا جَرَّأَكَ
عَلَيَّ مِنْ بَيْنِهِمْ، وَلَيْسَ فِيكَ وَفَاءٌ! فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ،
وَأَجْهَضَ الأَعَاجِمَ عَنْ طَعَامِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَأْكُلُوا، فَقَالَ
جَابَانُ: أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ يَا قَوْمُ! أَمَا وَاللَّهِ مَا دَخَلَتْنِي مِنْ
رَئِيسٍ وَحْشَةٌ قَطُّ حَتَّى كَانَ الْيَوْمُ، فَقَالُوا حَيْثُ لَمْ يَقْدِرُوا
عَلَى الأَكْلِ تَجَلُّدَا: نَدَعَهَا حَتَّى نَفْرُغَ مِنْهُمْ، وَنَعُودَ
إِلَيْهَا.
فَقَالَ جَابَانُ: وَأَيْضًا أَظُنُّكُمْ
وَاللَّهِ لَهُمْ وَضَعْتُمُوهَا وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ، فَالآنَ
فَأَطِيعُونِي، سِمُّوهَا، فَإِنْ كَانَتْ لَكُمْ فَأَهْوَنُ هَالِكٍ، وَإِنْ
كَانَتْ عَلَيْكُمْ كُنْتُمْ قَدْ صَنَعْتُمْ شَيْئًا، وَأَبْلَيْتُمْ عُذْرًا
فَقَالُوا: لا، اقتدارا عَلَيْهِمْ فَجَعَلَ جَابَانُ عَلَى مُجَنِّبَتَيْهِ
عَبْدَ الأَسْوَدِ وابجر، وخالد على تعبئته فِي الأَيَّامِ الَّتِي قَبْلِهَا،
فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا، وَالْمُشْرِكُونَ يَزِيدُهُمْ كَلَبًا وَشِدَّةً
مَا يَتَوَقَّعُونَ مِنْ قُدُومِ بهمنَ جَاذُوَيْهِ، فَصَابَرُوا الْمُسْلِمِينَ
لِلَّذِي كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنْ يُصَيِّرَهُمْ إِلَيْهِ، وَحَرِبَ
الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ خَالِدٌ: اللَّهُمَّ إِنَّ لَكَ عَلَيَّ إِنْ
مَنَحْتَنَا أَكْتَافَهُمْ أَلا أَسْتَبْقِي مِنْهُمْ أَحَدًا قَدَرْنَا عَلَيْهِ
حَتَّى أُجْرِيَ نَهْرَهُمْ بِدِمَائِهِمْ! ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
كَشَفَهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ، وَمَنَحَهُمْ أَكْتَافَهُمْ، فَأَمَرَ خَالِدٌ
مُنَادِيَهُ، فَنَادَى فِي النَّاسِ: الأَسْرَ الأَسْرَ! لا تَقْتُلُوا إِلا مَنِ
امْتَنَعَ، فَأَقْبَلَتِ الْخُيُولُ بِهِمْ أَفْوَاجًا مُسْتَأْسَرِينَ يُسَاقُونَ
سَوْقًا، وَقَدْ وَكَّلَ بِهِم رِجَالا يَضْرِبُونَ أَعْنَاقَهُمْ فِي النَّهْرِ،
فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَطَلَبُوهُمُ الْغَدَ وَبَعْدَ
الْغَدِ، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى النَّهْرَيْنِ، وَمِقْدَارِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ
جَوَانِبِ أُلَيْسَ فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ، وَقَالَ لَهُ الْقَعْقَاعُ
وَأَشْبَاهٌ لَهُ: لَوْ أَنَّكَ قَتَلْتَ أَهْلَ الأَرْضِ لَمْ تَجْرِ
دِمَاؤُهُمْ، إِنَّ الدِّمَاءَ لا تَزِيدُ عَلَى أَنْ تَرَقْرَقَ مُنْذُ نَهَيْتَ
عَنِ السَّيَلانِ، وَنُهِيَتِ الأَرْضُ عَنْ نَشْفِ الدِّمَاءِ، فَأَرْسِلْ
عَلَيْهَا، الْمَاءَ تَبَرَّ يَمِينُكَ وَقَدْ كَانَ صَدَّ الْمَاءَ عَنِ
النَّهْرِ فَأَعَادَهُ، فَجَرَى دَمًا عَبِيطًا فَسُمِّيَ نَهْرَ الدَّمِ لِذَلِكَ
الشَّأْنِ إِلَى الْيَوْمِ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ بَشِيرُ بْنُ
الْخَصَّاصِيَّةِ، قَالَ: وَبَلَغَنَا أَنَّ الأَرْضَ لَمَّا نَشَّفَتْ دَمَ ابْنِ
آدَمَ نُهِيَتْ عَنْ نَشْفِ الدِّمَاءِ، وَنُهِيَ الدَّمُ عَنِ السَّيَلانِ إِلا
مِقْدَارَ برْدِهِ.
وَلَمَّا هُزِمَ الْقَوْمُ وَأُجْلَوْا
عَنْ عَسْكَرِهِمْ، وَرَجَعَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ طَلَبِهِمْ وَدَخَلُوهُ، وَقَفَ
خَالِدٌ عَلَى الطَّعَامِ، فَقَالَ: قَدْ نَفَّلْتُكُمُوهُ فَهُوَ لَكُمْ وَقَالَ:
كَانَ رَسُولُ الله ص إِذَا أَتَى عَلَى طَعَامٍ مَصْنُوعٍ نَفَّلَهُ فَقَعَدَ
عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ لِعَشَائِهِمْ بِاللَّيْلِ، وَجَعَلَ مَنْ لَمْ يَرَ
الأَرْيَافَ وَلا يَعْرِفَ الرِّقَاقَ يَقُولُ: مَا هذه الرقاق الْبِيضِ! وَجَعَلَ
مَنْ قَدْ عَرَفَهَا يُجِيبُهُمْ، وَيَقُولُ لَهُمْ مَازِحًا: هَلْ سَمِعْتُمْ
بِرَقِيقِ الْعَيْشِ؟ فَيَقُولُونَ: نعم، فيقول: هُوَ هَذَا، فَسُمِّيَ
الرِّقَاقُ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّيهِ، الْقَرَى.
في سندها سيف بن عمر التميمي وهو كذاب
متهم بالزندقة
قال ابن المديني : الهثيم بن عدي أوثق
عندي من الواقدي، لا أرضاه في الحديث ولا في الأنساب ولا في شيء
قلت : والمذكوران أحسن حالاً من سيف
وتلميذه شعيب نص ابن عدي على أن في أخباره
تحاملاً على السلف ( يعني الصحابة ) وما وثقه أحد بل في أخباره نكرة
وليعلم أنني ما كتبت هذا تشييداً للمقالة
البدعية التي تقول بحرمة قتل الأسرى المحاربين فهذا قول باطل يخالف الأدلة وأقوال
أصحاب المذاهب كلها حتى أهل الرأي
قال ابن الموصلي الحنفي في كتابه الاختيار
:" (وَإِنْ شَاءَ قَتَلَ الْأَسْرَى)
لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَتَلَ، وَفِيهِ تَقْلِيلُ
مَادَّةِ الْكُفْرِ وَالْفَسَادِ، وَقَتَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، وَالنَّضْرَ بْنَ الحارث بَعْدَ مَا حَصَلَ فِي
يَدِهِ وَقَتَلَ بَنِي قُرَيْظَةَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهِمْ.
(أَوْ) إِنْ شَاءَ (اسْتَرَقَهُمْ) لِأَنَّ
فِيهِ دَفْعَ شَرِّهِمْ مَعَ وُفُورِ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْلِمِينَ (أَوْ) إِنْ
شَاءَ (تَرَكَهُمْ ذِمَّةً لِلْمُسْلِمِينَ) لِمَا تَقَدَّمَ إِلَّا
الْمُرْتَدِّينَ وَمُشْرِكِي الْعَرَبِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ، وَلَا
يَجُوزُ رَدُّهُمْ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّ فِيهِ تَقْوِيَةً لِلْكَفَرَةِ
عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ أَسْلَمُوا بَعْدَ الْأَخْذِ لَا نَقْتُلُهُمْ
لِانْدِفَاعِ الشَّرِّ، وَيَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ لِانْعِقَادِ سَبَبِ
الْمِلْكِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمُوا قَبْلَ الْأَخْذِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ
اسْتِرْقَاقُهُمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ سَبَبُ الْمِلْكِ"
وقال الخرشي المالكي في شرح مختصر الخليل :"
التَّشْبِيهُ فِي وُجُوبِ النَّظَرِ مِنْ الْإِمَامِ فِي أَحْوَالِ الْأَسْرَى
قَبْلَ الْقَسْمِ فَمَا رَأَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ لِلْمُسْلِمِينَ تَعَيَّنَ
عَلَيْهِ فِعْلُهُ، فَإِنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى قَتْلِهِمْ قَتَلَهُمْ
وَيَحْسُبُ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِمِلْكِهَا بِالْأَخْذِ،
وَإِنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى إبْقَائِهِمْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ ذَلِكَ،
وَإِنْ أَدَّاهُ إلَى أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ وَيُخَلِّيَ سَبِيلَهُمْ فَعَلَ
ذَلِكَ وَيَحْسُبُ مِنْ الْخُمُسِ وَإِنْ أَدَّاهُ إلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ
الْفِدَاءَ بِالْأَسْرَى الَّذِينَ عِنْدَهُمْ أَوْ بِمَالٍ فَعَلَ ذَلِكَ وَيَحْسُبُ
مِنْ الْخُمُسِ أَيْضًا، وَإِنْ أَدَّاهُ إلَى ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ
فَعَلَ ذَلِكَ وَيَحْسُبُ الْمَضْرُوبَ عَلَيْهِ مِنْ الْخُمُسِ وَإِنْ أَدَّاهُ
إلَى اسْتِرْقَاقِهِمْ فَعَلَ ذَلِكَ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْغَنِيمَةِ وَهَذِهِ
الْوُجُوهُ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجَالِ الْمُقَاتِلَةِ"
وقال الماوردي الشافعي في الحاوي :" وَالرَّابِعُ:
الْمَنُّ، فَإِنْ كَانَ ذَا قُوَّةٍ يُخَافُ شَرُّهُ أَوْ ذَا رَأْيٍ يُخَافُ
مَكْرُهُ قَتَلَهُ، وَإِنْ كَانَ مَهِينًا ذَا كَدٍّ وَعَمَلٍ اسْتَرَقَّهُ،
وَإِنْ كَانَ ذَا مَالٍ فَادَاهُ بِمَالٍ، وَإِنْ كَانَ ذَا جَاهٍ فَادَاهُ بِمَنْ
فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ الْأَسْرَى، وَإِنْ كَانَ ذَا خَيْرٍ وَرَغْبَةٍ فِي
الْإِسْلَامِ مَنَّ عليه وأطلقه من غير فداء، فيكون خيار لِلْإِمَامِ أَوْ أَمِيرِ
الْجَيْشِ، فَمَنْ أُسِرَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ
الْأَشْيَاءِ بَيْنَ الْقَتْلِ أَوِ الِاسْتِرْقَاقِ أَوِ الْفِدَاءِ بِمَالٍ،
أَوْ رِجَالٍ، أَوِ الْمَنِّ"
وقال ابن قدامة المقدسي الحنبلي في المغني
:" لِأَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرُ فِي الْأَسْرَى بَيْنَ الْقَتْلِ
وَالْفِدَاءِ، وَالِاسْتِرْقَاقِ وَالْمَنِّ"
وقد نقل ابن حزم الاتفاق على جواز قتل
الأسير المحارب
فقد قال في المحلى :" وَإِنَّمَا
حُكْمُ الْحَرْبِيِّينَ الْقَتْلُ فِي اللِّقَاءِ كَيْفَ أَمْكَنَ حَتَّى
يُسْلِمُوا، أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ، وَمَنْ كَانَ
مِنْهُمْ كِتَابِيًّا - فِي قَوْلِنَا وَقَوْلِ طَوَائِفَ مِنْ النَّاسِ. أَوْ
مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنْ أَيِّ دِينٍ كَانَ مَا لَمْ يَكُنْ عَرَبِيًّا فِي
قَوْلِ غَيْرِنَا. أَوْ يُؤْسَرَ فَيَكُونُ حُكْمُهُ ضَرْبَ الْعُنُقِ فَقَطْ
بِلَا خِلَافٍ، كَمَا قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، وَالنَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ، وَبَنِي
قُرَيْظَةَ، وَغَيْرَهُمْ، أَوْ يُسْتَرَقَّ، أَوْ يُطْلَقَ إلَى أَرْضِهِ، كَمَا
أَطْلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَامَةَ بْنَ
أَثَالٍ الْحَنَفِيَّ، وَأَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ وَغَيْرَهُمَا. أَوْ
يُفَادَى بِهِ - كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ
كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا
الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ
أَوْزَارَهَا} [محمد: 4] . أَوْ نُطْلِقَهُمْ أَحْرَارًا ذِمَّةً، كَمَا فَعَلَ
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَهْلِ خَيْبَرَ. فَهَذِهِ
أَحْكَامُ الْحَرْبِيِّينَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَالسُّنَنِ الثَّابِتَةِ،
وَالْإِجْمَاعِ الْمُتَيَقَّنِ"
رأيت علياً الحلبي وقع على منشور فيه تحريم قتل
الأسرى مطلقاً وما هذه بأول مخازيه فما تأييده لرسالة عمان عنا ببعيد
ولو تعاهد المسلمون مع أعدائهم على عدم
قتل الأسرى لوجب الوفاء بالعهد ولا يلزم من عاهد من أهل الإسلام ممن لم يعاهد ولم
يرضَ ، فإذا نقض الكفار العهد لم يعد ملزماً لأهل الإسلام ، والعجب ممن ينكر قتل
الأسير المحارب ولا يدفعه حتى النظر فهذا محارب وكان يمكن أن يقتل في المعركة ، ثم
هو لا يستنكر التعذيب والتمثيل وكل أمر شنيع يحصل بأسرى المسلمين أو ينكره على مضض
ولو فرضنا أننا عاهدنا الكفار على عدم قتل الأسرى ثم حصل منهم شيء من هذا والذي
بعضه أشنع من القتل لكان ذلك نقضاً للعهد
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم