مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: مناظرة سليمان بن حرب لرجل احتج بقول أبي حنيفة

مناظرة سليمان بن حرب لرجل احتج بقول أبي حنيفة



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فإن مسألة الموقف من أهل الرأي وأبي حنيفة بالذات من أعجب المسائل التي تمر على المرء ، وما يظهر فيها من إصرار عجيب من كثير من الناس على مباينة طريق السلف في هذا الرجل وتصويرهم على أنهم ظلمة ، أو محاولة تكذيب الثقات الذين رووا مثالبه تكذيباً مبطناً ، ومع كثرة ما ورد عن السلف في ثلبه حتى أنه لا يوجد في تاريخ الإسلام رجل تكلم فيه ذلك العدد الهائل من أئمة الجرح والتعديل الذين عرفوا بالتقوى والورع والنصح للأمة ، تجد من يشتد على من يأخذ بكلامهم حتى أنه بلغني أن بعض الأخوة بحث المسألة وجنح لمقالة السلف أوذي كثيراً حتى ادعى عليه بعض الشباب أنه دسيسة يهودية ، وإظهار مقالة السلف في هذا العصر في هذه المسألة هو عنوان استجداء الثلب والتجديع من أقوام هانت عليهم حسناتهم فجادوا بها على من يكرهون

وقبل أن أنقل كلام سليمان بن حرب أود تعريف القاريء من هو هذا الرجل

قال أبو حاتم الرازي : سليمان بن حرب إمام من الأئمة كان لا يدلس ، و يتكلم فى الرجال و فى الفقه و ليس بدون عفان و لعله أكبر منه ، و قد ظهر من حديثه نحو من عشرة آلاف حديث ، و ما رأيت فى يده كتابا قط ، و هو أحب إلى من أبى سلمة التبوذكى فى حماد بن سلمة ، و فى كل شىء

ورجل يجود عليه أبو حاتم بهذه الألفاظ على شدته وتحريه املأ يدك منك

وقال الذهبي في السير :" الإِمَامُ، الثِّقَةُ، الحَافِظُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو أَيُّوْبَ الوَاشِحِيُّ ، الأَزْدِيُّ، البَصْرِيُّ، قَاضِي مَكَّةَ"

وسليمان ليس عندي بمحتاج إلى ثناء الذهبي ولكنني أذكره لغاية في نفسي

وقال ابن تيمية في الحموية :" وروى بإسناد صحيح عن سليمان بن حرب الإمام، سمعت حماد بن زيد، وذكر هؤلاء الجهمية، فقال : إنما يحاولون أن يقولوا : ليس في السماء شيء"

وقال في بيان تلبيس الجهمية :" وروى عبد الله بن احمد عن سليمان بن حرب الامام المشهور قال سمعت حماد بن زيد وهو الامام الكبير المشهور وذكر هؤلاء الجهمية فقال انما يحاولون ان يقولوا ليس في السماء شيء وعن عاصم بن علي بن عاصم"

والآن مع كلامه في إمام أهل الرأي في الضلالة

قال يعقوب في المعرفة والتاريخ (1/371) : قال سليمان بن حرب: كلمت يحيى بن أكثم فقال: إني لست بصاحب رأي. قال: وذكر أبا حنيفة فقلت له دع التنازع ولكن قد كان في زمانه أئمة بالكوفة وغير الكوفة فأخبرني برجل واحد حمد أمره ورأيه ؟ قال سليمان: فسكت ساعة ثم قال: قال جرير عن مغيرة في رجل دفع ثوباً إلى خياط إن فرغت منه اليوم جعلت لك درهمين وإن أخرته إلى غد فدرهم، قال فلان كذا، وقال فلان كذا، وقال فلان كذا، وقال هؤلاء له أجرة مثله. قال: فقلت: كفاه بهذا ضعة أن لا يقدر على أحد ويضطر فيه إلى مغيرة.

أقول : موطن الشاهد قول سليمان بن حرب (فأخبرني برجل واحد حمد أمره ورأيه) فرجل بجلالة سليمان بن حرب ينقل الاتفاق على ذمه وليس هو وحده بل غيره كثير

قال عبد الله بن أحمد في السنة 335 - حدثني أبو الفضل ، حدثني أسود بن سالم ، قال : « إذا جاء الأثر ألقينا رأي أبي حنيفة وأصحابه في الحش  » ، ثم قال لي أسود : « عليك بالأثر فالزمه أدركت أهل العلم يكرهون رأي أبي حنيفة ويعيبونه »

وقال البخاري في تاريخه : سكتوا عنه وعن رأيه وعن حديثه .

وإذا أردت أن تعلم مصداق ما ذكر لك هنا فاقرأ الضعفاء للعقيلي والمجروحين لابن حبان والجرح والتعديل لابن أبي حاتم والسنة والعلل كلاهما لعبد الله بن أحمد والمعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان

ودع عنك استدلالات من يشهد على نفسه بالهوى فيبحث عن أي كلمة قيلت في مدح هذا الرجل ويعرض عن كل ما قيل في ذمه شاهداً على نفسه بالهوى والتلاعب

والزم طريقة القوم ودع عنك بنيات الطريق وإن أسموها لك نهجاً واضحاً أو اتباعاً للعلماء أو إنصافاً  فها أنت ترى أمامك مقالة العلماء حقاً من أهل الاختصاص ممن اتفقت الأمة على التحاكم إليهم في مسائل الجرح والتعديل

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي