الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
فإن العقوبات الشرعية جاءت للزجر ولا مجال
للأذواق في ذلك وقد بلغني أن بعض رجال الهيئة يجدون امرأة في زنا أو مع رجل
يتأهبان للزنا فلا يخبرون أهلها بل ويكذبون عليهم ويخبرونهم أنهم وجدوها مصدومة أو
نحواً من ذلك
والحق أن من قبض عليهما في جناية كهذه
بحيث حصلت الشهادة الشرعية عليهما فإنه ينبغي إظهار حالهما للناس بل وذكر اسم
الرجل واسم المرأة بعد إقامة الحد لكي يصيروا عبرةً لمن يعتبر
قال تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي
فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا
رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا عذابهما مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)
فلماذا نص رب العالمين على شهادة طائفة من
المؤمنين لعذابهما
وقال عبد الرزاق في المصنف 13639 - عَنِ
ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أُتِيَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِرَجُلٍ وُجِدَ مَعَ امْرَأَةٍ فِي
لِحَافٍ، فَضَرَبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعِينَ سَوْطًا، وَأَقَامَهُمَا
لِلنَّاسِ، فَذَهَبَ أَهْلُ الْمَرْأَةِ وَأَهْلُ الرَّجُلِ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ عُمَرُ لِابْنِ مَسْعُودٍ: «مَا يَقُولُ
هَؤُلَاءِ» ؟ قَالَ: قَدْ فَعَلْتَ ذَلِكَ قَالَ: «أَوَ رَأَيْتَ ذَلِكَ؟» قَالَ: نَعَمْ
قَالَ: «نِعِمَّا مَا رَأَيْتَ» . فَقَالُوا: أَتَيْنَاهُ نَسْتَأْدِيهِ، فَإِذَا
هُوَ يَسْأَلُهُ
فتأمل صنيع ابن مسعود حين (أَقَامَهُمَا
لِلنَّاسِ) مع أنهما لم يزنيا ، وذلك أن من في قلبه مرض إذا علم أن هذا المسلك سيجلب
له الفضيحة ولأهله فإنه يتقيه جداً
وتلك التساهلات باسم ( الستر ) جرأت
كثيرين على الخنا
قال ابن تيمية في الحسبة :" وأمر
الله تعالى أن تكون العقوبات الشرعية علنية حتى يتعظ الناس بعذاب غيرهم، فقال بعد
أن ذكر عقاب الزناة: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ
مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ
إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ
عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ}"
وما يفعله بعض الناس ويظنه ( ستراً ) يجني
على المجتمع في المآل إذا استشعر أهل الريب الأمن من العقوبة والستر الذي أمر الله
عز وجل غير هذا الذي يفعلون ، فمن وصل فيه الفساد إلى الزنا حتى يقبض عليه ولي
الأمر وهو عليه أو على مقدماته فهذا لا بد من إنفاذ حكم الله عز وجل فيه من
العقوبة والتشهير ولو فعل هذا مرةً واحدة فقط لكان لذلك أثراً إيجابياً عظيماً على
المجتمع ، وإرهاباً لأهل الريب بل وتشديداً من أهل الشباب والشابات وحرصاً على سد
الذرائع للشر فكثير من الناس يخاف من الفضيحة أكثر من خوفه من رب العالمين
وبعضهم يتعلل بالخوف من قتل الفتاة فيقال : عاقبها ووفر لها الحماية وإن قتلها وليها أقم عليه القصاص وهذه العلة في النساء لا توجد في الرجال
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم